الاقتصاد المصري

تثبيت أسعار الوقود.. الآليات والأسباب

رسمت الحرب الروسية الأوكرانية خريطة جديدة وواقعًا مستحدثًا لسوق الطاقة العالمي؛ من أهم ملامحه الارتفاع الجنوني في أسعار الطاقة والغاز الطبيعي عالميًا. مما أدى إلى أزمات حادة في أسواق الطاقة في كل دول العالم، وما تبعها من حدوث حالة من الاضطراب وعدم الاستقرار العالمي فى سلاسل الإمدادات العالمية فى صناعة النفط والطاقة بسبب الكميات المعروضة. فقد تفاقمت أزمة الوقود عالميًا وتأثرت بها العديد من دول العالم، وانعكست تبعاتها على الاقتصاد العالمي، مما   إلى حدوث اضطراب عالمي في سلاسل إمداد الطاقة. بالإضافة إلى موجة حادة من التضخم العالمي، وبالتالي ارتفاع تكلفة الاستيراد لمختلف دول العالم.

تثبيت أسعار الوقود

أصدرت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات النفطية قرارها الجديد المتعلق بأسعار الوقود في مصر، وذلك بعد اجتماعها ربع السنوي لإعلان الأسعار للمدة من أكتوبر الجاري وحتى نهاية ديسمبر المقبل من العام الحالي 2022. وقررت اللجنة تثبيت أسعار الوقود بجميع أنواعه في السوق المحلية، وبناء على اجتماع لجنة التسعير الأخير، الذي درس الظروف الاقتصادية العالمية وتأثيرها في سوق النفط، نتيجة تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية ومن ثم اتخذت اللجنة قرارها بتثبيت أسعار الوقود فى مصر. حيث جاءت أسعار المنتجات النفطية والوقود في مصر، بعد قرار لجنة التسعير، على النحو التالي:

  • لتر بنزين 80 بسعر 8 جنيهات.
  • لتر بنزين 92 بسعر 9.25 جنيهًا.
  • لتر بنزين 95 بسعر 10.75 جنيهًا.
  • سعر لتر السولار (الديزل) والكيروسين 7.25 جينهًا.
  • تثبيت سعر طن المازوت المورّد إلى باقي الصناعات عند 5 آلاف جنيه، ثبات أسعار المازوت المورد إلى الصناعات الغذائية والكهرباء.

طريقة تسعير المنتجات البترولية فى مصر

فى أكتوبر من عام 2019، اعتمدت الدولة المصرية آلية جديدة من أجل التسعير التلقائي والعادل والتي تهدف إلى تحرير أسعار الوقود. وذلك من خلال ربطه بالأسعار العالمية للنفط الخام، ومن أجل خفض تكلفة دعم المواد والمنتجات البترولية في الموازنة العامة للدولة المصرية. مصر تستورد غالبية احتياجاتها من المنتجات والمشتقات البترولية، وبالتالي فإنها تواجه ضغوطات مالية كبيرة، وذلك بسبب الارتفاع الضخم في أسعار النفط منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية فى شهر فبراير من العام الحالي. ويُعد قرار تثبيت أسعار أنواع الوقود المختلفة، هي الخامسة، وذلك منذ بداية العمل بآلية مراجعة الأسعار.

لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية هي المسؤولة عن تحديد أسعار البنزين الجديدة في مصر، وتهدف إلى تحقيق البيع لتلك المنتجات بشكل عادل، وفيما يلي أهم النقاط الرئيسة التي تعتمد عليها طريقة وكيفية تحديد أسعار البنزين الجديدة من خلال لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية:

  • يتم تحديد الأسعار طبقًا لمعادلة سعرية.
  • تتضمن المعادلة السعرية الربط بين أسعار خام برنت وأسعار الصرف وكذلك التكلفة.
  • تم ربط أسعار المنتجات البترولية في السوق المحلية بالأسعار العالمية وذلك في ضوء التكلفة بشكل تلقائي.
  • تجتمع لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية كل ثلاث أشهر لتحديد الأسعار.
  • يتم مراجعة سعر بيع المنتجات البترولية، فى السوق المحلية على ألا تتجاوز نسبة التغيير فى سعر البيع المستهلك ارتفاعًا أو انخفاضًا عن 10% من سعر البيع الساري.
  • يتم ربط سعر بيع المنتجات البترولية بالسوق المحلية باستثناء البوتاجاز والمنتجات البترولية المستخدمة من قبل قطاعى الكهرباء والمخابز.
  • تطبق آلية التسعير التلقائى على المنتجات البترولية تسليم المستهلك شاملًا الضريبة على القيمة المضافة باستثناء البوتاجاز والمنتجات البترولية المستخدمة من قبل قطاعى الكهرباء والمخابز.

أسباب تثبيت الأسعار

جاء قرار لجنة تسعير المشتقات النفطية، التزامًا منها بتطبيق آلية التسعير التلقائي الموضوعة في يوليو 2019، كما هو متبع في بعض دول العالم، وأخذت اللجنة في اعتبارها، خلال وضع قرار تثبيت أسعار الوقود في مصر، التطورات التي تشهدها الأسواق العالمية، وحركة أسعار النفط العالمية خلال المدة الماضية والتذبذب الواضح فى حركة الأسعار العالمية. وبشكل عام ووفقًا للتغيرات التي تحدث لأهم مؤثرين ومحددين لتكلفة إتاحة وبيع المنتجات البترولية فى السوق المحلية وهما:

  • السعر العالمي لبرميل خام برنت. 
  • وتغير سعر الدولار أمام الجنيه. 

ومن زاوية أخرى، على الرغم من أن اللجنة قررت رفع أسعار الوقود في يوليو الماضي، إلا إنها قامت بتثبيت سعره حتي نهاية العام الحالي، دون التأثر بتداعيات قرار تحالف أوبك بلس بخفض إنتاجها خلال الفترة المقبلة. إذ إن سعر خام برنت انخفض وأصبح فى مستوى 90 دولارًا للبرميل وهو السيناريو الأفضل عن سعره في يوليو الماضي، والذي كان يقدر بحوالي 100 دولار، مما يعني وجود تحسن تدريجي في السعر العالمي وبالتالي لجأت لجنة التسعير بتثبيت سعر أنواع الوقود المختلفة. وذلك تنفيذًا لتوجيهات الدولة لمواجهة وخفض معدلات التضخم، بالإضافة لقرار البنك المركزي بتثبيت سعر الفائدة والذي انعكس بتحسن وضع السوق بالنسبة لسعر صرف الجنيه أمام الدولار.

مجمل القول، قرار تثبيت أسعار الوقود المصرية، قرار جيد جاء في توقيت مناسب وفى ظل حالة من الضبابية الشديدة التي تحيط بأسعار النفط العالمية خلال الفترة الحالية، وبالأخص بعد قرار تحالف أوبك بلس بخفض مستويات الإنتاج بدءًا من نوفمبر المقبل. الإ أن البُعد الاجتماعي في قرار تثبيت أسعار الوقود حتى نهاية العام تغلب على البعد الاقتصادي، ولكن في حقيقة الأمر أساسيات الاقتصاد المصري ما زالت قوية والأزمة العالمية وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية ما زالت مستمرة.

+ posts

دكتور مهندس متخصص في شؤون النفط والطاقة

د. أحمد سلطان

دكتور مهندس متخصص في شؤون النفط والطاقة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى