
د. أحمد زايد: الإرهاب يُحدث انقسامًا في المجتمع ويعطل التنمية
قال الدكتور أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة، وعضو مجلس الشيوخ المصري، إن هناك فرقًا بين التكلفة والسبب النتيجة، ففي بعض الأحيان يحدث قدر كبير من الخلط بين السبب والتكلفة والنتيجة، واعتقد أن هذا البحث لابد أن يركز على التكلفة الاقتصادية والاجتماعية، وأنا سوف أركز على الجوانب الاجتماعية لأنها هي التي يحدث بها التداخل بشكل أكبر، حيث إن التكلفة الاقتصادية واضحة.
وأضاف أن الفكرة الأساسية وراء هذا المشروع أن الإرهاب يُعطل التنمية، وهذه حقيقة لأن في هذه الحالة لا تستطيع الدولة الوطنية إكمال مشروعها، وبالتالي يحدث في قضية التنمية الكثير من العقبات التي تعطل هذا المشروع والتي تدفع الدولة إلى إعادة تخصيص ما تنفقه على البشر في خدمات تعليمية وصحية واستثمار ورفع الدخل القومي ورفع معدلات النمو، إلى مجال مكافحة الإرهاب، وبالأخص في التسليح والتدريب أو معالجة الآثار الضارة بالإرهاب.
وذكر أن هناك موضوعات تتصل بقطاعات معينة من الاقتصاد، ومن الممكن أن يكون لها آثار اجتماعية، فعلى سبيل المثال، عندما يُضرب قطاع السياحة (كانت السياحة مقصد كبير من مقاصد الإرهاب) تحدث آثار اجتماعية خطيرة في معدلات البطالة وتوقف المشروعات عن العمل، مما يؤدي إلى تعطل الشباب عن العمل، وبالتالي تتأثر أسر كثيرة جدًا بهذا التعطل، فعندما يكون أحد أفراد الأسرة عاطلًا يكون هناك شكل من أشكال القلق والخوف والفزع في هذه الأثر. وبالتالي رغم وضوح الأثر الاقتصادي إلا أن هناك تشبيكات وتوابع اجتماعية مهمة جدًا ويمكن ملاحظتها على الدائرة المرتبطة بهذا الموضوع.
وقال الدكتور أحمد زايد إنه إذا تحدثنا عن اللا تماسك أو الخلل الاجتماعي أو الانقسام في موضوع الإرهاب، لابد من الحديث عن نوعية الإرهاب، كون الظاهرة ليست متشابهة، فهناك إرهاب موجه إلى فئات معينة داخل المجتمع ويكون مرتبط بقوى خارجية تساندها قوى داخلية، وهذا كان شكل الإرهاب الذي يعاني منه المجتمع المصري؛ فجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية والجماعات الجهادية يكون لهم وجهة معينة تجاه الأقباط، وهذا ما يحدث الانقسام والخلل، لذلك لابد من النظر إلى الآثار الاجتماعية التي ترتبط بنوعية معينة من العمليات الإرهابية.
وأضاف أنه إذا انتقلنا لموضوع العشوائيات، وهنا يتضح الفصل الواضح بين السبب والنتيجة، حيث نجد أن العشوائيات بما فيما من تردي حضري وتكدس سكاني وانخفاض شديد في نوعية الحياة، تؤدي لمظاهر من الحرمان تؤدي بدروها إلى إنتاج وتفريغ التطرف والإرهاب. والأم من ذلك النظر إلى كيف يمكن أن يخلق الإرهاب عشوائيات خاصة به لأن كلما يكون الإرهاب موجه لمجتمعات معينة (مجتمعات فقيرة وبها تكدس حضري وهامشية حضرية) في هذه الحالة يحدث للسكان تقلقل، ففي بعض المجتمعات مثل سوريا وأوكرانيا يترك السكان الدولة ويغادروا، وهنا تُخلق أشكال جديدة من الفقر. وبالتالي، هنا لا أفهم العشوائية على أنها سبب وإنما نتيجة، لأن حركة الأشخاص ورأس المال يحدث جفاف في مصدر الدخل وينتشر الفقر، وتظهر عشوائيات جديدة بها خلل سكاني وتردي حضري.
ولفت أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة إلى أنه مثلما يخلق الإرهاب انقسامًا في المجتمع ويجعل الآخر يتمزق (الأنا الجمعية تتمزق) وهذا يؤدي إلى متلازمة نفسية اجتماعية فيما بعد الإرهاب (تروما ما بعد الإرهاب) خاصة إذا كان الإرهاب عنيف وبه نوع من القتل الشديد الذي يمارس ضد جماعات بعينها مثل الشيعة والمسيحيين، فقد رأينا في محافظة المنيا سحل سيدة، وهذه أشكال من الإرهاب يُمكن أن تخلق تروما ما بعد الصدمة، وانتشار الهلع والخوف والفزع، وفقدان الثقة وهذا الأخير عنصر مهم في تكوين اللحمة الوطنية. كما يخلق الإرهاب الكثير من القلق على المستقبل وأشكال من عدم الأمن وعدم اليقين، وعدم الارتباط بين القواعد الأساسية في المجتمع وبين النخبة المركزية.
وأوضح أن تروما ما بعد الإرهاب تحتاج إلى تقديم ورقة بشأنها، كونها مهمة في فهم الجوانب الاجتماعية والثقافية للإرهاب، وأكد مرة أخرى على ضرورة الفصل الشديد من أسباب وتكلفة الإرهاب والسياسات التي يجب اتباعها لمواجهة هذه الظاهرة.