مكافحة الإرهاب

“جبهة محمود حسين”.. بين مطرقة الإنتربول الدولي وسندان مكتب الإرشاد العالمي

استمرارًا لحالة الصراع العنيف بين قيادات جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية التي أدت إلى شق صفها التي لطالما سعت للحفاظ على وحدته منذ تأسيسها على يد حسن البنا عام 1928، شهدت الأيام القليلة الماضية تطورات مهمة على مسار الصراع بين جبهة لندن بقيادة “إبراهيم منير” وجبهة إسطنبول بقيادة “محمود حسين”، بالإضافة إلى قيام مصر بإخطار الانتربول الدولي بإدراج 6 قيادات بالنشرة الحمراء.

تحركات مصرية للإنتربول الدولي

قررت الدائرة الرابعة إرهاب بمحكمة جنايات أمن الدولية العليا المنعقدة بمجمع محاكم طرة برئاسة المستشار محمد السعيد الشربيني وعضوية المستشارين عصام أبو العلا وغريب عزت ومحمود زيدان ومحمد نبيل، إخطار الإنتربول الدولي بإدراج 6 متهمين على النشرة الحمراء وتتبعهم وضبطهم وتسليمهم إلى مصر، وذلك على خلفية تورطهم في القضية 7449 لعام 2022 في الانضمام لجماعة إرهابية وتهريب الأموال للخارج، وأشارت التحريات في القضية أن المتهمين البالغ عددهم 20 متهمًا من بينهم 7 محبوسين قاموا خلال الفترة من عام 2015 وحتى 29 مارس 2021 بتولي قيادة جماعة إرهابية والانضمام إليها مع العلم بأغراضها وحيازة مطبوعات تحريضية. 

وضمت قائمة الأسماء المدرجة بالنشرة الحمراء كل من، محمود حسين، الأمين العام السابق لتنظيم الإخوان وعضو مكتب الإرشاد الموجود حاليا في تركيا وقائد جبهة إسطنبول، ومدحت أحمد الحداد المسؤول السابق للإخوان المصريين بتركيا، وشقيق عصام الحداد، مسؤول العلاقات الخارجية بالجماعة والذي شغل منصب مساعد الرئيس للشؤون الخارجية إبان فترة حكم الإخوان، إضافة إلى كل من محمد زناتي، وعاصم محمد حسين، وأحمد ياسر، ومعاذ عبد العظيم.

الإنتربول.. ما هي نشرة المجرمين الحمراء؟ - أخبار صحيفة الرؤية

وجدير بالذكر أن النشرة الحمراء للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية “الإنتربول”، تمثل طلبًا إلى أجهزة إنفاذ القانون في جميع أنحاء العالم لتحديد مكان المجرم واعتقاله مؤقتاً في انتظار تسليمه أو اتخاذ إجراء قانوني مماثل، وتتضمن النشرة نوعين أساسيين من المعلومات اللازمة للتعرف إلى الشخص المطلوب، كالاسم، وتاريخ الولادة، والجنسية، والشعر، ولون العينين، والصور الفوتوغرافية، وبصمات الأصابع في حال توفرت، وتشمل كذلك المعلومات المتعلقة بالجريمة المرتكبة، ويتولى الإنتربول إصدار النشرة الحمراء بناء على  طلب بلد عضو وهو ما حدث في الحالة المصرية. 

مكتب الإرشاد العالمي يدخل صراع “منير” و”حسين”

وتلقت جبهة “محمود حسين” ضربة جديدة، إذ عقد مكتب الإرشاد العالمي لجماعة الإخوان عدة اجتماعات في العاصمة البريطانية لندن بحضور عدد من قيادات الصف الأول للجماعة، وتشير التقارير الصحفية إلى أن “محمود حسين” الأمين العام السابق للجماعة ومسؤول جبهة إسطنبول حاول حضور تلك الاجتماعات بصفته عضوًا بمكتب إرشاد الجماعة في مصر، إلا أن طلبه قوبل بالرفض ولن يسمح له بالمشاركة إلا بعد إعلان البيعة لـ”إبراهيم منير” بصفته القائم بأعمال المرشد والنائب عنه. 

وطلبت جبهة “إبراهيم منير” من جبهة “محمود حسين”، تسليم ملفات الجماعة وأموالها وشركاتها وكافة الكيانات التابعة، ولكن كالمعتاد رفضت جبهة “محمود حسين” هذا الطلب مؤكدة عدم شرعية “إبراهيم منير” والتأكيد على أنها الجبهة الشرعية الوحيدة الممثلة لجماعة الإخوان، ويأتي ذلك اتصالاً بما زعمته كلتا الجبهتين خلال الشهر المنصرم بوصول رسائل تأييد لهما من “محمد بديع” وعدد من قيادات الإخوان الذي يقضون العقوبة في السجون المصرية. 

جبهة “محمود حسين” ترفض

وعقب قرار مكتب الإرشاد العالمي، رفضت جبهة إسطنبول تلك الخطوة وشنت من خلال منصاتها الرقمية والإعلامية هجومًا حادًا على المكتب، وأصدرت الجبهة بقيادة “محمود حسين” بيانًا فندت فيه قرار مكتب الإرشاد والرد عليه وأكدت في بيانها أنه تم خلال الأيام الماضية تداول عددًا من الروايات حول الخلافات داخل جماعة الإخوان المسلمين، وذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، وقد سعت هذه الروايات لترويج كثير من الشائعات ونشر عدد من المعلومات المغلوطة والمبتورة من سياقها في محاولة لدعم بعض المواقف على خلاف الحقيقة، وإضفاء الشرعية على واقع متهافت لا يرتكن إلى أي مصداقية ولا يقف على أرض صلبة.

 وأضافت الجبهة أنه من الغريب على أدبيات جماعة الإخوان المسلمين أن تنتشر – في ظل المحنة التي تعيشها الجماعة خلال هذه المرحلة – كثير من خصوصياتها واجتماعاتها وقراراتها الداخلية لتظهر على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي ثم تنتشر كالنار في الهشيم على وسائل الإعلام دون أدنى مصداقية أو محاولة للتثبت أو الوصول إلى الحقيقة المجردة، ناهيك عن أن يكون ما يتم تداوله مخالفا للحقيقة في أغلبه أو منزوعًا من سياقه أو طالته يد التشويه والبهتان.

وأشارت إلى أن هذه الأعمال مخالفة بشكل كامل وصريح لأعراف ولوائح الجماعة وقيمها وأدبياتها التي تربى عليها أبناء الجماعة منذ نشأتها، بل وامتد البيان إلى وصف هذه الممارسات إلى أنها مخالفة لهدى القرآن الكريم مستعينًا بالآية الكريمة: “وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ ٱلْأَمْنِ أَوِ ٱلْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِۦ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰٓ أُوْلِى ٱلْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسْتَنۢبِطُونَهُۥ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُۥ لَٱتَّبَعْتُمُ ٱلشَّيْطَٰنَ إِلَّا قَلِيلًا” (النساء 83).

وأكدت جبهة إسطنبول بقيادة “محمود حسين” على التالي:

  • إن ما تم تداوله عن وجود قرار من المكتب العالمي يدعم موقف إبراهيم منير مخالف للحقيقة من جانب، ومجاف لصلاحيات المكتب العالمي من جانب آخر.
  • أن محاولة البعض لإضفاء صفة رسمية على بعض الجلسات التي تتم بين عدد من الأخوة غير المختصين وفي غير اجتماعات رسمية والقول بأن مثل هذه الجلسات يترتب عليها قرارات، إنما هو نوع من الخلط الواضح ومحاولة غير أمينة لفرض واقع مخالف للحقيقة
  • أن المكتب العالمي هو إطار تنسيقي ولا يخول له – وفقا للائحته – التدخل في شؤون تنظيمات الأقطار الداخلية، وأنه لا يملك صلاحية التدخل في قرار صدر عن مؤسسة شورية في أحد الأقطار، وذلك كله رغم عدم دقة وصحة ما تم تداوله عن وجود اجتماع حقيقي ورسمي وصحيح للمكتب العالمي بهذا الشأن.
  • إن تشكيل المكتب العالمي – حسب اللائحة – يضم عددا أكبر من نصف المكتب من بين أعضاء مكتب الإرشاد المصري وهو ما لم يتوفر في اللقاء المزعوم، بل لم يحضره عضو مكتب الإرشاد الوحيد خارج مصر ولا العضو البديل المعتمد.
  • أن مجلس الشورى العام للقطر المصري بالداخل والخارج هو السلطة العليا في الجماعة ولا يجوز لأحد مخالفة قراراته طالما كانت مؤسسية، وأن أي خلاف مرده إلى المؤسسات الشورية التي تضع الأمور في نصابها.
  • أن الشأن المصري الداخلي يخص مجلس الشورى العام المصري حصريا، وهو الفيصل في الرأي فيما يخصه، وقد أصدر في أزمة 2015 م قرارات نافذة للتعامل معها دون تدخل أو تحكيم خارجي.

وناشدت الجبهة في ختام بيانها الحفاظ على أمانة الكلمة والمجالس وتحري الدقة والمصداقية والتعامل مع المعلومات والحقائق بصورة مجردة، والانصراف إلى العمل الجاد والمتواصل، في وقت يتكالب فيه الجميع على دعوة الإخوان. 

ختامًا، على الرغم من أن جبهة “محمود حسين” على تكون مكتب الإرشاد العالمي لجماعة الإخوان المسلمين، من 13 عضواً، بالإضافة إلى المرشد العام، وذلك وفقاً للمادة 24 من لائحة النظام الداخلي للتنظيم، ويتشكل المجلس عن طريق انتخاب 8 أعضاء، عن خلال مجلس شورى الجماعة، من مصر؛ باعتبارها مكان إقامة المرشد، بالإضافة إلى 5 أعضاء يمثلون مناطق مختلفة حول العالم.

إلا أن التطورات الأخيرة تمثل خطوة مهمة على طريق الضغط على جبهة “محمود حسين” للانصياع لجبهة “إبراهيم منير”، كما تشير تلك التطورات إلى أن “منير” قد اقترب من حسم الصراع لصالحه في ظل انحياز مكتب الإرشاد العالمي له (وهو الأمر المتوقع) وتأييده على حساب “حسين”، نظرًا لما يمتلكه المكتب من نفوذ عالمي وأدوات مختلفة لصالح الجماعة ولا سيما على المستوى الاقتصادي الذي يمثل حجر الزاوية في نجاح أي جبهة من كلا الجبهتين في تنفيذ أهدافها وحشد الأنصار حوالها.

كذلك يعد فشل جبهة “محمود حسين” واللجنة المؤقتة لتقوم بأعمال المرشد العام التي يرأسها مصطفى طلبة وتم تشكيلها في ديسمبر الماضي وتنتهي مدتها بعد أيام قليلة وتحديدًا يوم 17 من الشهر الجاري، في إنجاز أي أعمال أو تحقيق أي من أهدفها في ظل الصراع جبهة “منير”، بالإضافة إلى المتغيرات الإقليمية، وكذا تعاني جبهة “محمود حسين” من المتغيرات الإقليمية التي تحيط بها وتحديدًا ما يخص السياسة التركية التي تسعى للتقارب مع مصر وانحسار الدعم الإقليمي المقدم للجماعة بشكل عام، وهو ما يزيد فرص “منير” من حسم الصراع لصالحه خاصة مع دعم قيادات الجماعة التاريخية له وعلى رأسهم “يوسف ندا”.

صلاح وهبة

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى