مصر

الخطى المصرية للتحول إلى مركز عالمي للتجارة واللوجستيات

مصر منذ فجر التاريخ كانت حلقة وصل رئيسة للتجارة بين دول المشرق والمغرب؛ لتمتعها بموقع جغرافي وسيط بين دول العالم، ومرور بحرين تربطهما قناة السويس –التي أثبتت أنه لا بديل عنها في سير حركة التجارة العالمية- بين أراضيها، مما عزز من مكانتها كممر تجاري عالمي. ومن الموانئ البحرية التي تطل على شواطئها، استطاعت مصر أن تفتح شرايين طرق لتجارة كافة دول العالم بتقديم الخدمات البحرية وتموين السفن، وصناعات الطاقة النظيفة. ومن هذا المنطلق سعت الدولة بخطى رصينة إلى أن تصبح مركزًا عالميًا للتجارة واللوجستيات؛ بخلق محاور نقل ولوجيستيات تربط بين الموانئ البحرية والموانئ الجافة والمراكز اللوجيستية

وقد اعتمدت الدولة خطة من المتوقع أن تنتهي بحلول عام 2024، لتطوير الموانئ البحرية بتكلفة تصل إلى حوالي 115.6 مليار جنيه، بما في ذلك بناء أرصفة جديدة بإجمالي أطوال 35 كم بأعماق تتراوح من 15- 18 مترًا، ليصل إجمالي أطوال الأرصفة في الموانئ البحرية إلى 73 كم لتستوعب 22 مليون حاوية مكافئة و370 مليون طن بضائع بدلًا من 185 مليون طن سنويًا. بجانب إنشاء ساحات تجارية، وأرصفة جديدة، ومناطق تجارية ولوجستية، وتجريف ممرات الشحن وأرصفة الموانئ، وربطها بخطوط السكك الحديدية، وتوسيع نطاق وسائل المواصلات إلى دول الجوار؛ وذلك بهدف تعزيز تنافسية موانئ مصر، وخلق قيمة مضافة، وجذب الاستثمارات، وتفعيل تدفق الاستيراد والتصدير. 

ويتم التخطيط لربط الموانئ والمناطق الصناعية في شبه جزيرة سيناء بشمال غرب خليج السويس؛ حتى تتمكن من تقديم الخدمات اللوجستية للسفن من داخل الميناء نفسه. وتتضمن استراتيجية الموانئ الجديدة للبلاد أيضًا خططًا لتحسين كفاءة الأرصفة، وتكنولوجيا أفضل لتحسين البنية التحتية، وجعل الخدمات اللوجستية عاملًا مهمًا. وساعدت الحلول التكنولوجية في خفض زمن الإفراج الجمركي إلى ٥٠٪ وفقًا لدراسة تم إجراؤها بالتعاون مع البنك الدولي. 

وخصصت الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات 932 مليون جنيه لتطوير وزيادة أعداد المعامل التابعة للهيئة في الموانئ المصرية المختلفة، وذلك في إطار تحسين الخدمات المقدمة لمجتمع المصدرين والمستوردين، من خلال الالتزام بتنفيذ أحدث النظم والقواعد المتبعة دوليا في إجراءات الفحص والإفراج. 

بوابات الخير

يوجد بمصر ما يقرب من 50 ميناءً بحريًا تطل على البحر الأحمر والبحر المتوسط وخليج السويس والعقبة وقناة السويس، تنقسم الموانئ في مصر ما بين موانئ للصيد أو التجارة أو النقل النهري أو الجافة أو السياحية. ويبلغ إجمالي عدد الموانئ البحرية المصرية 48 ميناءً، بالإضافة إلى (2) ميناء تجاري تحت الإنشاء وهما (ميناء جرجوب غرب البحر المتوسط، ميناء رأس بناس جنوب البحر الأحمر)، وتنقسم الموانئ إلى: 15 ميناءً منها تطل على البحر المتوسط (6 تجاري، 9 تخصصي)، ويطل 23 ميناء على البحر الأحمر وتنقسم إلى (9 تجاري، 24 تخصصي).

ويبلغ إجمالي أطوال السواحل المصرية حوالي 3000 كم (1000 كم بحر متوسط، 2000 كم بحر أحمر). ويقدر عدد الأرصفة بمصر بإجمالي 197 رصيفًا بطول 37.5 كم تقريبًا. ويقدر حجم الوارد والصادر لهيئات الموانئ المصرية خلال 2021 حوالي 162782.8 ألف طن، من خلال 11.59 ألف سفينة.

وعلى الرغم من أهمية الموانئ المصرية على المستويين القومي والعالمي بوصفها حلقة وصل رئيسة للتجارة العالمية، إلا أنها عانت لسنوات من انخفاض عوائدها؛ نتيجة لما عانته مما وصفته رؤية مصر 2030 بأنها عوائق بيروقراطية، تتمثل في أساليب فحص معقدة، وإجراءات جمركية بطيئة وانعدام الشفافية في الإعلان عن الأسعار ونظم التقييم، وتواضع قدرة الخطوط الملاحية.

ميناء الإسكندرية الكبير

يحتل ميناءا الإسكندرية والدخيلة –إذ يعتبر ميناء الدخيلة، والذي تم بدء العمل فيه منذ عام 1980، الامتداد الطبيعي لميناء الإسكندرية- الصدارة بين موانئ جمهورية مصر العربية فيما يتعلق بحجم حركة التجارة؛ فيتم من خلالهما تداول ما يقرب من 67.8% من تجارة مصر الخارجية. فمر بهما 15.85 ألف سفينة عام 2020، بحمولة بضائع حوالي 86.571 مليون طن مفرغة. بزيادة في أعداد السفن تقدر بحوالي 282% عن العام السابق لها، والذي اقتصرت أعداد السفن المارة بالميناءين فيه على 4153 سفينة، فيما وصل حجم الحمولات المارة بالميناءين إلى 96.283 مليون طن عام 2019.

وقد يرجع ذلك إلى حركة التطوير الذي شهدها الميناءان خلال الفترة الأخيرة، وذلك بعد أن نالت منهما يد الإهمال لسنوات، فكان يعاني ميناء الإسكندرية وعلى غراره كافة الموانئ حتى سنوات قريبة من تدنى معدلات الشحن والتفريغ، نتيجة تهالك وقدم معدات وأوناش الشركات العاملة في الشحن والتفريغ وعدم امتلاكها عمالة مدربة ومنتظمة. هذا فضلًا عن تكدس الأرصفة بالسيارات المستوردة نتيجة حركة الاستيراد غير العادية على خلفية مبادرة «زيرو جمارك»، فوصل عدد السيارات المستوردة في اليوم الواحد لنحو 7 آلاف سيارة. 

فالمستوردون في ميناء الإسكندرية، على سبيل المثال، يتحملون ما يصل إلى 3 مليون دولار يوميًا غرامات تأخير، بسبب تأخر المراكب بالبضائع في الموانئ لحين خروج بضاعتهم، في حين يصل وقت الانتظار إلى 21 يومًا حتى تجد المراكب مكانًا على الرصيف لتفريغ بضائعها، أما المبلغ فيضيفه المستورد على ثمن البضاعة، والمستهلك هو الذي يتحملها في نهاية الأمر. إلى جانب ارتفاع التعريفة الجمركية بمصر مقارنةً بنظيراتها من المنافسين على البحرين الأحمر والمتوسط.

وفي هذا الصدد، تم اتخاذ سلسلة من الإجراءات لتحسين حركة التجارة والشحن والترانزيت بالميناءين، وكان من أبرزها اللجوء إلى مشروع الجراج متعدد الطوابق، يستوعب 3500 سيارة في اليوم، وتبلغ مساحته الإجمالية 15 ألف متر مربع، بتكلفة 400 مليون جنيه، ويتكون من 4 طوابق، ثلاثة منها للتخزين الجمركي، والرابع للاستخدام اليومي للعملاء، ومُجهز بأجهزة إطفاء ذاتي وأنظمة إنذار وتحكم إلكتروني وكاميرات مراقبة طبقًا لأحدث النظم العالمية. وتم وضع معدل معياري يحدد زمن التفريغ بـ «العنبر»، وإلا تعرض المخالف للطرد بعد إنذاره. 

خلال السنوات الماضية، تم رفع كفاءة كوبري 27 الذي يربط ميناء الإسكندرية بالطريق الدولي الساحلي بتكلفة تجاوزت الــ 60 مليون جنيه، مع متابعة صيانته بشكل دوري، وذلك لتخفيف العبء المروري على منطقة القبارى غربي الإسكندرية.

إلى جانب ذلك، جارٍ تنفيذ مشروع عملاق لإنشاء ميناء الإسكندرية الكبير؛ بهدف تطوير منطقة الخدمات البحرية، لتستوعب القاطرات الجديدة لخدمة الأرصفة وتوسعات الميناء الحالية والمستقبلية، ويشمل المشروع كل وسائل الدعم والتموين ومكافحة الحريق للقاطرات والوحدات البحرية، فضلًا عن الورش الخاصة بإصلاح المواتير والمعدات وورش الحدادة والإنتاج.

فيتم تنفيذ مشروعات ميناء الإسكندرية بإجمالي تكلفة 1,8 مليار جنيه، ومن أهمها إنشاء وصلة حرة لربط ميناء الدخيلة بالطريق الدولي الساحلي (محور الدخيلة) بتكلفة 824 مليون جنيه، – حيث يتميز ميناء الدخيلة بسهولة ربطه بالطرق القومية (طريق الإسكندرية/القاهرة الصحراوي) وخط السكك الحديدية، ومشروع محطة توليد كهرباء غرب الإسكندرية مما يوفر تكلفة نقل الخامات المطلوبة- وإنشاء جراج متعدد الطوابق، وبناء وتوريد 6 قاطرات بتكلفة 381,3 مليون جنيه. كذلك تأهيل كوبري الطريق الشرياني جهة باب 22 شاملًا وصلة الاسكندرية للحاويات بتكلفة 24 مليون جنيه. وإعادة تأهيل حاجز أمواج الدخيلة، وإعادة وتأهيل وصيانة الأرصفة البحرية 92، 94 / 1 / 2 / 3 / 4 / 5 بتكلفة 110 مليون جنيه.

ويتقدم العمل في تنفيذ مشروعات بإجمالي تكلفة 8,4 مليار جنيه، ومن أهمها إنشاء وتشغيل وصيانة محطة متعددة الأغراض على الأرصفة 55-62 بتكلفة 5.150 مليار جنيه، وإنشاء رصيف 3/85 (محطة تفريغ/ تداول الأخشاب) بطول 433 متر وعمق 15.5 متر، ويسمح بتراكي سفن حتي 70 ألف طن، بتكلفة 382,5 مليون جنيه وإنشاء وصلة حرة لربط ميناء الإسكندرية بالطريق الدولي الساحلي (محور 54) بتكلفة 905 ملايين جنيه، وإنشاء البنية التحتية لمنطقة الساحات الجديدة المنقولة من الشركة التجارية للأخشاب بتكلفة 305 ملايين جنيه.

وقد استقبل ميناء الإسكندرية 12 يونيو 2022، الدفعة الأولى لعدد 6 أوناش ساحة كهربية لمحطة تحيا مصر متعددة الأغراض بميناء الإسكندرية TMT والتي تعد أحد أهم المشروعات التي يتم تنفيذها في مجال النقل البحري. وتعد هذه الأوناش هى الأولى في مصر وتعمل باستخدام أقطاب التوصيل الكهربية والتى تستخدم في التداول بالساحات الخاصة بالحاويات. وتم تفريغ مكونات الأوناش من السفينة على الأرصفة الخاصة بمحطة TMT والتى أصبحت جاهزة لاستقبال السفن. وقد استغرقت عملية الانزال أربعة أيام تحت إشراف فريق من الخبراء من شركة Liebherr الألمانية وشركة تشغيل المحطة والعمالة المصرية المدربة. وتم البدء في عملية تجميع هذه الأوناش على ساحة محطة TMT تحت إشراف نفس الفريق، والمتوقع أن تصل مدة التركيب والتجهيز الى 6 أسابيع من العمل الشاق.

وذلك بالتزامن مع استكمال أعمال تنفيذ المباني الإدارية والخدمية وكذلك المرافق للبنية التحتية ورصف الساحات والطرق لساحة المحطة والتي تبلغ مساحتها نصف مليون متر مربع، علمًا بأنه تم الانتهاء من إنشاء الأرصفة الخاصة بالمحطة والتي تبلغ أطاولها 5,2 كيلومتر بغاطس من 14م الى 17,5 م. ومن المنتظر استقبال الدفعة الثانية من أوناش الساحة بإجمالي عدد (6) أوناش اخرى بنهاية الشهر الجارى؛ وذلك من أجل إتمام أعمال التركيب والاختبار. ويأتي ذلك في إطار أعمال التجهيز لتشغيل المحطة قبل نهاية العام الجاري.

كذلك جارٍ إنشاء منطقة لوجستية على ترعة النوبارية بهدف زيادة المساحة الأرضية لميناء الإسكندرية من خلال إنشاء ظهير لوجستي على مساحة 273 فدانًا متصلًا بوسائل النقل متعدد الوسائط، وذلك من أجل تعظيم الطاقات الاستيعابية والمساحات التخزينية وتعظيم إمكانيات النقل بالسكة الحديد من خلال الربط بخطوط السكة الحديد المتواجدة حاليا بالميناء وتخفيف العبء المروري ونقلها إلى الظهير اللوجيستي المتصل مباشرة بالمحور الساحلي. فتم ضم المساحة المشار إليها إلى ميناء الإسكندرية بموجب القرار الجمهوري رقم 466 لسنة 2021 لاستخدامها في إنشاء منطقة لوجيستية مخصصة لصالح الهيئة العامة لميناء الإسكندرية وتم البدء في تنفيذ أعمال تطهير وردم وتحسين خواص التربة بمعرفة الهيئة العامة للطرق والكباري.

ونال ميناء الدخيلة نصيب من عملية التطوير الجارية الآن، فمشروع إنشاء محطة الصب غير النظيف خلف رصيف 90 بميناء الدخيلة تبلغ تكلفته الإجمالية 1.6 مليار جنيه، ويتكون من رصيف بطول 540 م وبعمق يصل إلى 16م وبمساحة أرضية تبلغ 188 ألف م2، وسيكون قادرًا على استقبال سفينتين بطول 240 م. ويهدف المشروع إلى زيادة الطاقة الاستيعابية لتداول وتخزين بضائع الصب غير النظيف بميناء الدخيلة بواقع 2.5-3 مليون طن سنويًا، وذلك وفقًا لأعلى المعايير البيئية وبما يحد من التلوثات الناتجة عن تداول تلك النوعيات من البضائع

وجرى زيادة عدد المعامل الموجودة في ميناء الدخيلة من 8 معامل صناعية إلى 28 معملًا صناعيًا تغطي كافة مجالات الفحص، فتم إنشاء 4 معامل متخصصة في مجالات تشمل البوليمرات والبلاستيك القابل للتحلل وفحص المنظفات والصابون، بالإضافة إلى فحص الأخشاب ومواد البناء واختبارات جودة النسيج.

كذلك جارٍ إنشاء محطة متعددة الأغراض على رصيف 100، بميناء الدخيلة، ويبلغ طول الرصيف 1800 متر وعمق 17 مترًا، وظهير خلفي بمساحة 660 ألف م2 بتكلفة تقديرية 3 مليار جنيه. كذلك إنشاء محطة تداول الصب الجاف بين رصيفي 91 و92 بميناء الدخيلة بطول 1150 مترًا وعمق 15 مترًا وساحة تخزين 300 ألف م2 بتكلفة تقديرية 1.8 مليار جنيه. بخلاف إنشاء محطة تداول الصب غير النظيف بالمنطقة خلف رصيف 90 بميناء الدخيلة بطول 540 مترًا وعمق 16 مترًا وساحة تخــزين 188 ألف م2 بتكلفة تقديرية 1.6 مليار جنيه.

ويعد “ميناء المكس” هو آخر حبات العقد الذي وجه الرئيس السيسي، يوم 6 يونيو 2021، بإعداد دراسة متكاملة لإنشائه بين مينائي الإسكندرية والدخيلة، في منطقة المكس بطول أرصفة 3.5 كم وساحات تخزين 3.5 كم2 بتكلفة تقديرية 12 مليار جنيه. وبانتهاء مشروعات الموانئ الثلاثة فإن ميناء الإسكندرية الكبير سيضم عدد أرصفة يبلغ 87 رصيفًا، بإجمالي أطوال 24.9 كم وبأعماق تتراوح من 8.5-20 م. هذا إلى جانب إنشاء ساحات التخزين الجديدة على مساحة حوالي 50 فدان من أراضي ظهير الميناء شمال طريق المكس (أرض التجارية للأخشاب – أرض الثلاجة – المدرسة – العمارة – شارع الأنماطى – أرض هيئة السلامة) بما يسمح بتداول 3 مليون طن بتكلفة 305 مليون جنيه.

ميناء دمياط

على قدم وساق أيضًا، يتم تطوير ميناء دمياط بمشروعات تكلفتها الإجمالية حوالي 1,9 مليار جنيه. وفي المرحلة الأولى من التطوير، سيتم تحويل ميناء دمياط إلى مركز تجاري عالمي لحاويات الترانزيت في البحر الأبيض المتوسط، والذي سيتبعه بعد ذلك إنشاء ممرات لوجستية تصل إلى مناطق التصنيع المختلفة في مصر عن طريق شبكة السكك الحديدية.

ومن أهم المشروعات التي جرى تنفيذها بميناء دمياط إنشاء محطة متعددة الأغراض (رصيف بطول 681 مترًا وعمق 17 مترًا، بتكلفة أكثر من 1.3 مليار جنيه)، وتعميق الممر الملاحي وحوض الدوران إلى 16 مترًا بتكلفة 189 مليون جنيه. ويتقدم العمل في تنفيذ مشروعات بإجمالي تكلفة 9,4 مليار جنيه، ومن أهمها إنشاء محطة الحاويات الثانية بتكلفة 4,5 مليار جنيه وبناء وتوريد 4 قاطرات قوة شد 60 طنًا بتكلفة 832 مليون جنيه، وتعديل وتطوير منطقة الحاجز الغربي بالميناء (إنشاء حاجز أمواج غربي مستجد بطول 3600 متر وإنشاء امتداد للحاجز الشرقي بطول 1565 مترًا) بتكلفة 1.9 مليار جنيه.

وكذلك تم تعميق الخط الملاحي بالميناء وحوض الدوران إلى 18 مترًا بتكلفة 1140 مليون جنيه، إضافة إلى إنشاء محطة الحاويات “تحيا مصر” 1 لخدمة حركة الصادرات المصرية. وذلك لمواكبة الزيادة في حركة الحاويات المتداولة بالموانئ المصرية نتيجة المشروعات التنموية الضخمة في البلاد والتي ستحول ميناء دمياط إلى مركز لحاويات الترانزيت في البحر المتوسط.

ومن المتوقع أن تبدأ المحطة 2 الجديدة في ميناء دمياط عملياتها بحلول عام 2024. وستبلغ طاقتها التشغيلية الإجمالية النهائية 3.3 مليون حاوية نمطية وستكون بمثابة مركز نقل استراتيجي مخصص لشركة Hapag-Lloyd في شرق البحر المتوسط. 

وتم تطبيق نظام التراكى الآنى (JIT) Just In Time بإجمالى (1426) حتى 22/12/2020، والبدء فى تنفيذ المنظومة الآلية باستخدام كروت RFID لتسجيل خروج الشاحنات من بوابات الهيئة على الشركات التابعة لها آليًا وتم إلغاء البوليصة الورقية لزيادة المراقبة والحصر داخل الميناء. كذلك البدء في تنفيذ المنظومة الآلية لعمل المخازن التابعة للهيئة (قطع غيار – مخزن الخدمات البحرية – مخزن المعدات البرية).

وتم زيادة المعامل الخاصة بالفحص في ميناء دمياط من 9 معامل إلى 13 معملًا، ويتم تطوير الميناء وفًقا لاحتياجات الرسائل والأصناف التي يستقبلها. وذلك بالتوازي مع أعمال تطوير المعامل المركزية بالموانئ المصرية وتشمل القاهرة وبورسعيد والدخيلة ودمياط والإسكندرية، وفق استراتيجية أعدتها هيئة الرقابة على الصادرات والواردات في الفترة من 2018 إلى 2020، والتي صدق عليها مجلس الوزراء بتكلفة بلغت 360 مليون جنيه. ومن المقرر أن يكون هناك عدد 7 معامل مركزية جاهزة بحلول الأول من يوليو القادم، حيث ستسهم هذه المعامل في تسريع إجراءات الفحص والإفراج، وتفادي نقل العينات للفحص خارج الموانئ واستطاعت هيئة ميناء دمياط الحصول على جائزة أفضل ميناء تجارى في مجال التحول الرقمي لعام 2020 وذلك خلال احتفالية اليوم البحري العالمي 2020 التى أقيمت تحت شعار (نقل بحرى مستدام لكوكب مستدام).

موانئ البحر الأحمر

تم وجارٍ تنفيذ عدة مشروعات تنموية على موانئ البحر الأحمر، رغم أنها الموانئ الأقل استقبالًا للسفن خلال عام 2020 بإجمال 1157 سفينة بحمولة بضائع تقدر بحوالي 5.03 مليون طن بضائع محملة. إلا أنه تم تنفيذ مشروعات بإجمالي تكلفة 2,05 مليار جنيه، ومن أهمها تطوير ميناء سفاجا البحري بتكلفة 510 مليون جنيه، وكذلك تطوير ميناء الغردقة البحري بتكلفة 222 مليون جنيه .وإنشاء قزق رافع ميكانيكي بميناء شرم الشيخ بتكلفة 68 مليون جنيه. وبناء وتوريد عدد 2 قاطرة بحرية قوة شد 55 طن بتكلفة 513 مليون جنيه.

ويتقدم العمل في تنفيذ مشروعات بإجمالى تكلفة 780 مليون جنيه ومن أهمها: إنشاء منطقة الانتظار الخارجية للشاحنات الثقيلة بميناء سفاجا وتكلفة 60 مليون جنيه. وإنشاء مخزن بمنطقة المشون بميناء سفاجا بتكلفة 46 مليون جنيه، وإنشاء رصيف بطول 60 مترًا بميناء سفاجا، وساحة ومخزن بتكلفة 112 مليون جنيه، وتطوير أرصفة ميناء نويبع بتكلفة 84 مليون جنيه. وتم خلال عام 2020 كذلك بناء وتوريد عدد 2 قاطرة بحرية (تحيا مصر 3، وتحيا مصر 4) بقوة شد 55 طن بتكلفة قدرها 514 مليون جنيه؛ وذلك لزيادة القدرة على القطر والإرشاد وخدمة السفن ذات الحمولات الكبيرة.

ميناء بورسعيد

تم الإنتهاء من إنشاء 5 كم أرصفة مختلفة الأغراض بإجمالى تكلفة حوالى 10 مليار جنيه بميناء شرق بورسعيد .ويتقدم العمل في مشروع استكمال ساحات التداول الخلفية للأرصفة وتوصيل خط السكة الحديد القنطرة / بورسعيد للميناء. ويتقدم العمل كذلك في مشروع استكمال ساحات التداول الخلفية للأرصفة وتوصيل خط السكة الحديد القنطرة / بورسعيد للميناء. وجارٍ استكمال تطوير وإنشاء الميناء من خلال إنشاء أرصفة جديدة بإجمالي أطوال 12 كم وتكلفة تقديرية 20 مليار جنيه، بالإضافة إلى تطوير الطرق والسكك الحديدية والبنية الأساسية بالميناء.

ميناء السخنة

يعد تطوير ميناء السخنة أحد أهم مشروعات تطوير الموانئ المطلة على البحر الأحمر بتكلفة 50 مليار جنيه، ليكون أكبر ميناء محوري على البحر الأحمر. وجارٍ الآن استكمال تطوير وإنشاء الميناء من خلال إنشاء أرصفة جديدة بإجمالي أطوال 12 كم وتكلفة تقديرية 20 مليار جنيه بالإضافة إلى تطوير الطرق والسكك الحديدية والبنية الأساسية بالميناء.

ويتم إنشاء 4 أحواض وأرصفة جديدة بطول 18 كيلومترًا وعمق 18 مترًا، وإنشاء ساحات تداول بمساحة 9.6 مليون متر مربع، ومناطق تجارية ولوجستية بمساحة (5.3 كم2) تخدمها شبكة من خطوط السكك الحديدية بطول (33 كم) متصلة بالقطار الكهربائي السريع السخنة/ العلمين /مرسى مطروح، لتستخدم في نقل البضائع، خصوصًا الحاويات على هذا الخط إلى كافة أنحاء الجمهورية وإلى ميناء الإسكندرية على البحر المتوسط. بالإضافة إلى شبكة من الطرق الداخلية بأطوال 17 كم رصف خرساني 6 حارة منها الطريق الشرياني، ليربط بين الأرصفة والميناء ككل، بما يسهم في عدم وجود أي تكدسات مستقبلًا داخل الميناء، وتوفير شبكات نقل متعدد الوسائط، بالإضافة إلى إنشاء حاجز أمواج بطول 1050 مترًا. وبلغت نسبة تنفيذ الحفر الجاف بالمشروع 57 %، وبلغت نسبة تنفيذ أعمال السكة الحديد 25% والأرصفة 11%، وحاجز الأمواج 90%، والطرق الداخلية 19%.. 

وينقسم مخطط استخدامات الأرصفة الجديدة بين عدة أنشطة متنوعة منها رصيف الحاويات بطول (4.458) مترًا، وساحات تداول ِ(3.793.147) مترًا مربعًا، ورصيف البضائع العامة بطول (5857) مترًا، وساحات تداول بمساحة (2.490.227) مترًا مربعًا، ورصيف دحرجة السيارات بطول (1060) مترًا، وساحات تداول بمساحة (925.743) مترًا مربعًا، ورصيف البضائع الكيماوية القابلة للاشتعال بطول (1400) متر، وساحات تداول بمساحة (632.445) مترًا مربعًا، ورصيف الفحم بطول (730) مترًا، وساحات تداول بمساحة (457.974) مترًا مربعًا، ورصيف صب سائل بطول (1180) مترًا، وساحات تداول بمساحة (430.753) مترًا مربعًا، ورصيف صب جاف+رصيف بضائع عامة بطول (1946) مترًا، وساحات تداول بمساحة (821,982) مترًا مربعًا.

ويتم العمل في كل أعمال التطوير “أحواض- طرق- سكة حديد- حاجز أمواج”، في وقت واحد؛ لسرعة الإنجاز، على أن تتم كافة الأعمال وفقًا لمعايير الجودة العالمية، ليضاهي أحدث الموانئ العالمية، وليكون أكبر ميناء محوري بالبحر الأحمر يخدم حركة التجارة بين جنوب وشرق آسيا وجنوب وغرب أوروبا وشمال أفريقيا.

مركز لوجيستي

بخلاف تطوير الموانئ المصرية، اتخذت الدولة عدة خطى أخرى موازية؛ سعيًا إلى التحول إلى مركز عالمي لوجيستي، منها (1) التوسع في إنتاج الحاويات، فقد وصلت إنتاجية ميناء الحاويات بمصر إلى 5،928،454.000 حاوية مكافئة في ديسمبر 2020. ويقدر المتوسط السنوي لإنتاج الحاويات حوالي 6،512،831.000 حاوية مكافئة من ديسمبر 2008 إلى 2020.

(2) إنشاء مناطق لوجيستية ومراكز التوزيع للبضائع مع ربطها بشكل مباشر بالميناء بشبكة متكاملة متعددة الوسائط سواء نقل برى أو سككي أو نهري لزيادة حركة التداول في الميناء، وزيادة المساحات المتاحة للخدمات التخزينية وربطها بالميناء وتوفير فرص لأنشطة القيمة المضافة. وتعد المنطقة اللوجيستية الأولى (مخطط) بمساحة 273 فدان بتكلفة تقديرية 1 مليار جنيه بحوض المتراس والمنطقة اللوجيستية الثانية (مخطط) بمساحة 11.7 فدان بنجعى أسو والألومنيوم.

(3) وجه الرئيس بتطوير الإطار القانوني والتشريعي الحالي المنظم لنشاط معامل الموانئ، بما يتواكب مع عملية التحديث الشامل للمنظومة. (4) تنفيذ مشروع النافذة الواحدة؛ بهدف تبسيط عمليات الاستيراد والتصدير من خلال توفير الآليات الرقمية التي تُمَّكن الكيانات أو الأشخاص المتعاملين في مجال التجارة الدولية من تقديم المستندات أو البيانات المرتبطة بحركة استيراد أو تصدير أو عبور البضائع مرة واحدة دون تكرار، بصرف النظر عن تعدد الجهات الحكومية المعنية.

وتم تطبيق “النافذة الواحدة” بمطار القاهرة في مارس 2019، وميناء غرب بورسعيد في مايو 2019، وميناء شرق بورسعيد في يوليو 2020، وميناء العين السخنة في يونيو 2020، وأخيرًا بدأ التشغيل التجريبي بميناء الإسكندرية في نوفمبر الماضي. وتمت تغطية ميناءي الإسكندرية ودمياط بمنظومة النافذة الواحدة بنسبة ١٠٠٪.

وتم إطلاق المنصة القومية الموحدة للتجارة عبر الحدود “نافذة”، وما يرتبط بها من نظام التسجيل المُسبق لمعلومات المشحونات (ACI)؛ لتبسيط إجراءات الإفراج الجمركي عن البضائع، وتقليص زمنها، وخفض تكلفة عملية الاستيراد والتصدير، والتيسير على مجتمع الأعمال. فقد كان الهدف الرئيس من المنظومة خلال عام 2019، يتمثل في ميكنة التطبيقات الجمركية وربط جهات العرض الرقابية لتخفيض زمن الإفراج الجمركي، إلا أن الرؤية لعام 2022 تطورت فأصبحت تستهدف تخفيض زمن الإفراج “الكلي”، وحوكمة العملية الاستيرادية لمنع دخول السلع الرديئة، ورفع معايير جودة السلع بالأسواق، فضلًا عن التحقق من توافر المعايير والمواصفات بالسلع المستوردة. 

هذا إلى جانب أن هناك عدة خدمات ما زالت تحت التطوير والتي تتضمن تتبع الشحنات، وإرسال رسالة بعلم العميل بموعد الكشف، وميكنة التظلمات، وربط التوكيلات الملاحية، وغيرها. هذا بخلاف مشروعات شبكة الطرق والكباري والسكك الحديدية التي تربط كافة ربوع الدولة بعضها ببعض.

ختامًا، الدولة المصرية نفذت وما زالت تنفذ العديد من الخطط والخطوات من أجل التحول نحو مركز تجاري عالمي، ومنصة للتصدير للأسواق العالمية والإقليمية، وتعزيز تقديم الخدمات البحرية وتموين السفن، وأيضًا الاستفادة القصوى من موقعها الجغرافي المميز بقلب العالم.

هبة زين

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى