أسواق وقضايا الطاقة

المخلفات في مصر.. من أزمة إلى ثروة مستغلة

أزمة الطاقة العالمية وزيادة أسعارها أوجبت على دول العالم دراسة وتناول الأساليب الحديث للحصول على الطاقة المتجددة والنظيفة، بالإضافة إلى حجم ومستويات الانبعاثات الكربونية التي رغم الخطط العالمية لمواجهة الاحتباس الحراري، وفرصة تراجع الانبعاثات في عام 2020 الذي شهد بدء جائحة كورونا، عادت الانبعاثات الضارة عالميًا إلى الارتفاع مرة أخرى خلال العام الماضي، وبالتحديد قبل وقوع الحرب الروسية الأوكرانية

ووفقًا للمراجعة الإحصائية لشركة النفط البريطانية بي بي وذلك عن عام 2021، والتي صدرت منتصف العام الحالي، عادت انبعاثات قطاع الطاقة عالميًا إلى الارتفاع مرة أخرى بنحو حوالي 5.9% خلال العام الماضي، لتسجل حوالي 33.88 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون، مقابل انخفاضها حوالي 6% تقريبًا في عام 2020. 

وعلى الرغم من أن نصيب مصر من حجم الانبعاثات الكلي لا يتعدى سوي 0.6%، إلا أن الدولة المصرية تسير بخطوات جادة وسريعة نحو التحول إلى الطاقة النظيفة. ومن خلال تلك الدراسة نحاول إلقاء الضوء على المساعي المصرية نحو تحويل المخلفات إلى طاقة كهربائية مع إبراز العوائد الاقتصادية والبيئية والاجتماعية والسياحية لتلك الصناعة الاستراتيجية المهمة. وبشكل عام تتلخص الدراسة في الإجابة عن ثلاثة أسئلة رئيسة وهي:

  • ما هي العلاقة بين المخلفات والطاقة؟
  • إلى أي مدى يمكن الاستفادة من المخلفات وتحويلها إلى طاقة؟
  • ما هي أهم العوائد الاقتصادية والبيئية والاجتماعية والسياحية لتلك الصناعة؟

وبشكل عام، تُصنف المخلفات إلى مخلفات صلبة غير خطرة وفقًا لمصدر المخلفات إلى مخلفات البناء والهدم، والمخلفات الصناعية والتجارية، والمخلفات البلدية، والزراعية، وأيضًا المخلفات الخطرة وهي مخلفات لها سمات تجعلها خطرة أو من المحتمل أن تكون مضرّة بصحة الإنسان أو البيئة. وبشكل عام توجد العديد من التصنيفات المختلفة للمخلفات.

عملية تحويل المخلفات إلى طاقة كهربائية

يزدهر في العالم حاليًا قطاع حيوي يثبت ربحيته، وهو تحويل المخلفات إلى طاقة بواسطة تكنولوجيات تولد منها كهرباء أو حرارة أو وقودًا حيويًا أو وقودًا اصطناعيًا. وهذا التحويل لا يعني بالضرورة الحرق فقط، لأن عملية اختيار التكنولوجيا يعتمد بشكل كبير على خليط تلك المخلفات، أي كلما زادت نسبة المواد العضوية ونسبة الرطوبة في المخلفات انخفضت كفاءة الحرق مثلًا. حيث تصنف هذه التكنولوجيات الحديثة إلى فئتين: حرارية وغير حرارية، وغالبيتها تولد الكهرباء مباشرة من خلال الاحتراق، أو تنتج وقودًا قابلًا للاحتراق مثل الميثان والميثانول والإيثانول والهيدروجين وأنواع من الوقود الاصطناعي. وتزداد ثقة العالم بهذه العمليات المتطورة، لأنها توفر طاقات متجددة مأمونة ومجربة بالإضافة إلى أنها تتماشى مع المعايير البيئية الصارمة.

ومن هنا نستطيع القول، بأن عملية تحويل المخلفات إلى كهرباء تُمثل توجهًا عالميًا يجمع بين تلبية الاحتياجات للطاقة النظيفة والتخلص الأمثل من المخلفات، وهو ما يدفع نحو تطبيق مفهوم التنمية المستدامة. وذلك بسبب تزايد الطلب على الكهرباء المصحوب بالتزايد التصاعدي للكتلة السكانية للمدن، والتوجه العالمي الذي يهدف إلى الحد من الانبعاثات الكربونية بهدف مكافحة التغير المناخي.

وبشكل عام، تُعد محطة تحويل المخلفات إلى طاقة، هي منشأة لإدارة المخلفات وذلك عن طريق حرقها وتحويلها إلى كهرباء، حيث يسمى هذا النوع من محطات الطاقة أحيانًا محطة تحويل المخلفات إلى طاقة، أو حرق مخلفات البلدية، أو استرداد الطاقة، أو استخراج موارد الطاقة.

تختلف المحطات الحديثة لتحويل المخلفات إلى طاقة، عن طرق حرق المخلفات الشائع استخدامها في السنوات الأخيرة، حيث يُنظر إلى محطات تحويل النفايات إلى طاقة على أنها استراتيجية لتنويع مصادر الحصول على الطاقة، خاصة في السويد التي أصبحت رائدة في مجال إنتاج الطاقة الكهربائية من النفايات خلال السنوات العشرين الماضية، إذ يمثل الإنتاج الطبيعي للطاقة الكهربائية هو 500 إلى 600 كيلو وات ساعة من الكهرباء مقابل طن واحد من النفايات المحروقة. بالمقابل تنتج المحارق 1200 ميجاوات ساعة من حرق حوالي 2,200 طن من النفايات يوميًا.

الوضع العالمي 

تقنية حرق المخلفات لإنتاج الكهرباء من التقنيات الأكثر شيوعًا وذلك نظرًا لانخفاض تكلفتها وسهولة تنفيذها، وذلك مقارنة بالمصادر الأخرى لإنتاج الطاقة بالإضافة إلى أنها لا تتطلب بالضرورة حجم استثمارات ضخم. والعديد من دول العالم حرصت على تطبيق تلك التكنولوجيا، لأنها تعمل على تجنيب حوالي 42 ألف طن سنويًا من الانبعاثات الضارة، وذلك في حالة حرق الكتلة الحيوية بدلًا من الفحم للحصول على القدرة نفسها من الكهرباء. وبوجه عام إن حوالي من 70 إلى 80% من مكونات النفايات مواد عضوية، لذلك تُعد إمكانية إنتاج الطاقة منها لأغراض عديدة منها التدفئة والتسخين وتوليد الكهرباء كبيرة جدًا. وتُشكل عملية الحصول على الطاقة من المخلفات القابلة للاحتراق من أحد أهم الأهداف الاقتصادية للدول وتُعد إضافة مهمة للدخل القومي، فضلًا عن تأثير ذلك في خفض حجم النفايات الكلي بالدولة. ولذلك أنشأت العديد من الدول محطات لتوليد الكهرباء أو الحرارة عن طريق الحرق المباشر للنفايات الصلبة، وعلى سبيل المثال نجد:

  • محطة فانكوفر في كندا التي تحرق حوالي 260 ألف طن من المخلفات سنويًا، وتولد كهرباء تكفي لحوالي أكثر من 15 ألف بيت. وتحقق البلدية إيرادات قدرها حوالي 10 ملايين دولار سنويًا من مبيعات الكهرباء وحوالي 300 ألف دولار من بيع الحديد والمعادن الأخرى.
  • محطة سباتيلو في فيينا أصبحت معلمًا من معالم المدينة وذلك بسبب مدخنتها الشاهقة التي تبدو كمنارة جميلة، حيث تم تحويل المحطة كلها إلى قطعة فنية تتناسب مع سمعة فيينا. وتقوم هذه المحطة بحرق حوالي 250 ألف طن من نفايات القطاع السكني سنويًا، والتي ينتج عنها حوالي 120 ألف ميجاوات/ساعة من الكهرباء، وحوالي 500 ألف ميجاوات/ساعة على شكل تدفئة مركزية، وحوالي 6 آلاف طن من الحديد الذي يمكن إعادة تدويره، ويستفيد منه أكثر من حوالي 50 ألف بيت في فيينا في التدفئة.
  • محطة مياشيما في أوساكا باليابان لتوليد الطاقة من النفايات، وتبدو وكأنها إحدى مدن ملاهي الأطفال ويأتي السياح من أنحاء العالم لزيارتها. وتحرق المحطة حوالي 330 ألف طن من المخلفات الصلبة سنويًا، وقدرة إنتاجية تقدر بحوالي 32 ألف كيلووات من الكهرباء. وهناك العشرات من المحطات المماثلة في اليابان، إلا أنها لا تقارن بجمال محطة مياشيما.
  • محطة لوجانج زن في شنغهاي في الصين، من أكبر المحطات في العالم التي تحول المخلفات الصلبة إلى طاقة حيث تحرق مليون طن من النفايات في السنة، بطاقة قدرها حوالي 60 ألف كيلووات من الكهرباء.

فوائد مشروعات تحويل المخلفات الصلبة إلى طاقة

من الممكن استنتاج بعض المنافع العامة لمشروعات تحويل المخلفات إلى طاقة في النقاط التالية:

  • منافع اقتصادية، المخلفات بشكل عام تحتاج إلى أراضٍ كبيرة، وتجهيز مكبات المخلفات مكلف للغاية، حيث تصل تكاليف تحضير مكبات المخلفات الكبيرة إلى أكثر من حوالي 500 مليون دولار. كما أن شحن المخلفات برًا وبحرًا إلى مناطق أو دول بعيدة للتخلص منها مكلف أيضًا، فإذا تم مقارنة هذه التكاليف بتكاليف بناء محطة لحرق المخلفات وتوليد الطاقة منها، نجد أن هناك وفورات كبيرة. بالإضافة إلى العوائد المتوقعة من عمليات بيع الكهرباء، وفي حالة الدول المنتجة للنفط والغاز الطبيعي، فإن استخدام المخلفات في عمليات توليد الكهرباء يعني توفير كميات كبيرة من النفط والغاز الطبيعي للتصدير دون أي تكاليف إضافية، أو استخدامها في مجالات تدر قيمة مضافة أكبر مما لو تم حرق النفط والغاز لتوليد الكهرباء.
  • منافع بيئية، لأن حرق المخلفات يولد غاز ثاني أكسيد الكربون وبعض الغازات الأخرى، إلا إنه لو نظرنا إلى صافي الغازات المنبعثة من البداية للنهاية لوجدنا أن مشروعات تحويل المخلفات إلى طاقة صديقة للبيئة. على سبيل المثال من أهم الغازات المنبعثة من النفايات غاز الميثان، والذي يُعد أخطر من غاز ثاني أكسيد الكربون.
  •  منافع سياحية، بالنظر إلى محطة مياشيما في أوسكا في اليابان، نجد أن المحطة تحولت إلى قطعة فنية ومعلم سياحي يزوره السائحون من كافة أنحاء العالم، الأمر الذي نشط المنطقة التي تقع بها المحطة اقتصاديًا، على الرغم من أنها في الأصل أبعد ما تكون عن كونها مدينة سياحية.

الجهود المصرية في تلك الصناعة الاستراتيجية

مشروع طموح تكاتفت فيه جهود 4 وزارات، وهي البيئة والإنتاج الحربي والتنمية المحلية والكهرباء، بهدف تحويل المخلفات التي كانت تمثل مشكلة مزمنة بالشارع المصري لعصور طويلة، إلى مصدر مهم للطاقة الكهربائية، وذلك تماشيًا مع التوجه المصري للعمل على إيجاد بدائل لدعم منظومة الطاقة المصرية ببدائل متجددة أخرى نظيفة لا تضر بالبيئة وحياة الإنسان. ولذلك تُمثل مشروعات إدارة النفايات في مصر جزءًا كبيرًا من الجهود المبذولة من أجل الحفاظ على البيئة بالإضافة إلى تعظيم الموارد المتاحة. 

تسعى الدولة المصرية إلى جذب العديد من الاستثمارات في تلك الصناعة الاستراتيجية، حيث إنها تستهدف جذب استثمارات أكثر من حوالي مليار دولار في مجال تدوير المخلفات لإنتاج الكهرباء واستثمارات مباشرة تتراوح من 17 إلى 18 مليار جنيه مطروحة أمام القطاع الخاص، للدخول وتقديم هذه الخدمة وتحقيق عائدات على استثماراته. 

بشكل عام فلم تُعد الأطنان الضخمة من النفايات والمخلفات تُمثل مشكلة في مصر بل أصبحت ذات قيمة اقتصادية مضافة، وذلك عن طريق إدارة شاملة لملف النفايات. ومن هنا يجب الإشارة إلى أن أكبر مصدر للمخلفات الصلبة في مصر منذ أكثر من 30 عامًا، وهي المخلفات البلدية أو القمامة المتولدة من القطاع السكني والقطاع التجاري والمحال التجارية وكافة الأنشطة الإنسانية، حيث بلغ حجم المتولد طبقًا لأخر حصر فعلي حوالي ما لا يقل عن 26 مليون طن سنويًا من المخلفات الصلبة البلدية، وأن ما يتم تدويره كان لا يتعدى نسبة 20%. حيث إن مخلفات البلدية الصلبة هي في الأساس النفايات المجمعة من البلديات متمثلة في نفايات سكنية، تجارية، قمامة من الشوارع، محتويات حاويات النفايات وتنظيف الأسواق.

وهنا يجب إلقاء الضوء على أهم خطوات الخطة المصرية لتحويل المخلفات البلدية الصلبة لمصدر مهم للطاقة الكهربائية كما هو موضح في النقاط التالية:

  • قانون المخلفات يتيح فرصًا عديدة للاستثمار في المخلفات، أولها الجمع والنقل، بالإضافة إلى عمليات التدوير لإنتاج الوقود والسماد، التي تحتاج إلى تكاليف لإنشاء المصانع من خلال القطاع الخاص، وكذلك المعالجات الحرارية لتحويل المخلفات للكهرباء، والتي تم إصدار تعريفة التغذية الكهربائية لها بقيمة 1.40 قرش/ وات ساعة.
  • في بداية مارس الماضي، صدرت اللائحة التنفيذية لقانون إدارة المخلفات الجديد، وجاءت من أجل وضع شروط وضوابط تنظم عملية جمع، نقل، وتدوير المخلفات، نظرًا للطفرة التي شهدها مجال إدارة المخلفات، حيث أصبح محل استثمار، ومن الأمور التي نظمتها اللائحة التنفيذية للقانون هي إدارة المخلفات في المجتمعات العمرانية الجديدة.
  • تطبق مصر النموذج الألماني لتحويل مخلفات الطاقة، الذي يعتمد على حرق حوالي 400 ألف طن سنويًا بمعدل حوالي 1200 طن يوميًا من المخلفات وتخدم حوالي 1.6 مليون مواطن، بقوة عاملة تقدر بحوالي 440 عاملًا و100 سيارة تعمل في جمع المخلفات ونظافة الشوارع، وتحقق دخلًا لألمانيا يبلغ حوالي 90 مليون يورو سنويًا، حيث يعتمد توليد الطاقة من المخلفات على أحدث تكنولوجيا لتوليد الطاقة من المخلفات، وذلك مع تطبيق نظام رصد ومراقبة ومعالجة الانبعاثات الناتجة من حرقها، وذلك بهدف توافقها مع المعايير الألمانية في تلوث الهواء الناتج من انبعاثات المحارق ومنشآت توليد الكهرباء.
  • يتبنى المشروع إمداد الأوتوبيسات والمركبات بالطاقة الكهربائية المشتقة من معالجة المخلفات، بالتعاون مع الجانب الياباني.
  • تقدر التكلفة الاستثمارية لإنشاء محطات توليد الكهرباء من المخلفات طبقا للتجربة الألمانية بنحو 500 مليون يورو، إضافة لتكلفة التشغيل سيتم توفيرها من خلال حصيلة بيع الكهرباء والطاقة الحرارية، فضلًا عن رسوم الجمع المنزلي، ورسوم نظافة الشوارع.
  • تحويل المخلفات لطاقة بعدة صور، بينها مصانع تدوير المخلفات وتحويلها إلى سماد عضوي ووقود بديل، من خلال حرقها في محارق خاصة دون الحاجة لفصلها قبل الحرق.
  • تسعى الدولة للتوسع في إعادة تدوير المخلفات الزراعية على مستوى الجمهورية، وإنشاء مصانع للاستفادة من المخلفات الزراعية، الناتجة عن المساحات المنزرعة الكبيرة لقش الأرز، وتحويلها لطاقة.
  • وضعت وزارة البيئة استراتيجية لإدارة المخلفات الزراعية، وجرى الانتهاء منها، إذ أصبح يتوافر لدى الوزارة البيانات الخاصة بمصانع المخلفات لإنتاج الوقود البديل.
  • افتتاح أول محطة لتحويل المخلفات إلى طاقة متجددة، كأول نموذج حقيقي لتحويل المخلفات لطاقة كهربية وسماد عضوي، حيث يُعد المشروع الأول من نوعه في مصر، حيث أن هذه التقنية ذات انبعاثات صفرية، وهو مشروع ارشادى بسعة حوالي 2.5 طن في اليوم وقدرة إنتاجية حوالي 100 كيلووات ساعة من الطاقة الكهربية.
  • تستهدف الحكومة المصرية إقامة حوالي 56 مصنعًا متخصصًا في إعادة تدوير المخلفات بكافة أنواعها، حيث يعمل من هذا العدد حاليًا 28 مصنعًا، وذلك من أجل التخلص الآمن من هذه المخلفات والتي يصل حجم إنتاجها السنوي إلى نحو حوالي 90 مليون طن، منها حوالي 26 مليون طن مخلفات صلبة (قمامة) أي مايقرب من ثلث إنتاج مصر من المخلفات، ومايتم تدويره فقط حوالي 20% من الكميات المتولدة.
  • التوقيع مؤخرًا على مذكرة تفاهم بين محافظة الفيوم وشركة إنيرجي الدولية لتحويل المخلفات إلى ديزل حيوي، وجرافين بمنطقة كوم أوشيم بالفيوم للحصول على طاقة نظيفة من خلال إنتاج الديزل والجرافين والأسمدة العضوية من النفايات الصلبة، سواء البلدية أو الزراعية مما يقضي على انبعاثات الكربون.

مشروع تحويل المخلفات إلى طاقة كهربائية بمنطقة أبو رواش

يأتي مشروع تحويل المخلفات إلى طاقة كهربائية بمنطقة أبرواش تنفيذًا لتوجيهات السيد الرئيس/ عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، بشأن ضرورة رفع كفاءة منظومة المخلفات البلدية والتغلب على مشاكل تراكم المخلفات والتخلص الآمن منها واتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على البيئة من خلال منظومة جديدة للإدارة المتكاملة للمخلفات. حيث سيتم البدء بإقامة محطة في أبو رواش بمحافظة الجيزة على مساحة تتراوح من 10-12 فدانًا، حيث يهدف المشروع إلى معالجة حوالي 1200 طن / يوم مخلفات صلبة بلدية إلى حوالي 30 ميجاوات / ساعة.

الأهمية الاقتصادية لتوطين صناعة تحويل النفايات إلى طاقة

تُعد مشروعات إدارة النفايات الشاملة أو فيما يخص مسألة تحويلها إلى طاقة، بمثابة مشروعات قومية يتحقق من خلالها كافة الأبعاد للمشروع الناجح، وهي البعد الاقتصادي والبيئي والاجتماعي، بالإضافة إلى الجانب السياحي ولذلك نجد هناك العديد من النتائج المترتبة على تلك الخطوة والتي من الممكن تلخيصها في النقاط التالية:

  • العمل على خلق بيئة صحية ونظيفة، مما تعمل على تعزيز الأمن المناخي.
  • إنتاج كهرباء صالحة للاستخدام بأشكالها المختلفة.
  • تخفيض حجم المخلفات التي يتم دفنها في المدافن الصحية، حيث إنه سيتم توصيل المخلفات إلى بوابات منشأة المعالجة بأنواعها، بحيث نصل إلى أن ما يتم إخراجه من مخلفات كميات لا تتجاوز حوالي 25% من إجمالي المخلفات التي يتم تدويرها يتم توجيهه للمدافن الآمنة، مما سيحقق توفيرًا في الأراضي المحولة لمدافن آمنة، حيث كان يتم دفن أكثر من حوالي 80% من المخلفات التي يتم جمعها، وتهدف تلك المشروعات إلى خفضها لتصل إلى حوالي 20% فقط.
  • استخدام المخلفات لإنتاج الكهرباء يحقق موارد قيمة قد يرفع من كفاءة المدن واستدامتها.
  • تجنب وجود تراكمات من المخلفات والقمامة داخل المحافظات التي بكل تأكيد لها تأثيراتها السلبية على الصحة العامة للمواطن.
  • العمل على تعزيز الاستراتيجية العامة للطاقة داخل جمهورية مصر العربية.
  • استغلال المخلفات بتحويلها إلى طاقة، يجعل لها قيمة اقتصادية ومصدر متجدد للطاقة، كلما يزيد حجمه تزيد الطاقة المنتجة منه.
  • العمل على جذب الاستثمارات والقطاع الخاص في تلك الصناعة الحيوية، ومن شأن دخول القطاع الخاص في شراكات في هذه الصناعة وليس ليكون وسيلة لتوفير دخل للشباب من خلال دفع الأجور فقط ولكن بهدف تعميم مفهوم إعادة التدوير.
  •  المساهمة في نقل التكنولوجيات الحديثة في مجالات التصنيع المختلفة، وبهدف تعميق التصنيع المحلى وزيادة القيمة المضافة وخفض فاتورة الاستيراد وتوفير العملة الأجنبية بما يعزز الاقتصاد القومي.
  • المساهمة في توفير فرص عمل كبيرة، وذلك لأنه من شأن إدارة المخلفات المقترنة بإنتاج الطاقة توفير فرص عمل تصل إلى حوالي أكثر من 100 ألف فرصة عمل.
  • تزداد ثقة العالم بهذه العمليات المتطورة، لأنها توفر طاقة نظيفة متجددة ومأمونة ومجربة وتتماشي مع المعايير البيئية العالمية.

مقترحات للإصلاح

قطعت الدولة المصرية بالفعل شوطًا كبيرًا في ملف إدارة المخلفات، وأخذت العديد من الخطوات الجادة التي تهدف إلى إدارة هذا الملف بصورة شاملة تهدف إلى تحقيق وتعزيز مبدأ الأمن المناخي. ولكن ما تزال هناك العديد من التحديات والعقبات. ومن هنا يمكن إيضاح بعض المقترحات التي من الممكن أن تسهم في تذليل تلك العقبات ومنها:

  • أزمة المخلفات تبدأ بالمواطن المصري وتصرفه، والدولة وحدها لن تستطيع القضاء عليها، ولذلك يجب العمل على تحفيز المواطن عن طريق مبادرات وعروض قوية مقابل المساعدة في تصنيف تلك المخلفات الناتجة، لأن مرحلة الجمع من أصعب مراحل إدارة المخلفات.
  • ضرورة الاهتمام بالبحث العلمي من خلال الدراسات الفنية لكي يتم التغلب على التحديات في تلك الصناعة.
  • يجب ألا يقتصر النظر إلى الاقتران بين إدارة المخلفات وإنتاج الكهرباء منها على التقلبات في مسألة العرض، ولكن يجب أن يشتمل على توافر البنية التحتية لتلك العمليات.
  • إطلاق حملة إعلامية موسعة تهدف إلى رفع الوعي البيئي للمواطن، مع التأكيد على الأهمية الاستراتيجية لتلك المخلفات وعمليات تحويلها إلى طاقة من الممكن استغلالها.
  • حجم النفايات وفرزها يكلف الدولة الكثير من المال لأنها تكنولوجيا مختلفة تمامًا عن المصادر الأخرى المنتجة للطاقة، ولذلك يجب عقد العديد من الشراكات ودراسة التجارب الناجحة في تلك الصناعة ومنها التجربة اليابانية والألمانية وغيرها.
  • ضرورة العمل على تقديم العديد من الحوافز المالية للقطاع الخاص، لكي تصبح تلك الصناعة أكثر ربحية للقطاع الخاص.

مجمل القول، مشروعات استخدام الطاقة من المخلفات تحقق أهدافًا اقتصادية وبيئية عدة، إضافة إلى خدمة المجتمع، وهناك القليل من المشروعات التي تحقق مثل هذه الأهداف مجتمعة. ولذلك يشكل إنتاج الطاقة من المخلفات أحد أهم الحلول المهمة للتخلص من التلوث البيئي وخفض مستويات الانبعاثات، بالإضافة إلى إنتاج الطاقة محليًا. وفي الأخير، إن المخلفات في مصر بشكلها الحالي لا تُشكل مشكلة أو عبئًا، ولكنها ثروة ضخمة تتعامل معها الدولة المصرية بمنتهى الدقة، حيث إن عملية إدارة المخلفات كانت تُدار في الماضي بطريقة عشوائية وغير آمنة.

د. أحمد سلطان

دكتور مهندس متخصص في شؤون النفط والطاقة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى