
تعمل وزارة النقل على مشروعات متعددة في قطاعات مختلفة مع الدول الإفريقية، سواء كانت مشروعات الربط مع الدول الجوار، أو تعزيز البنية التحتية عن طريق مشروعات الطرق والكباري وتطوير الموانئ البحرية والجافة، وكذلك مشروعات السكك الحديد، فمصر تضع جميع إمكانياتها للتنسيق والتعاون مع السودان في جميع قطاعات النقل. وقد تم الانتهاء من كافة الدراسات البيئية والفنية المتعلقة بإنشاء خط سكك حديدية يربط مصر بالسودان وتحديدًا بمنطقة الشرق؛ من أجل خدمة التجمعات السكنية والزراعية والتجارية.
أكبر المشروعات الاستراتيجية بين البلدين
وقّعت وزيرة التعاون الدولي الدكتورة “رانيا المشاط”، اتفاقية مع مدير عام “الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية” مروان عبد الله الغانم، عبارة عن منحة بقيمة 750 ألف دينار كويتي، أي ما يعادل 2.5 مليون دولار للمساهمة في إعداد دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية والبيئية للمشروع، وكان لمصر تعاون آخر مع هذا الصندوق في مشاريع تنموية عديدة، لاسيما ضمن برنامج تنمية شبه جزيرة سيناء.
ومن المقرر أن تشمل الدراسة تحديد الجدوى الفنية والاقتصادية والمالية للمشروع، ودراسة المردود البيئي والاجتماعي، ومراجعة الدراسات السابقة حول المشروع وطبيعة شبكتي السكك الحديدية، بالإضافة إلى دراسة المسارات المتاحة وتحديد مكونات المشروع بما فيها شبكات السكة الحديدية وأنظمة الإشارة والاتصالات وأنظمة القوي الكهربائية والمنشآت المساندة وموقع المحطة التبادلية، وإعداد التصاميم الأولية، وتحديد تقديرات تكاليف المشروع واقتراح أنسب أسلوب للتنفيذ. وبدورها، أعلنت وزارة النقل الانتهاء من الدراسات الأولية بشأن الربط السككي بين البلدين، وأكدت أن هناك دراسات تجري على الأرض مع جامعة القاهرة في هذا الشأن، من أجل تسهيل التنقل بين الشعبين.
مشروع عملاق يربط بين البلدين الشقيقين
يعود المشروع الذي من شأنه أن يوطد العلاقات بين البدين للنور مرة أخرى بعد أن تأجل بسبب الأحداث التي مر بها السودان وانتهت بالإطاحة بالرئيس السوداني السابق “عمر البشير”، ولكن فكرة هذا المشروع تعود لعام 2018، عندما طرحه الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال زيارته للخرطوم، وأمر بالتوجه فورًا من أسوان عبر غرب النيل إلى منطقة أبو سمبل، ثم إلى وادي حلفا، سواء من شرق أو غرب النيل، وتم بالفعل تشكيل لجنة وزارية من البلدين لمتابعة تنفيذ المشروع إلا أنه تعثر في أعقاب الأحداث التي اندلعت في السودان بداية 2019.
وعن خطة المشروع، يستهدف خط السكك الحديدية الربط بين البلدين ونقل الركاب والبضائع معًا، انطلاقًا من عروس البحر المتوسط الإسكندرية، وصولًا إلى الخرطوم، ممتدًا بطول 900 كم تقريبًا، وبسبب قدم وتهالك شبكة السكك الحديدية السودانية، سيتم تنفيذ هذا الخط وفقًا لمواصفات شبكة السكك الحديدية المصرية الأحدث.
والمرحلة الأولى من هذا المشروع تمتد من منطقة السد العالي بأسوان في مصر إلى أبو سمل بطول 285 كم، على أن يتم الربط من أبو سمبل إلى وادي حلفا في السودان كمرحلة ثانية، ممتدة بطول 80 كم، ومن المخطط أن يمتد هذا الخط في المستقبل لربط مصر بكافة الأراضي السودانية.
أهداف وتكاليف مشروع الربط بين البلدين
يهدف هذا المشروع في المقام الأول إلى تعظيم حجم التجارة بين مصر والسودان، وذلك وفقًا لتشديدات من الرئيس عبد الفتاح السيسي أن يتم تنفيذ كل ما يحتاجه الشعب السوداني، وذلك عن طريق إنشاء محطة تبادلية في “وادي حلفا”؛ لسهولة ربط السكك الحديدية المصرية بالسودانية، وسط تكلفة مبدئية تقدر بنحو 5 مليارات جنيه، وتقدر تكلفة الكوبري الرابط بين سكتي الحديد فقط بـ 2 مليار جنيه. ومن المقدر أن يتم الانتهاء من المشروع في غضون 3 سنوات من تاريخ البدء فيه، وسيتم تحديد المسار الأصلح والأسرع والأقصر، والذي يقوم في نفس الوقت بخدمة تجمعات سكنية كبيرة.
ولن يقتصر الأمر على الربط وفقط، فمن المقرر أن تقوم وزارة النقل المصرية بالتكفل بإصلاح 60 جرار سكك حديدية في السودان، ورفع كفاءة السكك الحديدية القديمة والمتهالكة، وباستعراض الاتفاق بين الجانبين، تم توقيع عقد جديد لصيانة وإصلاح 4 قاطرات سكك حديد سودانية بورش «إيرماس» التابعة لهيئة السكة الحديد، بناءً على طلب الجانب السوداني.
ولم ينس المشروع الاهتمام بالجانب البشري الأساسي في هذه التجربة، فتم الاتفاق أيضًا على التدريب العلمي في معهد “وردان”، الذي يعد أكبر معهد لعلوم وتكنولوجيا السكك الحديدية في الشرق الأوسط، إذ إن المعهد جاهز لاستقبال أي أعداد من الجانب السوداني تريد التدريب في كل مجالات السكك الحديدية.
وأخيرًا، يبدو أننا أمام شريان جديد من شرايين التواصل والحياة بين الشعبين المصري والسوداني، ممثلًا في الربط السككي، الذي سيسهل التعاون التجاري بينهما، ونحن في انتظار أن يرى النور قريبًا.
باحثة بالمرصد المصري