«مبادرة الشراكة الصناعية التكاملية»: نقلة نوعية في طبيعة العلاقات المصرية الإماراتية الأردنية
جرت العادة على توصيف علاقة مصر بكل من الإمارات والأردن بأنها نموذج يجب أن تحتذي به الدول العربية في علاقاتها، فيما بينها على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، فعلى مدار السنوات السابقة قامت علاقة مصر بالدولتين الشقيقتين على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والتي اتسمت بالاستمرارية والتنامي، مما ترك آثاره الإيجابية على مختلف علاقات مصر مع تلك الدولتين.
ومؤخرًا زاد التعاون وبطريقة تسمح بتعزيز العلاقات فيما بينهما وبشكل خاص على مستوى العلاقات الاقتصادية المختلفة مما زاد من التقارب والدعم والتعاون والتبادل التجاري والاستثمار، والتي توجت بالإعلان عن “الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة” بين الإمارات الأردن ومصر، وذلك بهدف تعزيز التكامل الصناعي بين الدول الثلاث من جانب وانطلاقًا من السعي إلى الاستفادة من مزايا الاستثمارات التنافسية في الدول الثلاث.
العلاقات المصرية الإماراتية
فيما يتعلق بالتبادل التجاري بين البلدين، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإنه خلال عام 2021 بلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والإمارات نحو 3.623 مليار دولار. وخلال أول شهرين من العام الجاري 2022، سجلت قيمة التبادل التجاري بين مصر والإمارات ارتفاعًا لتصل إلى 803.8 مليون دولار وبنسبة زيادة بلغت 21% مقارنة بما حققته 663.5 مليون دولار خلال نفس الفترة من عام 2021.
وحققت قيمة الصادرات المصرية إلى الإمارات ارتفاعًا بنسبة 45.4% لتصل إلى 373.8 مليون دولار خلال أول شهرين من عام 2022 مقارنة بالقيمة التي كانت عليها 257 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي، وفي نفس الوقت حققت قيمة الواردات المصرية من الإمارات زيادة بنسبة 5.8% لتسجل 430 مليون دولار خلال أول شهرين من عام 2022 مقابل 406.5 مليون دولار خلال نفس الفترة من عام 2021.
أما فيما يتعلق بحجم الاستثمارات الإمارتية في مصر، فتعد الإمارات في مقدمة الدول عالميًا من حيث حجم الاستثمارات التي تنفذها في مصر، وبعدد شركات يصل إلى 815 شركة. يستحوذ قطاع الخدمات على جزء كبير من الاستثمارات الإماراتية في مصر بعدد 275 شركة، ثم القطاع الصناعي بعدد 131 شركة، ثم القطاع الإنشائي بعدد 118 شركة، ثم قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بعدد 55 شركة، ثم قطاع التمويل بعدد 49 شركة، ثم القطاع السياحي بعدد 48 شركة. وذلك وفقًا للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، وهناك توجه نحو الاستثمار في قطاع الصحة والتكنولوجيا النظيفة والطاقة والمعادن النفيسة.
وتتطلع الإمارات إلى زيادة الاستثمارات الإماراتية لتصل إلى 35 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، وفي نفس الوقت فإنه مع الجهود التي يقوم بها المكتب التجاري المصري في دبي وذلك لتوفير الدعم المطلوب للشركات الإماراتية المستثمرة في مصر، حققت الاستثمارات الإماراتية في مصر ارتفاعًا بنسبة 26.9% وبقيمة 448.6 مليون دولار خلال الربع الأول من العام المالي 2021/ 2022، مقارنة بما كانت عليه 353.6 مليون دولار في نفس الفترة من العام الماضي 2020/2021، وذلك بحسب الجهاز المركزي للتعبة العامة والإحصاء.
العلاقات المصرية الأردنية
فيما يتعلق بحجم التبادل التجاري بين مصر والأردن، فإنه بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فقد حققت هي الأخرى ارتفاعًا بنسبة 25.1% لتصل إلى 915.6 مليون دولار خلال عام 2021 مقارنة بما كانت عليه 731.7 مليون دولار خلال عام 2020، فنجد أن قيمة الصادرات المصرية للأردن سجلت زيادة بنسبة 23.2% لتبلغ قيمتها 725.4 مليون دولار خلال عام 2021 مقارنة بما كانت عليه 588.9 خلال عام 2020، وتعد سلع مجموعة الوقود والزيوت المعدنية ومنتجات تقطيرها و الخزف والآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية والشحوم والدهون والزيوت الحيوانية والنباتية والخضر والفواكه والألبان ومنتجات صناعة الألبان والمنتجات الغذائية المتنوعة والحديد والصلب والمنتجات الكيميائية غير العضوية من أهم السلع التي تصدرها مصر للأردن خلال عام 2021.
أما قيمة الواردات المصرية من الأردن فقد حققت ارتفاعًا أيضًا بنسبة 33.2% لتصل قيمتها 190.2 مليون دولار عام 2021 مقابل 142.8 مليون دولار عام 2020، ويأتي على رأس السلع التي استوردتها مصر من الأردن الأسمدة ومنتجات صيدلية ومنتجات كيميائية وبن وشاي وخامات معادن وفواكه وورق ولدائن ومواد الدباغة والصباغة وحشو ولباد للمنسوجات وذلك خلال عام 2021.
وفيما يتعلق بحجم الاستثمارات الأردنية في مصر فقد بلغ 600 مليون دولار، ليأتي القطاع الصناعي في مقدمة القطاعات المستثمر فيها بحوالي 320 مليون دولار وبعدد شركات بلغ 614 شركة، أما الاستثمارات في قطاع الخدمات فقد بلغت 66 مليون دولار، وفي قطاع التمويل سجلت الاستثمارات الأردنية قيمة 48 مليون دولار، وأخيرًا قطاع بلغت قيمة الاستثمارات في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات 6 مليون دولار، وذلك بحسب ما صرحت به الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، وفي المقابل بلغ عدد الشركات المصرية في الأردن 499 شركة وبحجم استثمارات بلغ مليار دولار.
مبادرة الشراكة الصناعية التكاملية
بحسب رئاسة مجلس الوزراء، فإنه تم الإعلان عن انطلاق مبادرة “الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة”، وجاءت المبادرة بدعم من قيادات الدول الثلاث (مصر والإمارات والأردن) لتتم خلالها مناقشة آخر مستجدات الأزمة العالمية بوصفها الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية. وكان لدى القادة الثلاثة رغبة تقوم على صياغة استراتيجية تكاملية لقطاعات الصناعة كأولوية، تهدف إلى وضع رؤية للتكامل بين الدول الثلاث لتحقيق نوع من الاكتفاء الذاتي في السلع والمنتجات الأساسية، في ضوء ارتفاع الأسعار العالمية ونقصها، لاسيما وأن المؤسسات الدولية حذرت من قرب حدوث نقص في السلع الرئيسية وفي مقدمتها المواد الغذائية.
وبالتالي، فإن انطلاق المبادرة يعد خطة لها إطار زمني ستسير عليها الدول الثلاث لتنفيذ الأهداف التي انطلقت من أجلها المبادرة، وهناك احتمالية لتطويرها مستقبلًا بما يضمن تحقيق الشراكة التكاملية وللاستفادة من المزايا التنافسية لدى كل دولة.
وفي ضوء ما سبق، نجد أن العلاقات المصرية الإماراتية الأردنية متأصلة وتقوم على الترابط والتعاون على جميع المستويات وبشكل خاص العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وتوجت العلاقات بين الأشقاء بالإعلان أمس عن إطلاق مبادرة “الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة” لتكون بمثابة النور الذي تستهدي به باقي الدول العربية في تحقيق هدف التعاون والتكامل العربي.
فقد تم اللقاء أمس لإرساء قواعد التكامل الاقتصادي في وقت يشهد فيه العالم أزمة اقتصادية تهدد باحتمالية حدوث مجاعة بفعل النقص العالمي في القمح وبعض السلع الغذائية، والخلل في سلاسل الإمدادات العالمية، وارتفاع أسعار الطاقة والتي تركت بظلالها على إغراق العالم في أزمات اقتصادية من تضخم وركود وبطالة وغيرها من التحديات التي خلفتها الحرب الروسية الأوكرانية.
باحثة ببرنامج العلاقات الدولية



