تنشيط سوق الأوراق المالية (البورصة) المصرية
يتمثل الهدف الحقيقي من أسواق الأوراق المالية في توفير الموارد اللازمة لتمويل المشروعات عبر نقل الأموال الفائضة من قنوات الادخار وتوظيفها في قنوات الاستثمار في القطاعات ذات الحاجة إلى تلك الأموال، إلى جانب كونها تمثل حافزًا للشركات المدرجة بالبورصة على ضبط أوضاعها المالية وتعزيز الشفافية والحوكمة، بما يسهم في تحسين أدائها وزيادة ربحيتها.
وهي كذلك أداة رئيسة لتشجيع التنمية الاقتصادية في الدول، وتحقيق العديد من المنافع الاقتصادية؛ وذلك من خلال القدرة على توفير وإعادة تدوير كم مناسب من الأموال لتحقيق السيولة اللازمة للمجتمع؛ عن طريق المساعدة في زيادة مستويات الإنتاج في الاقتصاد؛ من خلال تمويل الفرص الاستثمارية التي تؤدي إلى رفع مستويات الإنتاج ومن ثم رفع مستويات التشغيل أو التوظيف، ومن ثم تحقيق مستويات أفضل للدخول سواء على المستوى الفردي أو المستوى القومي. ومن هذا المنطلق يجب العمل على رفع درجة الوعي الجماهيري بأهمية التعامل في أسواق الأوراق المالية وتحويلهم إلى مستثمرين فاعلين في الاقتصاد القومي.
وتسهم البورصة أيضًا في تمويل عملية التنمية الاقتصادية؛ وذلك بمساعدة حكومات الدول على الاقتراض من الجمهور لأغراض تمويل مشروعات التنمية، والإسراع بمعدلات النمو الاقتصادي لديها. وبالرغم من هذا الدور الحيوي الذي تلعبه سوق الأوراق المالية إلا أن السوق المصرية تواجه عددًا من التحديات، الأمر الذي يعيق أدائها للدور التنموي المنوط بها لتعزيز التنمية الاقتصادية.
وتتمثل أبرز التحديات في انخفاض أعداد الكيانات المقيدة بالبورصة المصرية مقارنة مع الأسواق المحيطة، بما أدى إلى ضعف رأس المال السوقي بالبورصة، وتحولها إلى وعاء ادخاري ضعيف، وهو ما أدى إلى اعتماد المتعاملين الأفراد على أسهم المضاربات وعدم تفضيل الاستثمار بشكل طويل الأجل. ومما سبق يتضح لنا مدى الحاجة إلى اتخاذ إجراءات سريعة نحو تطوير سوق الأوراق المالية للاضطلاع بدورها في دعم الاقتصاد المصري، وتوفير التمويل اللازم للشركات والمؤسسات.
وإيمانًا بأهمية سوق الأوراق المالية في دعم النشاط الاقتصادي، اتخذت الحكومة المصرية عددًا من الإجراءات لتطوير السوق، يأتي في مقدمتها إعلان الحكومة عن مجموعة من المحفزات الجديدة تتعلق بالتعاملات الضريبية للبورصة، بهدف تقليل الحصيلة الخاضعة للضريبة، وإلغاء رسوم التداول بكافة أنواعها، بجانب الأخذ في الاعتبار تكلفة الفرصة البديلة، وتخفيض ضريبة الأرباح الرأسمالية بـ 50% على الطروحات الجديدة لمدة عامين.
وشملت كذلك تخفيض الضريبة المفروضة على عمليات استحواذ الشركات المقيدة على أخرى غير مقيدة والتي تتم عبر مبادلة الأسهم، لتصل إلى 10% بدلًا من 22.5%، مع عدم فتح ملفات ضريبية للمتعاملين في البورصة، مع إعفاء صناديق الاستثمار من الضريبة، وتخفيض نسبتها إلى 5٪ على الربح المحقق للأفراد حاملي الوثيقة عند تسييلها.
هذا بجانب مبادرة السيد رئيس الجمهورية بتخصيص 20 مليار جنيه من البنك المركزي في مارس 2020؛ لدعم استقرار التداولات في البورصة المصرية. وإنشاء صندوق لتمويل شركات الوساطة المالية بما يعمل على زيادة حجم السيولة بالبورصة المصرية ودخول مستثمرين جدد.
هذا مع الإعلان عن البدء في تفعيل برنامج الطروحات الحكومية وشركات القوات المسلحة من خلال إسراع وتيرة طرح حصص من الشركات الحكومية؛ مع الإعلان رسميًّا عن برنامج الطروحات الحكومية كاملًا، والبدء بشركات/ قطاعات تحظى باهتمام المستثمرين؛ بهدف استهداف إدراج “أكبر عدد ممكن من الشركات المملوكة للدولة” في البورصة المصرية، مما يسهم في تعزيز رأس المال السوقي في البورصة، ورفع مستوى حوكمة أدائها.
وسوف يتم الإعلان عن برنامج لطرح شركات تابعة للقوات المُسلحة، والإفصاح عن المعلومات التفصيلية لتلك المُبادرة في أقرب وقت ممكن، هذا بالإضافة إلى تعزيز طروحات الشركات الصغيرة والمتوسطة، من خلال تبني مبادرة مشتركة بين جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر والبورصة لدعم وتأهيل الشركات التي تُلبي الحد الأدنى لمتطلبات الإدراج.
إلى جانب ابتكار حلول وخدمات مالية غير تقليدية، وتطوير الخدمات المالية الإسلامية لتتناسب مع طبيعة المستثمر المصري، وتسهيل شروط القيد بالبورصة وخاصة بورصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة (بورصة النيل) كمحاولة محاولة لجذب مزيد من المستثمرين الجدد للدخول في السوق.
وتعمل الحكومة المصرية على تهيئة بيئة مواتية لنمو صناديق المستثمرين المؤسسيين؛ حيث تحتاج السوق إلى مزيد من صناديق الاستثمار، وتحفيز المستثمرين السياديين؛ حيث تؤدي الصناديق السيادية دورًا رئيسًا في تنمية السوق وضبطها، وتحسين ممارسات حوكمة الشركات.
كل هذا جنبًا إلى جنب مع الترويج إلى توجه سوق الأوراق المالية المصرية نحو الاستدامة، وتعزيز الاستفادة من انضمام مصر لمبادرة أسواق الأوراق المالية المستدامة، بين 100 سوق عالمية، ونشر الوعي المجتمعي، وتطوير تطبيق إلكتروني لحماية المستثمر، والإبلاغ عن أي مُخالفة في سوق المال.