
“المتحدة” تواصل بناء حائط الصد
دخلت “المتحدة للخدمات الإعلامية” منذ تأسيسها إلى ميدان معركة الوعي والحرب الإعلامية انطلاقًا من إيمانها بأن تلك المعركة هي الأهم بل الأخطر التي يواجهها الشعب المصري منذ ثورة 30 يونيو في مواجهة ما أطلق عليهم الرئيس السيسي “محور الشر” بأذرعه المختلفة. كما أنها المعركة التي تدرك “المتحدة” كما الدولة أن رحاها لن تتوقف يوما.
وجعلت من تلك المهمة هدفها الرئيس، فكان الرافد الدرامي رافدًا أساسيًا في تلك المواجهة والذي جاء في سياقه مسلسل الاختيار خاصة في جزئه الثالث الذي عرى الجماعة الإرهابية، وانتقل الأمر إلى برامج اكتشاف النجوم، ثم الإعداد لإطلاق قناة إخبارية تليق باسم مصر. واليوم تدخل “المتحدة” لتفعيل حائط الصد ضد الشائعات من خلال إعلانها عن تخصيص نشرات يومية تذاع على قنواتها التليفزيونية تخصص للرد على الشائعات التي تطلق من كل صوب وحدب تجاه الشعب المصري، والتي تتزايد بطبيعة الحال في ظل التحديات التي تواجهها الدولة المصرية جراء أزمة كورونا ومؤخرًا بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.
الشائعات لم تتوقف يومًا عبر السنوات الثماني الماضية لاستهداف استقرار مصر. الأمر الذي دفع الرئيس عبد الفتاح السيسي في مناسبات عدة للتأكيد على خطورة تلك الشائعات. وهنا نتذكر تحذير الرئيس السيسي في يوليو 2018 خلال كلمته في حفل تخرج عدد من الكليات والمعاهد العسكرية عن خطورة تلك الشائعات، عندما قال إن: “التدمير لبلادنا مش هيكون غير من جوانا، عاوز أقولكم سر، واجهنا 21 ألف شائعة في 3 شهور الهدف منها بلبلة وعدم استقرار وتضييع وإحباط”.
ومع أن الشائعات من الظواهر المعروفة في كل المجتمعات عبر كل العصور، فإن وسائل التواصل الاجتماعي قد سهلت مهمة مطلقي الشائعات بشكل لم يحدث من قبل وشرعت لها كل الأبواب للوصول إلى الملايين في وقت قليل للغاية وربما في نقس لحظة إطلاق الشائعة. وباتت وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة تحتل المقدمة في وسائل نشر الشائعات ليس في مصر وحدها بل إن كل دول العالم تعاني من استغلال تلك الوسائل لنشر الشائعات والأخبار الكاذبة التي تمثل واحدة من أهم آليات أو أسلحة الحرب النفسية لإسقاط الدول من الداخل دون إطلاق رصاص وتحريك الجيوش.
ما قامت به “المتحدة” في إطار ما قامت وتقوم به الدولة لمواجهة الشائعات والبحث عن لقاح حقيقي وفعال ضد تلك الشائعات سواء لوأدها في مهدها أو على الأقل لتحديد آثارها على سلامة المجتمع واستقراره، فالوعي هو اللقاح الحقيقي لفيروسي كورونا والشائعات كما قال الرئيس السيسي. الشائعات تفعل بالمجتمع ما يفعله السوس بالأشجار. الشائعات تنخر في مناعة المجتمع حتى يصبح آيلًا للسقوط بلا مدافع أو طائرات أو تحريك لقوات عسكرية، فالحرب الجديدة هي حرب خرساء لا مكان فيها لصوت الآليات العسكرية.
الأسلحة في الحرب النفسية كما قال الزعيم النازي هتلر هي “الاضطراب الذهني وتناقض المشاعر والحيرة والتردد والرعب الذي ندخله في قلوب الأعداء”. ومشغلو ماكينة الشائعات يقدسون مقولة وزير إعلام هتلر “اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الناس، ويعرفون أن الكذبة ليس فقط بإمكانها أن تدور حول العالم بينما لا تزال الحقيقة ترتدي ملابسها كما قال تشرشل، بل بإمكانها بمساعدة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي أن تدور حول العالم مرات عديدة قبل أن تطل الحقيقة برأسها.
وتزداد أهمية الوعي وبالتالي خطورة غيابه في ظل ما تتيحه الثورة التكنولوجية الحالية من آليات للخداع والكذب يصعب حتى على المتخصصين كشفها، فكيف يكون الأمر مع المستخدمين العاديين لتلك الوسائل التكنولوجيا دون أدنى دراية بتلك الآليات. حتما سيكون الوقوع في شرك تلك الشائعات مصير هؤلاء المستخدمين الهواة إذ جاز التعبير في عالم افتراضي الكلمة العليا فيه لتقنيات الذكاء الاصطناعي.
وعلى الرغم من الدور البارز الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي في تسهيل مهمة إطلاق الشائعات، فإن وسائل الإعلام التقليدية ما زال أثرها قائمًا وقدرتها على النفاذ إلى شرائح عدة في المجتمع ما زالت كبيرة. وبكل تأكيد فإن جمهور وسائل الإعلام التقليدية في حاجة ماسة أيضًا لبناء وعيه بالشكل الذي يساعده على مواجهة الشائعات.
ومن هنا تأتي أهمية الخطوة التي قامت بها “المتحدة” لتنقل الدولة خطوات مهمة في مواجهة الشائعات. لقد تحمل المركز الإعلامي بمجلس الوزراء مهمة التصدي للشائعات خلال السنوات الماضية، ولكن ذلك الجهد الكبير ظل “نخبويا” يصل إلى فئات معينة من المجتمع ولم يكن التعامل الإعلامي مع ما يقوم به ذلك المركز من جهود كافيا لتفعيل أثر ذلك الجهد.
ومن هنا أعتقد جازمًا أن مشاركة “المتحدة” بإمكانياتها الإعلامية وقدرتها على التشبيك مع كل الجهات المعنية بالتصدي للشائعات وفي مقدمتها المركز الإعلامي بمجلس الوزراء سينقلنا إلى مرحلة أخرى طال انتظارها في مواجهة الشائعات. وحسنًا فعلت “المتحدة” حين لم تقصر خدمتها الإعلامية الجديدة على شاشات قنوات التليفزيونية فقط، فقد كانت حريصة على أن محتوى تلك الخدمة سينشر أيضًا على كل منصاتها الإلكترونية؛ إيمانًا منها بأهمية الجمهور المتواجد على شبكة الانترنت ومنصات التواصل الاجتماعي المختلفة.
باختصار، فإن الخدمة الإعلامية التي تقدمها “المتحدة” ستكون بمثابة منصة متكاملة تتضافر فيها وتظهر عليها كل الجهود الرامية للتصدي للشائعات استهدافًا لترسيخ أساسات حائط الصد لتفنيد الشائعات والرد عليها بما من شأنها حماية الوعي العام في المجتمع وحماية الأخير من حالة البلبلة والتشتت التي يستهدفها محور الشر بشائعاته التي طالت كل المجالات ويدفع الغالي والنفيس لديه حتى تظل “ماكينة” الشائعات دائرة مستهدفة عقول وقلوب المصريين انتقامًا منهم على ما أنجزوه في 30 يونيو 2013.
نقلًا عن صحيفة الأهرام
رئيس وحدة دراسات الرأي العام


