
الخطى المصرية لتوطين الصناعة
سعت الجمهورية الجديدة ولا تزال إلى تحقيق حلم أسمى بتحقيق صادرات مصرية تقدر بـ 100 مليار دولار -بوصفها مؤشرًا لقوة الاقتصاد وتطور القطاع الصناعي- ومن أجل هذا الهدف لم تتوان الدولة عن تحقيق هذا الهدف من خلال دعم القطاع الصناعي، فاتجهت الدولة بخطى ثابتة نحو توطين الصناعة في مصر، وزيادة المكون المحلي، ونقل الخبرات والتكنولوجيات المطبقة عالميًا إلى الصناعة المحلية لكون الصناعة هي قاطرة التنمية في هذه الفترة.
قاطرة التنمية
يعد قطاع الصناعة قاطرة التنمية التي يعول عليها لدفع عجلة الإنتاج، وزيادة معدل النمو الاقتصادي، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، وتوفير موارد النقد الأجنبي، وعلاج مشاكل عجز ميزان المدفوعات، وتنويع مصادر الدخل، وتخفيض معدلات البطالة. وذلك نظرًا لعلاقته التشابكية القوية مع العديد من القطاعات الإنتاجية والخدمية. وذلك بخلاف كونه أحد أهم القطاعات التي يتم من خلالها تحقيق الأمن القومي فيما يتعلق بتأمين احتياجاتنا كدولة.
ويحقق اعتمادنا الذاتي على قدراتنا الإنتاجية، والانتقال من كوننا دولة مستهلكة مستوردة إلى دولة مصنعة ومصدرة، بل أن تكون مركزًا صناعيًا لدول أفريقيا والشرق الأوسط، خاصة في ظل تولي مصر رئاسة مجلس حوكمة برنامج جسور التجارة العربية الأفريقية لعام 2021؛ والذي يسهم في تشجيع وزيادة التدفقات التجارية والاستثمارية بين الدول الأفريقية والعربية.
وبالفعل استطاعت الصادرات المصرية غير البترولية تحقيق معدلات تاريخية غير مسبوقة، وفي ظروف استثنائية تتمثل في أزمة جائحة كورونا خلال عام 2021، إذ بلغت 32.34 مليار دولار لتشكل 71.5% من إجمالي الصادرات، وهو أعلى رقم تم تحقيقه في تاريخ الصادرات. ونمت الصادرات البترولية لتصل إلى 12.9 مليار دولار، ليبلغ إجمالي الصادرات 45.2 مليار دولار، ليتخطى أعلى رقم حققته الصادرات المصرية في عام 2010/2011 والذي قُدّر بحوالي 36.7 مليار دولار.
وزيادة الصادرات العام الأخير ما هو إلا مؤشر على تنامي القطاع الصناعي، والذي حقق معدل نمو صناعي 6.5% خلال العام المالي 2020/2021، ويسهم القطاع الصناعي بـ17% من إجمالي الناتج المحلى الإجمالي، ويتبادل المركز الأول مع تحويلات المصريين بالخارج في قائمة المصادر الرئيسة الـمولّدة للنقد الأجنبي؛ إذ يسهم في نشاط التصدير بنسبة تتراوح بين 80% و85% من إجمالي الصادرات السلعية. ويستوعب القطاع الصناعي 15% من العمالة المنتظمة.
وتستهدف الحكومة أن تصل الاستثمارات في قطاع الصناعة عام 2021/2022 إلى حوالي 125.7 مليار جنيه، منها نحو 16,6 مليار جنيه في مجال صناعات تكرير البترول، والباقي وقدره نحو 109,1 مليار جنيه في مجال الصناعات التحويلية غير البترولية. وتصدرت مصر قائمة الدول الأكثر جذبًا للاستثمارات في 2020 وفقًا لتصنيف مؤشر راند ميرشانت.
وقد حقق قطاع الصناعة في الربع الأول من العام الجاري 2021 /2022 معدل النمو الأعلى منذ عقدين والذي بلغ 9.8%، مما رفع معدل النمو المتوقع في نهاية العام من 5,5 إلى 5,7%. وحقق معدل نمو قطاع الصناعة التحويلية (وفقًا للمؤشرات الأولية) خلال الربع 15,2%، وهو رابع القطاعات في معدل النمو بعد الفنادق والمطاعم، وقناة السويس، والاتصالات، مقابل انكماش بنسبة 12,7% في الربع المناظر من العام السابق نتيجة تداعيات جائحة كورونا.
وجاء قطاع الصناعة التحويلية كأكبر القطاعات إسهامًا في الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من العام بنسبة 15.3%، بمتوسط مساهمة 15,8% في الأعوام السبعة الأخيرة (منذ عام 2014/ 2015)، وبلغ إسهام قطاع الصناعة التحويلية في التشغيل (في الربع الأول من العام الماضي) نحو 12,2% بنحو 3.310 مليون مشتغل (3.049 ذكور و260 ألف إناث)، وقد جاء في المركز الثالث في الأهمية النسبية في التشغيل بعد الزراعة وتجارة الجملة والتجزئة، ويبلغ متوسط معدل الإسهام السنوية للقطاع في التشغيل منذ عام 2014 نحو 12%.
ووفقًا للدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، خلال اجتماعها مع لجنة الصناعة في مجلس النواب ديسمبر الماضي، فإنه تم تحديد عدد من المستهدفات الكمية لتحقيق تنمية صناعية مستدامة، أهمها: زيادة إسهام الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي من 11.7% عام 2020 إلى 15% عام 2024، وزيادة نصيب الصادرات الصناعية ذات المكون التكنولوجي المرتفع من إجمالي الصادرات الصناعية من (3 % عام 2019) بما لا يقل عن 20% سنويًا.
ذلك فضلًا عن زيادة نصيب الصادرات الصناعية ذات المكون التكنولوجي المتوسط من إجمالي الصادرات الصناعية (31 % عام 2019) بما لا يقل عن 10% سنويًا، إلى جانب زيادة نسبة المشتغلين بالقطاع من 12.5% في 2020 إلى 20% في عام 2024 (من 400 إلى 460 ألف فرصة عمل سنويًا)، علاوة على زيادة نصيب المشروعات الصغيرة والمتوسطة من جملة المشتغلين من 51% عام 2020 إلى 60% عام 2024.
وفي هذا الصدد، أوضحت السعيد أنه لتحقيق هذه المستهدفات تم الاستقرار على عدد من الإجراءات، منها إجراءات بدأت الدولة بالفعل في تنفيذها ضمن خطة وزارة التجارة والصناعة لـ 100 إجراء لتحفيز قطاع الصناعة وتنمية صادراته، ويشمل ذلك على سبيل المثال لا الحصر: حوكمة منظومة استغلال الأراضي للوصول إلى أفضل آلية ممكنة للاعتماد عليها وبما يتيح الاستغلال الأمثل للأراضي الصناعية بشكل كامل، لدعم خطط التنمية الصناعية ومتابعة مدى جدية المستثمرين في مباشرة الأنشطة الصناعية المستهدفة بالأراضي المخصصة لهم، وإعادة تخطيط المساحات الشاغرة بالمناطق الصناعية والاستثمارية، وتنفيذ البنية التحتية لها، وطرحها للاستثمار في ضوء الاحتياجات الفعلية لكل محافظة، مع وضع نظام تسهيل إجراءات للمستثمرين.
وفي نوفمبر 2021، وافق مجلس الوزراء على تشكيل مجلس لإحلال الواردات وتعميق المنتج المحلي، ويختص المجلس بالمتابعة والتحليل المستمر لبيانات هيكل الواردات، بالتعاون مع الجهات المعنية بوزارة التجارة والصناعة. وفي عام 2015 صدر قانون رقم 5 بشأن تفضيل المنتجات المصرية في العقود الحكومية، على أن تتكامل منظومة المجمعات الصناعية مع استراتيجية تعميق المكون المحلي، وربطها لوجستيًا بشبكة الطرق والمحاور والبنية التحتية الجديدة على مستوى الجمهورية.
هذا إلى جانب تطوير منظومة المدارس الفنية الصناعية المختلفة، ورفع قدرات العاملين بها، وذلك بالشراكة والتعاون مع القطاع الخاص، ودعم التخصصات الصناعية التي تصب في صالح خطط التنمية الشاملة في مصر.
وفيما يتعلق بالخطة التنفيذية لمضاعفة الصادرات المصرية إلى أفريقيا بحلول عام 2025، أشارت إلى أن الخطة تتضمن تحليلًا تفصيليًا لملامح الوضع الحالي للصادرات المصرية إلى أفريقيا، وطبيعة بيئة المنافسة في الأسواق الأفريقية، ومحاور التحرك المتمثلة في الاتصالية بتوفير وسائل النقل البري والبحري وتفعيل الاتفاقات التجارية، إلى جانب الدعم التقني والمالي لدول الاستيراد.
ويتم تنفيذ الخطة على مدار ثلاثة أعوام بدءًا من 2022؛ بهدف زيادة الصادرات إلى أفريقيا بقيمة 10 مليارات دولار بحلول 2025 (من 5 مليارات دولار حاليًا إلى 15 مليار دولار عام 2025)، ويبدأ التنفيذ في العام الأول باستهداف زيادة قيمتها ملياري دولار في 10 دول أفريقية.
وفي السياق ذاته، تستعد وزارة الهجرة مع عدد من الوزارات، لتجهيز مؤتمر مصر تستطيع بالصناعة -للاستفادة من خبرات العلماء والخبراء المصريين بالخارج من خلال مؤتمرات مصر تستطيع- في نسخته السادسة، والذي سينعقد يومي 27 و28 مارس الجاري. ويشارك فيه نحو 70 خبيرًا مصريا بالخارج. وسيتم تخصيص محور متكامل لتناول الصناعة بين مصر وأفريقيا بما يعزز التبادل التجاري والصناعي داخل القارة.
خطى الدولة التي تم تنفيذها على مدار السنوات القليلة الماضية، أسهمت في تحقيق فائض في ميزان المدفوعات خلال العام المالي 2020/2021 بلغ نحو 1.9 مليار دولار مقارنةً بعجز بلغ نحو 8.6 مليار دولار خلال العام المالي السابق 2019/2020، بحسب بيانات البنك المركزي المصري.
تجارب ناجحة
استطاعت مصر جذب العديد من الاستثمارات الأجنبية؛ نظرًا لاستقرار الأوضاع الداخلية وتوفير المناخ الجيد للاستثمار. كذلك دعمًا للصناعة المصرية المحلية وكأحد وسائل توطين الصناعات، أقامت الحكومة 17 مجمعًا صناعيًا على مستوى الجمهورية، من أهمها: مدينة الأثاث بدمياط، ومدينة الدواء بالخانكة، ومدينة الجلالة للرخام. روعي في إنشائها أن تخدمها شبكة طرق ومراكز تدريب لتوفير العمالة المدربة، وتوفير الصناعات الجانبية المساعدة داخل نطاق المدينة الصناعية.
هذا إلى جانب التعامل مع مخلفات كل صناعة بالشكل اللائق بيئيًا، فضلًا عن إمكانية إقامة معارض دائمة بنطاق المدينة الصناعية تسهم في تيسير عملية التسويق والتنافسية بين المصنعين، مما يزيد من جودة المنتج النهائي، وكأحد مزايا المجمعات الصناعية بدمج جزء من الاقتصاد غير الرسمي.
وخلال عام 2021، تم منح 10223 رخصة تشغيل لمنشآت صناعية، وبلغ عدد المصانع الحاصلة على سجل صناعي وبدأت الإنتاج الفعلى نحو 2778 مصنعًا في مختلف الأنشطة الصناعية، باستثمارات تبلغ 17 مليار و993 مليون جنيه، وتوفر 181 ألف و452 فرصة عمل جديدة في 27 محافظة.
وكذا، تم افتتاح 5 مجمعات صناعية (الأقصر-بنى سويف-المنيا- البحر الأحمر- قنا) بإجمالي 1178 وحدة تعمل في قطاعات مواد البناء والصناعات الكيماوية والهندسية والغذائية والنسيجية ومواد البناء الديكورية. وجارٍ اتخاذ إجراءات طرح 5 مجمعات بمحافظات (أسيوط- أسوان – الفيوم- قنا) بواقع مجمع في كل محافظة ومجمعين في محافظة الفيوم بإجمالي وحدات 1692 وحدة.
وخلال العام الماضي، أسهمت وزارة التجارة والصناعة في بناء قدرات رواد الأعمال لعدد 232 مستفيدًا في قطاع الحرف اليدوية والتراثية، ومساندة 236 شركة للحصول على تمويل من القطاع المصرفي، وتقديم 61 خدمة مالية للشركات، وإعداد قاعدة بيانات لـ 210 منشأة صناعية و110 موردين بالبرنامج القومي لتعميق التصنيع المحلى؛ إذ تم التفاوض مع 53 منشأة صناعية و74 موردًا محلًا لإحلال المنتجات المستوردة.
وخلال الفترة الأخيرة استطاعت الدولة تحقيق عدة نجاحات في مجال توطين الصناعة، بعدة قطاعات صناعية وكان أبرزها ما يلي:
في قطاع صناعة الإلكترونيات، أنتجت مصر أول هاتف محمول صناعة مصرية، وقدمه المهندس ياسر القاضي وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات السابق كهدية للرئيس عبد الفتاح السيسي خلال شهر نوفمبر 2017 خلال افتتاح الرئيس لمعرض القاهرة الدولي للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات Cairo ICT. وبدأت الشركة المصرية لتصنيع السيليكون “سيكو”، من حينها، في إنتاج عدة طرازات من الهواتف مصرية الصنع بمقر الشركة بالمنطقة التكنولوجية بمحافظة أسيوط، وتنتج هذه الشركة المحلية حاليًا 5 طرازات من الهواتف وطرازات أخرى من الأجهزة اللوحية “تابلت” ويتم بيعها داخل مصر وفي بعض الأسواق الخارجية.
هذا إلى جانب توطين صناعة التابلت في مصر، في ظل اعتماد منظومة التعليم الجديدة على استخدامه، وقرار المجلس الأعلى للجامعات تطبيق نظام الامتحان الإلكتروني بالجامعات المصرية، وتعميم التجربة على كل الجامعات في جميع التخصصات في غضون عامين.
وسعت الدولة أيضًا إلى توطين صناعة الحواسب والتابلت في مصر، بالتعاون بين شركة Dell، بمركز نظم المعلومات والحواسب التابع لوزارة الإنتاج الحربي، وشركة بنها للصناعات الإلكترونية، وتدريب العاملين على استخدام الأجهزة وكل ما هو جديد في مجالي الـ AI والـ IOT.
وفي قطاع النقل، من أبرز الصناعات الثقيلة التي تهدف مصر جديًا لتوطينها واتخذت خطوات فاعلة فى هذا المنحى للتحول في مراحل التصنيع من التجميع إلى التصنيع الفعلي هو صناعة السيارات الكهربائية، لأن المستقبل يشير إلى تنامى الاعتماد على هذا النوع من السيارات محل السيارات التي تعتمد على البنزين والسولار بوصفه وقودًا أحفوريًا يسهم فى زيادة التلوث البيئي، وفى ظل توجه عالمي ترعاه الأمم المتحدة يحث على أهمية التحول نحو الاقتصاد الأخضر للحفاظ على البيئة.
وكذلك تم توقيع مذكرة تفاهم لتصنيع السيارة البيك أب EM كابينة (فردية / مزدوجة)، والتي تعمل بالغاز الطبيعي والبنزين، بالتعاون مع إحدى الشركات الإماراتية، ويقام المصنع على مساحة 22 ألف كم2 بمنطقة حلوان. إلى ذلك، في نهاية الشهر الماضي تم الانتهاء من إنتاج الدفعة الأولى من الحافلات الكهربائية بأيدٍ مصرية بطاقة 12 حافلة كهربائية، بالتعاون بين الإنتاج الحربي وإحدى الشركات المتخصصة في صناعة وسائل النقل.
وفيما يخص توطين صناعة مستلزمات السكك الحديدية لخدمة الأسواق المحلية والإقليمية، تم الإعلان في نوفمبر 2020 عن تأسيس “الشركة الوطنية لصناعات السكك الحديدية” “نيرك”، بالتعاون بين الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس وصندوق مصر السيادي وعدد من شركات القطاع الخاص، بتكلفة استثمارية تقديرية تبلغ نحو 240 مليون دولار.
وينفذ المشروع على مرحلتين، الأولى مصنع للوحدات المتحركة، والثانية مصانع للصناعات المغذية للقطاع. ويقع على مساحة 300 ألف متر مربع بالمنطقة الصناعية في شرق بورسعيد، وسيُقام مجمع لتصنيع الوحدات المتحركة للسكك الحديدية بطاقة إنتاجية تبلغ 300 عربة سنويًا، ويوفر المشروع ألفي فرصة عمل.
وتتطلع مصر إلى التعاون مع شركة «هيونداي روتم» في توطين صناعة القطارات، وخاصة عربات مترو الأنفاق، بما في ذلك نظم الإشارات والاتصالات ومعدات التحكم والقيادة. وفي فبراير الماضي عقد الرئيس السيسي اجتماعًا مع كارلوس أوريول، رئيس شركة تالجو الإسبانية لصناعة القطارات، بشأن دراسة إنشاء مصنع متكامل للشركة في مصر لتوطين الصناعة ونقل التكنولوجيا، وذلك في ضوء استراتيجية الدولة لمد المزيد من خطوط السكك الحديدية بطول يتجاوز ٢٠٠٠ كم إضافية خلال السنوات القادمة.
وعن القطاع الطبي والدوائي، سعت الدولة إلى توطين صناعة اللقاحات بنقل التكنولوجيا اللازمة للتصنيع لتصبح مصر مركزًا إقليميًا لإنتاج اللقاحات في الشرق الأوسط وأفريقيا. ونجحت كذلك في تصنيع الأنسولين محليًا، كذلك توطين صناعة مشتقات البلازما؛ إذ تقوم بإنشاء عدد من مراكز تجميع البلازما، تمهيدًا لإنشاء مصنع مشتقات البلازما من قبل إدارة الخدمات الطبية بالقوات المسلحة وفقًا للمعايير الدولية. وتعمل على توطين صناعة أدوية قطرات العين أحادية الجرعة من خلال الشركات المحلية والمملوكة للدولة، وبذلك تصبح مصر هي أول دولة في الشرق الأوسط تتميز في إنتاج هذا النوع من القطرات.
وعن قطاع صناعة الأسلحة المتقدمة، قامت الدولة بالتوسع في سياسات التصنيع المشترك مع عدد من دول العالم، وصولًا إلى التصنيع الكامل للمعدات، والتطوير فيها بمشاركة سلاح المهندسين، وتم تصنيع سلاح مصري مطور بنسبة مكونات محلية تزيد على 60% تمهيدًا لتوطين الصناعة بالكامل. وبتكلفة 3 مليارات جنيه، أقيم مجمع «الصناعات الدفاعية» إلى جوار القسم الشمالي الشرقي من الطريق الدائري بالقاهرة.
وفي نهاية 2015، استؤنف التعاون المشترك مع الولايات المتحدة الأمريكية للإنتاج المشترك لدبابات إبرامز «إم١ إيه١». وتم تدشين خطة التصنيع المشترك لعدد من اللنشات، التي يتم تصنيعها بالشركة المصرية لإصلاح وبناء اللنشات، وبدأت بتصنيع لنش مرور ساحلي ٢٨ مترًا.
فيما كان التعاون مع فرنسا بحريًا وجويًا، فقد تقرر أن يقوم الجانب الفرنسي ببناء ٤ فرقاطات من طراز «جوويند»، داخل ترسانة الإسكندرية البحرية. واستكمال التصنيع المشترك لطائرة مروحية فرنسية متعددة المهام من طراز «جازيل»، التى تعد مصر أكبر مشغل أجنبي لها، ويتم إنتاجها بالفعل بالتعاون مع الهيئة العربية للتصنيع وشركة «إيروسبيسيال» الفرنسية.
وتتعاون مصر مع بريطانيا في مجال التصنيع المشترك لمدفع «الهاوترز D -٣٠» ذاتي الحركة، وهو مدفع ميداني خفيف يستخدم مع القوات خفيفة الحركة، بالإضافة إلى ذلك، التعاون مع الصين في التصنيع المشترك لطائرة التدريب المتقدم، من طراز «كي ٨ إى» في مصانع الهيئة العربية للتصنيع، ومن المقرر أن تصل نسبة المكون المصري في تصنيع هيكل الطائرة إلى ما يزيد على ٩٤٪.
وعلى هذا الغرار يوجد الكثير من الصناعات التي يمكن توطينها بمحافظات مصر المختلفة، فالسوق المصرية كبيرة وخصبة ومرنة لاستيعاب مختلف المنتجات، وذلك في ظل توافر وتنوع المواد الخام والأيدي العاملة والمناخ الجاذب للاستثمار. ومن ثم يمكن تحقيق هدف تخطي الـ 100 مليار دولار صادرات خلال سنوات قليلة، وتخفيض فاتورة الاستيراد، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، ودعم المنتج المحلي، وصولًا إلى تصدير الفائض وتحقيق الجودة والتنافسية العالمية. لكن تحقيق الهدف يحتاج الكثير من الجهد والمثابرة والمراجعة الدورية لسياسات وقوانين الاستثمار، ومقارنتها بسياسات الاقتصادات المنافسة، فالتنافسية الاقتصادية أصبحت أكثر شراسة في ظل العولمة التي نعيشها الآن.
باحث أول بالمرصد المصري