
خطوات جادة لتحقيق الأمن الغذائي في ظل الأزمة الروسية –الأوكرانية
يواجه العالم في الوقت الحالي العديد من الأزمات التي أثرت بشكل مباشر على توفير الغذاء، خاصة في ظل الاضطراب في سلاسل إمداد الغذاء العالمية بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، لذا سعت الدولة المصرية ببذل العديد من الجهود إلى تحقيق الأمن الغذائي، واتخذت بالفعل العديد من الخطوات على أرض الواقع، سواء من خلال صدور قرارات رئاسية للحد من ارتفاع الأسعار، أو تدشين مبادرات لتوفير السلع بأسعار مناسبة، منها مبادرة “كلنا واحد” والتي توفر الاحتياجات بأسعار تقل عن مثيلاتها في الأسواق، أو مبادرة “المليون كرتونة” التابعة لمبادرة حياة كريمة لمساعدة الفئات الأكثر احتياجًا.
كل ذلك بهدف الوصول إلى توفير احتياجات المواطنين، ليس فقط في مراكز المحافظات، إنما على مستوى الجمهورية ككل، فما هي جهود الدولة في توفير السلع بأسعار مناسبة للجميع، خاصة محدودي الدخل، على الرغم من الارتفاع الكبير في الأسعار العالمية؟
توفير مخزون استراتيجي آمن
وضعت الدولة ملف الغذاء منذ بداية الحرب الروسية- الأوكرانية في مقدمة الأولويات خلال تلك الفترة، وتقوم بالعمل على كافة المستويات لتحقيق الهدف المنشود والمتمثل في تحقيق الأمن الغذائي والنهوض بملف الزراعة، سواء من خلال تفعيل المزيد من أدوات الرقابة وضبط الأسواق لمنع محاولات الاحتكار وتلاعب التجار برفع الأسعار، أو من خلال العمل على توفير أكبر قدر من الاحتياطيات الاستراتيجية للسلع الأساسية، وهو ما أشادت به العديد من الدول في ظل وجود عجز في الغذاء في العديد من الدول الأخرى، وهو ما يظهر حكمة القيادة السياسية في إدارة الأزمة.
وفي ذات السياق، نشر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء تقريرًا عن المخزون الاستراتيجي من السلع الأساسية، والسياسات الفعالة التي تتبناها الدولة لضبط الأسواق، والسيطرة على الأسعار في ظل الأزمات العالمية. وأظهر التقرير أن نسبة الاكتفاء من القمح 65% كمخزون آمن لنهاية العام بعد بدء الحصاد في أبريل، والزيوت بنسبة اكتفاء 30%، ومدة تغطية 5 أشهر، والأرز بنسبة اكتفاء 100%، ومدة تغطية 6.5 شهر، والمكرونة بنسبة اكتفاء 100%، ومدة تغطية5 أشهر، والسكر بنسبة اكتفاء87%، ومدة تغطية 4.5 شهر، واللحوم الحية بنسبة اكتفاء 57% ومدة تغطية 9.5 شهر، والدواجن بنسبة اكتفاء 97%، ومدة تغطية 6.5 شهر، والفول بنسبة اكتفاء 30%، ومدة تغطية 3 أشهر.
قرارات رئاسية عاجلة
نتيجة تداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية على الأسعار، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارات عاجلة وحاسمة لمواجهة تلك التداعيات، باتخاذ حزمة من الاجراءات للتخفيف من أعباء هذه الأزمة على المواطنين، ومواجهة محاولات الاستغلال من جانب التجار في التلاعب بأسعار السلع الأساسية والخبز غير المدعوم بالأسواق، خاصة وأن سعر رغيف الخبز الحر دخل ضمن الموجة التصاعدية في ارتفاع السلع الرئيسية.
وفي هذا السياق، عقد مجموعة من الاجتماعات على مدار الأيام السابقة لمتابعة توفير الأرصدة الاستراتيجية من كافة السلع الغذائية الأساسية، خاصة اقتراب حلول شهر رمضان. وكان اجتماع الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم، مع رئيس الوزراء ومجموعة من الوزراء وهم: وزير الدفاع والإنتاج الحربي، ووزير التموين والتجارة الداخلية، ووزير الداخلية، ورئيس المخابرات العامة، بحيث حمل العديد من القرارات التي تهم وتلمس المواطن بشكل أساسي، منها: التوجيه نحو دراسة تكلفة إنتاج رغيف الخبز الحر غير المدعم وكذلك تسعيره، على أن تقوم وزارة التموين بتوفير الدقيق اللازم للمخابز لضبط السعر، مع قيام مباحث ومفتشي التموين بالتأكد من التنفيذ، كذلك سرعة تحديد حافز التوريد الإضافي لسعر أردب القمح المحلي للموسم الزراعي الحالي والإعلان عنه في أقرب وقت، بالإضافة إلى تسعير رغيف الخبز الحر غير المدعوم للحد من ارتفاع ثمنه، مع العمل على تنويع مصادر توفير تلك السلع، مع السعي نحو زيادة مخزونها لفترة مستقبلية لا تقل عن 6 أشهر.
هذه القرارات في العموم تعمل على السيطرة على الأسواق ومنع زيادة الأسعار، والحفاظ على المخزون الاستراتيجي في ظل الحرب الروسية الأوكرانية التي أثرت بشكل كبير على حجم واردات القمح لدول العالم، فقرار منح حافز توريد إضافي لسعر أردب القمح المحلي للموسم الزراعي الحالي يشجع المزارعين على توريد أكبر كمية ممكنة، وهو ما سيساعد فيما بعد على تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح.
“كلنا واحد”
بما أن التكاتف أساس لمواجهة كل الأزمات، أطلقت وزارة الداخلية مبادرة “كلنا واحد” لمدة 30 يومًا، بالتنسيق مع مختلف قطاعات الوزارة ومديريات الأمن على مستوى الجمهورية؛ لتوفير كافة مستلزمات سواء سلع غذائية وغيرها، بجودة عالية وأسعار مخفضة عن مثيلاتها بالأسواق بنسبة تصل الى 60%، كدعم للمواطن لمواجهة ارتفاع الأسعار، وهذه ليست المبادة الأولى التي تطلقها الوزارة، فعلى نفس السياق أطلقت مبادرة “أمان” كمساهمة في تلبية احتياجات المواطنين، من خلال ضخ العديد من المنافذ الثابتة والمتحركة لطرح السلع الغذائية بأسعار مخفضة للمواطنين بالأماكن النائية والقرى بكافة المحافظات.
وتتعاون مبادرة “كلنا واحد” مع العديد من فروع السلاسل التجارية الكبرى مثل (خير زمان– أولاد رجب- عبدالله العثيم – كارفور – العابد – المحلاوي – أوسكار– خير بلدنا – راية ماركت – أسواق فتح الله – الفرجانى – هايبر الشرقية – إسبنس – كازيون – الشرق – أكسبشن – هايبر بلس – مول القاهرة – النساجون الشرقيون – جولدن مان هاوس – تاى هاوس – نيو أكتف “أبوعلاء” – راديو طلعت – العربي للأدوات الكهربائية – شركة الفيومي – هايبر وان – دايموند تكستال للملابس الجاهزة – الفار للتجارة – اللولو للأسواق التجارية – الطحان للتمور – المتوكل للاستيراد والتصدير)، بإجمالي 993 فرعا على مستوى الجمهورية.
ذلك علاوة على إطلاق قوافل سيارات لبيع السلع الغذائية بأسعار مخفضة أقل من مثيلاتها بالأسواق، وبنسب تخفيض تتراوح ما بين 25% إلى 60%؛ وذلك خلال الدفع ب 25 سيارة محملة بالسلع الغذائية للمناطق الأكثر احتياجًا والتي لا تتوافر بها أفرع للسلاسل التجارية.
حملة المليون كرتونة
جاء دور مبادرة حياة كريمة كعادتها في العمل على توفير مساعدات غذائية للفئات الأكثر احتياجًا في قرى ومراكز محافظات الجمهورية، لتعلن حياة كريمة عن انطلاق قوافل (وصل الخير) للمساعدات الغذائية بجميع محافظات الجمهورية، وذلك ضمن حملة “المليون كرتونة”. يأتي ذلك تنفيذًا لتوجيهات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي للتخفيف عن كاهل المواطنين الأكثر احتياجًا بالتزامن مع اقتراب شهر رمضان.
فقد قامت فرق المتطوعين بمؤسسة حياة كريمة في كافة محافظات الجمهورية بالعمل على قدم وساق لتقديم يد الخير للمواطن المصري، فتم البدء في تحميل الشاحنات استعدادًا لتخزينها ثم توزيعها على المستحقين في عدد من محافظات الجمهورية كمرحلة أولى، وهي محافظات “البحيرة – بني سويف – الشرقية – كفر الشيخ – المنيا”.
وعلى مدار الأيام الماضية كانت محافظة الغربية لها نصيب في توزيع 200 ألف كرتونة والتي تعد أكبر قافلة مساعدات غذائية في تاريخ المحافظة، وذلك في مراكز (السنطة، كفر الزيات، زفتي، سمنود، قطور، بسيون) بكل القرى التابعة لهم، وذلك بالتعاون مع شركة صافي لتوزيعها على المواطنين الأكثر احتياجًا بجميع قرى ومراكز المحافظة. وذلك يبرز دور المجتمع المدني في مصر لمساعدة المواطنين الأكثر احتياجًا في مختلف محافظات الجمهورية كسبيل لتوفير حياة كريمة، وتوحيد الصف لتخفيف العبء على المواطنين.
باحثة بالمرصد المصري