أسواق وقضايا الطاقة

“صناعة البتروكيماويات”.. إلى أين وصلت مصر في هذا الملف الاستراتيجي؟

عملت مصر على تنمية واستغلال ما لديها من ثروات وموارد طبيعية، وسعت للتحول من بلد يكافح لتدبير نفقات استيراد الغاز الطبيعي إلى بلد مُصدر بل وربما لاعب أساسي مؤثر في سوق الغاز العالمي، ونفذت خطوات لتصبح مركزًا لإنتاج وتداول الغاز الطبيعي في المنطقة وعضوًا أساسيًّا في سوق الغاز الطبيعي العالمي، ومكنت العوامل والثروات الطبيعية مصر من المضي قدمًا في خطتها للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة، وبصفة خاصة صناعة البتروكيماويات التي أولتها مصر اهتمامًا خاصًا؛ لأنها تشكل المستقبل في تحقيق الاكتفاء الذاتي من صناعات تكميلية مهمة، تدفع عجلة الإنتاج وتُحسن من وتيرة الاقصاد محليًا وخارجيًا.

مقدمة

من الممكن أن نرجع تاريخ بدء استخدام البتروكيماويات إلى عصر مصر القديمة، فالمواد التي نعرفها اليوم باسم الإيثيلين والبولي إيثيلين أُنتجت من قِبل المصريين القدماء عن طريق استعمال الغاز ونبات التين، كما تم العثور على البيتومين (الأسفلت) كأحد المواد المستخدمة في بناء الأهرامات وفي عمليات التحنيط، وهذه المواد الثلاثة تُمثل أساس الصناعات البتروكيماوية اليوم، ولكن البتروكيماويات كصناعة تُعد غربية أمريكية المنشأ ويُعد النموذج القديم في عمليات تسويق النفط، يعتمد على شحن النفط الخام إلى مراكز التكرير في الغرب (الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا)، ومن ثم يتم إرجاع المنتجات إلى الأسواق النامية بما فيها تلك المنتجة للنفط؛ وبكل تأكيد كان هذا يتم بالارتكاز على التفوق التكنولوجي العالي للدول الغربية مع احتكار نسبي للتكنولوجيا في حقوق الاختراع باهظة التكاليف للدول النامية.

وتُعد صناعة البتروكيماويات من الصناعات الحديثة إذا ما قورنت بغيرها من الصناعات التقليدية، حيث لم تظهر أهميتها بشكل واضح وقوي إلا بعد الحرب العالمية الثانية وذلك بعد البدء في استخراج وتصنيع النفط بشكل كبير وواسع، الذي صارت صناعة الكيماويات العضوية تستخدمه كمادة خام بدلًا من خامات الفحم التي كانت تُستخدم من قبل وهو الأمر الذي أفرز اليوم صناعة البتروكيماويات، ورغم ذلك فإن صناعة البتروكيماويات تُعد من أكثر الصناعات نموًا وتطورًا على المستوى العالمي في الوقت الحالي، ويُستدل على ذلك من خلال المعدلات الكبيرة التي تنمو بها هذه الصناعة على المستوى العالمي، ولذلك فهي من القطاعات التي يعول عليها لقيادة عمليات التنمية والنمو الاقتصادي لما تتمتع به من نمو سريع وتنوع في منتجاتها، وتُساهم بقوة في تنويع مصادر الدخل في البلدان المنتجة للنفط التي تحتل فيها صادرات النفط الخام والغاز الطبيعي مكانة الصدارة، وتلعب صناعة البتروكيماويات كذلك دورًا مهمًا وحيويًا في تحسين فرص الاستفادة من الثروات الهيدروكربونية (النفط والغاز)، وذلك من خلال زيادة القيمة المضافة المحققة من برميل النفط الخام عندما يتم تصنيعه كمواد بتروكيماوية بدلًا من تصديره كنفط خام.

وبصفة عامة فإن النفط الخام سلعة عديمة القيمة دون تكريرها، ولكن يتم اشتقاق منتجات نفطية صالحة للاستخدام في الأجهزة والمعدات المستخدمة في حياتنا اليومية، ووفقًا لعمليات الاستغلال التي تبدأ من الحرق للحصول على الطاقة أو عمليات التحويل لسلع أخرى مثل البلاستيك والأسمدة فإن كل منتج نفطي يلبي الحاجة وفقًا لتقنية استخدام معينة.

مدخل

تنهض الدول بتعافي اقتصادها وازدهار الصناعات الحديثة في قطاعاتها المختلفة وتنوع إنتاجها المحلي، الذي يُمثل المكون الرئيس في قوة الاقتصاد القومي، وبدوره المطور الأول في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتُمثل صناعة البتروكيماويات في مصر إحدى الصناعات العصرية لما لها من ارتباط وثيق بالصناعات التكميلية، ففي أربعينيات القرن الماضي خطت الدولة المصرية خطواتها الأولى نحو صناعة البتروكيماويات، ولامست على استحياء هذا المجال الثري بالقيمة المضافة وذلك بالتأسيس له في محافظة السويس، وتوالت الخطوات نحو ما يزيد عن ثلثي قرن من الزمان، حتى أصبحت تُمثل حجر الزاوية في الدولة المصرية فهي تُمثل واحدة من أهم أنشطة قطاع الطاقة المصري، والتي يعول عليها لتحقيق قيمة مضافة، مستفيدة في ذلك من توافر الغاز الطبيعي بكميات هائلة، وذلك ضمن استراتيجية تحول مصر لمركز إقليمي لتجارة وتداول النفط والغاز في المنطقة.

أولت الدولة المصرية اهتمامًا كبيرًا بهذه الصناعة الاستراتيجية، باعتبارها من أهم الصناعات الاستراتيجية التي تٌبنى عليها العديد من الصناعات التكميلية بالقطاعات الأخرى بالدولة، وكان للدولة المصرية رؤية واضحة وقوية في إدارة هذا الملف الاستراتيجي، لما له تأثير مباشر على دعم الاقتصاد المصري، وخطوة نحو الوصول إلى الاكتفاء الذاتي من المنتجات البترولية، وذلك بهدف تلبية الاحتياجات المتزايدة منها في المجالات المختلفة، بالإضافة إلى تأثيرها المباشر على دعم الاقتصاد القومي، وذلك لتمتعها بمردود وعائد اقتصادي عالٍ وزيادة القيمة المضافة منها، حيث تُستخدم في إنتاج العديد من المنتجات المهمة. 

صناعة البتروكيماويات ومراحل الازدهار المختلفة

شهدت صناعة البتروكيماويات في مصر تطورًا ملحوظًا وبشكل تدريجي، وذلك منذ أواخر أربعينيات القرن الماضي وحتى مطلع القرن الحادي والعشرين، من خلال ثلاث مراحل رئيسية:

المرحلة الأولى التي تُمثل نقطة الانطلاق وكانت من محافظة السويس، ثم منتصف السبعينيات إقامة مصنعين لليوريا بطلخا والإسكندرية، والثمانينيات تم إنشاء مجمع البتروكيماويات، وحدة لإنتاج الألكيل بنزين الخطى بشركة العامرية لتكرير البترول بالإسكندرية، ثم انكماش، لحقه نشاط في فترة التسعينيات بإنشاء شركة سيدي كرير للبتروكيماويات الاستثمارية بالمشاركة مع قطاع البترول، ثم شركة الشرقيون للبتروكيماويات (قطاع خاص).

المرحلة الثانية وذلك في مطلع عام ٢٠٠٠، وتم وضع الخطة القومية لصناعة البتروكيماويات في الدولة المصرية، واستهدفت ١٤ مجمعًا عملاقًا، و٢٤ مشروعًا، و٥٠ وحدة إنتاجية، باستثمارات حوالي ٢٠ مليار دولار على مدى ٢٠ عامًا.

المرحلة الثالثة التي تعد مرحلة النمو والانطلاق الحقيقي بسبب الاكتشافات البترولية والغازية التجارية العملاقة، والتي تمثل ركيزة أساسية في صناعة البتروكيماويات، وذلك بداية من عام ٢٠١٤.

التحديات التي تواجه صناعة البتروكيماويات عالميًا

تواجه صناعة البتروكيماويات العديد من التحديات في هذه الفترة والتي من الممكن حصرها في النقاط التالية:

– ندرة المواد الأولية: تُعتبر منطقتا أمريكا الشمالية والشرق الأوسط المصدرين الرئيسيين للمواد الأولية المستخدمة في هذه الصناعة، لكن يوجد احتمالية أن تكون الإمكانات الاستثمارية محدودة خلال السنوات الخمسة القادمة، كما أنه من المتوقع أن ينخفض توافر المواد الأولية في أمريكا الشمالية خلال السنوات العشر القادمة، وهو ما سيؤثر سلبًا على الصناعة ككل وذلك بسبب الاهتمام العالمي المتنامي بضرورة التحول إلى الطاقة البديلة والنظيفة.

– تقلب أسعار النفط: حيث إن أسعار النفط الخام الذي يتم تكريره لإنتاج البنزين والإيثيلين والبروبيلين وغيرها من البتروكيماويات تشهد تقلّبًا دائمًا بسبب الصراعات السياسية أو الأوبئة، فقد ارتفعت منذ عام ٢٠٠٥ إلى عام 2008 ووصلت إلى حوالي ١٣٨ دولارًا للبرميل، إلا أن الأسعار انخفضت في عام ٢٠١٤ لتصل من ١٠٨ دولارًا للبرميل إلى أقل من ٣٤ دولارًا للبرميل عام ٢٠١٥، وعاد السعر للانخفاض الشديد في بداية جائحة كورونا والإغلاقات العالمية بسبب تبعات الجائحة على الاقتصاد العالمي، وفي بداية عام ٢٠٢٢ وبسبب العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا ارتفعت الأسعار وتخطت حاجز ١٠٠ دولارًا للبرميل، وبصفة عامة  يتأثر سوق البتروكيماويات كثيرًا بسبب تلك التقلبات الحادة في الأسعار، مما يؤدي إلى عدم اليقين وفقدان الثقة لدى المستثمرين الجدد.

– تهميش بعض الصناعات البتروكيماوية: وذلك لانخفاض أرباحها خلال السنوات الماضية تم تقليص الكميات المنتجة من بعض المنتجات البتروكيماوية بشكل ملحوظ، وبالتحديد تلك التي تعتمد على مركبات عطرية يرجع ذلك إلى أن شركات البتروكيماويات على مستوى العالم تعاني من تقلص هوامش الربح، بسبب ارتفاع تكلفة المواد الخام إلى جانب انخفاض سعر المنتجات وذلك منذ عام ٢٠١٦.

استراتيجية صناعة البتروكيماويات المصرية

بدأت مصر تنفيذ استراتيجية صناعة البتروكيماويات الوطنية حتى عام ٢٠٤٠، من خلال وزارة البترول والثروة المعدنية وذلك بالتعاون مع الشركة القابضة للبتروكيماويات، وتستهدف الاستراتيجية تعظيم القيمة المضافة من الثروات الطبيعية، وبالأخص الغاز الطبيعي، الذي وضع الدولة المصرية في مصاف الدول المنتجة والمصدرة للغاز الطبيعي، بسبب الاكتشافات الجديدة التي أحدثت طفرة غير مسبوقة بالقطاع وفي صناعة الغاز الطبيعي على مدار أربع سنوات، ويُعد أهم هذه الاكتشافات وأكثرها أهمية هو حقل ظهر، وما له من دلالات إيجابية كبيرة في تحقيق مصر الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي، وفائض كبير للتصدير، وبالإضافة إلى تأهيل الدولة المصرية إلى أن تكون مركزًا إقليميًا لصناعة البتروكيماويات وذلك بحلول ٢٠٢٤، وفقًا للمؤشرات الاستثمارية للقطاع، وأدت الزيادة الهائلة في معدلات إنتاج الغاز الطبيعي لارتفاع كبير في حجم الإنتاج للمنتجات البتروكيماوية بمعدلات أكثر من حوالي ٤ ملايين طن في العام، وبمعدلات ارتفاع أكثر من ٥٠٪ مقارنة بحجم إنتاج السنوات الماضية.

مشروعات البتروكيماويات ومرحلة النمو

بلغ إنتاج قطاع البتروكيماويات في مصر حوالي ٤ ملايين طن خلال العام المالي ٢٠٢٠/ ٢٠٢١، محقق نمو في الإيرادات بنسبة أكثر من ٥٠٪ على أساس سنوي، وتنفذ الدولة المصرية حاليًا العديد من المشروعات الاستراتيجية في قطاع البتروكيماويات، والتي تهدف إلى تعزيز رغبة الدولة في أن تصبح مركزا إقليميًا لتجارة النفط والغاز، في ظل موقعها الاستراتيجي المتميز في المنطقة، وشرعت وزارة البترول والثروة المعدنية في تنفيذ عدد من مشروعات البتروكيماويات على نطاق محافظات الدولة المصرية، وعكست مساعي الدولة لتحقيق التنمية الشاملة للمناطق التي تقام لها، من خدمات مجتمعية وتوفير فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، ويبلغ حجم الاستثمارات الخاصة بتلك المشروعات نحو أكثر من ١٨ مليار دولار.

هذا وخلال الفترة من عام ٢٠١٤/٢٠١٥ وحتى الآن فقد تم تشغيل أكبر مشروعين في مجال صناعة البتروكيماويات بإجمالي حجم استثمارات أكثر من ٤ مليارات دولار، حيث افتتحهما الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية في عام ٢٠١٦

  • مشروع توسعات شرق موبكو (دمياط)

افتتح المشروع في مايو عام ٢٠١٦، حيث يهدف المشروع إلى إنتاج اليوريا والأمونيا وذلك لتغطية احتياجات السوق المحلي وتبلغ الطاقة الإنتاجية للمشروع حوالي ١٬٣۸ مليون طن سنويًا، وذلك بتكلفة استثمارية حوالي ١٬۹٦ مليار دولار.

  • مشروع إنتاج الإيثلين ومشتقاته (الإسكندرية)

أفتتح المشروع في أغسطس عام ٢٠١٦، بطاقة إنتاجية حوالي ٤٦٠ ألف طن سنويًا من الإيثيلين الذي يُستخدم في إنتاج حوالي ٤٠٠ ألف طن سنويًا من البولي إيثلين منخفض وعالي الكثافة، بالإضافة إلى حوالي أكثر من ٢٠ ألف طن سنويًا بيوتاديين التي تتميز باعتماد العديد من الصناعات الصغيرة والمتوسطة عليها، مثل صناعات مواد التشييد والبناء وخطوط المواسير والتعبئة والتغليف البلاستيكية، والعديد من الصناعات المتنوعة، وبلغت التكلفة الاستثمارية للمشروع حوالي ١٬۹٣ مليار دولار.   

وتم إنشاء محطة كهرباء بشركة إيثيدكو (المرحلة الأولى والثانية) لتوليد الطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيل مجمع الإيثيلين ومشتقاته، والتي تشمل المرحلة الأولى إنشاء عدد ٣ توربينات بقدرة حوالي ١٠٠ ميجاوات، وتشمل المرحلة الثانية إنشاء محطة محولات للربط على الشبكة القومية للكهرباء لتصدير الفائض أو لتغطية العجز في حالة توقف التوربينات، حيث تبلغ إجمالي تكلفة المرحلتين حوالي ١٥٠ مليون دولار، وقد تم الانتهاء من تشغيل المشروع في مارس عام ٢٠١۹.

واستكمالًا لاستراتيجية قطاع البترول والثروة المعدنية للنهوض بصناعة البتروكيماويات وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، تقوم مصر حاليًا بتنمية عدد من المشروعات الجديدة والواعدة والتي تهدف إلى تعظيم القيمة المضافة والتي سيكون لها العديد من الإيجابيات والمردود القوي على الاقتصاد القومي، جاري تنفيذ عدد من المشروعات البتروكيماوية وبإجمالي تكلفة حوالي أكثر من ۸ مليار دولار ومنها:

  • مشروع إنشاء الألواح الخشبية متوسطة الكثافة والغراء (MDF) شركة تكنولوجيا الأخشاب، ويهدف إلى إنتاج حوالي ٢٠٥ آلاف متر مكعب سنويًا من الألواح الخشبية متوسطة الكثافة اعتمادًا على حوالي ٢٤٥ ألف طن سنويًا من قش الأرز المصري كمادة خام بإجمالي حجم استثمارات حوالي ٢١٧ مليون يورو.
  • مشروع إنتاج مشتقات الميثانول (شركة السويس لمشتقات الميثانول)، ويهدف إلى إنتاج حوالي ۸٧ ألف طن سنويًا من اليوريا فورمالدهيد وحوالي ٥٣ ألف طن سنويًا من مادة النفثالين فورمالدهيد المسلفن SNF اعتمادًا على منتجي الميثانول واليوريا المنتجين بشركتي ايميثانكس وموبكو، بإجمالي حجم استثمارات حوالي ١١۹ مليون دولار، ومن المقرر الانتهاء منه في الربع الأخير من عام ٢٠٢٢.
  • مشروع مجمع البحر الأحمر للبتروكيماويات بالمنطقة الاقتصادية بقناة السويس، الذي يهدف إلى إنشاء مجمع للبتروكيماويات بالمنطقة الاقتصادية بمحور قناة السويس، وذلك في إطار خطة الدولة المصرية لتنمية المنطقة الاقتصادية وبهدف المساهمة في تلبية احتياجات السوق المحلي من المنتجات البترولية والبتروكيماوية والعمل على تصدير الفائض، حيث تبلغ طاقة المشروع حوالى ٤ مليون طن من الزيت الخام المستورد وذلك لإنتاج حوالي ٢٬٧ مليون طن سنويًا من المنتجات البتروكيماوية وحوالي ١٬٢ مليون طن سنويًا من المنتجات البترولية بإجمالي حجم استثمارات حوالي أكثر من ٧٬٥ مليار دولار، هذا وقد تم وضع حجر أساس المشروع في يونيو عام ٢٠٢١، حيث يُعد أول مجمع صناعي للمواد البترولية والكيماوية في المنطقة الاقتصادية، والذي من المقرر افتتاحه بحلول عام ٢٠٢٤.
  • إنشاء وحدة جديدة بشركة إيثيدكو باستثمارات تتعدى أكثر من ٥٠ مليون دولار وذلك لتصنيع وإنتاج أكثر من ٦٠ ألف طن سنويًا من مادة البولي إيثيلين الملون عالٍ ومتوسط الكثافة، والمستخدم في صناعة شبكات مواسير الغاز والمياه والضغط العالي وشبكات الصرف الصحي والصناعي وفي مشروعات البنية الأساسية والبناء ضمن المشروعات القومية الكبرى التي تنفذها الدولة المصرية، فضلًا عن استخدامها في تحلية مياه البحر، مما يقلل من استيراد مثل هذه النوعية من المواسير.
  • توقيع اتفاقية المساهمين لتأسيس شركة مصر للميثانول والبتروكيماويات، وذلك لإنتاج الميثانول والأمونيا والبتروكيماويات وغيرها بين شركة أبو قير للأسمدة والصناعات الكيماوية وشركة حلوان للأسمدة وشركة الأهلي كابيتال القابضة، والذي يهدف إلى سد احتياجات السوق المحلي من الميثانول ومشتقاته وتصدير الفائض للخارج، حيث تبلغ التكلفة الاستثمارية للمرحلة الأولى حوالي أكثر من ١٬٦ مليار دولار وبطاقة إنتاجية تقدر بمليون طن ميثانول وحوالي ٤٠٠ ألف طن أمونيا سنويًا، ومن المخطط إقامة المشروع بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس بالعين السخنة مما يمنح المشروع أفضلية تنافسية، نظرًا للميزات الاقتصادية العديدة التي تمنحها الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس لتشجيع وجذب الاستثمارات الأجنبية.

ووفقًا للخطة القومية للبتروكيماويات ٢٠٣٥، تدرس وزارة البترول والثروة المعدنية، إقامة مشروع الصودا آش بإجمالي حجم استثمارات حوالي ٤٢٠ مليون دولار، ومشروع إنتاج السيليكون المعدني ومشتقاته، ومشروع التيتانيوم داي أوكسيد، وذلك بإجمالي حجم باستثمارات حوالي ٣٠٠ مليون دولار، بالإضافة إلى دراسة مشروعات أخرى مثل إنتاج البلاستيك الحيوي القابل للتحلل المزمع إقامته بشركة سيدبك، ومشروع إنتاج النافتا الخضراء من زيت الطحالب، ومشروع لإنتاج البوليمرات فائقة الامتصاص، كما تم الانتهاء من دراسة مشروع شركة الخدمات اللوجيستية للبتروكيماويات، وكذلك الانتهاء من تجديد خلايا مصنع الكلور بشركة البتروكيماويات المصرية، وتطورات مشروع التوسعات بالشركة وكذا إعادة تأهيل مصنع VMC  وتحديث مصنع PVC لزيادة طاقته الإنتاجية إلى حوالي ٢٠٠ ألف طن سنويًا، كما تم إنشاء وحدتين لإزالة الكلورايد ومشروع زيادة الطاقة الإنتاجية بإيلاب بحوالي ٤٠٪ من الطاقة الحالية، وتهدف تلك المشروعات الاستراتيجية، إلى تعظيم القيمة المضافة من الموارد الطبيعية المتاحة بالدولة المصرية، وذلك عن طريق إنتاج منتجات عالية القيمة تُنتج ولأول مرة في مصر والقارة الأفريقية بدلًا من استيرادها من الخارج.

مجمع التكرير والبتروكيماويات بمدينة العلمين الجديدة

واستكمالًا لنهج قطاع البترول في دعم توجه الدولة نحو بناء كيانات اقتصادية كبرى تساهم في تخفيف التنمية المستدامة بالمجتمعات العمرانية الجديدة، يشهد مجمع التكرير والبتروكيماويات بمدينة العلمين الجديدة تقدم في أعمال تطويره لاسيما بعد تأسيس شركة المشروع العلمين في سبتمبر من عام ٢٠٢١ لتنمية المجمع، كما يتم حاليًا اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأسيس شركة للمرافق وفقًا للمخطط العام، وإمداد کامل مشروعات مجمع العلمين باحتياجاتها من المرافق والغازات الصناعية والخدمات اللوجستية، ويضم مجمع العلمين العديد من المشروعات بإجمالي استثمارات تتخطى حوالي ١٠ مليارات دولار.

ويضم مشروع مجمع التكرير والبتروكيماويات استثمارات تقدر بنحو حوالي ٨٬٧ مليار دولار، حيث يهدف إلى إنتاج حوالي ٣٬٢ مليون طن سنويًا من المنتجات البتروكيماوية المتخصصة، بالإضافة إلى حوالي ١٬٦ ألف طن سنويًا من المنتجات البترولية اعتمادًا على حوالي ٣٬٨ مليون طن من الزيت الخام المنتج من حقول الصحراء الغربية، كما تضم مشروعات مجمع العلمين مشروع إنتاج كربونات الصوديوم الصودا اش، الذي يهدف إلى زيادة القيمة المضافة للمصادر الطبيعية المتوفرة في مصر، والمتمثلة في خام الملح والحجر الجيري وذلك بإنتاج مادة الصودا اش بطاقة تصميمية حوالي ٦٠٠ ألف طن سنويًا، وحوالي ١٠٠ ألف طن سنويًا من مادة بيكربونات الصوديوم، و٥٠ ألف طن سنويًا من مواد متخصصة أخرى باستثمارات تقديرية حوالي ٤٨٠ مليون دولار.

البتروكيماويات الخضراء ورؤية مصر ٢٠٣٠

في إطار استراتيجية التنمية المستدامة رؤية مصر ٢٠٣٠، لإنتاج منتجات متخصصة تتوافق والمعايير البيئية لمسايرة التوجهات العالمية للحفاظ على البيئة، فقد تم إدراج العديد من المشاريع لإنتاج البتروكيماويات الخضراء ضمن مشروعات تحت التنمية، الأول، مشروع إنتاج البلاستيك الأخضر القابل للتحلل بطاقة إنتاجية حوالي ٧٥ ألف طن سنويًا، باستخدام أحدث تكنولوجيات الإنتاج حيث تدخل البوليمرات أو البلاستيك القابل للتحلل في إنتاج أفلام التغليف والأكياس والعبوات والاستخدامات الطبية، والثاني، هو مشروع إنتاج النافتا الخضراء من الطحالب، الذي يهدف إلى الاعتماد على زيت الطحالب كمادة خام بديلة في صناعة البتروكيماويات ويعد أحد مصادر الطاقة المتجددة والبديلة الآمنة على البيئة، وذلك بهدف إنتاج النافتا الخضراء لاستغلالها بمدينة العلمين الجديدة في إنتاج منتجات بتروكيماوية خضراء، والثالث، مشروع يعمل على تحويل مخلفات البلاستيك إلى زيت، بهدف استخدامه كمادة خام،  لتصنيع البولى إيثيلين، ويصل حجم  الطاقة الإنتاجية له حوالي ٣٠ ألف طن سنويًا، وحجم استثمارات حوالي ٥٠ مليون دولار، ويسعى إلى خفض حوالي ٦٣ ألف طن سنويًا من ثاني أكسيد الكربون، والجدير بالذكر أن قطاع البترول مستمر في تطبيق عدد من المشروعات الخضراء من أجل الحفاظ على البيئة.

عائد المشروعات الجديدة على الدولة المصرية وإشادة وكالة فيتش

تتميز المشروعات الجديدة والمخطط تنفيذها والانتهاء منها بمردود قوي، وستقام على مساحة حوالي ١٦٠٠ فدان بالمنطقة الصناعية بمدينة العلمين الجديدة وبإجمالي حجم استثمارات تُقدر بحوالي ١٠٬٥ مليارات دولار، وذلك لإنتاج حوالي أكثر من ٦ ملايين طن سنويًا من المنتجات البتروكيماوية والكيماوية المتخصصة وغير التقليدية، والتي لا يتم إنتاجها محليًا، مما سينعكس إيجابيًا على منطقة العلمين الجديدة لكونها تُعد ظهيرًا صناعيًا واعدًا لإقامة الكثير من الصناعات الاستراتيجية والرئيسة والتكميلية، والتي تهدف في المقام الأول إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تستهدفها الدولة المصرية بالمنطقة، كما يتم تنفيذ الخطط المحددة لإقامة تلك المشروعات على أعلى مستوى من التكنولوجيا والتقنيات الحديثة والمتطورة، وكذلك الاستفادة من التجارب الناجحة عالميًا في هذا المجال.

ومن أبرز التقارير الصادرة عن المؤسسات الدولية التي تتناول الشأن المصري في مختلف المجالات، تقرير وكالة فيتش سوليوشنز الخاص بالصادرات المصرية الكيماوية، ووفقًا للتقرير، بلغ إنتاج قطاع البتروكيماويات في مصر، حوالي ٣٬٣٤ مليون طن خلال العام المالي ٢٠٢٠/٢٠٢١، حيث أشار التقرير إلى نجاح قطاع البتروكيماويات في تحقيق نمو في معدلات الإيرادات بنسبة حوالي أكثر من ٥٠٪ على أساس سنوي، وفقًا لبيانات وزارة البترول والثروة المعدنية.

وأوضحت الوكالة أن المشروعات الجديدة التي تنفذها الدولة المصرية في قطاع البتروكيماويات، تشمل مشروع مشتقات الميثانول بالسويس بإجمالي حجم استثمارات حوالي ١١۹ مليون دولار، ومشروع المصرية للإيثانول الحيوي بإجمالي حجم استثمارات حوالي ١١٢ مليون دولار، ومشروع مجمع البحر الأحمر للبتروكيماويات في العين السخنة بإجمالي حجم استثمارات حوالي ٧٬٥ مليارات دولار؛ الذي يستهدف إضافة حوالي ٣٬٧ ملايين طن سنويًا إلى الطاقة الإنتاجية للبتروكيماويات، ومجمع العلمين للبتروكيماويات بإجمالي حجم استثمارات ۸ مليار دولار أمريكي وبطاقة إنتاجية تبلغ حوالي ٤٬٧ ملايين طن سنويًا من البتروكيماويات.

وأشارت الوكالة في تقريرها إلى أن المشروعات التي يتم تنفيذها في قطاع البتروكيماويات تعزز رغبة الدولة المصرية في أن تصبح مركزًا إقليميًا لتجارة النفط والغاز، في ظل موقعها الاستراتيجي، وأكدت أن الصادرات المصرية من الكيماويات شهدت نموًا سنويًا بنسبة حوالي ١١٪ في المتوسط خلال الفترة من عام ٢٠١٥ وحتى عام ٢٠٢٠، مع ارتفاع قيمة الصادرات من حوالي ٣٬١ مليار دولار في عام ٢٠١٥ إلى  حوالي ٥٬٢ مليارات دولار وذلك في عام ٢٠١۹، في حين تراجعت بنسبة حوالي ١١٪ وذلك في عام ٢٠٢٠ لتصل إلى حوالي ٤٬٧ مليارات دولار بسبب تأثير جائحة كورونا على التجارة العالمية.

وأشارت فيتش سوليوشنز إلى أن الاقتصاد المصري من المرجح أن يحقق نموًا مستدامًا مع الانتقال من الاعتماد على الاستيراد إلى التوجه نحو التصدير، وأكدت على أن المنتجات المصنعة محليًا أصبحت أكثر تنافسية في الخارج، وأنه من المرجح أن تقوم عدة شركات بتوسيع نشاطها الصناعي في مصر والاستفادة من سوق العمل الكبير، والخدمات اللوجستية الجيدة وإمكانية الوصول إلى الأسواق الإقليمية.

مجمل القول، مما لا شك فيه إن قطاع البتروكيماويات المصري لا يزال يستشرف أفاق واعدة  للاستثمار لما يتمتع به من مزايا تنافسية عالية، والتي جعلته يحظى بدعم غير مسبوق على كافة المستويات، ولذلك تخطط الدولة المصرية للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة من خلال التوسع في مشروعات النفط والغاز، حيث تولي الحكومة المصرية اهتمامًا كبيرًا بقطاع الطاقة خلال السنوات الأخيرة؛ حيث بدأت في تنفيذ عدد من المشروعات الضخمة في مجال البتروكيماويات، من أجل توفير احتياجاتها من المشتقات النفطية، والتي تكلف الموازنة العامة للدولة أعباء مضاعفة نتيجة استيرادها من الخارج، إذ ترى الدولة أن تطبيق استراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة يعد أحد أهم ركائز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وبالأخص صناعة البتروكيماويات، خاصة أنها تمثل أهمية كبيرة في تحقيق القيمة المضافة ودفع عجلة الإنتاج وتحسين وتيرة الاقتصاد محليًا وخارجيًا، وهو ما جعلها تخطو خطوات جادة وسريعة نحو  تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات البترولية، وذلك من خلال عوامل عدة شملت عمليات الاستكشاف والإنتاج، ورفع كفاءة وتطوير منظومة التكرير، وتنويع مصادر الطاقة، والتوسع في المشروعات التي تساعد في ترشيد استهلاك الوقود، وأيضًا تلك التي تسهم في جذب المزيد من الاستثمارات لقطاع البترول.

+ posts

دكتور مهندس متخصص في شؤون النفط والطاقة

د. أحمد سلطان

دكتور مهندس متخصص في شؤون النفط والطاقة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى