دول المشرق العربيشرق المتوسط

هل تشعل “إنرجين باور” الصراع في مياه المتوسط؟

كانت أنظار الشعب اللبناني مشدودة إلى استحقاقات انتخابات اللجان النيابية اللبنانية، وبدء الحديث عن تكليف رئيس جديد للحكومة اللبنانية، ولكن أطل عليهم ملف البحث والتنقيب عن النفط والغاز الطبيعي من الباب الإسرائيلي ليشغل بلاد الأرز والوسط السياسي، بعدما وصلت سفينة ووحدة إنتاج الغاز الطبيعي المسال وتخزينه “إنرجين باور” ENERGEAN POWER إلى حقل كاريش المتنازع عليه، وقطعت الخط رقم ٢۹ وأصبحت على مقربة من الخط رقم ٢٣.

مما فتح باب الاحتمالات الخطيرة، ولا سيما بعد موقف حزب الله والذي سبق أن توعد السفينة ولو بطائرة مسيرة تحلق فوقها، وإعلان رئيس الجمهورية ميشال عون بعد تشاوره مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أن المفاوضات مستمرة حول الترسيم (بوساطة أمريكية)، وأن أي عمل في المنطقة المتنازع عليها يُمثل استفزازًا وعملًا عدائيًا يهدد الدولة اللبنانية.

مقدمة

إن موضوع الثروة النفطية اللبنانية قد فُتح على مصراعيه، وعلى الحكومة اللبنانية أن تعمد إلى عمل كل ما يلزم للشروع في هذه العملية المعقدة والتي تستلزم حسب الخبراء ما لا يقل عن خمسة عشر عامًا قبل أن يبدأ لبنان الاستفادة من هذه الثروة الهائلة. والحكومة مدعوة كذلك إلى اتخاذ إجراءات قانونية سريعة للحفاظ على حقوقها في هذا النفط الواقع قبالة السواحل اللبنانية؛ إذ إن موضوع الغاز اللبناني يتخطى الجانب الاقتصادي، ولا يمكن الاقتصار في حساباته على مفهوم الربح والخسارة والجدوى الاقتصادية فحسب، فالمنطقة تُمثل شبكة معقدة من المصالح الدولية والإقليمية.

ولم تمر أيام قليلة على الوصول المثير للمخاوف الضخمة لسفينة إنتاج الغاز الطبيعي “إنرجين باور” إلى حقل كاريش والمتنازع عليه بين لبنان وإسرائيل، حتى ذهب الإعلام الإسرائيلي يتحدث عما وصفه بدمج القبة الحديدية بالكامل في السفن الحربية التابعة للبحرية الإسرائيلية، وضرورة تحديث الرادارات لحماية منصات الغاز البحرية الإسرائيلية من أي هجوم، بما يعكس استنفار هواجس المواجهة المحتملة بين إسرائيل ولبنان. بسبب الحدود البحرية المتنازع عليها في مياه البحر الأبيض المتوسط، في ظل عدم انتظار الجانب الإسرائيلي للتوصل إلى اتفاق مع الجانب اللبناني، وانشغال الولايات المتحدة الأمريكية (الوسيط) بالحرب الروسية الأوكرانية.

وحذر رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، نجيب ميقاتي، الأحد الماضي، من محاولة فرض إسرائيل سياسة الأمر الواقع في منطقة بحرية متنازَع عليها مع بلاده، وفي الوقت ذاته أكد أن لبنان متمسك بحقوقه في المنطقة البحرية محل النزاع مع إسرائيل. وعبر مجموعة تغريدات، نشرها حساب مجلس الوزراء على تويتر، دعا ميقاتي الأمم المتحدة وجميع دول العالم إلى ضرورة تدارك الوضع وإلزام إسرائيل بوقف استفزازاتها، ومعتبرًا أن ما تقوم به إسرائيل أمر في منتهى الخطورة، ومن شأنه إحداث توترات لا أحد يمكنه التكهن بتداعياتها، وقال الرئيس ميشال عون إن أي نشاط في منطقة بحرية متنازَع عليها مع إسرائيل يُمثل استفزازًا وعملًا عدائيًا، مؤكدًا أن المفاوضات لترسيم الحدود البحرية الجنوبية مع إسرائيل لا تزال مستمرة.

المعوقات اللبنانية للتنقيب عن النفط والغاز

هناك العديد من المعوقات والتحديات التي تقف حائلًا أمام الجانب اللبناني في مسألة التنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية اللبنانية، لعل أهمها:

  • عدم اتفاق أركان المنظومة اللبنانية الداخلية على تقاسم المنافع والحصص الناجمة عن مردود بيع النفط والغاز الطبيعي.
  • الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة الأمريكية على شركات الحفر والتنقيب العالمية لعدم مباشرة العمل مع لبنان قبل تسوية نزاعه مع إسرائيل أولًا على ترسيم الحدود البحرية بينهما.
  • الخلاف القائم بين أركان المنظومة حول القطاعات Blocks التي يقتضي البدء بالتنقيب فيها؛ إذ إن بعضهم يريد البدء بالقطاعات الجنوبية لكونها تتمتع بالمخزون الأكبر، فيما البعض الآخر يريد البدء بالقطاعات الشمالية وذلك لتفادي الصراع لكونها بعيدة عن منشآت النفط والغاز الإسرائيلية والمحاذية للمياه الإقليمية اللبنانية في جنوب البلاد.
  • عزم إسرائيل على المباشرة في إنتاج النفط والغاز الطبيعي من حقل كاريش والذي يقع أكثر من ثلثه في المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية وذلك بعدما استحضرت سفينة الإنتاج FPSO لبدء شفط (سحب) النفط والغاز الطبيعي منه وذلك قبل نهاية عام ٢٠٢٢.
  • ارتكاب المنظومة اللبنانية خطأً فادحًا في ترسيم الحدود اللبنانية البحرية مع قبرص؛ وذلك باعتمادها الخط رقم ١ بدلًا من الخط رقم ٢۹، وتهاونت في تصحيح هذا الخطأ بامتناعها عن تعديل المرسوم ٢٠١١/٦٤٣٣ وإبلاغ الأمم المتحدة التصحيح المطلوب بالمرسوم الجديد وذلك بهدف الحفاظ على حقوق لبنان السيادية في مياهه الإقليمية.
  • عدم توافر دراسة سياسية مفصلة في المقام الأول تترافق مع دراسة اقتصادية كبيرة، وذلك لتحديد مكامن القوة لدى لبنان، ثم تحديد خيوط الصراع الكبير التي يمكن له أن يناور ضمنها، بغية الوصول إلى ما يمكن أن يقدمه ليكون جزءًا من اللعبة الكبرى ليحفظ حقوقه وثرواته، ولكي يتمكن من استغلال ثرواته الطبيعية من دون أن يشهد صراعًا عليه ويتحول إلى بقعة أزمات حادة وطويلة الأمد.

إنرجين باور تصل حقل كاريش

تفاقمت المخاوف من صدام بحري كبير على وقع وصول السفينة المتخصصة باستخراج الغاز (انرجين باور) وتمركزها في حقل كاريش إيذانا ببدء اعمال الاستخراج، وسط ٣ احتمالات  متوقعة: الأول وهو اندلاع مواجهة عسكرية جراء عملية يتولاها حزب الله كرسالة لمنع إسرائيل من الاستفراد بالساحة البحرية، وهو أمر لا يزال مستبعدًا قبل استنفاد فرص التفاوض، والثاني هو مسارعة الدول المعنية وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية إلى احتواء خطر المواجهة وتحريك مفاوضات ترسيم الحدود بما يملي توقف إسرائيل عن عمليات التنقيب والاستخراج من حقل كاريش وهو الاحتمال الأكبر، والثالث هو ضرورة التوصل إلي تحرك دبلوماسي سريع وعاجل من خلال الأمم المتحدة من خلال تحرك لبنان عبر شكوى على إسرائيل يقرنها بتقديم مستندات جديدة تتصل باعتماد الخط ٢۹ منطلقًا نهائيًا للمفاوضات.

وسيكون احتمال تحريك المفاوضات عبر الوساطة الأمريكية هو محور الجهود الدبلوماسية في الأيام المقبلة. والجدير بالذكر إن معطيات سابقة لوصول السفينة “إنرجين باور” إلى حقل كاريش كانت تتوقع حركة قريبة في شأنها إعادة تحريك وساطة هوكشتاين في وقت قريب.

إسرائيل وسياسة فرض الأمر الواقع

وسط العديد من المخاوف والقلق الكبير الذي يتعلق بالشأن الداخلي اللبناني والذي يتركز بشكل أساسي على مخاطر الانهيار الاجتماعي وذلك كنتيجة طبيعية لحالة الانهيار الاقتصادي والنقدي الذي يضرب لبنان، تحاول إسرائيل استغلال الوضع السياسي والاقتصادي المتأزم في لبنان، وتحاول فرض الأمر الواقع من خلال استخراج الثروة اللبنانية في ظروف إقليمية ودولية مهتمة بقضايا ساخنة وحساسة جدًا، مستغلة وضع لبنان الداخلي غير المستقر، وهناك أمور لم تُستكمل داخل مجلس النواب، وغيرها من المشاكل الداخلية في لبنان.

وتحاول إسرائيل كذلك الاستفادة من انشغال الولايات المتحدة الأمريكية بالحرب الروسية الأوكرانية وقضايا النفط والطاقة، فضلًا عن الأزمات الداخلية، وأيضًا نتيجة تأخير أعمال البحث والتنقيب من الجهة اللبنانية في المناطق المتنازع عليها، حيث لا يحق لأي طرف أن يبدأ التنقيب، والاستفادة من انشغال الجانب اللبناني بأزماته الداخلية وغياب الوسيط الأمريكي وعدم اتفاق اللبنانيين على بدء أعمال التنقيب، بالإضافة إلي حالة الفتور الشديدة ومع غياب الحماس لدى الشركات الأجنبية للتنقيب في أماكن متنازع عليها، وفي حين تستطيع إسرائيل فعل ذلك عبر شركاتها الخاصة، وهي بالطبع تستفيد من الحماية الأمريكية، ولن تتعرض لأي ضغط أمريكي أو أوروبي.

الموقف اللبناني 

بعد الأنباء التي وردت عن دخول سفينة وحدة إنتاج الغاز الطبيعي المسال وتخزينه المنطقة المتنازع عليها في الحدود البحرية الجنوبية، أجرى رئيس الجمهورية ميشال عون اتصالات مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وعدد من المعنيين للبحث في هذه التطورات، وطلب من قيادة الجيش تزويده بالمعطيات الدقيقة والرسمية ليبني على الشيء مقتضاه، لافتًا إلى أن مفاوضات ترسيم الحدود البحرية لا تزال مستمرة، وبالتالي فإن أي عمل أو نشاط في المنطقة المتنازع عليها يشكل استفزازًا وعملًا عدائيًا.

وأودع لبنان لدى الأمم المتحدة منذ أسابيع قليلة رسالة يؤكد فيها تمسكه بحقوقه وثرواته البحرية، وأن حقل كاريش الذي استولت عليه إسرائيل يقع ضمن المنطقة المتنازع عليها، وجرى تعميمها في حينه على كل أعضاء مجلس الأمن الدولي كوثيقة من وثائق المجلس.

وطلب لبنان أيضًا من مجلس الأمن عدم قيام إسرائيل بأي أعمال بحث وتنقيب في المناطق المتنازع عليها؛ تجنبًا لخطوات قد تُمثل تهديدًا حقيقيًا للسلم والأمن الدوليين، وأكدت الرسالة أن الجانب اللبناني ما زال يعول على نجاح مساعي الوساطة التي تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية (والوسيط الأمريكي آموس هوكشتاين)، من أجل التوصل إلى حل تفاوضي لمسألة الحدود البحرية برعاية الأمم المتحدة.

أما موقف حزب الله غير المباشر فجاء على لسان هاشم صفي الدين رئيس المجلس التنفيذي في الحزب والذي أكد أن لبنان يمتلك القدرة والفعالية في استخراج غازه ونفطه، وأن يكون مستقلًا عن كل وسائل الضغط الذي يخاف منها بعض اللبنانيين في الداخل، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية هي السبب الرئيس في منع الدولة اللبنانية من استخراج ثروتها النفطية.

وأكد أن المطلوب من الدولة بشكل رسمي وواضح أن تعلن الحدود وقناعتها بالحدود وما هي الحدود وما هي المناطق المتنازع عليها، ليجتمع عندها اللبنانيون بمقاومتهم وجيشهم وشعبهم وعزمهم ويأخذوا حقوقهم من قلب البحر وعمقه، حتى إن أرادت الولايات المتحدة الأمريكية أو لم ترد.

فيما قالت هيئة الإذاعة الإسرائيلية إن سلاح البحرية في الجيش الإسرائيلي يستعد لاحتمالية تعرض منصة الغاز كاريش عند حدود لبنان البحرية لهجوم، مشيرة إلى أن القوات البحرية الإسرائيلية ستقوم بتأمين المنصة العائمة بواسطة القطع البحرية والغواصات، وستقوم بنقل النسخة البحرية من القبة الحديدية إلى الحدود البحرية مع لبنان.

عدم تعامل الجانب اللبناني بجدية في ملف النفط والغاز الطبيعي

بناء على اقتراح قُدّم من وليد فياض وزير الطاقة، وفي الجلسة الأخيرة للحكومة قبل أن تدخل مرحلة تصريف الأعمال، أقرت الحكومة تمديد مهلة تنفيذ عقد البحث والاستكشاف لمدة ثلاثة أعوام في القطاع رقم ۹، ولتنتهي في مايو من عام ٢٠٢٥، ولمدة عام واحد في القطاع رقم ٤ ولتنتهي في أكتوبر من عام ٢٠٢٣، وهو التمديد الثاني لشركة توتال الفرنسية.

عندما أُقر هذا الاقتراح كانت الأنظار منصبة على الخلفية السياسية له، وذلك نتيجة الموقف الفرنسي ومحاولة الحكومة إرضاء الرئيس الفرنسي ماكرون بالقبول بالتمديد، رغم أن توتال، سبق أن أوقفت الحفر في القطاع رقم ٤ بعدما انتشرت أخبار عن خلوه من الغاز الطبيعي، ومن هنا طلبت تأجيل الحفر في القطاع رقم ۹ مستندة بقرار بيروت تمديد كل العقود بسبب جائحة كورونا.

وسط انتشار العديد من علامات الاستفهام التي رسمت حول هذا التأجيل المتكرر وبالأخص تزامنه مع بدء المفاوضات للوسيط الأمريكي آموس هوكشتاين (قبل حوالي ٤ أشهر)، والنقاش الداخلي حول الخط رقم ٢۹، والذي وافقت عليه السلطات اللبنانية بعد تحديده من الجيش اللبناني ومن ثم تراجعت عنه لتتمسك بالخط رقم ٢٣ كحدود لمنطقتها الاقتصادية الخالصة. وبصفة فإن التمديد في هذه المرحلة لم يُفهم في الوسط السياسي إلا أنه استجابة للضغوط الفرنسية والأمريكية، وضرورة التريث في الحفر والتنقيب ريثما تُحل مشكلة ترسيم الحدود بين الجانبين، وذلك وفق مقترحات آموس هوكشتاين.

ووسط تلك الصراعات الداخلية، كان الجانب الإسرائيلي يعد العدة للحفر والتنقيب في حقل كاريش والذي يقع في المنطقة البحرية المتنازع عليها، وفي شهر مارس الماضي، حذر بسام ياسين رئيس الوفد العسكري المفاوض سابقًا، من أن سفينة الحفر Stena IceMAX، والتي تعمل لصالح شركة هاليبرتون الأمريكية التي تعاقدت معها شركة إنرجين اليونانية وصلت إلى الحقل المتنازع عليه وستبدأ بحفر أول بئر من أصل ٣ إلى ٥ آبار تم الاتفاق عليها بين الشركتين؛ وذلك بهدف تطوير حقل كاريش من الجهة الشمالية، وكذلك لاستكمال عمليات الاستكشاف عن النفط والغاز الطبيعي في المنطقة الحدودية الواعدة بالثروات البترولية.

ومؤخرًا، حذر الجيش اللبناني كثيرًا من أن سفينة السحب (إنرجين باور) ستصل إلى الحقل المذكور لسحب الغاز من الآبار التي حفرتها السفينة Stena IceMAX، ولكن عمليًا إن الخلاف السياسي المستحكم بين وجهات نظر متعددة حول مقاربة ملف النفط والغاز الطبيعي قد أسهم وبقوة في عدم التعامل مع تلك البيانات بجدية، وسط آراء متضاربة حوله.

لبنان في انتظار جواب هوكشتاين

ينتظر لبنان رسميًا وصول جواب هوكشتاين على الرد اللبناني حول الخط النهائي الذي سيعتمده، ومن الواضح إنه سينتظر طويلًا، فيما تحدث الأمريكيون عن صورة معاكسة ومختلفة بأنهم ينتظرون الجواب اللبناني الرسمي على مقترحات وسيطهم آموس هوكشتاين. والجدير بالذكر أن بعض الأخبار اللبنانية الجديدة تحدثت عن أن بيروت ورغم عدم تمسكها بنهائية الخط رقم ٢۹ إلا أنها لا تزال تعد المنطقة الواقعة بينه وبين الخط رقم ٢٣ متنازَعًا عليها، وذلك يعني بأن تل أبيب لا يحق لها الحفر والتصرف بالغاز الطبيعي فيها.

وفي مارس الماضي، سلمت دوروثي شيا السفيرة الأمريكية رسالة آموس هوكشتاين إلى كبار المسؤولين اللبنانيين والتي تضمنت عرضًا خطيًا للطرح الذي كان الوسيط الأمريكي قدمه شفويًا فيما يتعلق بالترسيم البحري وذلك في محطته الأخيرة في بيروت في فبراير الماضي.

وذُكر وقتها أن الرسالة انطوت على رسم بياني للخط الذي اقترحه هوكشتاين ولحقل قانا انطلاقًا من التسوية التي عمل عليها تحت البحر (الخط رقم ٢٣) انطلاقًا من انحناءات أو تعرجات توزع حقولًا بعضها معروف (مثل قانا للبنان ولو غير مكتشف) وبعضها الآخر مخفي (لإسرائيل)، ويُذكر أن المرحلة التي فصلت بين زيارة الوسيط الأميركي وتقديمه العرض الخطي تخللها لقاء سري عُقد في ألمانيا بينه وبين جبران باسيل رئيس التيار الوطني. 

احتمالات أزمة الغاز الطبيعي

جميع الاحتمالات واردة، ومن الممكن أن تتوقف المفاوضات، أو أن يلجأ الجانب اللبناني لعمليات التنقيب والحفر أيضًا، ومن الممكن أيضًا أن تزداد نبرات التصعيد والتهديدات المتبادلة، ولكن لن يؤدي الأمر لأي مواجهة عسكرية كبيرة أو انفجار، بل سيزيد من تعقيدات الأوضاع الداخلية في الدولة اللبنانية، لأنه ليس هناك إجماع لبناني على التعامل مع هذا الملف.

وفي نفس الوقت، لا يسعى الجانب الإسرائيلي إلى تفجير الأوضاع في هذه المرحلة، لأن الأوضاع الداخلية في فلسطين صعبة بالنسبة للجانب الإسرائيلي، وكذلك الأزمات السياسية الداخلية لتل أبيب، والمشغولة بالأبعاد الإقليمية حول المفاوضات النووية الإيرانية، وقد يكون الوضع أمام أزمة سياسية حادة وتصعيد في لهجة التفاوض وطلب الأطراف ضرورة مجيء آموس هوكشتاين الوسيط الأمريكي. 

مجمل القول، لبنان أصبح أمام مفترق خطر في كيفية التعامل مع الملف الحيوي والذي يتعلق بثرواته البحرية، وسنرى كيف سيكون عليه موقف الدول الفاعلة، كالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، إزاء أي تطورات إسرائيلية محتملة والذي يراها لبنان عملًا عدائيًا. وأدرك الشعب اللبناني جيدًا بأن الاهتمام العالمي الكبير بثروات الدولة اللبنانية ليس وليد اليوم واللحظة، وفي الأخير تتكثف الأحداث لتؤشر إلى أن منطقة البحر الأبيض المتوسط ستشهد مرحلة جديدة من مراحل تجميع الأوراق، مما قد يفتح المنطقة على سيناريوهات خطرة أو متفجرة.

د. أحمد سلطان

دكتور مهندس متخصص في شؤون النفط والطاقة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى