تغير المناخالمركز المصري في الإعلام

المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية يناقش في كوب 27 مساهمة القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية في خفض انبعاثات الكربون

نظم المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، اليوم 11 نوفمبر 2022، ورشة بعنوان “مساهمة المنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص في مهام تخفيض انبعاثات الكربون وتنفيذ التقنيات الخضراء” على هامش مشاركته في فعاليات الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ كوب 27 المنعقدة في مدينة شرم الشيخ خلال الفترة ما بين (6-18 نوفمبر)، بالمنطقة الخضراء، أدارتها الدكتورة نهى بكر عضو الهيئة الاستشارية بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، بمشاركة الأستاذ أحمد شيرين كُريم رئيس شعبة الإسمنت وعضو مجلس إدارة غرفة صناعات مواد البناء باتحاد الصناعات المصرية، والدكتور عُمر الحسيني الخبير بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، والدكتور بيتر جايكوس، الأستاذ في كلية السياسة والأمن والشؤون الدولية لدى المعهد الدولي للدراسات الساحلية المتكاملة/ الولايات المتحدة الأمريكية، والأستاذ أحمد عبده رئيس قطاع التجارة والتسويق بشركة لافارج مصر، والأستاذ أدهم المهدي- مدير عام شركة “Geocycle Egypt”.

في البداية، أشارت الدكتورة نهى بكر إلى كيفية مُساهمة صناعة الإسمنت المصرية في الحد والتقليل من الانبعاثات الكربونية ووضع حلول لظاهرة التغير المناخي، وكيفية إعادة تدوير النفايات وتحوّيلها إلى وقود، وأهمية دور القطاع الخاص في الحد من الكربون، في ظل التداعيات السلبية للتغير المناخي مثل موجات الفيضانات والجفاف، وارتفاع درجات الحرارة.                    

ومن جانبه، أوضح الدكتور عُمر الحسيني أن إزالة الكربون تعني تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من خلال استخدام مصادر طاقة منخفضة الكربون، مما يؤدي إلى انخفاض إنتاج غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي. ولفت إلى أن “إزالة الكربون” يميل إلى الإشارة إلى عملية تقليل “كثافة الكربون”، وخفض كمية انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري. وأضاف: “بشكل عام، يتضمن ذلك تقليل إنتاج ثاني أكسيد الكربون لكل وحدة من الكهرباء المولدة. ويعد تقليل كمية ثاني أكسيد الكربون التي تحدث نتيجة النقل وتوليد الطاقة أمرًا ضروريًا لتلبية معايير درجة الحرارة العالمية التي حددتها اتفاقية باريس وحكومة المملكة المتحدة”.

وأكد أن إزالة الكربون تتضمن زيادة أهمية توليد الطاقة منخفضة الكربون، وتخفيض مماثل في استخدام الوقود الأحفوري، ويتضمن هذا بشكل خاص استخدام مصادر الطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية والكتلة الحيوية، ويمكن أيضًا تقليل استخدام الطاقة الكربونية من خلال الاستخدام الواسع النطاق للسيارات الكهربائية جنبًا إلى جنب مع التقنيات “الأنظف”، وسيسمح خفض كثافة الكربون في قطاعي الطاقة والنقل بتحقيق أهداف انبعاثات صفرية صافية عاجلاً وبما يتماشى مع المعايير الحكومية والدولية.

وتابع الحسيني مؤكدًا أن دول مختلفة بذلت جهودًا لإزالة الكربون، حيث قدمت أكثر من 150 حكومة خططًا لخفض انبعاثات الكربون بحلول عام 2030. وتشمل التغييرات التي تم إجراؤها تعهد باريس بحظر مركبات الديزل اعتبارًا من عام 2040، ومخططات لإدخال الهجين الكهربائي. يتم أيضًا تنفيذ تطوير لمصادر الطاقة المتجددة على نطاق أوسع، حيث تنتج الآن ثلث الطاقة الكلية في جميع أنحاء العالم. كما يمكن الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من محطات توليد الطاقة بالوقود الأحفوري عن طريق تركيب تقنية احتجاز الكربون وتخزينه (CCS)، مع وجود حوالي 20 مرفقًا واسع النطاق لتجميع وتخزين الكربون قيد التشغيل حاليًا على مستوى العالم وأكثر من ذلك قيد الإنشاء.

وأوضح الحسيني أنه بعد إعطاء الأولوية لإزالة الكربون المبين في اتفاقية باريس، التزمت العديد من الحكومات بتحقيق صافي انبعاثات غازات الدفيئة إلى الصفر بحلول عام 2050. على سبيل المثال، أعلن البرلمان البريطاني عن حالة طوارئ مناخية، وأوصت اللجنة المعنية بتغير المناخ بأن تحقيق هذا الصفر الصافي ليس مجديًا فحسب ، بل أيضًا ضروريًا وفعالًا من حيث التكلفة. كذلك أصبحت الإزالة السريعة للكربون أكثر ضرورة حيث أصبح قطاع النقل مكهربًا، مما يزيد من الطلب على الطاقة الكهربائية، ولذلك أصبحت زيادة كفاءة الطاقة أولوية لتحقيق أهداف الانبعاثات وتحسين جودة الهواء ودرجة الحرارة العالمية.

وأكد أن مصادر الطاقة الأكثر كفاءة في استخدام الطاقة وأقل كثافة للكربون تُعد من أبرز الطرق التي يمكن من خلالها تحقيق إزالة الكربون، ويتم تشغيل نظام النقل العالمي بشكل أساسي على أنواع الوقود المعتمدة على الكربون مثل الديزل والبترول، لكن استخدام المركبات الكهربائية على نطاق واسع من شأنه أن يحسن مساهمة قطاع النقل في تقليل انبعاثات الكربون. واختتم بالتأكيد على أن القطاع الخاص يشارك في هذا التغيير، حيث يقدم دعمًا للمصنعين، والعمل على تحسين العملية لتحسين التصميم لعمليات الانتاج، والمساعدة في تقليل التكاليف لمواجهة التحديات المختلفة.

وأوضح الأستاذ أحمد عبده، تحديات إزالة الكربون في الصناعات كثيفة الطاقة، وإجراءات التخفيف والتكيف مع التغير المناخي، والتحوّل إلى الاقتصاد الأخضر وأهمية الحلول الخضراء؛ إذ أشار إلى مُساهمة صناعة الإسمنت بنسبة 8% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. كما أكد على مراحل عملية التصنيع وصولاً إلى التحوّل الأخضر، ومن المقرر الوصول إلى صافي انبعاثات بحلول عام 2050، والاعتماد على الوقود البديل بنسبة 35% بحلول عام 2026، و50% من الطاقة الشمسية بحلول عام 2024، و30% من فائض الكهرباء. وتم الإعلان عن مجموعة من منتجات الشركة صديقة للبيئية مثل إسمنت ECO Planet، الذي سيقلل 60% من انبعاثات الكربون. فضلاً عن خدمات الشركة في العديد من المشروعات في مصر وتحديدًا في العاصمة الإدارية. والمنتج الآخر إسمنت (Pozzolana)، الذي سيقلل 10% من انبعاثات الكربون، وإسمنت شطبنا (Masonry) الذي سيقلل 40% من انبعاثات الكربون، وإسمنت (Calcined Clay Lcc3)، الذي سيقلل 40% من انبعاثات الكربون، وهذا المنتج للتصدير.  

وارتباطًا بالسابق، أضاف “عبده” خدمات الشركات في التحوّل الأخضر واللوجستيات ووسائل النقل المستدام بما في ذلك الأسطول الأخضر الذي يعمل بالغاز الطبيعي، وكافة البرامج والطرق للوصول إلى صفر انبعاثات الكربون بحلول عام 2050 (Net Zero Pleadge).    

أما الدكتور بيتر جايكوس ، فأوضح أن المجتمع المدني هو هؤلاء الأفراد الذين يعملون بشكل جماعي من أجل المصلحة العامة وليس فقط تحقيق الربح، مؤكدًا أن المجتمع المدني من الممكن أن يلعب دورًا في عملية إزالة الكربون “اللا كربنة”. ولفت إلى أنه في الولايات المتحدة هناك حملات تقلل من قدرة المجتمع المدني في العمل بفاعلية على إزالة الكربون، لكن هذا غير صحيح. كما أوضح جاك أن رجال الصناعة يمكنهم العمل مع المجتمع المجني لتحسين فرص إزالة الكربون، لكن الصناعة والحكومة في نفس الوقت يعيقوا فرص هذه العملية، وبالتالي هناك دور يقع على رجال الصناعة والحكومة لتسهيل عمل المجتمع المدني في هذا المجال. واختتم بالإشارة إلى مساعدة المجتمع المدني للأمازيغ في بعض قرى مدينة مراكش المغربية في إزالة الكربون رغم أنها غير مسؤولة عن أي انبعاث كربون، لكن العمل في إزالة الكربون يعني زراعة النباتات والاشجار واستخدام التكنولوجيا.

وتحدث الأستاذ أحمد شيرين كُريم، عن هدف الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وأهمية الصناعة المصرية وتحديدًا الإسمنت في هذا الصدد، حيث بدأت مصر منذ عام 2020 في وضع خريطة طريق لتحقيق هذا الهدف من خلال تقليل الطاقة والوقود المستخدم في إنتاج الإسمنت، وتقليل الأفران المستخدمة للوقود وخلط الإسمنت بالمواد الأخرى، لإنتاج منتج ذو جودة عالية للاستخدامات المختلفة وتوفير الطاقة في صناعة الإسمنت، وتقليل نسبة الانبعاثات. بالإضافة إلى استخدام العديد من الشركات للمخلفات في صورة وقود بديل لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، والتخلص الآمن من المخلفات، في ظل الحاجة إلى دعم الحكومة في الإدارة المتكاملة للمخلفات التي تتطلب جهود في عملية الفرز وإعادة التدوير، وضرورة إتاحة فرصة أكبر للشركات متعددة الجنسيات في تقديم الحلول لإزالة الكربون، ورفع الوعي لدى مصنعي الإسمنت في مصر، ومحاولات نقل الخبرات ودعم المنتجين المحليين في تطبيق الخبرات المتعلقة بمزيج الإسمنت، وحاجة هذا الاستثمار إلى دعم مؤسسات التمويل للانتقال إلى المستقبل الأخضر في صناعة الإسمنت.

وأشار الأستاذ أدهم المهدي إلى قول الرئيس الأمريكي باراك أوباما عام 2014 “إننا أول جيل يرى تأثير التغيرات المناخية وسنكون آخر جيل يمكنه العمل على حلها”. وأكد أننا نحاول إيجاد حلول لإزالة الكربون والوصول لصفر انبعاثات بحلول عام 2050، ولكننا قد لا نصل إلى هذا الهدف بسبب غياب إرادة الحكومات في تمويل الوصول إليه. وأشار إلى إن إنتاج مصر من النفايات سنويًا يشكل 100 مليون طن وغالبًا ما يتم التخلص منها عن طريق الحرق مما ينتج الكثير من تاني أكسيد الكربون. شارحًا كيفية استخدام أفران الإسمنت عالية الحرارة للتخلص من المخلفات والقضاء على الانبعاثات، حيث يُمكن استخدامها كمصدر للوقود في صناعة الإسمنت بدلًا من الفحم مما يقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، لاسيمَّا أن 100 مليون طن من النفايات سنويًا تعادل تقريبًا 30 مليون طن من الفحم، مشيرًا إلى أن بعض مصانع الإسمنت في أوروبا وصلت لاستبدال الفحم بنسبة 95% وبالتالي هذا أمر ممكن ويُمكن أن يتم في مصر أيضًا. وأوضح أن هذا هو دور إدارة المخلفات لدى شركة جيوسايكل انطلاقًا من مسؤوليتها تجاه الأجيال المستقبلية، لافتًا إلى أن الشركة تعمل في 50 دولة من بينها مصر حيث تعمل مع عدة جهات منها وزارة البيئة.

وعقب كلمات المتحدثين، طرح بعض الحاضرين أسئلة، حيث طلب ماريو عماد مهندس بترول المزيد من التفاصيل بشأن تقنية النانو التي سوف تستخدم في مصانع الإسمنت لتقليل الانبعاثات، كما تساءل الباحث السياسي محمد هيكل بشأن واقعية هدف الوصول إلى صفر انبعاثات بحلول عام 2050 في ظل المتغيرات العالمية الحالية لاسيمَّا الحرب الأوكرانية.

فيما طلب الدكتور جمال عبد الجواد عضو الهيئة الاستشارية بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية المزيد من التفاصيل بشأن استخدام التكنولوجيا لاسيما أنها سوف تكبدنا الكثير من التكاليف، منتقدًا عدم وجود أي ممثل للمجتمع المدني، ومتسائلًا بشأن كيفية مساهمة المجتمع المدني في عملية إزالة الكربون أعبر الضغط أو المناصرة أو رفع الوعي أو غيرها.

وعلق أحمد شيرين كُريم قائلًا إن هذا التحول هو استثمار مكلف للغاية ويقدر بمليارات الدولارات ويستلزم الكثير من الاستثمارات الضخمة، وهو أحد العوائق التي تواجه مصنعي الإسمنت المحليين، لذلك نحن نحاول اقناع الجميع بشأن المزايا التي سوف يحصلون عليها إذا ما دخلوا في هذه العملية ونحاول اجتذاب التمويل مثل البنك الأوروبي لإعادة الاعمار والتنمية. فيما أوضح الأستاذ على عبده، رؤية مصر 2030 وأهمية مؤتمر المناخ COP27، وحدود الاستدامة ونقل الخبرة والمعرفة في الصناعة، والتوعية بأهمية التمويل المستدام، والحاجة إلى تفعيل ضرائب الكربون والائتمان الكربوني، وأجندة الاستدامة. كما أشار الدكتور عمر، أن هناك الكثير من الأسباب تُعرقل الوصول إلى هدف الحياد الكربوني 2050، ومنها تداعيات الحرب الأوكرانية، وعدم القيام بإعادة دورة حياة المنتج، وبهذه المؤشرات لا توجد أُفق لتقليل الانبعاثات، وهناك ضرورة انتهاج الدول مزيج من الجهود في استخدام الطاقة المتجددة والألواح الشمسية. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى