“الاقتصاد الأزرق”.. المفهوم والتحديات وأين وصلت الدولة المصرية في هذا الملف
يندرج مفهوم الاقتصاد الأزرق ضمن أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة ووفقًا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، كما يستند المفهوم إلى حماية واستعادة قاعدة المحيطات، والتي توفر سبل العيش والغذاء للكثيرين في العالم واستدامة الأنشطة الاقتصادية.
مقدمة
يتميز علم البيئة بالتطور السريع وبتعدد مجالاته وتشابكها مع العلوم الأخرى، مع وجود مساحة كبيرة من الجدل والتشكك حول العديد من القضايا والمشكلات البيئية المعاصرة، مثل ارتفاع مستويات التلوث والانقراض الجماعي للكائنات وتفاقم مشكلة الاحتباس الحراري، وغير ذلك من المشكلات الكثيرة مما أدى إلى تهديد كوكبنا الأزرق، وانعكس ذلك على ظهور العديد من المصطلحات البيئية المستخدمة بكثرة في الوقت الحالي، وأيضًا في ظهور مفاهيم بيئية جديدة بين الحين والآخر، أو توجه بيئي جديد كل فترة، وعلي سبيل المثال هذا الرواج الشديد لبعض المفاهيم البيئية مثل التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر وغيرهما، على الرغم من أن هذه المصطلحات لم تأت في الواقع بشيء جديد، سوى مقاربة موضوع حماية البيئة ومحاولة تخفيف الأحمال البيئية والعمل علي خفض نسب التلوث بآليات جديدة ومنظور مختلف.
مدخل
واليوم المجتمع الدولي والمهتمين بحماية البيئة والتنمية المستدامة والاقتصاد على موعد آخر مع أحد التوجهات الاقتصادية البيئية الجديدة، والتي تهدف إلى التوافق أو للوصول إلى المواءمة بين الاقتصاد والبيئة، كما حاول من قبل الاقتصاد الأخضر، أو بمعني آخر مع أحد المفاهيم الجديدة والمتعلقة بعمليات تعزيز النمو الاقتصادي عن طريق الاستخدام المستدام والأمثل للثروات والموارد الطبيعية الموجودة في البحار والمحيطات، ونعني بذلك مفهوم الاقتصاد الأزرق، والذي يعد من الجبهات الجديدة للاستثمار في الموارد المائية، بل يعد من أهم مواضيع التنمية المستدامة، ويهدف إلى الإدارة الجيدة للموارد المائية وحماية البحار والمحيطات بشكل مستدام للحفاظ عليها من أجل الأجيال الحالية والمستقبلية، ويعتبر الاقتصاد الأزرق أيضًا دافعًا لتطوير الآليات والإجراءات التي تدعم الأمن الغذائي، والتنمية المستدامة للموارد المائية.
نشأة ومفهوم الاقتصاد الأزرق
كان عالم الاقتصاد البلجيكي جونتر باولي (Gunter Pauli) من أوائل من لفتوا الانتباه إلى أهمية الاقتصاد الأزرق، من خلال كتاب يحمل اسمه وتم نشره في بداية عام ٢٠١٠ وتحت عنوان الاقتصاد الأزرق عشر سنوات، مئة اختراع واكتشاف، ومئة مليون فرصة عمل، وحظي الكتاب والأفكار المعروضة فيه برواج شديد، مما كان له أثر كبير وهائل في انتشار مفهوم ومصطلح الاقتصاد الأزرق في العالم، وحاول باولي إقناع رجال الأعمال والمستثمرين بضرورة السعي بتحقيق التنمية الاقتصادية عن طريق الاستفادة من الموارد و المصادر والبدائل المتاحة والمختلفة (البيئية وغير البيئية) عن طريق استخدام الحلول المبتكرة، والبعد عن اتباع الحلول التقليدية وعمليات إنفاق الأموال الطائلة والاستثمارات الضخمة على المشروعات ذات الصفات والأهداف النمطية والمستنزفة للطاقة، فمفهوم الاقتصاد الأزرق يدول حول فكرة مفادها بأن الحكومات والشركات لابد أن تستخدم كل المصادر والموارد المتاحة لها، مع ضرورة السعي بهدف زيادة الكفاءة من أجل إنشاء محفظة من المشاريع المتناسقة و المترابطة والتي تهدف إلي تحقيق الفائدة لها وللمجتمع.
وفي مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة والذي عقد عام ٢٠١٢ في مدينة ريو دي جانيرو بالبرازيل (ريو-٢٠)، أعيد طرح مفهوم الاقتصاد الأزرق من جديد ولكن مع إضافة البعد البيئي إليه وسط قبول لافت من الجميع، وذلك بسبب الرغبة القوية في إحداث توازن بين التنمية الاقتصادية واستغلال الموارد البيئية المتاحة، وأيضًا بسبب زيادة وتنامي الحاجة إلى ضرورة تحقيق الأمن الغذائي والعمل على إيجاد موارد وبدائل اقتصادية جديدة بهدف دفع عجلة التنمية وسرعة القضاء على الفقر، ومع ضرورة المحافظة في الوقت ذاته على البيئة وحق الأجيال الحالية والمستقبلية في الانتفاع بالثروات الطبيعية المتاحة.
وعلي هامش المؤتمر أطلقت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) مبادرة دولية لدعم مبادئ الاقتصاد الأزرق تحت عنوان النمو الأزرق، وتهدف إلى تشجيع الشعوب والمجتمعات الساحلية على ضرورة الاستفادة من الموارد البحرية المتاحة لديها، والمحافظة في الوقت ذاته على سلامة المسطحات المائية كالبحار والمحيطات من التهديدات المتنامية كالتلوث والصيد الجائر والصيد غير القانوني ومخاطر ارتفاع مستوى سطح البحر والتغيرات المناخية وغيره، وهذا عبر الالتزام بمنهج التنمية المستدامة وتحقيق البعد البيئي في قطاعات الاقتصاد الأزرق المختلفة.
الهدف من الاقتصاد الأزرق
يهدف الاقتصاد الأزرق إلى ضرورة حماية الموارد المائية، بل ويعد من أهم جبهات التجارة الخارجية والداخلية، حيث يوفر للمجتمع كمًا هائلًا من الثروات عن طريق الاستثمار الأمثل في الموارد المائية من جهة، واعتباره بوابة من أهم بوابات نقل البضائع والسلع من جهة أخرى، ولذلك فهو يقدم للدول سبلا جديدة لتعظيم اقتصاداتها بعيدًا عن الطاقات التقليدية والغير نظيفة والناضبة والتي تشكل تهديدًا كبيرًا على البيئة واستنزافًا لحقوق الأجيال الحالية والمستقبلية.
ومثلما كان الوضع عند إطلاق مصطلح الاقتصاد الأخضر، حيث تشير كلمة الأخضر إلى وجود بعد بيئي واضح وقوي في هذا الاقتصاد، وتشير كذلك إلى دوره في تقليل كمية الانبعاثات الكربونية وبشكل عام العمل على تخفيف الحمل البيئي الواقع على النظم الإيكولوجية والموائل الطبيعية والبيئة الطبيعية، فوجود كلمة الأزرق بعد كلمة الاقتصاد يشير إلى نوع أخر من الاقتصاد يرتكز على الأنشطة البحرية وعلى النظم البيئية المتوافرة في البحار والمحيطات الشاسعة الزرقاء.
مبادئ الاقتصاد الأزرق ودلائل القوة
من أهم الدوافع لضرورة استغلال الاقتصاد الأزرق هي وجود ثروات وموارد عديدة ومتنوعة على امتداد السواحل وفي مختلف البحار والمحيطات، مع غياب المعرفة الكاملة بعدم استغلاها اقتصاديًا بشكل كاف حتى الآن، وأيضًا إلى وجود قيمة سوقية وسعرية عالية لخدمات النظم البيئية والموائل الطبيعية الموجودة بالبحار والمحيطات، ما يؤكد أنه من الممكن استثمارها بشكل اقتصادي كبير ذو معدلات ربحية كبيرة، ويكفي هنا الإشارة إلى أن نسبة حركة التجارة العالمية والتي تتم عن طريق البحار والمحيطات تقدر بحوالي ۹٠٪ وأن أكثر من ٢٥٪ إنتاج النفط العالمي يتم استخراجه من أعماق البحار بالإضافة إلى توليد الطاقة من الرياح والأمواج والمقدرة بحوالي ١٧٥ جيجاوات، وأيضًا لا نستطيع أن نتجاهل أكثر من ٢٧٠ بليون دولار أمريكي إجمالي الدخل العالمي من عائدات الصيد والسياحة الشاطئية والمصائد السمكية مع أكثر من ٤٠٠ مليون وظيفة حيث أكثر من ۸٪ من القوي العاملة العالمية.
قيمة كل الأصول الرئيسة الموجودة في البحار والمحيطات تقدر بحوالي ٢٥ تريليون دولار طبقًا لتقارير الصندوق العالمي للطبيعة، وبذلك تعد البحار والمحيطات سابع أكبر اقتصاد عالمي، وعلى المستوى الإقليمي والعالمي تشير التقارير والأرقام إلى بلوغ إجمالي العائدات المتوقع الحصول عليها في دولة مثل الصين من وراء الاقتصاد الأزرق 9 تريليونات يوان، ليشكل بذلك أكثر من ١٠٪ من إجمالي الناتج المحلي لها، وبلغت قيمة إنتاج الاقتصاد الأزرق في القارة الأوربية بحوالي ٦٠٠ بليون دولار أمريكي، وفي جنوب شرق آسيا؛ بلغت العائدات البحرية من المصائد السمكية المرتبطة بالشعاب المرجانية في كل من إندونيسيا والفلبين بحوالي ٣ بلايين دولار سنويًا، حيث تقدر قيمة العائدات الناتجة من السياحة المرتبطة بالشعاب المرجانية فيهما بنحو ٣٠٠ مليون دولار سنويًا، وفي قارة أفريقيا يقدر إجمالي قيمة المصائد السمكية المتاحة بها بأكثر من ٢٥٠ بليون دولار.
وفي هذا الإطار قدم الصندوق العالمي للطبيعة مجموعة من المبادئ للاقتصاد الأزرق منها:
- توفيـــر العوائد الاجتماعية والاقتصادية للأجيال الحاليـــة والمستقبليـــة مــــن خــلال المساهمة فى تحقيق الأمن الغذائي والقضاء على الفقر وتحسيـــن مستـــوى المعيشة وتحسين الدخل وتوفير فرص العمل والسلامة وتحقيق تنمية صحية وأمنية وسياسية مستدامة.
- المحافظة على تنوع وإنتاجية ووظائف وقيمـــة النظـــم الإيكولوجيــة البحرية والعوائل الطبيعية التى يعتمد عليها ازدهارها.
- الاعتماد على التكنولوجيا النظيفة والطاقة المتجددة وإعادة تدوير المواد وذلك لتأمين الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية طوال الوقت.
- دعـــم الحوار مع أصحاب المصلحة مـــع أهمية وضع تعريـــف مشتـــرك وإطار مرجعي للاقتصاد الأزرق.
- تعـــزيز الالتزام مـــن جانب الحكومة وجميع أصحاب المصلحـــة ذوي الصلـــة برؤية الاقتصاد الأزرق المستدام، والعمل على تحويل هذه الرؤية إلى واقع ملموس.
- التواصل حول الاقتصاد الأزرق مع أصحاب المصلحـــة فــى عمليـــات صنـــع القرار، وكذلك فى الإطار التعليمي أو رفع الوعي.
متطلبات التحول إلى الاقتصاد الأزرق
عمليات التحول والنمو الأزرق والاستغلال الاقتصادي الأمثل والنفعي للنظم والموارد البحرية المتاحة في منطقة ما لها مجموعة من المتطلبات؛ أولًا ضرورة التعرف في البداية على حالة ومدى إنتاجية تلك الأصول والنظم البيئية الموجودة فيها، وذلك لأنها تعد الركيزة الأساسية التي تقوم عليها أسس ومبادئ الاقتصاد الأزرق، فعل سبيل المثال إن تدهور حالة الشعاب المرجانية في موقع ما، سينعكس بالتبعية علي تدهور إنتاجيتها وبالتالي ضعف مواردها من الأسماك، فضلًا عن وجود حالات من ضعف الإقبال عليها من قبل نشاطات الغوص وبقية النشاطات السياحية، وبالتأكيد سيؤدي إلى فشلها في تعزيز النمو الأزرق مما سينعكس بالسلب علي النشاط والنمو الاقتصادي وإيجاد فرص عمل إضافية ومصدر دخل مستدام.
وبصفة عامة هناك العديد من الوسائل والأدوات العلمية والتي يمكن بها إجراء تقييم شامل للنظم والموائل الطبيعية بصفة دورية، مثل استخدام الصور الفضائية وتقنية الاستشعار عن بعد والتي من الممكن استخدامها في ترسيم مصادر الثروة الساحلية ورصد حالة النظم البيئية والموائل الطبيعية وتقييم التغييرات الطبيعية وأيضا عن طريق الزيارات الميدانية والمسح الميداني بواسطة الفرق المتخصصة. ثانيًا تتطلب عمليات التحول الأزرق تحديد نوعية خدمات النظم البيئية التي تحظى بها وتقدمها كل منطقة بحرية موجودة على الخريطة العالمية. ثالثًا ضرورة إجراء تقييم لمدى جودة هذه الخدمات والعوامل البيئية وغير البيئية المؤثرة فيها، وذلك بهدف التعرف على مدى قدرة ومقدار مساهمة النظم البيئية البحرية الموجودة في هذه المنطقة في دفع ودعم عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
جهود الدولة المصرية في ملف التحول الأزرق
تمتلك مصر ثروة مائية وبحرية ذات مزايا تنافسية عالية وذلك بفضل موقعها الجغرافي المتميز، حيث تمتلك ٤٠٠٠ كيلومتر شواطئ على البحرين المتوسط والأحمر، بالإضافة إلى امتلاكها أهم ممر ملاحي في العالم وهو قناة السويس، ونهر النيل، وتسع بحيرات، بالإضافة إلى أكثر من ٦٠ ميناء، تلك المميزات ونقاط القوة جعلت من الدولة المصرية في مقدمة دول العمل سعيًا لنشر ثقافة الاقتصاد الأزرق ومن خلال الاستغلال الأمثل للموارد المائية.
وأدركت مصر أهمية الاقتصاد الأزرق، وارتباطه الوثيق بتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تنفذها الدولة بخطة ورؤية طموحة، وهو ما يظهر من خلال المشاريع الجارية وحجم الاستثمارات في قطاعات النمو الأزرق المختلفة، وتولي اهتمامًا كبيرًا بدعم مصطلح الاقتصاد الأزرق المستدام، وذلك ضمن الجهود الرامية لمواجهة التغيرات المناخية وسعيها المستمر والقوي نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والعمل على مكافحة التلوث البحري والتلوث بصفة عامة، حيث شهدت البيئة البحرية في الآونة الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في نسب التلوث بكافة أشكاله وخاصة التلوث البلاستيكي الذي يتضمن أنواعًا لا تتحلل وتبقى لآلاف السنين، حيث قدرت كميات المخلفات التي تصل إلى البحار والمحيطات بأكثر من ١٠ ملايين طن سنويًا، وضرورة الحفاظ على التوازن البيئي في البحار والمحيطات، وتعمل الدولة أيضًا على تعزيز الجهود لخفض الانبعاثات الكربونية في قطاع النقل البحري.
كما سعت مصر نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة محليًا ودوليًا وأيضا في مجال البيئة، فعلى الصعيد المحلي، تم وضع الأُطر القانونية والتشريعات المنظمة والمناسبة لدعم الاقتصاد الأزرق المستدام، من حيث تنمية وتنظيم الأنشطة الاقتصادية ذات الصلة المباشرة بالبحار والمحيطات مما ينعكس علي ضمان نمو واستدامة الموارد البحرية والبيئية والحفاظ عليها، والعمل علي منع تعرض المحيطات والبحار للتلوث بمختلف أنواعه، بالإضافة إلى تحويل الموانئ المصرية إلى موان لوجيستية، تشمل خدمات التعبئة والشحن والتفريغ وإعادة تصدير وتصنيع وصيانة وتمويل السفن والصناعات المختلفة، فضلًا عن الاهتمام بالسياحة الشاطئية، والعمل علي ربطها بالرحلات العالمية، والاهتمام بأنشطة الصيد والغوص وسياحة اليخوت.
وتم اختيار ميناء الإسكندرية لتنظيم المؤتمر الدولي لمنتدى الاقتصاد الأزرق مما يعمل على تعزيز فرص زيادة الاستثمارات الأجنبية في هذا القطاع وتسريع الخطي نحو تعظيم الاقتصاد الأزرق، تلك الجهود الكبيرة الرامية التي تبذلها الدولة المصرية بالإضافة إلى ما تم تحقيقه من إنجازات في قطاع البحث والتنقيب عن الغاز الطبيعي بالمياه البحرية الإقليمية المصرية، وما نتج عنه من اكتشافات عملاقة والتي أحيت الصراع في مياه شرق المتوسط وأهمها كشف (ظهر) العملاق والذي ساهم في تحقيق طفرة اقتصادية ضخمة.
وعلى الصعيد الدولي، شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي فى قمة محيط واحد والتي عقدت في مدينة بريست الفرنسية في فبراير ٢٠٢٢ والتي شهدت مشاركة فعالة في القمة والإعلان عن انضمام مصر إلى الإعلان الصادر عن قمة حماية المحيط وقت العمل، وكذلك إلى مبادرتي التحالف العالمي للمحيطات، والتحالف عالي الطموح من أجل الطبيعة والبشر.
وترأست مصر مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي والتي سعت من خلاله إلى إطلاق إطار تفاوضي من أجل التوصل إلى أهداف وأفكار أكثر فاعلية لحماية فعالة للطبيعة، والتي تأتي في مقدمتها حماية البحار والمحيطات، ونضيف إلى تلك الجهود والمساعي القوية للدولة المصرية في جميع الاتجاهات المشاركة الفعالة في المشاورات الجارية تحت اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، بهدف التوصل إلى أداة قانونية أكثر تجاوبًا وفعالية لحماية التنوع البيولوجي في المناطق البحرية خارج نطاق الولاية الوطنية.
خلاصة القول، إن ضرورة تنويع اقتصادات البلدان بما يتجاوز الأنشطة البرية وعلى طول سواحلها أمر بالغ الأهمية للسعي نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتحقيق نمو مثالي ومستدام وشامل على الصعيد العالمي، فالقيمة الاقتصادية الرأسمالية للمحيطات عالميًا تقدر بحوالي ١٬٥ تريليون دولار سنويًا، فالبعد الاستراتيجي للاقتصاد الأزرق هو حقيقة لا جدال فيها لدول العالم وبالأخص لدول القارة السمراء، ولذلك تم إدراجه في أجندة إفريقيا ٢٠٦٣ وتم إعداد كتيب عن الاقتصاد الأزرق من قبل لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا في مارس ٢٠١٦.
والدولة المصرية دائمًا لها السبق ووضعت استراتيجيتها الوطنية الخاصة للاقتصاد الأزرق والتي ترتكز على رفع كفاءة القطاعات التقليدية الأساسية (الصيد البحري والاستزراع السمكي، النقل البحري، قناة السويس، السياحة البحرية، والتعدين البحري) على نحو مستدام، وتراعي عملية الانتقال التدريجي نحو نمو الاقتصاد الأزرق المستدام مع التركيز على القطاعات الأساسية التقليدية وضرورة النهوض بالقطاعات الصاعدة والتكامل بينهما حيث تستند على الجهود الكبيرة والخطوات السريعة التي حققتها الدولة المصرية منذ عام ٢٠١٤ في سبيل تحقيق أهداف التنمية المستدامة فهي تتكامل مع استراتيجية مصر نحو خضرنة اقتصادها والجهود المبذولة لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وتسعى في نفس المسار من أجل الحفاظ على البيئة ومواجهة التغيرات المناخية، كما أن رؤية مصر ٢٠٣٠ وضعت البعد البيئي محورًا أساسيًا في جميع القطاعات التنموية بشكل يعمل على تحقيق أمن الموارد والمصادر الطبيعية مع ضمان حقوق الأجيال الحالية والمستقبلية.