تغير المناخ

تغير المناخ.. بين التقرير الأول والثاني من التقييم السادس للجنة الدولية المعنية بتغير المناخ

أصدرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) تقرير التقييم السادس، والذي يتضمن أكثر من مجموعة عمل من خلال سلسلة من التقارير، تهدف إلى تقييم المعلومات العلمية والتقنية والاجتماعية والاقتصادية المتعلقة بتغير المناخ. 

نشرت مجموعة العمل الأولى الجزء الأول من تقرير التقييم السادس بعنوان: الأساس العلمي لتغير المناخ “The Physical Science Basis of Climate Change”، في أغسطس من عام 2021، والذي ذكر إنه إذا جرى تخفيض الانبعاثات الكربونية إلى النصف بحلول عام 2030 لتصل إلى صافي الصفر “الحياد الكربوني” بحلول عام 2050، فيمكن إيقاف ظاهرة الاحتباس الحراري. 

وأصدرت مجموعة العمل الثانية الجزء الثاني من التقرير في مارس الماضي بعنوان: تغير المناخ 2022.. الآثار والتكيف وسرعة التأثر،”Climate Change 2022.. Impacts, Adaptation and vulnerability” ، والذي يقوم علي تقييم آثار تغير المناخ والنظر في النظم الإيكولوجية والتنوع البيولوجي والمجتمعات البشرية على المستويين العالمي والإقليمي. كما يستعرض نقاط الضعف وقدرات وحدود العالم الطبيعي والمجتمعات البشرية على التكيف مع تغير المناخ. ويعترف التقرير بالترابط بين المناخ والنظم الإيكولوجية والتنوع البيولوجي والمجتمعات البشرية، ويدمج المعرفة بشكل أقوى عبر العلوم الطبيعية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية من تقييمات الهيئة الحكومية الدولية السابقة.

التقرير السادس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ

صدر تقرير مجموعة العمل الأولى، ضمن تقرير التقييم السادس منذ تشكيل اللجنة في عام 1988. وتوصل التقرير إلى أن  درجة حرارة الأرض ارتفعت بمقدار 1.09 درجة مئوية منذ عصر ما قبل الصناعة، وأن الاحترار بمقدار 1.5 درجة سيتم بلوغه أو تجاوزه في أوائل عام 2030، وذلك في جميع سيناريوهات الانبعاثات التي تم النظر فيها – باستثناء سيناريو الانبعاثات الأعلى  والذي يمكن أن يحدث التقاطع قبل ذلك، وأن العديد من التغييرات الأخرى مثل ارتفاع مستوى سطح البحر وذوبان الأنهار الجليدية أصبحت الآن لا رجعة فيها، ووجد التقرير أيضًا أن الهروب من تغير المناخ الذي يسببه الإنسان لم يعد ممكنًا، وأن التغيرات المناخية أصبحت أكثر حدة وتأثيرًا على كل قارة ومنطقة ومحيط على الأرض، وتؤثر في كل جانب من جوانب الطقس.

نتائج التقرير الأول

جاء التقرير بمثابة استعداد لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة للمناخ (COP26)، الذي عقد لاحقًا في نوفمبر لنفس العام في مدينة جلاسكو بإسكتلندا.  حيث وجدت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن درجة حرارة سطح الأرض العالمية قد ارتفعت إلى 1.09 درجة مئوية خلال الفترة (1850 – 1900) من العقد الماضي، بزيادة قدرها 0.29 درجة مئوية أعلى مما كان التقرير السابق للهيئة والصادر في عام 2013، قد توصل إليه. 

أعطى العلماء اهتمامًا خاصًا لدور التغيرات الطبيعية المؤثرة في مناخ الأرض، لكنها وجدت أن الأنشطة البشرية هي المسؤول الأكبر عن الاحترار الراهن، وأن 1.07 ℃ من 1.09 ℃ من الاحترار الحادث ناتج عن الغازات الدفيئة المرتبطة بالأنشطة البشرية. حيث ارتفعت درجة حرارة سطح الأرض بشكل أسرع منذ عام 1970 مقارنة بأي فترة أخرى مماثلة على مدار الألفي عامًا الأخيرة على الأقل. 

وأكد التقرير أن ارتفاع درجات الحرارة وصل أيضًا إلى مياه المحيطات حتى عمق 2000 متر. كما أثرت الأنشطة البشرية أيضًا على هطول الأمطار في العالم. فمنذ عام 1950، ازداد إجمالي هطول الأمطار العالمي، وبينما أصبحت بعض المناطق أكثر رطوبة، أصبحت مناطق أخرى أكثر جفافاً، وزاد تواتر وشدة أحداث هطول الأمطار الغزيرة في معظم مناطق اليابسة، وذلك لأن الغلاف الجوي الأكثر دفئًا قادرًا على الاحتفاظ بمزيد من الرطوبة – حوالي 7٪ أكثر لكل درجة حرارة إضافية – مما يجعل المواسم الرطبة وأحداث هطول الأمطار أكثر رطوبة.

وحذر التقرير من التركيزات العالمية الحالية لثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي والسرعة التي زاد بها تركيزه منذ الثورة الصناعية، والتي أصبحت أسرع بعشر مرات على الأقل من أي وقت آخر خلال الثمانمائة ألف سنة الماضية، وأن حوالي 85٪ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ناتجة عن حرق الوقود الأحفوري، والـ 15٪ المتبقية تنتج عن تغير استخدام الأراضي مثل إزالة الغابات وتدهورها. كما زادت تركيزات الغازات الدفيئة الأخرى، مثل غاز الميثان وأكسيد النيتروز، ثاني وثالث أكبر مساهمين في الاحتباس الحراري بعد ثاني أكسيد الكربون. وحذر التقرير من تأثير كل هذه الظواهر على ذوبان الجليد وارتفاع درجات حرارة البحار وتحمض المحيطات وارتفاع مستوي سطح البحر، الأمر الذي ترك أثارًا وخيمة على الحياة البحرية. 

ماذا ورد في التقرير الثاني

صدرت نتائج مجموعة العمل الثانية في الجزء الثاني من التقرير، والذي يقوم على تقييم آثار تغير المناخ والنظر في النظم الإيكولوجية والتنوع البيولوجي والمجتمعات البشرية على المستويين العالمي والإقليمي. كما يستعرض نقاط الضعف وقدرات وحدود العالم الطبيعي والمجتمعات البشرية على التكيف مع تغير المناخ. ويعترف التقرير بالترابط بين المناخ والنظم الإيكولوجية والتنوع البيولوجي والمجتمعات البشرية، ويدمج المعرفة بشكل أقوى عبر العلوم الطبيعية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية من تقييمات الهيئة الحكومية الدولية السابقة.

يتم تقييم تأثيرات ومخاطر تغير المناخ، وكذلك التكيف ضد الاتجاهات العالمية غير المناخية التي تتكشف بشكل متزامن، مثل فقدان التنوع البيولوجي، والاستهلاك غير المستدام للموارد الطبيعية، وتدهور الأراضي والنظم الإيكولوجية، والتوسع الحضري السريع، والتحولات الديموغرافية البشرية، وعدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية والجائحة. 

ويحذر التقرير من استمرار فقدان التنوع البيولوجي بسبب الاحترار العالمي، وسيؤدي الاحترار على المدى القريب وزيادة تواتر وشدة ومدة الظواهر المتطرفة إلى تعريض العديد من النظم الإيكولوجية الأرضية، والمياه العذبة والساحلية والبحرية لمخاطر عالية من فقدان التنوع البيولوجي. وسيؤدي تغير المناخ إلى جانب العوامل غير المناخية، إلى فقدان وتدهور الكثير من غابات العالم والشعاب المرجانية والأراضي الساحلية. وستزيد تقلبات المناخ من زيادة الضغط على أنظمة إنتاج الغذاء، وتقويض الأمن الغذائي، بالإضافة إلى تأثر مصادر المياه العذبة.

وأشار التقرير إلى الترابط بين تغيرات المناخ المتباينة وتداعياتها على صحة الإنسان، وحدوث الأمراض وانتشار الأوبئة. وزيادة عدد الوفيات. وضرورة التكيف وإيجاد سبل ممكنة لمواجهة تغير المناخ والحفاظ على مستوى درجات الحرارة.

لقد آثر تغير المناخ بالفعل على كافة بقاع الأرض، حيث أظهر التقرير أنه لن تكون هناك أي منطقة بمنأى عن تأثيرات تغير المناخ، مع تكاليف بشرية واقتصادية هائلة. وستشهد منطقة جنوب إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط والأمازون وغرب الولايات المتحدة وأستراليا زيادة في حالات الجفاف والحرائق، والتي ستستمر في التأثير على سُبل العيش والزراعة وأنظمة المياه والنظم البيئية، ومن المتوقع أن تؤثر التغيرات في الثلوج والجليد وفيضانات الأنهار على البنية التحتية والنقل وإنتاج الطاقة والسياحة في أمريكا الشمالية والقطب الشمالي وأوروبا وجبال الأنديز وغيرها. ومن المرجح أيضًا أن تصبح العواصف أكثر حدة في معظم أنحاء أمريكا الشمالية وأوروبا والبحر الأبيض المتوسط.

مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة للمناخ السابع والعشرين COP27

تم الاتفاق على تولي مصر مسؤولية تنظيم مؤتمر الأطراف القادم للمناخ في شرم الشيخ خلال الفترة من7-18 نوفمبر 2022، والذي يمثل نقطة فاصلة للدول لإظهار دليل على أنها تنفذ التعهدات التي تم التعهد بها بموجب اتفاقية باريس وفي مؤتمر COP26، واعتماد المزيد من القرارات للحد بسرعة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

ويجب على الدول اتخاذ تدابير جريئة بشأن خفض الانبعاثات، وتمويل المناخ، والخسائر والأضرار، والعمل من أجل التمكين المناخي، وضمان المشاركة العامة الهادفة للوفاء بالالتزامات خاصة للدول النامية والتي تتمثل في القارة الأفريقية بشكل كبير، لذا على الدولة المصرية حُسن استغلال الفرصة لمناقشة سبل التكيف والمواجهة لدول القارة الأفريقية الأكثر تأثرًا بالتغيرات المناخية. كما يجب إيجاد الآليات اللازمة للتمويل وتحقيق التزام الدول المتقدمة بهدف 100 مليار دولار.

المصادر:

أمل اسماعيل

باحثة ببرنامج السياسات العامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى