
د. مصطفى الفقي: الفقر قنبلة موقوتة بالنسبة لاحتضان الظاهرة الإرهابية ولا يمكن الفصل بين البعدين الاقتصادي والاجتماعي لها
قال المفكر السياسي ومدير مكتبة الإسكندرية الدكتور مصطفى الفقي في كلمته خلال الجلسة الثانية لندوة تكلفة الإرهاب التي انعقدت اليوم بمقر وزارة التضامن الاجتماعي، إن الإرهاب ظاهرة عامة وضخمة، يتم الدخول لها من جوانب كثيرة دينية وسياسية واقتصادية وغيرها حسب تخصص من يقوم بالدراسة، ولذلك يجب الاتفاق على منهجية بحث أكثر فاعلية تقوم في البداية بتصنيف الظاهرة الإرهابية بأنها ظاهرة عامة وكبيرة، ثم يتم الدخول لتفريعاتها وتشعباتها بعد ذلك، خاصة وأن الظاهرة الإرهابية أرقت العالم ولم تعد حكرًا على مجتمعات إسلامية أو عربية.
وأضاف أنه عند تناول البعد الاجتماعي يجب أن نعي أنه يتضمن البعد الاقتصادي؛ إذ إن البعدين لا يمكن فصلهما، وذلك لأن الاقتصاد هو العامل الأول المؤثر في الظاهرة الاجتماعية ومن ثم في الاتجاه للعنف أو الإرهاب. مؤكدًا أن البُعد الثقافي هو البُعد الأخطر في الظاهرة الإرهابية؛ وذلك لأننا عندما كنا نشاهد أسامة بن لادن في تورا بورا وجورج بوش في البيت الأبيض، وعينا حجم الهوة الثقافية وحالة البعد والتجافي بين المجتمعات التي ينتج عنها عداوة بين الإنسان وما يجهله.
وأوضح أنه يجب الإشارة إلى أن الفقر يعد قنبلة موقوتة بالنسبة لاحتضان الظاهرة الإرهابية، ورغم ذلك فقد رأينا أحد طلاب الجماعة الأمريكية أصبح عضوًا في داعش ولكن بشكل عام فإن الفقر هو الظاهرة الأهم التي ترتبط بالإحباط، وهنا تكمن المشكلة الحقيقية لأن طموحات الناس واسعة ولكن قدرتهم على تنفيذ مخططاتهم تكون محدودة في كثير من الأحيان بسبب ضعف الإمكانات الاقتصادية، وحالة الإحباط هذه ينتج عنها حالة من الرفض للواقع التي قد يتم تبني العنف للتعبير عنها. ولكن نؤكد مرة أخرى أن الفقر ليس وحده العامل المؤثر ولكنه الحاضن الأهم للبيئة الإرهابية بما يتضمنه من غياب احتياجات الحياة الأساسية.
وفيما يخص البعد الثقافي، أكد “الفقي” أن هذا البعد أصبح الحاكم في العلاقات الدولية المعاصرة، فنحن اليوم نتحدث عن العولمة والحرب على الإرهاب وصراع الحضارات، وكلها ظواهر ثقافية تؤثر بشكل كبير في العلاقات الدولية وتفرض نفسها عليها، ومن هنا فإن عدم القدرة على فهم الآخر ينجم عنها عنف، وفي مصر على وجه التحديد عندما تنامت العلاقات بين الأطراف المختلفة المسلمين والمسيحيين انخفضت العمليات الإرهابية، والعدد القليل الذي تبقى منها أصبح غير مفهوم ولا يمكن تبريره.
وشدد مدير مكتبة الإسكندرية في ختام كلمته على أهمية عدم إغفال أهمية التعليم؛ وذلك لما يلعبه من دور كبير ومحوري في تسويق إنتاج مصر الثقافي الذي يتناسب مع حجمها وتاريخها في الإقليم، بالإضافة إلى تسليط الضوء على المؤسسات الدينية ومساعدتها على الانفتاح والتواصل مع التيارات والفئات المختلفة، معربًا عن تمنياته أن يكون المشروع البحثي نقلة نوعية لتناول الظاهرة الإرهابية بشفافية.