مخاطر انتعاش السياحة العالمية.. وخطة مقترحة لمواجهة تباطؤ النمو
الحرب الروسية الأوكرانية، التضخم، تراجع معدلات النمو الاقتصادي مع ارتفاع أسعار النفط، وزيادة أسعار الفائدة قد ينتج عنه زيادة لتكلفة السفر على المستهلك، مع تراجع ثقة السائحين؛ جميعها عوامل قد أثرت على تراجع الحركة السياحية العالمية، في ظل تباطؤ النمو مع استمرار تأثر القطاع بجائحة كورونا. فما هي معدلات تلك التأثيرات على السياحة العالمية؟ وكيف يمكن أن نصوغ خطة استراتيجية مصرية لمواجهة الأمر؟
الآثار السلبية على القطاع السياحي
تأثر قطاع السياحة على مدار العامين الماضيين بجائحة كورونا، وتلته الحرب الروسية الأوكرانية التي أدت إلى زيادة التضخم العالمي، وهو الأمر الذي من شأنه أن يؤثر على السياحة بوصفها صناعة عالمية تتأثر بسلاسل الإمداد العالمي، ولعل السوقين الروسية والأوكرانية هما الأكثر تأثرًا بالحالة الحالية.
فقد العالم نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية ما يمثل 3٪ من حجم الإنفاق السياحي العالمي لعام 2020، مما قد يبطئ من تعافي القطاع على الرغم من رفع أو تخفيف قيود السفر من قبل العديد من الوجهات. وتتوقع منظمة السياحة العالمية خسارة ما يقرب من 14 مليار دولار من إيرادات السياحة العالمية في عام 2022، مع احتمالية زيادة تأثير العمليات العسكرية في أوكرانيا على أسواق المصدر في الولايات المتحدة والدول الآسيوية، وعندما يتعلق الأمر بالسفر إلى أوروبا، فإن هذه الأسواق تقليديًا أكثر تخوفًا أو تجنبًا للمخاطرة.
وهو ما حدث بالمثل في الأزمات السابقة بين روسيا وأوكرانيا والتي ترجع إلى عام 2014، والتي أدت إلى اختفاء روسيا من قائمة أفضل 10 دول مصدرة للسياحة في العالم بسبب انخفاض الروبل عقب العقوبات الاقتصادية على البلاد خلال عامي (2015-2016)، وكذلك انخفض عدد السائحين الأوكرانيين بنحو 24,5% في العام التالي للأزمة.
خطة بديلة
ذلك يضعنا أمام ضرورة وضع استراتيجية تسويقية تستطيع أن تحافظ على معدلات النمو السياحي المصري بوصفه أحد مصادر النقد الأجنبي في مصر، وحماية العاملين بالقطاع السياحي الذي يصفه الخبراء بالقطاع الأكثر هشاشة، وذلك من خلال عدة محاور تمكنا من التوصل إلى خطة واضحة، وتتمثل في: التعرف على الجديد في السوق السياحية العالمية حتى يمكن الوصول للأسواق المستهدفة، وضع خطة بالأسواق البديلة والأنماط السياحية الجديدة التي ستسهم في جذب شرائح جديدة من الجمهور من خلال التعرف على توجهات السائحين نحو المقصد السياحي المصري”، ويمكن ترتيب محاور الخطة في:
- تطوير البنية التحتية الرقمية:
فقد سرعت جائحة كورونا من التوجه إلى استخدام التكنولوجيا، والتوسع في استخدام تقنيات السفر، كتقنية الحجز والبحث عن المقاصد السياحية عبر الإنترنت والهواتف المحمولة والدفع الإلكتروني، فأوضحت شركة فيزا أن “63٪ من المستهلكين يستخدمون عمليات الدفع بدون تلامس والبطاقات لأسباب تتعلق بالسلامة والنظافة”، واستخدام الحلول الإلكترونية لتنظيم عمليات زيارة المقاصد وحجز الفنادق ومعلومات السفر عبر منصات رقمية موحدة، وهو ما فعله مجلس السياحة والسفر الأوروبي أثناء فترة كورونا.
هذا إلى جانب التأشيرات الإلكترونية واستخدام الهوية البيومترية والهوية الموحدة، فـ 45٪ من الركاب على استعداد للتخلي عن جوازات سفرهم الورقية واستخدام الهوية البيومترية أو القياسات الحيوية وفقًا لاتحاد النقل الجوي الدولي. وهو ما يدفعنا نحو تطوير المنظومة الرقمية وتقليل الفجوة الرقمية بين الدول المتقدمة والنامية، والإسراع من تطبيق منظومة “تأمين الأجانب الموحدة”، والعمل على أن تكون كافة المقاصد السياحية على المستوى الوطني جزءًا من التنمية من خلال تبني المعرفة والابتكارات المحلية، لا سيما مع النمو المتوقع للسياحة المجتمعية والتي يشارك فيها المجتمع المحلي في عملية التنمية بنحو 10٪ قبل عام 2023.
فعلى سبيل المثال، أنشأت شركة Safaricom الكينية حلًا مبتكرًا لمعالجة نقص الوصول إلى الخدمات المالية في المناطق الريفية، والسماح للسكان بشراء السلع وصرف الرواتب ودفع الضرائب وتلقي المنح من خلال التوسع في خدمة تحويل الأموال عبر الهاتف المحمول. هذا إلى جانب اعتماد المستقبل على إنترنت الأشياء (IOT Internet Of Things): فقد أكد معهد تكنولوجيا الفنادق في إسبانيا أن إنترنت الأشياء سيكون عاملًا حيويًا في تقديم تجربة شخصية للعملاء أو إضفاء الطابع الشخصي في المستقبل، فتوفر مجموعة فنادق Virgin Hotels تطبيقًا للضيوف يسمح لهم بالتحكم في التلفزيون والحرارة في غرفهم.
هذا إلى جانب احتواء بعض الحقائب على أجهزة تقنية تمكن المستخدمين من تتبع أمتعتهم في الأماكن العامة مثل المطارات. والاعتماد على البيانات الضخمة وتحليل البيانات؛ إذ تُشكل البيانات الضخمة التي ينشئها المستخدمون من وسائل التواصل الاجتماعي وعمليات البحث على الويب معلومات مهمة للمسوقين السياحيين، فبناءً على التعليقات الواردة من 15 منطقة سياحة ثقافية أوروبية، تم وضع توصيات بشأن استخدام الأدوات المبتكرة ومصادر البيانات في إدارة السياحة، وتوصلت إلى ضرورة استخدام بيانات تحديد المواقع، للوصول إلى قطاع أكثر مرونة.
- جذب شرائح سوقية، وفتح أسواق بديلة:
أوضحت الأزمة الروسية الأوكرانية أن السوق الأوكرانية جاءت في المركز الأول لدول أوروبا الشرقية المصدرة للسائحين إلى مصر في الفترة من يوليو 2018 حتى يونيو 2019، ووصلت إلى 1,4 مليون سائح. وعلى الرغم من انخفاض النسبة لنفس الفترة للعام (2019/2020) بسبب جائحة كورونا بنحو 13,13% إلا أنها استمرت تحتل المرتبة الأولى في أعداد السائحين الوافدين إلى مصر، ووصلت إلى ما يقرب من 1,5 مليون سائح عام 2021 بحسب وكالة السياحة الأوكرانية، ومعظمهم من الشباب من جيل الألفية وجيل Z.
واستمرت السوق الروسية في استضافة المعارض السياحية والتي شاركت فيها مصر، إلى جانب دول الجوار كالمجر والتشيك. إلا أنه عند تقسيم نسبة السياحة المصرية من النسبة السياحية العالمية وفقًا للمناطق الجغرافية لإيفاد السياحة إلى مصر في الفترة من يناير إلى ديسمبر 2019، بوصفه عام الذروة السياحية المصرية نجد الآتي:
- أوروبا بنحو 8,4 مليون سائح بنسبة 64,3% من إجمالي عدد السائحين.
- الشرق الأوسط 2,4 مليون سائح بنسبة 18,6% من إجمالي عدد السائحين.
- منطقة آسيا والباسفيك 688,08 ألف سائح بمعدل 5,3% من إجمالي عدد السائحين.
- أفريقيا 911,3 ألف سائح بمعدل 7% من إجمالي عدد السائحين.
- الأمريكتان بنحو 548,2 ألف سائح بمعدل 4,2% من إجمالي عدد السائحين.
- ومن مناطق مختلفة نحو 79,7 ألف سائح بمعدل 0,6% من إجمالي عدد السائحين.
وهي نسب قليلة مقارنةً بالتنافس الدولي، والذي تسيطر عليه السوق الأوروبية بنحو 51% من السوق السياحية العالمية البالغة 1,5 مليار سائح لعام 2019، تلتها دول آسيا والباسيفيك، فيما جاء الشرق الأوسط فقط بنحو 4% وفقًا لإحصائيات منظمة السياحة العالمية لعام 2019، وهو ما يحتاج إلى خطة لاستهداف الاسواق الناشئة والمتمثلة في دول البريكس (روسيا والصين والهند والبرازيل) حيث تقع الدول الأربع وفقًا لتقديرات صندوق النقد الدولي والتي نشرت في أبريل 2021 ضمن أعلى دول من حيث الناتج المحلي الإجمالي مقدرًا بالقوة الشرائية، والأمركيتين بوصفهما من أعلى الاسواق إنفاقًا على السياحة؛ إذ يصل متوسط إنفاق السائح إلى أكثر من ألف دولار، وهو ما يحتاج إلى تطوير برامج سياحية تستطيع أن تزيد من مدة البرنامج السياحي المقدم لهم.
ويمكن تقسيم الشرائح المستهدفة من خلال التركيز على النوع أو الفئات العمرية، والتي تقسم إلى 4 أجيال، فوفقًا للنوع يمكن التركيز على زيارة السيدات؛ فأشاد موقع “Lonely planet” في مقال لتقديم النصائح للسيدات التي ترغب في زيارة مصر بمفردها عام 2019، بطبيعة الشعب المصري المضياف، والرغبة في إجراء الاحاديث المطولة مع السائحين، وعودة مصر إلى قائمة الدول التي يرغب السائحون في زيارتها خاصة السياحة الثقافية والغوص،ولكن الترويج للسيدات للقيام بالسياحة بمفردهن يحتاج إلى التركيز على جودة الخدمات المقدمة، وتحسين سبل التعامل خاصةً في المناطق الأثرية كالأهرامات.
أما عن الفئات العمرية، فقد حدد موقع مركز تعزيز الواردات من البلدان النامية (CBI)، التابع للخارجية الهولندية، أن جيل الألفية (Y) يمثل ما يقرب من 40٪ من حجم إجمالي نفقات السفر داخل أوروبا، ويسمون أيضًا باسم المواطنين الرقميين، وبالتالي للوصول إليهم يجب الاهتمام بالمحتوى الأصلي عبر مواقع التواصل الاجتماعي للحصول على المعلومات، بجانب مدونات السفر مثل TripAdvisor، أو الحصول على العلامات التجارية من خلال مدونات الفيديو أو تأييد المشاهير.
ويتشكل جيل الألفية من مجموعة غير متجانسة تتراوح من المهنيين الشباب، إلى الآباء الجدد، إلى الآباء في الثلاثينيات من العمر ولديهم أطفال ودخل ثابت. ويتم تصوير جيل الألفية بشكل عام في وسائل الإعلام على أنهم مفكرون مبتكرون ومشترون مؤثرون، وبالتالي يهتمون بالاستدامة ويعتزون بالثقافات والتقاليد المحلية، والسفر مع الأصدقاء والأقارب والاسترخاء والأصالة، أو الاستمتاع بحفلات موسيقية أو مشهد ثقافي نادر، أو المنتجعات الصحية SPA and wellness.
هذا إلى جانب أخذ إجازة تعليمية لتعلم مهارات جديدة كالتصوير والغوص وفنون الطهي أو القيام بالسياحة التطوعية، وهو ما يضعنا امام التوجه لجذب نوع جديد من السائحين وهم Gap Year، وهم مجموعة من الاشخاص يهدفون إلى تغيير أعمالهم أو أخذ سنة ترفيهية بعد العمل أو بعد الدراسة الجامعية.
ويميل هذا الجيل كذلك إلى تقدير مفهوم ممارسة الأعمال الخضراء من خلال البحث عن الجودة والخدمة المميزة الشخصية بسعر معقول. هذا إلى جانب الحفاظ على سلامتهم وأمنهم، وتجنب التهديدات الأمنية مثل الهجمات الإرهابية أو الاضطرابات الجيوسياسية. فألغى حوالي 29٪ من جيل الألفية رحلة في الماضي بسبب المخاطر الأمنية، إلا أنهم أكثر قدرة من غيرهم على تجنب المخاطر واتخاذ قرار السفر إما بمفردهم أو مع الأصدقاء، وجاءت النساء هي المتوسط الأكبر للميل للسفر في هذه الجيل، إلا أن الأوضاع الاقتصادية قد تؤثر على التوجه إلى رحلات أقصر وأقل تكلفة.
أما أعضاء الجيل Z فيميلون أكثر إلى المغامرة، والتوجه إلى الخارج بشكل أكبر مثل ركوب الزوارق ورحلات السفاري الصحراوية والرحلات البحرية وعروض “لقاء السكان المحليين”، وبالتالي يتفقون مع جيل الالفية في بعض التوجهات. أما جيل X في السوق الأمريكي على سبيل المثال فيميل إلى السياحة المحلية، ولكنهم أيضًا يهتمون بالأمن والسلامة في الوجهات المقصودة. وأبناء هذا الجيل من المولودين بين عامي 1964 و1980 عندما يسافرون فإنهم يميلون إلى التركيز على الرحلات العائلية، ويكونون غير حاسمين في الوجهة، فيعطون الأولوية للتوازن بين العمل والحياة، ويسافرون أقل من الأجيال الأخرى بسبب الجداول الزمنية المتخمة، إلا أنهم أكثر انفاقًا من الأجيال الأخرى، ومستعدون للدفع مقابل الخدمات المميزة، ولكنهم المسيطرون علىى سفر أبنائهم.
أما جيل الـ Baby Boomers الذين ولدوا بين عامي 1946 و 1964، وهم ممن سافروا مثل أي جيل من قبل ويقدرون أسلوب السفر، فيفضلون السفر عبر مجموعات صغيرة “متعددة الأجيال”، ورحلات النايل كروز وعطلات الأحلام التي فقدوها بسبب قيود السفر المتعلقة بفيروس كورونا أو المخاوف الصحية، وهم حازمون وواثقون من أنفسهم ليسوا مدفوعين بشدة بالميزانية، ويفضلون الاستكشاف النشط في الهواء الطلق ومشاهدة المعالم السياحية ، فضلًا عن تجارب سفر الطهي.
الأنماط السياحية واستخدام مفاهيم ترويجية جديدة:
تضعنا دراسة الشرائح السوقية السابقة أمام ضرورة التوجه إلى مفاهيم متنوعة وتكنولوجية ومستدامة، مثل تطوير مفهوم “المدن السياحية الذكية” والذي يجمع بين مفاهيم الاستدامة والرقمنة والسياحة الميسرة أو سهولة الوصول، والتراث الثقافي والإبداعي”، وعملت المفوضية الأوروبية على تطويره من خلال إطلاق مبادرة “العاصمة الأوروبية للسياحة الذكية” والتي أطلقتها منذ عام 2019، وزادت أهميتها مع جائحة كورونا، وهو ما يمكن استخدامه في الترويج للمقاصد المصرية وتطبيق معاييرها على إحدى المدن الساحلية، خاصةً في ظل استضافة مصر لمؤتمر المناخ COP27.
ولمعرفة الأنماط السياحية التي اهتم بها السائحون عند المقصد المصري، تمكنت دراسة سابقة على السوق الإنجليزية والأمريكية للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أن تصل إلى ضرورة تنويع المنتج السياحي المصري، كإدخال مفهوم السياحة المسؤولة الذي ينبهنا إلى ضرورة التركيز على هذا الأمر في الحملات الموجهة للسوق الأوروبية الأكثر حساسية لقضايا حماية البيئة، بما في ذلك التركيز على حملة Eco Egypt البيئية، والتركيز على سياحة الغوص الفريد، واعتبارها أماكن بديلة للعديد من الوجهات في العالم.
ذلك علاوة على تقسيم المقاصد السياحية المصرية التي تظهر التنوع في الأنماط السياحية، وتوسيع حملة السياحة الصحية لتشمل قارتي أوروبا وأمريكا وعدم الاقتصار على السوق الأفريقي فقط من خلال عقد الشراكات مع القطاع الخاص المحلي والدولي وتقديم عروض مميزة بالتعاون مع وزارة السياحة والأثار ووكلاء السفر.
أما عن السياحة الثقافية وربطها بالسياحة الثقافية الكلاسيكية والنايل كروز، لزيادة مدة البرامج السياحية ورفع الانفاق؛ فقد شهدت مصر حالة من زخم الافتتاحات الأثرية، لكن هذا لم يواكبه صدى إعلامي انعكس في نتائج البحث بصورة كبيرة، وهو ما يحتاج إلى حملة إعلامية متكاملة ومستمرة على مدار العام بالتعاون مع وسائل الإعلام الأجنبية والاستفادة من الشراكات التي تعقدها وزارة السياحة والآثار مع المؤسسات والشبكات الإعلامية، والتوسع في إنتاج الأفلام الوثائقية لجذب جيل Z.
هذا إلى جانب العمل على خلق أنماط سياحية جديدة مثل تطوير المنتج السياحي الريفي Rural Tourism الذي يدعم مفهوم التنمية المستدامة، والسياحة البحرية وسياحة اليخوت والتي تحتاج إلى إجراءات عاجلة من الحكومة بدأت بتشكيل لجنة، ولكن الأمر يحتاج إلى زيادة الاهتمام بالاستثمار السياحي في المنطقة، وخاصة في الساحل الشمالي والعلمين، مع زيادة البنية التحتية السياحية والترفيهية والتي تتركز في محافظتي البحر الأحمر بنسبة 49% وجنوب سيناء بنحو 31%، والتركيز على الترويج لبعض المدن بوصفها مدنًا لاستقبال سياحة المؤتمرات وسياحة رجال الأعمال والتسوق وخاصة للسوق العربية.
الاعتماد على الوسائل التكنولوجية:
استخدام المنصات الرقمية المدفوعة، وهو ما اعتمدت عليه بعض الدول، فقد أطلقت المكسيك حملة “فكر في المكسيك Piensa en México” والتي تقوم على استخدام منصات التليفزيون المدفوع والمنصات الرقمية للتخطيط لعودة السياحة، من خلال تقسيم الـ 32 ولاية في المكسيك إلى 8 مناطق يتم الانطلاق فيها من المدينة الرئيسة، وطرح الأفلام التوثيقية.
والتوجه إلى استخدام الواقع الافتراضي Virtual Reality، والواقع المعزز Augmented Reality، حيث قدمت المتنزهات الوطنية الأمريكية “يلوستون yellowstone” أكثر من 2000 متحف افتراضي ومحفوظات من جميع أنحاء العالم، بالتعاون مع مؤسسة جوجل الثقافية Google Cultural Institute، باستخدام تقنية الواقع الافتراضي VR أثناء عملهم على إعادة إلهام التجوال لدى المسافرين وإعادة تشغيل القطاع.
هذا إلى جانب استخدامها في برامج المبيعات فاستضافت وزارة السياحة في جزر البهاما جولات افتراضية في الولايات المتحدة وكندا لشركاء الأعمال والموردين، بما في ذلك محاكاة الرحلات الافتراضية وجلسات التواصل الاجتماعي المباشرة، هذا إلى جانب السفر عبر الزمن حيث أطلق مجلس هونج كونج للسياحة تجربة بعنوان “السفر عبر الزمن.. ادخل إلى هونج كونج القديمة ” من خلال تقنية VR.
وذلك علاوة على استخدام الواقع المعزز في تحديد الأماكن، فأطلقت Google ميزة اتجاهات المشي في الواقع المعزز لخرائط Google. واستخدام جولات الواقع الافتراضي لتمكين العملاء من إجراء تجربة التجوال داخل الفنادق الافتراضية والمطاعم إلى المعالم والمتنزهات الوطنية أو حتى إجراء أنشطة محددة.
واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI Artificial Intelligence )، فوفقًا للإحصاءات الحديثة فإن 35% من المسافرين يحتاجون إلى شركات السفر لتقديم التوصيات المتخصصة في مرحلة الحجز المبكرة، واستخدام وكلاء السفر لروبوتات المحادثة ذات الذكاء الاصطناعي لتقديم خدمة العملاء، من خلال تزويدهم بإجراء تفضيلات الشراء السابقة بسجل تصفح الويب للعميل لتزويد المسافرين بتجربة متعددة القنوات، وهو ما يتوافق مع توجهات السائحين حول التأشيرة الإلكترونية في مصر والرغبة في إجراء بعض التعديلات المتعلقة بالرسائل الذاتية البعيدة عن الردود الآلية.
ولكي يستطيع العاملون في القطاع مواكبة هذه التغيرات التكنولوجية يجب الإهتمام بالتدريب والتعليم الرقمي، من خلال التبادل الأكاديمي ونقل الخبرات. ويمكن استخدام ذلك عبر التعليم “أونلاين”، فوقعت منظمة السياحة العالمية ووزارة السياحة السعودية اتفاقًا لتوسيع نطاق أكاديمية السياحة عبر الإنترنت التابعة لمنظمة السياحة العالمية، لتوفير التدريب عبر الانترنت بعدة لغات مختلفة.
مع الاعتماد على الأدوات التالية في العملية التسويقية للتحول من عملية البحث عن الوجهة لاتخاذ سلوك فعلي؛ فمع تراجع دور المجلات المتخصصة والإعلانات في وسائل الإعلام العامة والكتيبات ووكالات السفر وزيادة الاعتماد على التوصيات من الأقارب أو الأصدقاء واستخدام مواقع البحث الشهيرة على الإنترنت “جوجل”، وتزايد الاعتماد على التجارب التي ينشرها مسافرين آخرين على الشبكات الاجتماعية في شكل مراجعات Reviews، فأوضح 79٪ من الأشخاص إن المحتوى الذي ينشئه المستخدمون user-generated content (UGC، كان له تأثير فعال للغاية في قراراتهم. واستمرار سياسة الفيديو في الترويج وعرض تجارب السفر، فقد أثر “انستاجرام” و”تيك توك” على نقل هذه التجارب إلى الفيسبوك أيضًا، فيقول ماكنزي بروملي، مدير وسائل التواصل الاجتماعي في MMGY Global: “أن الأفراد تقضي في المتوسط حوالي 323 دقيقة أسبوعيًا في مشاهدة محتوى الفيديو، وذلك على الهواتف المحمولة وحدها”.
ووفقًا لـ “بيريل جوتيريز، المدير الأول لوسائل التواصل الاجتماعي في Discover The Palm Beaches: أنTikTokers يقضون 16دقيقة في المتوسط يوميًا على التطبيق، وهو أعلى بنسبة 50٪ من منصات مثل Facebook و Instagram، وتتمتع العلامات التجارية على TikTok بفرصة رؤية معدلات مشاركة أعلى وإبقاء الجماهير استخدام هواتفهم بمحتوى ترفيهي، ويوجد حوالي 23 ٪ من مسافري Gen X على حسابات TikTok، فلا يقتصر الأمر على جيل Z فقط.
ووفقًا لما حددته الدراسات التسويقية على عدد من الجنسيات وخاصة من أسواق”ألمانيا وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة”، توصلت إلى أهمية محركات البحث لاختيار الوجهة السياحية لاختيار الوجهة ومراحل التحضير لها، بشكل يفوق الاعتماد على وكالات السفر، وذلك للحصول على المعلومات المتعلقة “بالإقامة والنقل” بالشكل الأكبر، وتلاها توصيات الأصدقاء والأقارب وتعليقات المسافرين على المواقع السياحية المتخصصة.
وجاء الموقع الإلكتروني الرسمي للمقصد السياحي من بين القنوات الرسمية الأساسية التي يعتمد عليها السائحين كمصدر للاستشارة في عملية السفر، ووفقًا لتقديرات جوجل منذ عام 2017، يستخدم 1 من بين 3 مسافرين من دول (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة واليابان والبرازيل وفرنسا وألمانيا واستراليا وكوريا والهند) التكنولوجيا للبحث أو حجز رحلتهم، ويخطط حوالي 45% من المسافرين لرحلاتهم باستخدام الهواتف الذكية وفقًا لموقع السفر TripAdvisor.
ووفقًا لموقع Think With Google، فإن ما يقرب من 70٪ من الطلبات عبر مساعد جوجل Google يتم التعبير عنها بلغة طبيعية باستخدام المساعد الصوتي، مما يعني أن الأشخاص يشعرون براحة أكبر عند إجراء محادثات مع أجهزة الكمبيوتر، وأن 55% من المراهقين يستخدمون طرق البحث الصوتي بدلًا من الكتابة، ويرى الشباب في هذه الوسيلة طريقة سهلة ومناسبة تماما للمعرفة الإلكترونية.
ويعتمد التحول من مجرد البحث الأولي إلى الانتقال لصفحات أخرى على مدى الوصف الجذاب المفيد في نتائج البحث، لإعطاء المعلومات المفيدة حال استخدام الهاتف، أو جذب المستخدمين للدخول على الصفحة حال استخدام “الديسكتوب”، وذلك من خلال الاعتماد على الأسلوب التالي الذي يؤثر على سيكولوجية المتصفح باستخدام الأساليب التالية بوصفها الأكثر استخدامًا عالميًا: “سهولة الاستدلال وتقديم وصف مختصر جذاب للمقصد، وتقديم العروض الآنية Power of Now واستخدام أسلوب الدعم الاجتماعي Social proof من خلال التوصيات والتعليقات المقنعة من الآخرين، والتقييم الجيد للخدمة المقدمة تشجع على اتخاذ قرار الشراء، واستخدام عبارات الفرصة الأخيرة Scarcity bias ، والاستعانة بآراء الخبراء والمصادر الموثوقة من خلال مواقع السفر الموثوقة أو المدونات والشخصيات المؤثرة Authority bias، إلى جانب العروض الترويجية Power of free.”
هذا إلى جانب الاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعي في نشر تجارب السفر خاصةً الفيسبوك، ويليها مواقع السفر عبر استخدام محركات البحث وتناول التجربة عبر مجموعات الواتس آب الخاصة بالمسافرين، مما يضعنا أمام ضرورة الاهتمام بشكل المحتوى السياحي عبر الموقع الرسمي في بدايات البحث، والمواقع الأخرى ومراجعة توجهات السائحين بشكل دوري للعمل على خلق تجربة فريدة ومميزة، والشراكة بين القطاع العام والخاص والمتمثل في وكلاء السفر والسياحة لتحويل رغبة السائح من مجرد البحث لاتخاذ قرار شرائي بالاعتماد على العروض الترويجية واستخدام العبارات الأفضل.فيمكن على سبيل المثال التسويق بربط وجود مصر على موقع لونلي بلانيت أكبر مرجع ودليل للسفر ضمن أفضل 10 مقاصد سياحية يمكن زيارتها عام 2022 والعروض الترويجية الآنية للسفر early bird. وتمثل هذه المحاور محاولة لوضع أسس علمية لجذب وتنوع الأسواق السياحية لتقليل الآثار المحتملة من الأزمات المتلاحقة لقطاع السياحة.
باحثة بالمرصد المصري



