أنشطة وفعاليات

الكلمة الافتتاحية للدكتور شوقي علام مفتي الديار المصري في مؤتمر “الشباب بين تنمية الوعي ومواجهة الشائعات”

ألقى الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية كلمة افتتاحية في مؤتمر “الشباب بين تنمية الوعي ومواجهة الشائعات”، والذي يُعقد تحت رعاية السيد رئيس مجلس الوزراء وبالتعاون بين وزارة الشباب والرياضة والمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية. وقد أكد الدكتور شوقي علام خلال كلمته أن المرحلة الراهنة التي تمر بها البلاد تستدعي أن يكون الجميع في اعلى درجات اليقظة والوعي والاستعداد، في ظل ما تواجهه مصر من تحديات وحروب خفية تستهدف وحدتها الوطنية. مشددًا على أن الجماعات الإرهابية وعلى رأسها جماعة الإخوان لم تنجح في زعزعة أمن واستقرار مصر من خلال أفتك الأسلحة، ولذلك تلجأ إلى سلاح بث الشائعات.

وفيما يلي نص الكلمة:

تقديم التحية للسادة الحضور، أعبر عن اعتزازي بشباب مصر قلب مصر النابض وعقلها الواعي المبدع بالعلوم والأفكار وساعدها الضارب في أعماق الأرض بقوة وصبر وايمان؛ كي يعيد لمصر مكانتها الرفيعة بين الشعوب والأمم، ودرعها الحصين الذي يفدي وطنه بكل الحب، لا يهاب الموت ولا يخشى إلا الله. أشكر الشباب الحر الواعي على تلك المشاركة الفعالة، ولا شك أن بناء الوعي له دور في عملية البناء والتنمية الشباب هم أمل مصر ومستقبلها وأحد روافد التجديد في المجتمع، بما يملكه أبناؤه من طاقات وإمكانات.

إن تلك المرحلة التي يمر بها بلدنا تستدعي منا أن نكون في أعلى درجات اليقظة والوعي والاستعداد، فمصر تواجه العديد من التحديات والحروب الخفيه التي تستهدف وحدتها الوطنية. والجماعات الإرهابية الضالة وعلى رأسها جماعة الإخوان الارهابية لم تفلح في زعزعة استقرار مصر وأمنها، واستعملت أفتك أنواع الأسلحة الإرهابية، ولم تفلح في زعزعة استقرار مصر وأمنها، وهي الآن تلجأ إلى سلاح بث الشائعات والأكاذيب لقتل الأمل في قلوب المصريين للتغطية على أي إنجازات وطنية على أرض الواقع. والمعوّل عليه في هذه المعركة هو وعي الشباب ويقظته؛ فالحرب التي نخوضها هي حرب الأفكار والمفاهيم. وأخطر تلك الحروب التي تستغل العاطفة الدينية للشباب.

هذه المجموعات الإرهابية تحاول أن تهوى بالشباب في مزالق الانحراف عن الشرع وعن معاني الوطنية السامية عن طريق نشر الأفكار الخاطئة، وأن تعيد تشكيل الإيمان الفطري وتلك العقيدة المغروسة في نفوس الناس لتستبدل بها مجموعة من الأفكار الفاسدة الهدامة. مما يؤدي إلى تعطل مسيرة البناء وتتولد حالة من اليأس الذي يؤدي إلى التطرف والسقوط في العنف والإرهاب.

من هنا تأتي أهمية صناعة الوعي لمواجهة التزييف الذي يستنزف طاقات المجتمع، ويأتي دور الشباب كأحد الأدوار الفعالة في البناء الحضاري من خلال المشاركة في تعزيز الوعي المجتمعي بخطورة الأفكار المتطرفة ومواجهتها، وخصوصًا تلك الأوسع انتشارًا بين الشباب من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.

إن العبث بالمجتمع من خلال نشر الشائعات هو انحراف عن الهدي النبوي الذي رسخه فينا نبينا والذي حذرنا من الانجرار إلى ما يغضب الله عز وجل، ولو كان ذلك مجرد كلمة تقال أو مجرد خبر يروج له دون تيقن قال صلى الله عليه وسلم “إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله عز وجل لا يلقي لها بالًا يهوي بها في جهنم” فالكلمة امانة يتحملها الإنسان بين يدي ربه.

وقد عد النبي ذلك النوع من الأخبار المنتشرة بدون تثبت كذبًا، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم “كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع”. ديننا الحنيف يدعونا إلى التثبت من الأخبار، وتللك سمة من سمات العقل المسلم؛ فهو عقل موضوعي يعتني بنشر الفكر والعلم لا بنشر الخرافة والوهم، وكل ما من شأنه أن يضلل الناس، ولا أدل على خطورة هذا الأمر من التنبيه القرآني حول هذا المعنى، فيقول الله سبحانه وتعالى “إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله العظيم”. فمن يتلقى الأخبار المختلقة بالسماع والقبول ومن ينشرها دون التأكد منها كل هؤلاء مشتركين في الإثم.

لهذا من المهم في إطار مواجهة تزييف الوعي إعادة الثقة بين المؤسسات الوطنية وتفويت الفرصة على تلك الجماعات الضالة التي تريد أن تشوه مفهوم الدولة ومؤسساتها في نظر الشباب سعيًا منهم في إيجاد حالة من الصراع المجتمعي بين الدولة وأفرادها ليستطيعوا بعد ذلك أن ينفذوا إلى العقول بعد القضاء على الأسس التي يقوم عليها أي مجتمع حضاري. لابد من استعادة الثقة بين المؤسسات والدولة ومد جسور الثقة لتقوية الروابط المجتمعية.

واجهت دار الإفتاء المصرية الكثير من التحديات في نطاق انتشار الشائعات فيما يخص الفتوى والأمور الدينية والدعوية، وسعت جماعات التطرف إلى استغلال الفتوى من خلال أمرين: الأول، نشر فتاوى تهدد المجتمع وتخلق الفتنة بين أفراده. الأمر الثاني، العمل على تشويه الفتاوى الصادرة عن دار الافتاء ونشرها على غير وجهها الصحيح، قاصدين إلى زعززعة الثقة بالمؤسسة المنوط بها الفتوى في الأحكام الشرعية.

لذلك عملت الدار على مواجهة هذه التحديات من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وزيادة نطاق الانتشار وتكثيف الوجود بين الشباب وتم عقد برتوكول مع وزارة الشباب والرياضة. أود أن أشير إلى أن دار الافتاء دشنت في مؤتمرها الأخير “مؤتمر مركز سلام لمكافحة التطرف” معرضًا متنقلًا يعرض الأفكار المتطرفة والرد عليها، ونأمل أن يزور الشباب هذا المعرض، وأن يجد تفاعلًا بين الشباب، نحن بحاجة ماسة إلى رأي الشباب ومشاركتكم في نشاطات هذا المعرض.

كاتب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى