على وقع انعقاد فعاليات المعرض والمؤتمر الطبي الأفريقي الأول”ExCon 2022″، في القاهرة في الفترة ما بين 5-7 يونيو2022، باتت الفرصة سانحة لفتح آفاق التعاون المصري – الأفريقي في مجالات الصحة، خاصة مجالي التصنيع الدوائي والرعاية الصحية. فرغم وجود تعاون مصري مع أغلب الدول الأفريقية في المجال الطبي من خلال الوفود والقوافل الطبية المشاركة في أغلب الدول الأفريقية؛ سواء لنقل الخبرة الفنية المصرية أو لدعم التعاون في مكافحة الأوبئة، إلا أن هذا التعاون لم يرتقِ لحجم التطلعات والاحتياجات المصرية والأفريقية في هذا المجال.
فمن ناحية، لم تكن القارة الأفريقية عادت إلى دائرة الاهتمام المصري في الفترة السابقة على 2013، ومن ناحية أخرى لم تكن القدرات المصرية تسمح لها بالدخول في السوق الأفريقية في أي من المجالات، ناهيك عن عدم وجود رؤية تنموية تدفع في اتجاه تعزيز التعاون المصري – الأفريقي في السابق.
أولويات تنموية
تنطلق الرؤية المصرية والأفريقية للتعاون الصحي من واقع أولويات التنمية الوطنية والقارة الموضوعة مسبقًا في الخطط والاستراتيجيات، استجابة للتطلعات التنموية ومواجهات الأوضاع الصحية القاسية التي تعاني منها معظم الدول الأفريقية، ومن وحي التجربة التي تعرضت لها القارة مع أزمة ” كوفيد -19″، مع نقص الإمدادات الطبية وصعوبة الحصول على اللقاحات.
ومع تجربة النجاح المصرية التي لا تزال في طور التطور، سواء فيما يتعلق بقدرتها في إدارة الأزمة والاتجاه نحو تصنيع اللقاحات، أو فيما يتعلق بالنجاح في القضاء على فيروس ” سي”، وكذلك النموذج التنموي في مجال الصحة الذي تعمل مصر على تطبيقه، بدءًا من البنية التحتية، مرورًا بالبحث العلمي والتصنيع الدوائي، وصولًا إلى الاتجاهات الإدارية والتنظيمية والقانونية لإعادة هيكلة قطاعات الصحة المختلفة؛ فإن مصر لديها تجربة تسمح لها بتدشين التعاون الأفريقي في مجال الصحة، شأنه شأن التعاون في المجالات الاقتصادية والأمنية.
وعلى هذا النحو، فإن الدواعي التي تفرض ضرورة النهوض بالقطاع الصحي وتحسين الظروف الصحية والإنسانية، قد تنقسم إلى عاملين:
- حالة الصحة الأفريقية:
تعاني القارة الأفريقية من انتشار الأوبئة والأمراض المستوطنة بشكل يجعلها تتفوق على بقية مناطق العالم، حيث انتشار الأمراض المرتبطة بالمياه مثل الملاريا والسل وفيروس نقص المناعة البشرية الإيدز، والذي يجعل قضية الصحة في أفريقيا محل اهتمام الدول والمنظمات على السواء.
تعد القارة الأفريقية أحد أكثر مناطق العالم تفشيًا لأمراض مثل مرض نقص المناعة المكتسب “الإيدز” أو سيدا. بحيث تشتمل وحدها على 60% من جميع حالات الإصابة، بينما لا تتعدى نسبة سكانها 11% من مجموع سكان العالم. بجانب أن 90% من جميع مرضى حمى المستنقعات او الملاريا البالغ عددهم في العالم ما بين 300 و500 مليون شخص يوجدون في القارة، فضلًا عن أن القارة السمراء ما زالت تعرف أكثر نسبة وفيات بالنسبة للمرأة الحامل أو بالنسبة للرضيع في سنواته الأولى، وأن 19 من بين العشرين دولة التي لا زالت تعرف نسبة عالية من الوفيات في هذه الفئة هي دول أفريقية.
في عام 2015، توفي 1.6 مليون أفريقي بسبب الملاريا أو السل أو فيروس نقص المناعة البشرية “الإيدز”، وفي عام 2019، حدثت 94 في المائة من حالات الإصابة بالملاريا ووفياتها في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. لقاحات حمى لاسا -مرض نزفي فيروسي حاد مستوطن في ثمانية بلدان في غرب أفريقيا- في طور التطوير حاليًا.
ويضاف إلى كل هذه المشاكل الصحية أن القارة ما زالت تشهد تفشيًا للعديد من الأمراض المعدية القاتلة، وللكثير من الأمراض غير المنقولة والتي لا تقل خطورة عن الأولى. بجانب أن القارة تعاني في معظمها من أن نسبة الأشخاص الذين تتاح لهم مياه صالحة للشرب لا تتجاوز 58% وهو ما يضاعف من الأتعاب التي يواجهها القطاع الصحي في القارة، إضافة الى أمراض القلب والجهاز التنفسي والسكري وغيرها.
- ضعف الاستجابة التنموية:
على الرغم من التدخلات الإنسانية والدولية لمساندة القارة في مواجهة الأمراض والأوبئة تاريخيًا، إلا أن القارة لا تزال تعاني من الأوضاع الصحية والإنسانية الصعبة رغم جهود المنظمات الدولية والإنسانية للسيطرة على الأوباء والأمراض.
ورغم تراجع نسب انتشار الأمراض والأوبئة نسبيًا عن السابق، إلا أن الحكومات الأفريقية تكافح من أجل السيطرة على الأمراض والأوبئة المتفشية في القارة؛ ففي الكونغو الديمقراطية، عاود فيروس إيبولا الظهور من جديد بدءًا من عام 2019، على النحو الذي أجهض من قدرتها على مواجهة فيروس كورونا، رغم ما وفرته الخبرة الأفريقية في التعامل مع الأوبئة في مواجهة فيروس كورونا.
فاستجابة لوباء كورونا سعت الحكومات والمؤسسات الإقليمية بما فيها الاتحاد الأفريقي والمراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها ومصرف الاستيراد والتصدير الأفريقي ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية، إلى تعزيز الدفاعات ضدّ الفيروس، من خلال الحصول على الإمدادات الطبية وأجهزة التنفس الصناعي والتشخيص ومعدات الحماية الشخصية. ومع ذلك، واجهت محاولات الحصول على اللقاح صعوبات كبيرة؛ إذ اعتمدت القارة بشكل رئيس على المبادرات الفردية للتبرعات مثل تلك التي حصلت عليها من أوروبا والولايات المتحدة والصين، وكذلك جهود “COVAX”.
غير أن هذه المبادرة لم تفعل الكثير لتحسين وضع القارة في أفريقيا. وقد أطلق الاتحاد الأفريقي في هذا الصدد منصة Africa Medical Supplies Platform في يونيو 2020 لتوريد المعدات الطبية الحيوية المتعلقة بوباء كورونا إلى أفريقيا عبر الإنترنت. وعلى الرغم من إطلاق منظمة الصحة العالمية مبادرة مرفق الوصول العالمي للقاح لتوفير اللقاح لحوالي 20% من الأفراد في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، إلا أنها لم تسهم في تحسين أوضاع القارة، التي لم يحصل سوى 17.3% فقط من مواطنيها على تلقيح كامل حسب المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها.
خطط قارية
هناك العديد من المبادرات القارية المبكرة لوضع الخطط والاستجابات لحالة الصحة العامة والتصنيع الدوائي، للاستجابة للأمراض المتفشية:
- خطة تصنيع الأدوية لأفريقيا (PMPA):
وهي مبادرة تركزت على تصنيع الأدوية في أفريقيا عام 2012، حيث نشرت وكالة التنمية التابعة للاتحاد الأفريقي (AUDA-NEPAD) خطة تصنيع الأدوية لأفريقيا (PMPA)، والتي تقترح حلولًا تقنية للعديد من التحديات التي تواجه صناعة الأدوية.
وتتلاقى هذه الخطة مع برنامج التنسيق التنظيمي للأدوية الأفريقية (AMRH)، الذي وضعته النيباد عام 2009، والذي كانت ضمن إنجازاته حتى الآن، القانون النموذجي للاتحاد الأفريقي بشأن تنظيم المنتجات الطبية، ومنتدى الأجهزة الطبية الأفريقية، والتقدم نحو وكالة الأدوية الأفريقية وإنشاء مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها. ولتعزيز هذا البرنامج، تم إطلاق اتحاد جمعيات مصنعي المستحضرات الصيدلانية الأفريقية عام 2013، لتعزيز مهمة التنظيم والتصنيع الدوائي.
- وكالة الأدوية الأفريقية:
تم اعتماد معاهدة إنشاء وكالة الأدوية الأفريقية (AMA)في فبراير 2019 ودخلت حيز النفاذ في نوفمبر 2021؛ بهدف تعزيز قدرة الدول والحكومات على تنسيق الجهود الطبية والدوائية عبر القارة، من خلال تنسيق التشريعات والقوانين والأطر التنظيمية.
ويعد إنشاء الوكالة خطوة في اتجاه الأطر التنظيمية القارية الموضوعة لتنظيم وتعظيم التعاون في مجال تصنيع الأدوية، في قارة تعاني من تردي الوضع الصحي، في الوقت الذي تضعف فيه قدرتها على إنتاج وتصنيع الأدوية واللقاحات. وفي هذا المجال، تعد مصر واحدة من البلدان المعدودة القادرة على التصنيع والإنتاج الدوائي في القارة.
ومن المفترض أن يدعم إنشاء منطقة التجارة الحرية القارية، تعبئة الموارد المالية من المؤسسات المالية الدولية وبنوك التنمية؛ والتعاون عبر البلدان لتعزيز رأس المال البشري، من خلال استغلال وفورات الحجم، وحسن استغلال المزايا الفردية للبلدان الأفريقية. هذا إلى جانب ما تضيفه وكالة الأدوية مع منطقة التجارة من قدرة على رفع نسبة التجارة البينية في مجال الأدوية والمستلزمات الطبية.
- التصنيع الدوائي
على الرغم من فقر سوق الدواء الأفريقية بشكل عام، وانتشار الأدوية المغشوشة والمهربة، وتعرض الأفارقة لتجارب الشركات المنتجة للأدوية، إلا أن الوضع التنافسي الذي صاحب انتشار وباء كورونا كشف عن مخاطر اعتماد القارة بشكل كلي على استيراد الأدوية واللقاحات، حيث تستورد القارة حوالي 75% من وارداتها الصيدلانية من الاتحاد الأوروبي والهند والصين.
وتشير التقديرات إلى أنه بدءًا من عام 2019 تم استيراد ما بين 70 -90 % من الأدوية المستهلكة في سوق الأدوية في أفريقيا جنوب الصحراء والتي تقدر بنحو 14 مليار دولار، علاوة على أن أفريقيا تمثل حوالي 25% من الطلب العالمي على اللقاحات، بينما تنتج 1% فقط من احتياجاتها، وتستورد 99% من جرعات اللقاحات المطلوبة.
وفي ظل هذا الواقع، فإن القارة تمتلك حوالي 375 شركة تصنيع دوائي مقارنة بحوالي 5000 و10500 على التوالي في الصين والهند، ما يبرز الفجوة في أفريقيا في هذا المجال. وعلى الرغم من ضعف حالة التصنيع الدوائي في القارة، وضع الاتحاد الأفريقي والمراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، هدف إنتاج 60% من احتياجات اللقاحات في أفريقيا محليًا بحلول عام 2040.
فمع ضعف المبادرات الدولية في تلبية احتياجات القارة مثل مبادرة كوفاكس ومبادرة ماستركارد بتقديم 1.3 مليار دولار لدعم التصنيع المحلي في أفريقيا وتوزيع اللقاحات، أطلق الاتحاد الأفريقي خطة لتنمية رأس المال البشري بالتعاون مع مركز مكافحة الأمراض والأوبئة، في أبريل 2021، لإنشاء خمسة مراكز لأبحاث اللقاحات وتصنيعها في القارة على مدى السنوات العشر إلى الخمس عشرة القادمة، وزيادة حصة اللقاحات المنتجة محليًا إلى 60% كما ذكر آنفًا.
تطلعات أفريقية
على الرغم من أهمية التضامن العالمي لمواجهة الأزمات الإنسانية على النحو الذي ينعكس على الاقتصاد العالمي، إلا أن أزمة اللقاحات أثبتت الفجوة بين دول الشمال ودول الجنوب، حيث كان المفترض أن يؤدي الانتشار السريع للفيروس إلى تعزيز التعاون الدولي والإقليمي، إلا أن الدول المصنعة اتجهت إلى فرض القيود على تصدير اللقاحات؛ خشية ألا تلبي احتياجات مواطنيها.
وفي سبيل تلافي التحديات سالفة الذكر، تصاعدت الأصوات المنادية بضرورة مناقشة دور القطاع الخاص والحكومي والمنظمات الإنسانية في إيصال اللقاحات، وكذلك أهمية الشركات التي تسمح للشركات والقطاع الخاص بالدخول في السوق الأفريقية من أجل دعم التغيير الاجتماعي.
وفي هذا الصدد، كانت مصر واحدة من البلدان الأفريقية التي نادت بضرورة تعاون مؤسسات التمويل الدولية والمنظمات متعددة الأطراف لتعزيز الاستفادة القصوى من الزخم الحالي؛ بهدف تعزيز دعم بناء القدرات ونقل المعرفة والتنسيق بين القطاعات لسد فجوة التنفيذ وتسريع تنمية صناعة الأدوية في أفريقيا.
طموحات تنموية
انطلاقا من القناعة بأن الجهود الوطنية الفردية الجادة من شأنها تعزيز الأوضاع القارية في الإجمال، فإن إقامة نظم صحية قادرة على تقديم العلاج الأساسي لمواطنيها وتوفير سبل الرعاية الصحية، في نظم تعاني من ضعف الأنظمة الصحية، يعد هدفًا تنمويًا ضمن الخطط الوطنية والقارية.
فقد حث الاتحاد الأفريقي دوله الأعضاء على ضرورة تخصيص ما بين 7 و15% من ميزانياتهم للقطاع الصحي. بجانب أن هناك رغبة في حسن إدارة المساعدات المقدمة من الدول المانحة وتعزيز التعاون بين القطاعين العمومي والخاص.
واشتملت أجندة التنمية الأفريقية 2063، على الهدف المتعلق بالصحة والتغذية في القارة، والذي ينص على “بحلول 2063، سيحصل كل مواطن على خدمات الرعاية الصحية ميسورة التكلفة وذات جودة، وستكون أفريقيا قد قضت على كافة الأمراض المتنقلة والمعدية، ووضعت أنظمة من أجل خفض الأمراض غير المعدية المرتبطة بالتغيرات في اسلوب الحياة بصورة ملحوظة، وقضت تمامًا على الوفيات من جراء انتشار فيروس نقص المناعة البشرية والملاريا والسل، وسيتمتع كافة سكان أفريقيا بالصحة والتغذية الجيدة مع متوسط عمر يتجاوز 75 عامًا بحلول 2063”.
وتتماشى هذه الأهداف مع الأهداف الأممية للتنمية، وقد اتخذت مصر من أهدافها الوطنية وتجاربها التنموية بجانب الأولويات الأفريقية، مرجعًا وإطار للعمل والتعاون الأفريقي المشترك. وإيمانًا بمبدأ الحلول الأفريقية للمشكلات الأفريقية والملكية الوطنية للتنمية، رفعت مصر لواء التحدث باسم القارة في المحافل الدولية في كافة قضاياها التنموية، بما في ذلك موضوع لقاحات كورونا؛ فقد طالب الرئيس السيسي في القمة الأوروبية – الأفريقية الأخيرة بعدالة توزيع اللقاحات ونقل خبرة وتكنولوجيا التصنيع.
خبرة النموذج
انطلاقًا من نجاح التجربة المصرية في التعامل مع فيروس كورونا، وكذلك النجاح في تحقيق قدرات متقدمة في إنتاج اللقاحات والتصنيع محليًا، إضافة إلى الخبرات المتعلقة بالتصنيع الدوائي، لكون مصر واحدة من الدول الأفريقية القليلة في التصنيع الدوائي؛ فقد اختارت منظمة الصحة العالمية مصر كواحدة ضمن ستة بلدان أفريقية قادرة على الحصول على تكنولوجيا اللقاح للبدء في فتح مراكز إنتاج اللقاحات. وتتجه مصر نحو السوق الأفريقية لنقل خبرتها وتعزيز التعاون؛ إيمانا بالتعاون الأفريقي المشترك، وكذلك تعاون دول الجنوب، بوصف مصر ذات ظروف اقتصادية مشابهة للاقتصادات الأفريقية.
وفي إطار الخطط والجهود المصرية لإعادة هيكلة وحوكمة القطاع الطبي في مصر، سواء من خلال منظومة التأمين الصحي الشامل، أو الجهود البحثية والتكنولوجية في تصنيع الدواء، علاوة على تجربة النجاح في القضايا على فيروس سي في مصر، فإن هناك خبرة مصرية تساعدها في تعاونها الأفريقي. وقد أطلقت مصر مبادرة 100 مليون صحة أفريقية، لمساعدة الدول الأفريقية في التغلب على فيروس سي، وأكدت مصر عزمها على مساندة الدول الأفريقية في الحصول على اللقاحات، خلال إعلان انضمامها لوكالة الأدوية الأفريقية.
وتضاف تلك الخبرة إلى الخبرات المصرية في التعاون مع أغلب دول القارة في المجال الطبي ومواجهة الأوبئة والأمراض، فهناك تعاون تقليدي على المستوى الطبي مع أغلب دول القارة، عبر القوافل والوفود والمستشفيات المصرية في الدول الأفريقية، علاوة على المنح الطبية التي توفرها لدول أفريقيا، وجهود نقل الخبرات الفنية.
وتعد تلك الجهود إطارًا مرجعيًا يسمح لمصر بالمضي قدمًا في خطواتها إزاء القارة في المجال الطبي، حيث يعد المؤتمر الطبي الأفريقي الأول في مصر بادرة لتعزيز التعاون والحضور المصري في القارة، وسيعد منصة مصرية للتشبيك بين دول القارة والدول والشركات الكبرى في المجال، مثل منتديات الاستثمار والأمن التي تتخذها مصر منصة للانفتاح على القارة.
ولا تزال أمام مصر أشواط طويلة في ترسيخ التعاون الأفريقي في هذا المجال، انطلاقًا من حدة التنافس الإقليمي والدولي، إلا أن الدول والشركات الكبرى تسيء استغلال السوق الأفريقية غير الجاذبة للاستثمار في المجال الطبي للقيود التنظيمية وغيرها من العراقيل، بما قد يتيح مساحة للوجود المصري، بعدما تنامى الإدراك للتعاون الإقليمي، في ظل صعوبات الحصول على دعم المنظمات والدول الكبرى.
وفي الأخير، تبقى معوقات توطين الصناعة محليًا، والمرتبطة بالأوضاع الاقتصادية والبيئة التنظيمية والأطر القانونية الموضوعة، عاملًا مثبطًا للجهود القارية في جذب الشركات العالمية للعمل في السوق الأفريقية. لهذا، تبقى الإرادة السياسية في تخطي العقبات الهيكلية بهدف تحقيق واحدة من أهداف التنمية الاجتماعية والاقتصادية في القارة عاملًا جوهريًا ترتهن إليه بقية الجهود في هذا الصدد. ولعل توقيع 29 دولة أفريقية، وتصديق 22 دولة فقط على الاتفاقية المنشئة لوكالة الأدوية الأفريقية حتى أبريل 202 مؤشرًا على الإرادة السياسية للدول، ورغبتها في العمل بشكل منفرد بعيدًا عن الأطر الجماعية. ورغم ذلك فإن الفرصة باتت مهيأة لمصر للدخول إلى السوق الأفريقية، سواء عبر التعاون الثنائي، أو من خلال الأطر الجماعية التي ما زالت قيد التطور