مراكز أخرى

مركز القدس للشؤون العامة الإسرائيلي: كيف تختلف الحرب الروسية الأوكرانية عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني؟

عرض – هبة شكري

نشر مركز القدس للشؤون العامة في إسرائيل تقريرًا، تحت عنوان ” كيف تختلف الحرب الروسية الأوكرانية عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني؟”، أعده السفير “آلان بيكر” وهو مدير المركز ورئيس منتدى القانون الدولي، وشارك في مفاوضات وصياغة اتفاقيات أوسلو، وكذلك في اتفاقيات ومعاهدات السلام مع مصر والأردن ولبنان، وشغل منصب المستشار القانوني ونائب المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية، ومنصب سفير إسرائيل في كندا.

رأى التقرير أن محاولات مقارنة أو مساواة الممارسات الروسية وما تقوم به موسكو من انتهاكات جسيمة للقانون الدولي في أوكرانيا بتصرفات إسرائيل للدفاع عن مواطنيها من الهجمات الإرهابية الفلسطينية تفتقر بشكل واضح إلى حسن النية وإلى الشعور الأساسي بالعدالة والتناسب؛ إذ رأى أن الدافع وراء مثل تلك المحاولات سطحي وكاذب ومخادع، فأولئك الذين يحاولون التلاعب بالوعي الدولي من خلال مساواة العدوان الروسي وجرائم الحرب بإجراءات إسرائيل للدفاع عن مواطنيها تدفعهم نزعة طاغية وغير مسؤولة لتشويه سمعة إسرائيل والتشهير بها ونزع الشرعية عنها.

حسبما ورد بالتقرير، فإن روسيا تشن حربًا عدوانية مفتوحة ورفيعة المستوى من خلال قيامها بقصف عشوائي وواسع النطاق لمراكز السكان المدنيين والمدارس والمستشفيات ومحطات السكك الحديدية، فضلًا عن المراكز والمعالم الدينية والثقافية، وهو ما يدخل في إطار انتهاك قواعد ومبادئ القانون الدولي الإنساني.

على الصعيد الآخر، تشمل الممارسات الفلسطينية استخدام المرافق المدنية، مثل المدارس والمستشفيات والعيادات والمساجد والمنازل الخاصة، كمرافق لتخزين الأسلحة ومواقع الصواريخ. فقد أنشأت “المنظمات الإرهابية الفلسطينية” شبكة واسعة من الأنفاق التكتيكية تحت البلدات الفلسطينية والطرق المدنية والمنشآت المهمة.

وأنكر التقرير قيام إسرائيل بشن أي حرب عدوانية رفيعة المستوى ضد جيرانها الفلسطينيين وغيرهم، وأنكر استخدامها لأسلحة محظورة ولا إنسانية، أو حتى استهدافها عن عمد المدنيين أو التجمعات المدنية أو المواقع الدينية والثقافية والتعليمية والطبية. ودعا المؤسسات البرلمانية الوطنية والقادة الذين يحترمون أنفسهم والمؤسسات الإعلامية المسؤولة، حسبما وصفهم التقرير، إلى الرفض الفوري لمثل هذه المحاولات الوهمية لنزع الشرعية عن إسرائيل.

وأشار التقرير، لقد أدى الصراع المأساوي بين روسيا وأوكرانيا، مع المجموعة الواسعة من القضايا الإنسانية والسياسية والقانونية التي نشأت ولا تزال تتطور، إلى تنفيس العديد من الظواهر غير المتوقعة في الدعاية الاستغلالية التي تهدف أساسًا إلى تشويه سمعة إسرائيل. واعتبر أن العديد من المجموعات السياسية والمنظمات والسياسيين وكتاب الأعمدة الذين يسعون إلى تعزيز أجنداتهم السياسية الخاصة أو تكييف حقائق الموقف مع مثل تلك الأجندة، يحاولون ابتكار أوجه تشابه بين الحرب الروسية الأوكرانية الجارية، والصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وأرجع التقرير ذلك إلى عدة عوامل، اعتقد أنها تشكل دافعًا لتلك الظاهرة، أوجزها في الآتي:

أولًا: وقبل كل شيء، الخوف من أن الحرب الروسية الأوكرانية، مع اللقطات اليومية للانتهاكات الواسعة والجماعية للقانون الإنساني الدولي وجرائم الحرب، قد تلقي بظلالها على الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وتزيله عن صدارة الاهتمام الدولي، مما يقلل من مكانته. 

ثانيًا: هناك مخاوف مصاحبة من أن المجتمع الدولي، الذي يشهد في الوقت الحقيقي مأساة بسبب الأزمة في أوكرانيا، قد انشغل لوقت الطويل وبصورة مملة بإسرائيل. حيث تم تأجيج هذا الهوس بشكل مصطنع ودون توقف من خلال حملة دعائية جيدة التجهيز بالمنظمات الدولية بقيادة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة. علاوة على ذلك، فقد تركوا إرثًا من مئات القرارات التي تم إنشاؤها سياسيًا والتي تهدف إلى إفراد إسرائيل ونزع الشرعية عنها، مثلما حدث في الآونة الأخيرة من قيام مجموعات حقوقية بارزة، مثل منظمة العفو الدولية، بنشر تقارير لاذعة تزعم أن إسرائيل لديها نظام فصل عنصري.

ثالثًا: من المحتمل أن يصل النزاع الروسي الأوكراني المسلح عاجلًا أو آجلًا إلى الانتهاء أو الفجوة، بينما من شبه المؤكد أن المعركة منخفضة الحدة بين الإسرائيليين والفلسطينيين ستستمر في الاشتعال مع اندلاع العنف بشكل دوري ومتجدد.

لذلك، رأى التقرير أنه بهدف تحضير الساحة الدولية لمثل هذا الاحتمال، يسعى هؤلاء المروجون أنفسهم إلى استغلال حالة الصدمة والسخط والحساسية لدى المجتمع الدولي في مواجهة الانتهاكات الروسية الهائلة للقانون الدولي لإنشاء منصة موازية يمكن من خلالها خلق مقارنات مع تعامل إسرائيل مع “الإرهاب والعنف الفلسطيني”. 

وتوقع أن يستغل هؤلاء المروجون المنتظمون للدعاية المعادية لإسرائيل الموجة الحالية من السخط الدولي في سياق حرب أوكرانيا لتجديد وتنشيط حملتهم لنزع الشرعية عن إسرائيل مهما كانت الوسائل. لكنه اعتبر أن محاولات مساواة أفعال إسرائيل ردًا على “الإرهاب والعنف الفلسطيني” بانتهاكات روسيا الهائلة للقانون الدولي في أوكرانيا ستكون غير واقعية ووقحة ومتلاعبة ويجب رفضها بشكل قاطع.

وأضاف، إن التمايز بين الوضع الروسي الأوكراني والصراع الإسرائيلي الفلسطيني واضح لا لبس فيه، ورأى أن هناك ضرورة للتأثير في المجتمع الدولي ووسائل الإعلام على نحو يمنع التلاعب الكاذب ضد إسرائيل. وأرجع هذا التمايز إلى الآتي:

تشن روسيا حربًا عدوانية مفتوحة ورفيعة المستوى بقصف عشوائي وواسع النطاق لمراكز السكان المدنيين والمدارس والمستشفيات ومحطات السكك الحديدية، فضلًا عن المراكز والمعالم الدينية والثقافية، في انتهاك لأساسيات قواعد ومبادئ القانون الدولي الإنساني.

تستخدم روسيا القنابل العنقودية وأشكال أخرى من الأسلحة في انتهاك للاتفاقيات والبروتوكولات الدولية التي تحظر مثل تلك الأسلحة.

تسببت روسيا في تهجير أعداد كبيرة من اللاجئين الذين يشكلون نسبة كبيرة من السكان المدنيين في أوكرانيا من منازلهم وبلداتهم وقراهم.

انتهاكات روسيا للقانون الدولي هي موضوع دعوى ضدها من قبل أوكرانيا في محكمة العدل الدولية في لاهاي. وتم توثيق انتهاكات القانون الإنساني الدولي من قبل القيادة الروسية والقادة العسكريين في العديد من الشكاوى المقدمة إلى المحكمة الجنائية الدولية من قبل دول أعضاء في المجتمع الدولي.

وشدد التقرير بصورة قاطعة على عدم وجود مقارنة بين سلوك روسيا وإسرائيل؛ حيث تواجه إسرائيل الإرهاب المستمر الذي يشمل هجمات صاروخية دورية واسعة النطاق ضد سكانها المدنيين والحفر المستمر للأنفاق الهجومية تحت أراضيها السيادية لشن هجمات داخل مدنها، فضلًا عن مواجهتها لهجمات من قبل أفراد فلسطينيين محرضين في بلداتها وقراها مستوحاة من منظمات إرهابية يكمن هدفها الرئيس في ترويع سكان إسرائيل.

وأشار إلى أن أسلوب العمل الفلسطيني يشمل استخدام المرافق المدنية، مثل المدارس والمستشفيات والعيادات والمساجد والمنازل الخاصة، كمرافق لتخزين الأسلحة ومواقع الصواريخ. بالإضافة إلى ذلك، يستخدمون المباني التجارية الشاهقة كمقرات تكتيكية وتشغيلية. ربما يكون هذا الانتهاك الساخر للمعايير الإنسانية يظهر بشكل صارخ في الشبكة الواسعة من الأنفاق التكتيكية التي شيدتها المنظمات الإرهابية الفلسطينية تحت البلدات الفلسطينية والطرق المدنية والمرافق الهامة.

وأفاد التقرير، أن إسرائيل ملزمة بموجب عقيدتها العسكرية بتجنب وقوع إصابات بين المدنيين على الرغم من هذه التكتيكات الفلسطينية. فقبل أي عمل عسكري، وفي كثير من الأحيان أثناء المساس بميزتها التكتيكية، تقدم إسرائيل إنذارًا مبكرًا للمدنيين حتى يتمكنوا من النأي بأنفسهم.

وعلى الصعيد الآخر، تشارك “الجماعات الإرهابية الفلسطينية” بشكل منتظم وعلني في الإرهاب البيئي والزراعي في انتهاك للاتفاقيات والأعراف الإنسانية والبيئية الدولية باستخدام أسلحة غير قانونية، وتقوم بإطلاق طائرات ورقية وبالونات حارقة، بالإضافة إلى إطلاق الدخان والأبخرة السامة على السكان المدنيين في إسرائيل والمناطق الزراعية. وعلى الرغم من هذه الانتهاكات الفلسطينية، فإن إسرائيل تبذل جهودًا كبيرة لتلتزم بصرامة بجميع الأعراف والمبادئ والاتفاقيات الدولية ذات الصلة في التعامل مع مثل هذه الانتهاكات الفلسطينية، حسبما ذكر التقرير.

ووفقًا للتقرير، فعلى عكس الوضع في الصراع بين روسيا وأوكرانيا، لا تستهدف إسرائيل مرافق المرافق العامة الفلسطينية أو محطات الطاقة أو المواقع والمعالم الأثرية ذات الأهمية الدينية أو الثقافية أو التاريخية، وتتيح إسرائيل التدفق المستمر إلى المناطق الفلسطينية لآلاف الشاحنات التي تحمل الإمدادات والأغذية والمؤن والأدوية والمواد عبر نقاط العبور الحدودية المختلفة.

واعتبر أن التكتيكات السياسية الفلسطينية تشمل التلاعب بالمحكمة الجنائية الدولية وإساءة استخدامها من خلال المحاولة العلنية لتحويلها إلى منظمة سياسية دولية مكرسة لنزع الشرعية عن إسرائيل في انتهاك لنظامها الأساسي.، حيث يتم ذلك من خلال إحالة مئات الشكاوى الملفقة إلى المحكمة على الرغم من الوضع القانوني المشكوك فيه لمثل تلك الشكاوى وكذلك الشكوك القانونية حول وضع الفلسطينيين أمام المحكمة.

واختتم التقرير بأنه يتضح مما سبق أن محاولات إجراء مقارنة بين الأعمال الهائلة والوحشية للجيش الروسي في أوكرانيا وردود الفعل الدولية عليها ورد إسرائيل في الدفاع عن سكانها المدنيين من الإرهاب الفلسطيني المستمر، هي محاولات مصطنعة ومفتعلة إلى حد كونها متعمدة وخبيثة بطبيعتها. ودعا جميع المؤسسات والقادة البرلمانيين والمؤسسات الإعلامية إلى الرفض الفوري لمثل هذه المحاولات الوهمية لنزع الشرعية عن إسرائيل.

هبة شكري

باحثة ببرنامج العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى