الصحافة المصرية

تيكاد 7 .. خطوة رئاسية متكاملة…أفعال لا أقوال

استكمل الرئيس عبد الفتاح السيسي جدول أعماله خلال حضوره مؤتمر طوكيو للتنمية الإفريقية “تيكاد 7″، والتي جاءت لتستكمل الخطة الموضوعة للدولة المصرية تجاه القارة الإفريقية من ناحية ولدعم استراتيجية الدولة المصرية من ناحية أخرى.

بدأ الرئيس نشاطاته خلال أعمال اليوم الأول بكلمته الافتتاحية التي أكدت على عمق العلاقات الاستراتيجية بين إفريقيا واليابان، وجاءت كلمة السيد الرئيس مدعومة بالأفعال التي تتناسب وكلمته الافتتاحية والتي نوه أنها تتفق وكلمته عند توليه مسئولية رئاسة الاتحاد الإفريقي للعام الجاري قائلاً: “سنسعى لتعميق التعاون مع شركاء القارة الحاليين لاعتماد خطط تنفيذية قابلة للتفعيل وتعود على شعوب القارة بنتائج ملموسة”. مما يوضح أن رئاسة مصر لإفريقيا تأتي لتحقيق التكامل والإندماج القاري، وهو ما دعمها اللقاءات التي قام بها الرئيس على هامش أعمال القمة للخروج بنتائج نستطيع تحقيقها على ارض الواقع وليس مجرد توصيات.

أفعال لا أقوال


يمكن وصف نشاطات السيد الرئيس على هامش قمة “تيكاد 7” بأنها “أفعال لا أقوال “، والتي تناولت كافة المناحي السياسية والاقتصادية والدبلوماسية وهو ما يتفق ورسالة الرئيس السيسي في كلمته الافتتاحية والتي تضمنت محاور القمة “التنمية الإفريقية من خلال الإنسان، والتكنولوجيا، والابتكار”، ويمكن تقسيم لقاءات الرئيس السيسي على هامش أعمال القمة خلال اليومين الأول والثاني في:

لقاءات دبلوماسية وسياسية:

فقد شهد اليوم الأول للزيارة لقاء الرئيس السيسي مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، والتي تمثلت في رسالة طمأنة للحكومتين المصرية اليابانية بشأن الإثناء على خطة الاصلاح الاقتصادي، واستعداد الطرفان لعقد شراكات استثمارية، وكما اشار الرئيس السيسي خلال كلمته بأن منطقة “يوكوهاما” هي بوابة الانفتاح الخارجي، فإن مصر هي بوابة الانفتاح على العالم وربط اليابان وكافة دول العالم من خلال توفير بنية تحتية مؤهلة وموقع استراتيجي في قلب العالم، وهو ما يجب التركيز عليه في اللقاءات الاستثمارية الخارجية المقبلة، والتي يؤكدها ايضاً كلمة آبي للسيد الرئيس حول دول مصر الإقليمي المحوري في المنطقة، إلى جانب الرؤية الموحدة حول الحلول السياسية لمشاكل القارة، ودرء الإرهاب، وتضمنت المحادثات حول مجالات (التعليم والثقافة والتكنولوجيا والطاقة، والنقل، بالإضافة إلى المتحف المصري الكبير الذي يعد أيقونة للتعاون الثقافي والحضاري بين البلدين والذي من شأنه أن يدعم قطاع السياحة في مصر).
التقى الرئيس السيسي في اليوم الثاني لأعمال القمة وأنطونيو جوتيريش، سكرتير عام الأمم المتحدة، والتي تتفق مع الاستفادة من الحدث من خلال اللقاءات مع كافة منظمي القمة، وجاء عنوان اللقاء كما اشار الرئيس السيسي نحو “تطلع مصر لمواصلة التعاون والتنسيق مع المنظمة الأممية لتعزيز دورها الأساسي في معالجة الملفات ذات الأولوية للدول النامية، وكذا تمويل تطبيق أجندة التنمية المستدامة 2030” ، وبدوره اشار جوتيريش إلى دور مصر في تحقيق الاستقرار وإرساء السلام والمساهمة في عمليات حفظ السلام، إلى جانب الجهود المصرية الناجحة في رئاسة الاتحاد الأفريقي هذا العام، وتتمثل جهود الشراكة بين الطرفين ليتفق واجندة مصر في غطار رئاستها للاتحاد الإفريقي والمتمثلة في “مجال إعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات في أفريقيا، وبما يسهم في تحقيق الأهداف على صعيد مبادرة الاتحاد الإفريقي لإسكات البنادق 2020 واستكمال وتعزيز بنية السلم والأمن الأفريقية للارتقاء بقدرات وآليات القارة للحفاظ على أمنها واستقرارها، وكذلك تحقيق خطوات ملموسة على مسار تطبيق أجندة أفريقيا 2063، ومواصلة التقدم المحرز في تنفيذ أجندة التنمية 2030 في أفريقيا”.، هذا بالإضافة إلى التشاور والتنسيق حول ملفات ليبيا وسوريا.
كما شهد اليوم الثاني لقاء الرئيس السيسي مع الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، والذي تضمن الحديث عن الملفات المشتركة بين البلدين والمتمثلة في “العلاقات التاريخية بين البلدين، والسياسية وخاصة في مجال حفظ السلام ومكافحة الإرهاب، والشراكات المصرية الأوغندية في المجالات الاقتصادية ودعم التنمية والدعم الفني المصري في مجال بناء القدرات، وتعزيز التكامل بين الدول الأفريقية، خاصةً في المجالات الاقتصادية والتجارية وتطوير البنية التحتية، كما تناولت المباحثات ملف مياه النيل من خلال الدعم التنموي).

لقاءات ذات طابع اقتصادي:

فبجانب لقاء الرئيس في اليوم الأول ورئيس الوزراء شينزو آبي والتي تضمنت ايضاص عدة جوانب اقتصادية، كما قام الرئيس السيسي بتفقد لأجنحة الدول بمعرض منظمة اليابان للتجارة الخارجية، والتقى الرئيس عبد الفتاح السيسي وميتسو أوتشي، رئيس جامعة هيروشيما، وعقد الرئيس السيسي لقاءً ورئيس الوكالة اليابانية للتعاون الدولى (چايكا) شينيتشي كيتاوكا.
فقد شهد اليوم الثاني لقاءات تتفق وكلمة الرئيس خلال أعمال الجلسة الثانية والخاصة بـ “الحوار بين القطاعين العام والخاص” والتي أكد فيها على الموقع الجغرافي المتميز للقارة، ودور القطاع الخاص في القضاء على الفقر وتحقيق التنمية، وتوفير فرص العمل، والتاكيد على أجندة إفريقيا 2063 لتكون مرجعاً لكافة الدول الأفريقية لتحقيق هدف التكامل الاقتصادي والاندماج الإقليمي، كما روج سيادته لمشروعات التنمية التي تقوم بها القارة من أجل الترويج للقارة ومنطقة التجارة الحرة القارية من جهة اخرى والمتمثلة في “بلورة برنامج تنمية البنية التحتية في أفريقيا PIDA بهدف تنفيذ عدد من مشروعات البنية التحتية والطاقة على المستوى القاري” الذي سيسهم في إنجاح منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، كأحد مشروعات التكامل، والتلويح بأهميتها الاستثمارية والتجارية من خلال الإشارة إلى أن المنطقة تضم ما يقرب من 1.2 مليار نسمة، بناتج محلي إجمالي يقدر بحوالي 3.4 تريليون دولار، وأكد ايضاً أن نجاح هذه المبادرة سيكون من خلال إشراك القطاع الخاص للتعاون الاستثماري في مشروعات البنية التحتية والطاقة، بما في ذلك المشروعات القارية في مختلف مجالات النقل والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وتوليد الطاقة والربط الكهربائي، باعتبار ذلك أمر حتمي لجني ثمار اتفاقية التجارة الحرة القارية، ودفع عجلة التبادل التجاري الفعلي بين الدول الأفريقية، وجذب مزيد من الصناعات التنافسية.
كما شهد السيد الرئيس التوقيع على مذكرة تعاون بشأن برنامج التعاون الفني الثلاثي المصري الياباني بين الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية والوكالة اليابانية للتعاون الدولي (جايكا).
وتضمنت نشاطات الرئيس في لقاء وزير الاقتصاد والتجارة والصناعي الياباني هيروشيجي سيكو، والتي أكد فيها خلال اللقاء على المحفزات والضمانات الاستثمارية التي تقدمها الدولة المصرية للمستثمرين، وتهيئة المناخ للشراكة مع القطاع الخاص في مجالات التنمية وهو ما يشجع الشركات اليابانية للاستثمار في دفع عملية التنمية الشاملة وتقديم التكنولوجيا المتقدمة لمصر. وهو ما اكده الرئيس السيسي من خلال التشديد على الفرص الاستثمارية الواعدة في مصر في مختلف القطاعات، خاصةً المشروعات القومية العملاقة، وتطلع مصر للشراكة مع اليابان في المشروع القومي المصري الخاص بوسائل المواصلات والنقل العام التي تعمل بطاقة الغاز وكذلك قطاع الطاقة الجديدة والمتجددة. وهو ما يتفق مع اجندة مصر 2030.

وبتحليل نشاطات السيد الرئيس التي تم تناولها على هامش أعمال القمة والمتتبع لاستراتيجية الرئيس السيسي منذ توليه رئاسة الجمهورية المصرية، فسنجد أن الرئيس السيسي يركز على مبدأين وهو مبدأ إعلام الشعوب بالتحديات وإشراكه في تحقيقها من خلال الحوار، والعمل على وضع توصيات قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، وفي إطار اللقاءات التي عقدها الرئيس السيسي على مدار اليومان من المقترح أن يشهد منتدى شباب العالم المقبل عمل معرض على هامش المنتدى يضم المشاريع التنموية التي تقوم بها القارة على ان يشارك بالمعرض الدول صاحبة التعاون الاستراتيجي المشترك مع مصر من جهة ومع الاتحاد الإفريقي من جهة أخرى للترويج للصناعات والاستثمار والمشاريع التنموية التي تقوم بها مصر بالشراكة مع قطاع الأعمال الخاص والعام الداخلي بالإضافة للشراكات الخارجية.
كما من المقترح أن يستثمر اللقاءات المنعقدة على هامش قمة تيكاد 7 بأن يتم دعوة الشركاء في زيارة ميدانية للتعرف على الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر، وتوقيع مذكرات تفاهم بين الطرفين بشأن استغلال الفرص الاستثمارية على أن تتضمن هذه الشراكات الحكومية دخول القطاع الخاص من الجانبين في إطار الخطة العامة للدولة.
ومن المتوقع أن تشهد الزيارة لقاءات لتعميق التعاون الإفريقي ودور مصر كرئيس للاتحاد الإفريقي مع رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقيه، ولقاءات هامشية مع أعضاء من البنك الدولي، وتوقيع مذكرات تفاهم بشأن الدور الدولي له وفي إطار تحقيق برنامج الامم المتحدة الإنمائي من اجل تنفيذ مشروعات تدعم فرص المساواة بين الجنسين في القارة الإفريقية والقضاء على الفقر ودعم البرامج الصحية، والتي تتفق وأهداف التنمية المستدامة 2030 للأمم المتحدة ومصر، والتي تكمن في لقاءات مع الحكومة اليابانية ايضاً إلى جانب إشراك شركات القطاع الخاص الياباني والمتمثلة في شركة “سرايا” اليابانية التي تقوم بأعمال للتنمية الصحية في إفريقيا، وعقد لقاء مع رئيسها “يوساكا سارايا”، وهي شركة متخصصة في الخدمات التي تدعم الصحة والنظافة مثل إجراء عمليات التفتيش على الأغذية ، وتوفير المعلومات والندوات حول الصحة ، والمرافق الصحية للأغذية أو الموضوعات الطبية ، وإعادة معالجة الأجهزة الطبية، ومن الممكن دعوة القطاع الخاص المتخصص في المجال الطبي لزيادة التعاون الطبي والصحي مع الدولة المصرية، وهي شركة عاملة في أوغندا وجنوب السودان.

كاتب

رحمة حسن

باحثة بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى