مستقبل الاتحاد الأوروبي في ظل المتغيرات العالمية
تعد تجربة الاتحاد الأوروبي أحد أبرز التجارب الوحدوية التي شهدها العالم في القرن العشرين والتي هدفت إلى خلق تكامل واندماج إقليمي بين دول القارة العجوز. هذه التجربة الأوروبية شهدت نجاحات عدة منذ نشأتها عام 1951 بعد توقيع ست دول أوروبية على اتفاقية باريس للصلب والفحم والتي تعد نقطة البداية، ثم توقيع اتفاقية السوق المشتركة عام 1957، وتوالت النجاحات وصولًا إلى اتفاقية ماستريخت عام 1992 التي وضعت حجر الأساس لسياسات أوروبية خارجية موحدة.
وتعرض الاتحاد القاري الأوروبي إلى تحديات جمة أثرت على مسيرته في بعض الأحيان، وزادت من صلابته وتماسكه في أحيان أخرى. إلا أن المتغيرات العالمية الحالية غير المسبوقة تنذر بمستقبل ضبابي للاتحاد، ويقارنها البعض بالسياقات التي أدت إلى بداية الحرب العالمية الثانية وتخلفت القارة على إثرها سنينًا قبل أن تنتفض وتتربع على هرم التقدم الإنساني.
وقد مر الاتحاد الأوروبي بتحديات كثيرة منها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ونتذكر منها: الأزمة الاقتصادية اليونانية، وأزمة البريكست، والخلافات حول السياسات الخارجية، غيرها من التحديات التي تجاوزتها القارة بنجاح. إلا أن تحدي الشتاء القادم قد يكون التحدي الأصعب في تاريخ القارة العجوز؛ وهو ما تشير إليه التقارير التي ذهب بعضها إلى توقع انهيار الاتحاد وتفككه نتيجة للتحدي القادم الذي يرى البعض عدم قدرة أوروبا على الخروج منه موحدة كما دخلته.
ولا يمكن أنكار أن التفاعلات العالمية منذ بداية العام تحديدًا مع بدء الحرب في أوكرانيا وما تلاها من أحداث أثرت على الصورة الذهنية للاتحاد الأوروبي في أعين الجميع. ومع توالي التقارير التي تتناول أزمة الاتحاد الأوروبي المرتقبة بحلول الشتاء، كان لابد من دراسة الموضوع للوصول إلى تحليل وتقيم واقعي لمستقبل القارة في ضوء التغيرات العالمية. ويسعى هذا التقرير إلى استشراف مستقبل الاتحاد الأوروبي وتقييم قدراته على البقاء موحدًا في وجه الأزمات غير المسبوقة والمتلاحقة التي يواجهها، من خلال الإجابة على عدد من الأسئلة المفتاحية والتي تستشرف إجاباتها مستقبل الاتحاد الأوروبي.
التأثيرات الاقتصادية والسياسية للحرب الروسية على منظمة عمل الاتحاد الأوروبي
أنتجت الحرب الروسية الأوكرانية عددًا من التداعيات السلبية التي طالت القارة الأوروبية أكثر من غيرها رغم عدم عضوية أوكرانيا بالاتحاد الأوروبي. وتعد التداعيات الاقتصادية للحرب أخطر ما يهدد تماسك الاتحاد الأوروبي الذي ولد بالأساس لتحقيق التكامل الاقتصادي بين دول القارة. وقد مثلت التداعيات الاقتصادية للحرب اختبارًا حقيقيًا لقدرات الاتحاد الأوروبي بالأخص أنها تأتي خلال فترة الاستشفاء من تداعيات جائحة كورونا التي أثرت على قدرات القارة اقتصاديًا.
وقد أثرت الحرب اقتصاديًا على قطاعات حيوية في دول القارة الأوروبية بدرجات متفاوتة؛ فمثلًا أدت الحرب إلى تداعيات خطيرة على مستوى ملف الطاقة ببرلين والتي تقوم الآن بتخزين الغاز استعدادًا للشتاء، وبدورها تعاني بريطانيا من تضخم غير مسبوق في أسعار السلع والمحروقات، وكذلك إيطاليا وإسبانيا، أما الاقتصاديات الأصغر كاقتصاديات دول شرق أوروبا فزادت معاناتها مع الدين العام وزيادة الاختلالات في ميزانها التجاري.
وقد أدى التأثير الاقتصادي متفاوت الدرجات والنوع على دول القارة الأوروبية إلى انكفاء كل منها على ذاتها؛ بهدف إيجاد حلول لهذه الأزمات، على عكس ما جرى خلال أزمة الديون الداخلية والتي تكاتفت فيها دول الاتحاد الأوروبي بقيادة ألمانية فرنسية لإنقاذ اليونان والبرتغال، وكذلك التعاون خلال جائحة كورونا التي عزفت خلالها الدول الأوروبية عن التعامل بشكل جمعي مع الأزمة الاقتصادية نتيجة لتفاوت درجات التأثر.
هذا فضلًا عن أن الأزمة الحالية تأتي في أعقاب الجائحة التي أدت إلى تراجع النمو الاقتصادي العالمي، ما دفع الدول الأوروبية إلى التركيز أكثر على معالجة أوضاعها الداخلية بدلًا من إيجاد حلول جماعية قد تؤدي إلى طول مرحلة المعالجة وتفاوت مدتها بين الدول بسبب الأولويات السياسية؛ أي أن الأزمة الحالية هي اختبار حقيقي لتماسك الاتحاد ومدى صلابته.
بالإضافة إلى ذلك، أدى الانقسام الأوروبي حول ملف العقوبات الاقتصادية على روسيا إلى زيادة الانقسام الأوروبي – الأوروبي؛ إذ عارضت دول كالمجر والتي تعتمد على النفط الروسي ويغطي احتياجها بنسبة 65% فرض العقوبات المتعلقة بحظر الواردات النفطية والغاز على روسيا، وهو ما أثار حفيظة الاقتصاديات الكبرى في أوروبا، وأعاد إلى الأذهان سيناريو البريكست الذي كان له دوره في زيادة النظرة الفردية لدول الاتحاد فيما يتعلق بالملفات الاقتصادية، بجانب أن عملية فرض التصرفات الجماعية أضحت صعبة التنفيذ في ظل المتغيرات الحالية، والخشية المتزايدة من تكرار النغمة الانفصالية على المدى القريب أو البعيد.
الاستجابة الأوروبية: اتحاد بهدف تجاوز التحديات الكبرى
هذه المتغيرات والتحديات السابق ذكرها احتاجت إلى استجابة جدية من الاتحاد الأوروبي تعبر عن مدى تماسكه وصلابته أمام التحديات الجديدة، ويعد مدى قوة استجابة الاتحاد بشكل جماعي لهذه التحديات مؤشرًا على قدرته على الاستمرارية، لذلك كان من الضروري دراسة الاستجابة الأوروبية للتحديات المتعلقة بالأزمة الروسية الأوكرانية بالأخص السياسية والاقتصادية منها.
وقد انقسمت الاستجابة الأوروبية إلى نمطين: الأول هو التشارك في تحديد السياسات والاستجابة الجماعية طويلة الأمد؛ فمثلًا اتفقت دول الاتحاد لأول مرة على تمويل طرف ليس عضوًا بالاتحاد بالسلاح، الأمر الذي كان ليرفض كليًا في ظل الظروف الطبيعية، وكذلك تفعيل قاعدة الحماية المؤقتة للعام 2001 والذي أدى إل استقبال أوروبا لأكثر من 5 مليون لاجئ أوكراني بالتوزيع على دول الاتحاد، الأمر الذي يجادل البعض أنه سيكون له أثاره السلبية من الناحية الديمغرافية والاقتصادية على مدى ليس بالبعيد، والالتزام بالعقوبات على روسيا بالرغم من الحاجة الماسة لبعض الدول للغاز الروسي كألمانيا على سبيل المثال.
أما النمط الثاني فهو معني بالاختلاف والانقسام حول ملفات بعينها مرتبطة بالأزمة الأكرانية؛ فقد شكلت مسألة توسيع عضوية الاتحاد نقطة خلاف بين الدول الأعضاء، حيث تعارض بعض الدول الأعضاء انضمام دول جديدة للاتحاد نتيجة لبطء تنفيذ الإصلاحات المطلوبة من الدول المرشحة، وهي الإصلاحات المشتقة من القيم والسياسات الأوروبية لذلك تخشى بعض دول الاتحاد انضمام دول جديدة له ما قد يؤثر مستقبلًا على تماسك منظومة القيم والمبادئ الأوروبية.
كذلك يخشى بعض الأعضاء أن يشكل انضمام دول جديدة إلى الاتحاد استفزازًا للجانب الروسي، الأمر غير المطلوب تمامًا في ظل الأوضاع الراهنة. هذا فضلًا عن أن زيادة عدد الأعضاء دون تقدم أو إصلاح داخلي للأعضاء الجدد يعني ببساطة ضعف الاتحاد في تطبيق سياساته ومبادئه الجماعية وهو مؤشر واضح على تراجع نفوذه ودوره السياسي.
وكشفت الأزمة في أوكرانيا عن خلافات جوهرية مدفونة تتعلق بملف المهاجرين، فقد قادت ألمانيا وفرنسا تحالف ما يسمى “الراغبون” وهي الدول التي تسعى إلى زيادة عدد الدول المستعدة للتضامن بهدف تخفيف العبء عن الدول المطلة على البحر المتوسط وبلغ عددها 12 دولة عضو بالاتحاد. على الجانب الأخر وبعد مؤتمر عُقد في ليتوانيا في فبراير الماضي وقعت 16 دولة على طلب لزيادة الدعم المادي المقدم لها من المفوضية الأوروبية بهدف بناء سياجات حدودية. وقد تبنت النمسا ما عرف “بتحالف العقلاء” وهم الرافضون لسياسات استقبال لاجئين جدد.
وبالإضافة إلى هذا الانقسام حول مسألة استقبال اللاجئين، برزت اختلافات أخرى حتى بين الدول الداعمة، فانقسم تحالف الراغبين بين مؤيد لتوزيع حصص اللاجئين لتخفيف العبء عن دول ساحل المتوسط كإيطاليا واليونان، بينما رغبت دول أخرى في تقديم الدعم المادي فقط لهذه الدول. وتعبر هذه الخلافات في المواقف من نفس القضية عن فشل دول الاتحاد في الوصول إلى اتفاق على السياسات والقواعد المثلى للتعامل مع اللاجئين منذ عام 2015، وهو ما طفا على السطح مع بداية موجات هجرة ولجوء الأوكرانيين إلى الدول الأوروبية.
مخصصات الأمن والدفاع الأوروبية
دفعت الحرب الروسية الأوكرانية الاتحاد الأوروبي إلى إعادة النظر في ترتيب أولويات الأمن الأوروبية، ما يمهد لنقلة نوعية في ترتيبات الأمن الأوروبي خلال السنوات المقبلة؛ فمنذ عام 1992 (توقيع اتفاقية ماستريخت) مر الأمن الأوروبي بعدة تطورات أدت إلى تبني استراتيجيات وخطط عمل جماعية للتعامل مع المخاطر المهددة لمصالح الاتحاد، ونتج عن هذه الاستراتيجيات كيانات وهيئات أمنية واستخباراتية تهدف إلى تحقيق الأمن الداخلي والحماية من أي تهديد خارجي لدول الاتحاد كــ”اليوروبول”، وهيئة الدفاع الأوروبية، وصندوق الدفاع الأوروبي.
في ديسمبر 2020، أعلن الاتحاد الأوروبي عن “استراتيجية أمن الاتحاد الأوروبي EU Security union strategy” والتي حددت الأولويات الأمنية للاتحاد في الفترة 2020 – 2025، وكانت الأولويات الموضحة في الاستراتيجية هي :-
- تعزيز إجراءات الأمن السيبراني وأمن المعلومات وتبني سياسات أمنية مستقبلية.
- التعامل مع التهديدات الجديدة والمتطورة كالجرائم الإلكترونية وتجنيد الإرهابيين عبر التكنولوجيا الحديثة وشبكة الإنترنت وحماية المجتمع الأوروبي من العائدين من سوريا والعراق.
- حماية أوروبا من الإرهاب والجريمة المنظمة كالاتجار بالبشر، وتمويل الإرهاب، وتهريب اللاجئين.
- تقوية التعاون الأمني الأوروبي – الأوروبي، ويشمل ذلك إشراك القطاعات المختلفة في تحقيق معادلة الأمن الأوروبي، وتبني سياسات تراعي الأبعاد الأمنية مستقبلًا.
من خلال ما سبق يتضح أن تركيز الاستراتيجية كان على نوعية التهديدات وليس مصدرها، علاوة على التركيز على التهديدات غير التقليدية على حساب التهديدات العسكرية التقليدية.
ومع بداية الحرب الروسية الأوكرانية، أدرك الاتحاد الأوروبي أن التغيرات العالمية وتأثيرات الحرب المباشرة على دول الاتحاد تستلزم تغيرات جوهرية في الاستراتيجيات الأمنية له، مدفوعًا بعودة التهديدات العسكرية التقليدية مثل التوجه التوسعي لروسيا المهدد للاتحاد الأوروبي. ونتيجة للاستراتيجية الأمنية 2020 والتي فشلت في معالجة أو مواجهة التهديدات الحقيقية، أضحى الاتحاد الأوروبي منساقًا خلف التصرفات الفردية الأمنية للدول الأعضاء، بدلًا من كونه مظلة أمنية جماعية تحافظ على التكامل الأمني الأوروبي. وقد اتضح ذلك بعد إعلان عدد من الدول عن إجراءات أمنية فردية كألمانيا التي أعلنت عن زيادة المخصصات العسكرية وتخصيص 100 مليار يورو لإعادة بناء الجيش الألماني وأيضًا استراتيجية السويد لإعادة بناء قدراتها الدفاعية بحلول 2030.
وأصدر الاتحاد الأوروبي استراتيجيات أمنية جديدة أكثر واقعية بهدف تدارك القصور في مواجهة التهديدات الحالية والمرتبطة بالحرب الروسية الأوكرانية، فبعد مرور الشهر الأول للحرب أصدر الاتحاد “وثيقة مؤتمر فرساي” في 11 مارس 2022 و”وثيقة التوجه الاستراتيجي Strategic Compass” في 21 مارس. وتحدد الوثيقتان عددًا من التوصيات والنقاط اللازم الوصول لها بحلول العام 2030؛ بهدف تعزيز القدرات الدفاعية والأمنية للاتحاد الأوروبي، مدفوعة بإعادة تقييم للتهديدات على الأمن الأوروبي.
فركزت وثيقة “فرساي” على تعزيز القدرات الدفاعية من خلال زيادة الإنفاق العسكري وتطوير برامج الشراء الموحد للقدرات الدفاعية؛ بهدف تحقيق التكامل الأمني، ورفع قدرات الانتشار للقوات والتعامل مع التهديدات المباشرة، وتطوير الصناعات الدفاعية الأوروبية، وتقليل الاعتماد على روسيا فيما يتعلق بالطاقة.
أما وثيقة “التوجه الاستراتيجي” فقد ركزت على بناء القدرات العسكرية الأوروبية، فوفقًا للوثيقة سيكتمل بناء ما يعرف بـ “قوات الاتحاد الأوروبي للانتشار السريع” وقوامها 5000 جندي متخصص بحلول 2030، وتعزيز الانتشار العسكري الأوروبي بالقارة، وسرعة آلية اتخاذ القرار فيما يتعلق بالتهديدات على القارة، وزيادة الدعم المادي.
شكل العلاقات الأوروبية الصينية مستقبلًا في ضوء التطورات الحالية
شهدت العلاقات الأوروبية الصينية تطورًا ملحوظًا منذ بداية العقد الثاني من الألفية؛ مدفوعة بتعزيز التعاون الاقتصادي بين بكين وبروكسل. لكن هذا التطور في العلاقات شهد مرحلة من التراجع متأثرًا بالموقف الأوروبي من ملف حقوق الإنسان ودعم استقلالية تايوان من خلال فتح مكاتب تجارية لها في دول أوروبية، ويعد الاتحاد الأوروبي ثالث أكبر شريك تجاري للصين ورابع أكبر مصدر للاستثمارات الأجنبية، وأول مورد تكنولوجي لبكين.
إلا أن الحرب الروسية الأوكرانية أطلقت جرس الإنذار في بروكسل؛ إذ تعاظمت المخاوف من أن يكون الاتحاد الأوروبي قد اقترب بشكل مبالغ فيه من قوة استبدادية لديها الرغبة في تغير النظام العالمي القائم، ما قد يدفعها مستقبلًا إلى حذو خطوات فلاديمير بوتن العدائية والتي لم يكن لدى أوروبا خطة واضحة للتعامل معها. وهو ما يفسر تصريحات رئيس وفد البرلمان الأوروبي للعلاقات مع الصين وعضو حزب الخضر الألماني راينهارد بوتيكوفر التي قال فيها “سنرى إذا ما كانت أوروبا استفادت من الدرس الروسي الذي حصلت عليه مؤخرًا في شكل علاقاتها مع الصين”
وهو ما يفرض سؤالًا جوهريًا حول النهج الأوروبي المستقبلي تجاه الصين بالنظر إلى المتغيرات على الساحة الدولية وهو هل ستتخذ أوروبا نهجًا أكثر صرامة مع بكين؟ في تقرير نشرته بعد الشهر الأول من الحرب الروسية الأوكرانية قالت مجلة “بوليتكو” الأمريكية إن الحرب الأوكرانية أثارت الخوف في العلاقات الفاترة بين أوروبا والصين؛ إذ يرى العديد من العواصم الأوروبية أن موقف بكين المؤيد للكرملين في حربه يمثل تهديدًا للنظام العالمي وتحديًا لحجم دور الاتحاد الأوروبي على المسرح العالمي.
ختاما، ستؤثر الحرب الروسية الأوكرانية بلا شك على خريطة القوى الأوروبية ومستقبل وحدة القارة، وستزداد حدة التأثير مع استمرار الحرب لمدة أطول. وسيرتبط التأثير طرديًا مع حجم المكاسب الروسية وزيادة التهديدات المباشرة وغير المباشرة على القارة؛ فمثلًا ستتعرض الريادة الألمانية في القارة لتحديات كبرى كونها القوة الاقتصادية الأكبر في أوروبا لكنها ليست كذلك فيما يتعلق بالقدرات العسكرية، ومع استمرار التهديدات ستكون فرنسا وبريطانيا أكثر قدرة على لعب الأدوار القيادية في القارة العجوز بفضل قوتهما العسكرية.
وسيظل حلف الناتو لاعبًا أساسيًا في المعادلة، إلا أن مواقفه الأخيرة وعدم قدرته على كبح جماح روسيا قد يكون عاملًا إضافيًا لزيادة التحركات الفردية لبعض دول الاتحاد، بالأخص تلك الصغيرة نسبيًا؛ مع إدراكها لزيادة حجم التهديدات المباشرة وغير المباشرة عليها نتيجة لتبنيها سياسات الاتحاد الأوروبي التي فرضتها الدول الكبرى في الاتحاد وأثرت على الدول الأعضاء وأدت إلى خلافات فيما بينها.
ومع إدراك الأوروبيين لضرورة القيام بدور أكبر في تحالفهم الأمني عبر الأطلسي وتعزيز قدراتهم الذاتية بعد عقود من الاعتماد على الولايات المتحدة في مواجهة التهديدات الأمنية، وكذلك انفصال بريطانيا “القوية”؛ سيكون لزامًا إعادة ترتيب الاتحاد من الداخل، وإعادة توزيع الأدوار بما يتناسب مع المتغيرات والتهديدات الحالية والمستقبلية.