
الفريق العصار.. “الاختيار 3”.. يسلط الضوء على رجال اللحظات الحرجة
“الاختيار 3″، مسلسل يمثل علامة فارقة في تاريخ الدراما المصرية، جاء ليوضح بالأدلة والبراهين الحقيقية، الفترة الحرجة التي كانت تمر بها الدولة المصرية إبان حكم جماعة الاخوان المسلمين، وكيف استطاعت مصر أن تعبر تلك الفترة العصيبة بقوة رجالها من أجهزة الدولة المختلفة التي كانت تعمل على إعادة ضبط المشهد لصالح الدولة والمواطن.
وكان الفريق الراحل محمد العصار، أحد المنقذين لمصر الذين أبرز مسلسل الاختيار 3 دورهم، خاصة في الفترة ما بين ما بعد أحداث 25 يناير 2011 وحتى وفاته 2020، حيث استطاع بحكمته في إدارة المواقف أن يروض جماعة الإخوان المسلمين، فمن هو الفريق الراحل محمد العصار؟
ولد الفريق محمد سعيد العصار في 3 يونيو 1946، وتخرج في الكلية الفنية العسكرية عام 1967، وشارك في حرب الاستنزاف، ثم حرب أكتوبر كأحد عناصر أطقم إصلاح كتائب صواريخ الدفاع الجوي بسلاح المهندسين العسكريين، وحصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في الهندسة الكهربائية، ووافته المنية في 7 يوليو 2020، عن عمر ناهز 74 عامًا بعد مسيرة وطنية حافلة بالإنجازات والبطولات، حيث أدى دوره على أكمل وجه كمقاتل وقائد ومسؤول.
وتقلد الفريق محمد العصار كافة الوظائف الرئيسة لمنظومة التأمين الفني للدفاع الجوي، ثم شغل منصب مساعد رئيس هيئة التسليح للبحوث، ثم رئيسًا لهيئة تسليح القوات المسلحة ثم مساعدًا لوزير الدفاع لشؤون التسليح، ثم مستشارًا لوزير الدفاع للبحوث الفنية والعلاقات الخارجية، حتى عُيّن وزيرًا للإنتاج الحربي في سبتمبر 2015.
مهندس تسليح القوات المسلحة
الطفرة التسليحية الكبيرة التي شهدتها مصر كان للفريق محمد العصار دور كبير فيها بحكم خبرته الطويلة في مجال التسليح، وكذلك نتيجة توليه منصب رئيس هيئة تسليح القوات المسلحة، ثم كوزير للإنتاج الحربي. وعمل خلال تلك الفترة على تنويع مصادر تسليح القوات المسلحة بدلًا عن الاعتماد على مصدر واحد، فأبرمت صفقات مع فرنسا وروسيا وألمانيا والصين بجانب الولايات المتحدة، وهو ما جعل لمصر ثقلاً عسكريًا بين دول العالم.
ولم يكتف العصار بتنويع مصادر السلاح، بل أولى اهتمامًا كبيرًا بالارتقاء بالصناعات التسليحية الوطنية، وتوطين بعض الصناعات، وفي إطار استراتيجية العمل بوزارة الإنتاج الحربي في التعاون مع الشركات العالمية لنقل التكنولوجيات الحديثة في المجالات المختلفة إلى الشركات والوحدات التابعة لها.
وتقوم وزارة الإنتاج الحربي بالتصنيع المشترك للدبابة “أبرامز” من طراز M1A1 داخل مصنع”200 الحربي” بموجب اتفاقية موقعة بين الحكومة المصرية والأمريكية، وتم استئناف تصنيع الدبابة في عام 2015، بعد ان اتخذت الإدارة الأمريكية برئاسة باراك أوباما قرارًا بتعليق التعاون العسكري مع مصر، ووصلت نسبة التصنيع المحلي لهذه الدبابة أكثر من 90%، كما تم الاتفاق على التعاون بين شركة أبو زعبل للصناعات المتخصصة في ذخائر الأسلحة المتعددة الصغيرة والمتوسطة والقذائف، وشركة CZ التشيكية لتوطين تصنيع بعض الأسلحة والبنادق الآلية والمعدات العسكرية في مصر لتوفير مطالب الجهات المعنية بمصر والتصدير.
ونجح الفريق محمد العصار في تنفيذ مجمع الصناعات الدفاعية الذي أقيم إلى جوار القسم الشمالي الشرقي من الطريق الدائري بالقاهرة، والذي كان من بين أكبر المهام التي أوكلتها القيادة السياسية إلى الفريق الراحل الذي استطاع تحقيق الإنجاز والانتهاء من أكثر من ٩٠٪، من المجمع خلال فترة قياسية، معتمدًا في ذلك على استكمال ما تم إنجازه من المشروع خلال فترات سابقة بتكلفة تقدر بـ 3 مليار جنيه.
وتضمن مشروع مجمع الصناعات الدفاعية إعادة توزيع مواقع المصانع العسكرية المصرية، بما فيها مصانع شبرا والمعصرة، وهليوبوليس، وأبوزعبل، وغيرها من المصانع الكبرى، وذلك ضمن خطة منظمة للخروج من المناطق السكنية بالقاهرة إلى أماكن جديدة، مع دعمها بالمختبرات والمعامل والمرافق المطلوبة لتنفيذ التقنيات المعقدة.
وافتتح الرئيس عبد الفتاح السيسي في شهر فبراير 2020 مصنع 300 الحربي الذي عزز الصناعة العسكرية المصرية، وقبل ذلك زار الفريق الراحل محمد العصار العديد من الدول وعلى رأسها كوريا الجنوبية ناقش خلالها سبل التعاون المشترك في مجالات التصنيع الدفاعية والمدنية، وإمكانية تبادل الخبرات التكنولوجية بين البلدين، من أجل إدخال أحدث أساليب التصنيع الحديثة بما يتواكب مع متطلبات المرحلة الراهنة، وذلك في إطار سعي مصر إلى إحراز تقدم في الصناعات الدفاعية بهدف زيادة الإنتاجية لتحقيق الاكتفاء الذاتي بدلا من اللجوء إلى الاستيراد.
ذلك فضلًا عن المعدات العسكرية الحديثة التي أعلنت عنها مصر خلال معرضي الصناعات الدفاعية إيديكس 2018 و2021 مثل الرادار المصري الصنع الجديد ESR-32، والمدرعتين” st 500″ وSt100, علاوة على ذلك اهتمت الوزارة بالجانب التدريبي التقني، ولذلك تم إنشاء الأكاديمية المصرية للهندسة والتكنولوجيا المتقدمة لتنضم إلى المدارس والمعاهد والمجمعات التكنولوجية التابعة لوزارة الإنتاج الحربي وتقوم على تخريج كوادر فنية على درجة عالية من التأهيل تلبى احتياجات الصناعة من العمالة الفنية المدربة على أعلى مستوى.
دور العصار ما بعد 2011
في الحلقة الأولى من مسلسل “الاختيار 3” ظهر مشهد لقاء المشير محمد طنطاوي مع الفريق العصار عند معرفة حادث رفح، والذي تبين من خلاله أن الهدف الأول للإخوان هو محاولة إسقاط الجيش المصري، والثاني كان هدف خيرت الشاطر هو الإطاحة بالمشير محمد حسين طنطاوي بالترتيب لحادثة رفح، لإحكام السيطرة على كافة مفاصل الدولة.
وسرد المشهد حادث رفح الذي استشهد فيه 16 جنديًا أثناء الإفطار، وقال المشير طنطاوى، “إننا لا نهاب الموت أبدا وهذا ما تعلمناه في العسكرية”، مضيفا “إنه خسر 16 من أبنائه”، وأن ما حدث لن يمر مرور الكرام وسوف يقتص لأبنائه الجنود الشهداء وكان ذلك خلال حديثه مع اللواء العصار، وقال “الهدف من ذلك الحادث هو إحراج المؤسسة العسكرية أمام الرأي العام، وخفض الروح المعنوية للضباط والجنود، وإفقادهم الثقة في قيادتهم، ومن الممكن أن يكون تمهيدًا لقرارات رئاسية”
وقد أبرز “الاختيار 3” دور اللواء العصار الداعم للواء عبد الفتاح السيسي لحظة اختياره وزيرًا للدفاع؛ إذ تلقى اللواء عبد الفتاح السيسي اتصالًا من اللواء العصار أخطره فيه أن مرسي سيعرض عليه منصب وزير الدفاع وعليه “قبول المنصب”.
ولا يمكن أن ننسى دور الفريق الراحل محمد العصار عقب أحداث ثورة 25 يناير 2011، إذ كان عضوًا في المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وكان مسؤولًا عن ملف العلاقات الخارجية، وكانت له إسهامات واسعة في التواصل مع وسائل الإعلام العالمية والمحلية لتوضيح الموقف، والتواصل مع القوى السياسية المختلفة.
وترأس كذلك الوفد العسكري المصري المرسل إلى الولايات المتحدة لإجراء حوار استراتيجي، والذي عقد ثلاثة لقاءات موسعة مع شخصيات بارزة في مراكز الأبحاث الأمريكية، بمقر مكتب الدفاع المصري، ومعهد السلام الأمريكي، وأربعة مراكز أبحاث، بجامعة الدفاع الوطني الأمريكية، أكد حينها ثوابت القوات المسلحة في التعامل مع الأوضاع القائمة في البلاد.
باحثة بالمرصد المصري