مكافحة الإرهاب

قراءة في مؤشر الإرهاب العالمي 2022 (4).. سياق وتداعيات الإرهاب في الساحل الإفريقي

أصدر معهد الاقتصاد والسلام الدولي النسخة التاسعة من مؤشر الإرهاب العالمي الذي يقدم ملخصًا شاملًا للاتجاهات والأنماط العالمية الرئيسة للإرهاب خلال عام 2021. وقد تناولنا خلال الجزء الأول من هذه السلسلة نظرة شاملة على حصيلة العمليات الإرهابية خلال العام المنصرم، وتداعيات جائحة فيروس كورونا على النشاط الإرهابي، والجماعات الإرهابية الأكثر فتكًا. بينما ناقش الجزء الثاني الدول العشر الأكثر تأثرًا بالإرهاب عالميًا وفقًا لما ورد بالمؤشر. في حين ناقش الجزء الثالث اتجاهات النشاط الإرهابي في مناطق العالم المختلفة فيما يناقش هذا الجزء على وجه الخصوص سياق وتداعيات تنامي النشاط الإرهابي في منطقة الساحل الإفريقي.

الهجمات الإرهابية في منطقة الساحل (2007-2021)

تواجه منطقة الساحل العديد من التحديات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية المتقاربة والمعقدة، والتي تُقوض من فرص تحقيق السلام وإنهاء دوامة العنف والضعف التي تحاصر المنطقة. وقد استغلت الجماعات الإرهابية عدم قدرة العديد من حكومات منطقة الساحل على توفير الأمن الفعال في مواصلة أنشطتها، مما أدي إلى تزايد معدلات العنف، حيث ارتفع عدد الوفيات عشر مرات بين عامي 2007 و2021. وشكلت الوفيات في منطقة الساحل 35%من إجمالي الوفيات الناجمة عن الإرهاب في العالم في العام الماضي، مقارنة بنسبة 1%فقط في عام 2007. وفيما يلي السمات العامة للنشاط الإرهابي في منطقة الساحل:

• تغيرات عديدة: أشار التقرير إلى أن بيئة الإرهاب في منطقة الساحل مرّت، على مدى السنوات القليلة الماضية، بعدة تغيرات، حيث ظهرت مجموعات جديدة، واندمجت أخرى، وتكيفت مع عمليات مكافحة الإرهاب والتمرد المحلية والإقليمية والدولية، كما اختارت بعض الجماعات الانضمام إلى تنظيمي داعش والقاعدة، فضلًا عن بروز ظاهرة “جهاد اللصوصية” حيث تتطلع الجماعات الإجرامية إلى استخدام الدين للدفاع عن أفعالها الإجرامية.

وذكر التقرير أن دولة النيجر شهدت أكبر زيادة في الوفيات الناجمة عن الإرهاب، حيث تضاعف عدد الوفيات خلال العام الماضي. وعلى الرغم من أن غالبية الوفيات تُعزى إما إلى مجموعات غير معروفة أو إلى متطرفين إسلاميين غير محددين، يشتبه التقرير في أن هذه الهجمات يمكن أن تكون من عمل تنظيم ولاية داعش في غرب إفريقيا أو جماعة بوكو حرام التي كانت نشطة في البلاد عام 2021.  

ويتركز النشاط الإرهابي في منطقة الساحل بشكل أساسي في حوض بحيرة تشاد، الذي يضم أجزاء من الكاميرون وتشاد والنيجر ونيجيريا ومنطقة الساحل الأوسط على طول حدود بوركينا فاسو ومالي والنيجر، وهناك أيضًا أدلة على أن العنف يمتد إلى الدول الساحلية، مع حدوث بعض الأنشطة في بنين وتوجو.

• تنامي نشاط ولاية داعش غرب إفريقيا: سجّلت بوركينا فاسو 732 حالة وفاة بسبب الإرهاب في عام 2021، نُسبت غالبيتها إما إلى مجموعات غير معروفة أو إلى متطرفين إسلاميين غير محددين، ويُشتبه في أن هذه الهجمات يمكن أن تكون من صنع تنظيم داعش في غرب إفريقيا، حيث نسب إلى التنظيم نحو 349 حالة وفاة أو جماعة بوكو حرام التي كانت نشطة في البلاد خلال العام الماضي.  

وقد سجلت مالي في عام 2021 أكبر عدد من الهجمات الإرهابية والوفيات منذ عام 2011. حيث زادت الهجمات بنسبة 56% والوفيات الناجمة عنها بنسبة 46%، مقارنة بالعام السابق. وهذه هي أكبر زيادة سنوية منذ عام 2017. 

وفي نيجيريا انخفضت الوفيات بنسبة 51% في عام 2021، بعد ثلاث سنوات من الزيادات المتتالية. وأوعز التقرير هذا إلى انخفاض عدد الوفيات المنسوبة إلى بوكو حرام وتنظيم داعش في غرب إفريقيا، لا سيما في منطقة بورنو حيث انخفضت الوفيات بنسبة 71%. وتفوقت داعش في غرب إفريقيا على جماعة بوكو حرام لتصبح المجموعة الإرهابية الأكثر دموية في نيجيريا في عام 2021. وبشكل عام، يُمثل وجودها المتزايد في البلدان المجاورة مثل مالي والكاميرون والنيجر تهديدًا كبيرًا لمنطقة الساحل.  

• فشل مقاربات مكافحة الإرهاب: ذكر التقرير أنه حتى الآن، فشلت الاستجابات الدولية والإقليمية للعنف في منع ارتفاع مستويات الإرهاب، والتي تفاقمت بسبب معدلات النمو السكاني المرتفعة في المنطقة، والزيادات الكبيرة في انعدام الأمن الغذائي والنزوح الواسع النطاق.

• تمدد النشاط الإرهابي في غرب إفريقيا: أورد التقرير بعض المؤشرات الدالة على تمدد النشاط الإرهابي غرب القارة السمراء، ولعل أبرزها وجود بعض الأنشطة الإرهابية في دولتي بنين وتوجو. وأرجع الزيادة المحتملة في النشاط الإرهابي إلى سعي الجماعات الإرهابية لاستغلال حالة عدم الاستقرار السياسي الداخلي الناجم عن الانقلابات أو محاولات الانقلاب في العديد من البلدان الساحلية. على سبيل المثال، كانت بنين لسنوات واحدة من أكثر الديمقراطيات استقرارًا في إفريقيا، ومع ذلك، أدت الخلافات بين الرئيس باتريس تالون والمعارضة إلى حالة من عدم الاستقرار وانعدام الأمن. علاوة على ذلك، من الممكن أن تجد التنظيمات الإرهابية في قرار الحكومة الانتقالية في تشاد في أغسطس 2021 بتقليص وجودها الأمني على طول “المنطقة الحدودية الثلاثة” من 1200 جندي إلى 600 فقط، متنفسًا يمنحها حرية أكبر في الحركة.

 • تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي: على الرغم من أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي نفذ هجومًا واحدًا في عام 2021، إلا أنه لا يزال يمثل تهديدًا كبيرًا لأنه يعمل بشكل متزايد بصفته التنظيم الرئيسي للقاعدة في إفريقيا، والمسؤول عن تعزيز أيديولوجيتها والمساعدة في تدريب المجندين، فضلاً عن تقديم المشورة والدعم للجماعات الجديدة والحالية.  

سياقات مُحفزّة 

أشار التقرير إلى وجود جملة من العوامل المحفزة لاستمرار المعضلة الأمنية القائمة في منطقة الساحل: أولها، استمرار نشاط بعض الجماعات مثل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. ثانيها، صعود تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا وعزمه على امتلاك محاور إقليمية، وهو ما دفعه إلى تكوين علاقات مع الجهات الفاعلة المحلية في القارة السمراء مثل بوكو حرام، مما أدى إلى ظهور ولاية داعش غرب إفريقيا، وتنظيم داعش في الصحراء الكبرى. ثالثها، أجبر التدهور البيئي في بعض المناطق السكان على البحث عن أماكن أخرى جديدة صالحة للزراعة، ومن هنا يظهر النزاع والصراع حول تأمين هذه الموارد.

وأشار التقرير إلى وجود ثلاثة أنواع من الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل. النوع الأول، يتمثل في الجماعات الجهادية العابرة للحدود التي لها صلات رسمية بتنظيم القاعدة (تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي- جماعة نصرة الإسلام والمسلمين) أو تنظيم داعش (ولاية داعش غرب إفريقيا- داعش في الصحراء الكبرى).  والنوع الثاني من هذه الجماعات يركز على القضايا المحلية؛ من خلال تأطير أفعالهم بنموذج عرقي – قومي – ديني (أنصار الدين، المرابطون، وكتيبة ماسينا). ويظهر النوع الثالث من المجموعات كاستجابة لمواقف وأحداث معينة مثل ميليشيا دان نا أمباساجو. التي ظهرت في عام 2016، مدعية توفير الدفاع عن مجتمعات الدوجون ضد الهجمات.

تكتيكات التنظيمات الإرهابية 

استعرض التقرير تكتيكين رئيسيين تلجأ إليهما التنظيمات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي، هما:

• تشكيل التحالفات: أشار التقرير إلى وجود استراتيجيتين مختلفتين تنتهجها التنظيمات الجهادية لتشكيل التحالفات في منطقة الساحل. الأولي، هي استراتيجية “الشعوبية الرعوية” التي تستخدمها جماعة نصرة الإسلام والمسلمين لتشكيل التحالفات. والثانية، هي استراتيجية أكثر تراتبية تنتهجها ولاية داعش في غرب إفريقيا. ووفقًا للتقرير، يوجد فرق كبير بين النهجين يؤثر على مستوى العنف كما هو الحال في ظل الشعوبية الرعوية، حيث ينصب التركيز على بناء تحالف محلي أفقي يتضمن عنفًا أقل، إذ تتطلع المجموعة إلى إقناع الآخرين بالانضمام، ويشيع استخدام هذا النهج من قبل القاعدة. وفي المقابل، يتضمن نموذج داعش في غرب إفريقيا أعمال عنف ووحشية أكبر، بما في ذلك استهداف أكبر للسكان المدنيين.

• قتل القادة المحليين: يبدو أن هناك نمطًا آخذًا في الظهور في منطقة الساحل حيث تستهدف الجماعات الإرهابية الزعماء ورؤساء البلديات وأعضاء المجالس والزعماء الدينيين، مما يخلق فراغًا في السلطة في المنطقة، وصراعات محلية على السلطة بين مختلف الفاعلين الذين يتنافسون جميعًا على السيادة، ويضفي المزيد من الفوضى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

الإرهاب والجريمة المنظمة

أشار التقرير إلى وجود ارتباط بين الإرهاب وأنشطة الجريمة المنظمة، كالاختطاف والاتجار بالبشر وتهريب الأسلحة والمخدرات. على سبيل المثال، يعد الخطف تكتيكًا شائعًا تستخدمه المنظمات الإرهابية. حيث كانت هناك زيادة كبيرة في عمليات الاختطاف في منطقة الساحل ولا سيما في بوركينا فاسو، إذ ارتفع العدد من 7 حوادث في عام 2016 إلى 111 في عام 2019. وبالنظر إلى القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، ذكر التقرير أن عمليات الاختطاف حققت للمجموعة أكثر من 110 ملايين دولار أمريكي منذ عام 2003.

التهديدات البيئية والإرهاب

استنادًا إلى تقرير “سجل التهديدات البيئية” الصادر عن معهد الاقتصاد والسلام، فإن مخاطر المياه هي أخطر تهديد كارثي لستة بلدان في منطقة الساحل، تليها مخاطر الغذاء في ثلاثة بلدان، ثم النمو السكاني السريع لجميع البلدان في المنطقة. لاسيما النيجر التي تتمتع بأعلى معدل نمو سكاني متوقع بزيادة قدرها 161%بحلول عام 2050. وبشكل عام، تواجه غالبية دول منطقة الساحل، مخاطر عالية ومتوسطة من التهديدات البيئية تنعكس على الظاهرة الإرهابية، وهو ما نستعرضه تاليًا:

مخاطر المياه: يختلف حجم هطول الأمطار في منطقة الساحل اختلافًا كبيرًا عند المقارنة بين الشمال والجنوب، حيث يبلغ معدل هطول الأمطار حوالي 800 ملم سنويًا بينما يمكن أن يستقبل الشمال ما لا يقل عن 100-200 ملم بشكل رئيسي في يونيو ويوليو وأغسطس. وقد تسببت ندرة المياه والوصول إلى المياه الغير الصالحة للاستخدام فقط في إلحاق أضرار جسيمة بالسكان المحليين. ويشير التقرير إلى أن جلب الماء يعتبر من وظائف المرأة، وغالبًا ما يقع على عاتق الفتيات الصغيرات اللاتي يجب أن يسلكن مسيرة شاقة وخطيره لجلب المياه، مما يجعلهن عرضة للاختطاف والعنف الجنسي. كما أن ندرة المياه تعد سببًا رئيسيًا للصراع، ويمكن استخدامها كأداة للإكراه والتجنيد من قبل الجماعات التي لديها القدرة على الوصول إلى موارد المياه والسيطرة عليها.

• التغيرات المناخية: أسفرت التغيرات المناخية عن المزيد من موجات الجفاف والفيضانات، مما أدي إلى تقويض إنتاج الغذاء في المنطقة، وتدمير المستوطنات البشرية المتنوعة وتسبب في نزوح واسع النطاق. حيث تشير التقارير إلى أنه في عام 2020، يواجه أكثر من 43 مليون شخص في بلدان الساحل الستة انعدامًا للأمن الغذائي، ويوجد حوالي 30 مليون شخص فقط في جميع أنحاء نيجيريا وتشاد والنيجر والكاميرون يتنافسون على إمدادات المياه المتضائلة ولكن جماعة بوكو حرام تتطلع لاستغلال هذا الوضع، فمن خلال التحكم في المياه يمكنهم المطالبة بضريبة للوصول، كما يمكنهم استخدام الحاجة إلى المياه لتجنيد الأفراد بالقوة.

• انعدام الغذاء: تاريخيًا، أدى انعدام الأمن الغذائي إلى تحفيز حركات التمرد والثورات، لكن الجماعات الإرهابية مثل داعش وبوكو حرام استخدمت الطعام بشكل متزايد في تكتيكاتها، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كان هناك ارتباط بين الإرهاب وتوافر الغذاء. وتشير إحدى الروابط المحتملة بين الإرهاب وانعدام الأمن الغذائي إلى البيئة الخارجة عن القانون التي تنشأ في المناطق المتأثرة بالصراع المطول، والتي تؤثر على تكلفة إنتاج وتوزيع الغذاء. كما يؤثر انعدام الغذاء أيضًا على الجماعات الإرهابية، حيث سيحتاجون إلى البحث عن الطعام، كما كان الحال مع جماعة بوكو حرام، حيث تسببت الأزمة الغذائية في شمال نيجيريا وبحيرة تشاد، في إجبار الجماعة على التوجه إلى الكاميرون من أجل تحقيق أمنها الغذائي. ويضاف إلى ما سبق إمكانية قيام التنظيمات الإرهابية بتحويل معضلة انعدام الامن الغذائي إلى تكتيكًا تستخدمه في توليد مشاعر مناهضة للحكومة وخلق فراغ سياسي يُمكّنها من تحقيق مآربها.

النمو السكاني: تشهد العديد من بلدان منطقة الساحل نموًا سكانيًا سريعًا، مما يفرض مزيدًا من الضغط على المؤسسات الهشة والموارد المحدودة. ويمكن أن يكون النمو السكاني السريع عاملاً هامًا في تسهيل الأنشطة الإرهابية لأنه يضيف إلى الاستغلال المفرط للموارد المحدودة والأماكن الصالحة للسكن، مما يؤدي بدوره إلى تكثيف الضغوطات الاجتماعية والاقتصادية وربما يؤدي إلى مزيد من العنف والإرهاب. حيث تشير التقارير إلى أن بوكو حرام سعت إلى الاستفادة من الفقر وانعدام الفرص في تشجيع الشباب الذين يواجهون اوضاعًا معيشية سيئة على الانضمام لصفوفها.

دراسة حالة “المثلث الحدودي بين بوركينا فاسو ومالي والنيجر”

وفقًا للتقرير، شهدت السنوات الخمس الماضية زيادة كبيرة في الهجمات الإرهابية في منطقة الساحل الأوسط، ولا سيما عند تقاطع حدود بوركينا فاسو ومالي والنيجر، حيث تم تسجيل أكثر من 1600 حالة وفاة إرهابية في البلدان الثلاثة في عام 2021، ارتفاعًا من حوالي 1300 في 2020. وأرجع التقرير هذه الزيادة إلى توغل الجماعات الجهادية، مثل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وتنظيم داعش في غرب إفريقيا. وفيما يلي نستعرض أبرز محفزات الظاهرة الإرهابية في المنطقة:

• الاستفادة من التوترات الطائفية: أشار التقرير إلى أن الجماعات الإرهابية سعت إلى استغلال التوترات الطائفية بين المزارعين والرعاة، مما أدى إلى تفاقم الوضع الأمني الهش. على سبيل المثال، سعت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين إلى توطيد نفوذها في المجتمعات المحلية من خلال تصوير نفسها على أنها مدافعة عن الجماعات العرقية، مثل الفولاني في مالي. ومن خلال استغلال التوترات القائمة، تمكنت كلتا المجموعتين من استمالة الأفراد الساخطين لحمل السلاح ضد الجماعات المتنافسة أو القوات الحكومية.

• توظيف التحديات الاقتصادية والأمنية: تشترك بوركينا فاسو ومالي والنيجر في العديد من التحديات، بما في ذلك ضعف المؤسسات، والفساد، ونقص البنية التحتية، وصعوبة السيطرة على حدودها الشاسعة، بالإضافة إلى انعدام الأمن المتزايد، كما واجهت المنطقة أيضًا فترات طويلة من الجفاف والفيضانات، علاوة على ذلك، تتمتع هذه البلدان بأعلى معدلات النمو السكاني في العالم.

وفي نوفمبر 2019، أبلغ برنامج الغذاء العالمي عن “أزمة في ثلاثة بلدان” في بوركينا فاسو ومالي والنيجر، مما أدى إلى نزوح مليون شخص، بينما يحتاج 2.4 مليون إلى مساعدات غذائية وتعد دولة بوركينا فاسو الأكثر تضررًا، حيث يوجد ما يقرب من 900000 نازح داخليًا.  وبالمثل، في النيجر، تتفاقم التحديات الأمنية في البلاد بسبب النمو السكاني السريع، وتواجه أكبر تهديد من الإرهاب في البلاد، حيث تتمتع الوحدات الإدارية في تيلابيري وديفا وتاهوا بأكبر معدلات نمو سكاني. وكذلك في مالي، تمثل الوحدات الإدارية في موبتي وغاو غالبية النشاط الإرهابي في البلاد، وتشكل مخاطر المياه أكبر تهديد لوحدة موبتي الإدارية ويتفاقم بفعل النمو السكاني المرتفع.

• تدهور الظروف البيئية والأمنية بمنطقة بحيرة تشاد: تعقدت النزاعات في منطقة بحيرة تشاد، التي تضم أجزاء من الكاميرون وتشاد والنيجر ونيجيريا، بسبب العديد من التهديدات البيئية بما في ذلك ندرة المياه والنمو السكاني المرتفع والجفاف والتصحر وتدهور الأراضي وانعدام الأمن الغذائي. حيث تعتمد 64% من سبل العيش في المنطقة على مياه البحيرة وهطول الأمطار.

وقد ارتبطت تفاقم حالات الجفاف، وعدم انتظام هطول الأمطار، والتصحر، بأزمات أمنية غير مسبوقة ناجمة عن استمرار الهجمات الإرهابية والمتطرفة العنيفة، فضلاً عن النزاعات العرقية والدينية وصراعات المزارعين على استخدام الأراضي، فضلًا عن صعود بوكو حرام والذي أسفر عن مقتل الآلاف في جميع أنحاء منطقة حوض بحيرة تشاد في غرب إفريقيا. 

كما سعت جماعة بوكو حرام وولاية داعش في غرب إفريقيا إلى استغلال نقاط الضعف القائمة من خلال السيطرة على مناطق واسعة من الأراضي المحيطة ببحيرة تشاد، وانضمت أيضًا إلى النزاعات المجتمعية المحلية وقادتها لكسب مجندين من خلال الانحياز إلى الانقسامات بين المجموعات العرقية، مثل مجموعات الفولاني العرقية في نيجيريا.

وقد أدت الظروف البيئية المتدهورة في منطقة بحيرة تشاد وما يرتبط بها من اضطراب في الإنتاج الزراعي وانتشار الفقر إلى انتشار بوكو حرام وتنظيم داعش في غرب إفريقيا عبر المنطقة. وقد نصبت كلتا المجموعتين نفسيهما كمقدمي خدمات بديلين وسهلت عملية التوظيف من خلال توفير فرص العمل لهؤلاء، الذين تأثرت سبل عيشهم بالتهديدات البيئية المتكررة، ولا سيما الشباب، وبالتالي تمكنوا من توسيع نفوذهم.

منى قشطة

باحثة ببرنامج قضايا الأمن والدفاع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى