الأزمة الأوكرانيةإسرائيل

الوساطة الإسرائيلية في الأزمة الروسية الأوكرانية.. حدود الدور والأهداف

في لقاء هو الأول من نوعه مُنذ اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية، قام رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، بزيارة موسكو لعقد مباحثات مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في إطار تقديم إسرائيل نفسها كوسيط قادر على الوصول لكافة الأطراف بهدف حل الأزمة الأوكرانية. وقد أعقب اللقاء قيام بينيت بالتوجه إلى برلين وإجراء مكالمة بالرئيس الأوكراني.

تزامنت الوساطة الإسرائيلية مع مرور الأزمة الروسية بوقت حرج، أخفقت فيه الجهود الدبلوماسية لتخفيف حدة الأزمة أو الوصول إلى حل وسط، فتم الإعلان عن انطلاق جولة ثالثة للمفاوضات بين الجانبين خلال الأسبوع المقبل؛ بهدف وضع حد للصراع الدائر في أوكرانيا، بعد فشل الجولتين السابقتين اللتين عُقدتا عند الحدود الأوكرانية-البيلاروسية والأوكرانية –المجرية في وقف المعارك.

وفي حين أن إسرائيل، الحليف الوثيق للولايات المتحدة الداعمة لأوكرانيا، أدانت العمليات العسكرية الروسية وعبرت عن تضامنها مع كييف وأرسلت مساعدات إنسانية إلى أوكرانيا، إلا أنها تسعى إلى الحفاظ على علاقاتها بموسكو، وتحاول منذ بدء الأزمة أن تزن خطواتها بميزان دقيق يحول دون المساس بعلاقتها بأي من أطراف الأزمة، ويراعي المصالح الإسرائيلية.

جدير بالذكر أن الوساطة الإسرائيلية تم طرحها بعد قيام الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بطلب إسرائيل للتوسط مع الجانب الروسي لوقف إطلاق النار. لكن الحديث عن الدور الإسرائيلي الوسيط في الأزمة يثير العديد من المخاوف داخل الأوساط الإسرائيلية، تتلخص في خشية أن يلقي هذا التدخل بتداعياته السلبية على علاقة إسرائيل بأي من القوتين الدوليتين، الولايات المتحدة أو روسيا. ومن جانب آخر تُثار التساؤلات حول مدى التأثير الذي يمكن أن تُحدثه إسرائيل من خلال لعبها دور الوسيط، فضلًا عن ماهية الاعتبارات الإسرائيلية التي تقف خلف انخراطها في هذا الصراع المنطوي على مخاطر عدة.

مجريات زيارة بينيت إلى موسكو

على الرغم من إصدار الرقابة العسكرية الإسرائيلية أمرًا بحظر النشر فيما يخص زيارة بينيت إلى موسكو، تم الكشف عن الزيارة بعد قيام المتحدث باسم الكرملين بإصدار بيان حول لقاء بينيت – بوتين، وهو ما دفع إلى تأكيد الزيارة من قبل مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي. وفي دلالة على أهمية عقد اللقاء بالنسبة لبينيت، قام رئيس الوزراء الإسرائيلي المتدين بالذهاب إلى موسكو في يوم السبت المقدس لدى اليهود، والذي تُحظر فيه ممارسة أي أعمال، إلا أنه برر ذلك بأنه يمكن استثناء ذلك عندما يكون الهدف هو الحفاظ على حياة الإنسان.

فيما يخص الوفد المرافق، فقد تضمن وزير الإسكان الإسرائيلي، زئيف إلكين، وهو أيضًا يهودي ملتزم -وُلد في خاركيف بأوكرانيا وهاجر إلى إسرائيل في عام 1990- وضم كذلك مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء “إيال حولاتا” ومستشاره الدبلوماسي “شمريت مئير” والمتحدث باسمه “ماتان سيدي”.

واستمر الاجتماع لثلاث ساعات في الكرملين، وبحث الجانبان خلال اللقاء الجوانب المختلفة للوضع في أوكرانيا، وأكد بينيت على الالتزام الأخلاقي للدولة العبرية في محاولتها وقف القتال في أوكرانيا، وطلب من بوتين إقامة ممرات إنسانية للسماح لليهود الأوكرانيين بمغادرة البلاد. وناقش الجانبان كذلك وقف إطلاق النار، وتأثير الحرب على الجالية اليهودية في روسيا، هذا بجانب الوضع في سوريا والاتفاق النووي الإيراني. وقال مكتب رئيس الوزراء إن بينيت وبوتين اتفقا على الاجتماع خلال مكالمتهما الهاتفية يوم الأربعاء الماضي. وفي السياق ذاته، أكدت إسرائيل على أن الولايات المتحدة منحت موافقتها على لقاء بينيت ببوتين.

جدير بالذكر، أن بينيت أوضح قبيل الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء، والذي انعقد قبل إجراء الزيارة، أنه لن يتوسع أكثر في محادثاته، لكنه أكد على مواصلة العمل دبلوماسيًا حسب الحاجة مع الأطراف المعنية. وأضاف “حتى لو لم تكن الفرصة كبيرة لكن أرى أنه طالما هناك نافذة أمل صغيرة ولدينا إمكانية الوصول إلى جميع الأطراف. فمن واجبنا الأخلاقي بذل كل جهد ممكن”. 

تحرك إسرائيلي مكثف

فيما يخص تحركات إسرائيل للوساطة بين الجانبين الروسي والأوكراني، قام بينيت بتنسيق مساعيه الدبلوماسية مع كل من الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا. وعقب اللقاء الذي تم مع بوتين، أجرى بينيت مكالمة هاتفية مع الرئيس الأوكراني زيلينسكي، وأشار مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى أنه تحدث مع زيلينسكي ثلاث مرات خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية. وتوجه بعد ذلك إلى برلين حيث التقى المستشار الألماني “أولاف شولتس”. 

بالنسبة للولايات المتحدة، أبلغ مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي البيت الأبيض مسبقًا برحلة بينيت، حسبما ذكر مسؤول إسرائيلي لموقع أكسيوس، وتحدث بينيت كذلك هاتفيًا مع مستشار الأمن القومي “جيك سوليفان” وأبلغه أنه يخطط لمقابلة بوتين في اليوم التالي. وبحسب الموقع لم يطلب بينيت الإذن ولكنه أبلغ سوليفان فقط، الذي لم يعبر عن أي اعتراض. ومع ذلك، قال المسؤول إن إدارة بايدن متشككة في تعامل بينيت مع بوتين.

في السياق ذاته، أصدرت الحكومة الألمانية بيانًا بعد اجتماع المستشار الألماني شولتس مع بينيت في برلين. وكان محور اجتماعهما الذي استمر 90 دقيقة نتائج المحادثات بين بينيت وبوتين. واتفق زعيما ألمانيا وإسرائيل على البقاء على اتصال وثيق، وأن الهدف المشترك لا يزال هو إنهاء الحرب في أوكرانيا في أقرب وقت ممكن. ووفقًا للبيان، فإنه تم الاتفاق على أن يعملا على ذلك بكل ما أوتيا من قوة.

واتصالًا بذلك، فقبل انعقاد لقاء بينيت – بوتين، تحدث الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون إلى بينيت قبل أن يتوجه إلى موسكو لإطلاعه على محادثاته السابقة مع بوتين. وقال مسؤول في الإليزيه أن الزعيمين أكدا أنهما سيبقيان على اتصال بهدف التوصل إلى وقف لإطلاق النار وذلك بالتنسيق مع المستشار الألماني أولاف شولتس”. أما بالنسبة للموقف الأوكراني الداعم للوساطة الإسرائيلية من الزيارة، فقد أكد سفير أوكرانيا في إسرائيل لشبكة CNN إن القيادة الأوكرانية أُبلغت مسبقًا باجتماع بينيت مع بوتين وكانت تدعمه.

وساطة محفوفة بالمخاطر

يُعتقد أن دخول إسرائيل في المشهد الروسي الأوكراني يُعد مخاطرة كبرى؛ فسعي الدولة العبرية إلى لعب دور الوسيط يمكن أن يكلفها الكثير حال فشلت المفاوضات، وهو ما سيؤدي لا محالة إلى الإضرار بمصالحها، وسيترتب عليه تحميل إسرائيل المسؤولية عن فشل المفاوضات. لكن الأمل الضئيل الذي تستند إليه تل أبيب يكمن في احتمال أن تنجح مساعيها الدبلوماسية في وقف إطلاق النار بين موسكو وكييف، وهو ما سيعزز من مكانتها الدولية حال تحقيقه.

من جانب آخر، فإن الموقف الإسرائيلي الذي حرص على الحفاظ على الحياد، وانتقل منه إلى حالة التذبذب من خلال دعم أوكرانيا تارة والصمت حيال العدوان الروسي تارة أخرى، قد نتج عنه حالة من عدم الرضا لدى كلا الطرفين الروسي والأوكراني؛ لذلك فعلاقة إسرائيل بطرفي الأزمة لم تعد كسابق عهدها في وقت ما قبل اندلاع الأزمة وهو ما سيترك أثره على دورها كوسيط.

من وجهة نظر كييف، على الرغم من أن إسرائيل تقدم مساعدات إنسانية لأوكرانيا، إلا أن رئيس الوزراء لم يدن روسيا بشكل مباشر، ولم يشارك في رعاية قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالقيام بذلك، ورفض طلبًا مباشرًا من زيلينسكي للحصول على مساعدة عسكرية، ورفض إمداد أوكرانيا بمنظومة القبة الحديدية، وهو ما دفع زيلنيسكي في الأيام الأخيرة إلى التعبير عن خيبة أمله من موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي.

أما بالنسبة لروسيا، فموقف إسرائيل المتردد لم يلق قبولًا لدى موسكو، وما عزز من ذلك قيام إسرائيل بالتصويت لصالح قرار الجمعية العامة بإدانة العدوان الروسي على أوكرانيا، وهو ما أعقب إدانة وزير الخارجية الإسرائيلي “يائير لابيد” للعدوان الروسي على أوكرانيا، واصفًا إياه بالانتهاك الخطير للقانون الدولي. وقد ظهر رد الفعل الروسي جليًا على تلك التصريحات من خلال إعلان روسيا عدم الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان المحتلة.

أما الولايات المتحدة الأمريكية، فعلى الرغم من تعبيرها عن تفهمها للمصالح الإسرائيلية مع موسكو، إلا أنها لن تقبل بخروج إسرائيل عن سياق الموقف الأمريكي تجاه الأزمة، والدليل على ذلك ما حدث من ضغط أمريكي على إسرائيل للتصويت لصالح قرار إدانة روسيا بالجمعية العامة. من زاوية أخرى، فإن هناك قطاعًا ليس بضئيل داخل الرأي العام الأمريكي يرى أن إسرائيل لا تدعم الولايات المتحدة بالكامل في هذا الصراع، لذلك فإن فشل الوساطة يمكن أن تدفع إسرائيل ثمنه في علاقاتها مع الولايات المتحدة.

على الصعيد الآخر، فإن الداخل الإسرائيلي يضم قطاعًا منتقدًا للوساطة الإسرائيلية في الأزمة؛ إذ يرى البعض أن تدخل تل أبيب قد ينطوي على مخاطر لو تبين انحياز إسرائيل للجانب الأوكراني، وسيمس مصالحها مع موسكو. ويطالب اليمين الإسرائيلي الحكومة بالصمت بشأن الأزمة الروسية الأوكرانية. وفي هذا الإطار، قال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق، عاموس يادلين، إنه لا يمكن المبالغة في التوقعات بشأن جهود بينت، على اعتبار أنه لا يوجد لإسرائيل أوراق قوة يمكن أن تستخدمها لدى الطرفين، مشيرًا إلى أن استمرار الحرب “كما بدايتها يتوقف على روسيا”.

بشكل عام، فإن الظاهر أن إسرائيل لا تمتلك أوراق ضغط حقيقية تستطيع من خلالها إنجاح المفاوضات، بمعنى آخر، فهي لا تملك ما يمكن أن تطرحه على طاولة المفاوضات، أو أن تعطي ضمانات لروسيا بموقف أوكرانيا من حلف الناتو أو بقائها على الحياد. وهو ما دفع العديد من المحللين لترجيح فشل الوساطة الإسرائيلية في الأزمة. فعلى الرغم مما تتمتع به تل أبيب من علاقات جيدة مع كافة الأطراف، إلا أن أقصى ما يمكن أن تنجزه هو تمرير الرسائل بين روسيا والحلفاء الغربيين.

الوساطة الإسرائيلية في الأزمة.. أبعاد متعددة

تعتمد إسرائيل في تقديم نفسها كوسيط في الأزمة الروسية الأوكرانية على عدة اعتبارات تنطوي على مزيج من الأهداف والمصالح والمخاوف. وتتمثل تلك الاعتبارات في الآتي:

  1. الاعتبارات السياسية:
  • خارجية:

تتشابك المصالح الإسرائيلية فيما يخص علاقتها بكل من الولايات المتحدة وروسيا، وهو ما يفرض عليها التحرك بحذر شديد حيال الأزمة الروسية الأوكرانية. فمن جانب تحرص على العلاقة بحليفتها التقليدية الولايات المتحدة، وهو ما يفرض عليها التحرك في إطار التوجه الغربي الساعي إلى تشديد العقوبات على روسيا وإجبارها على وقف العدوان، ومن جانب آخر تخشى المساس بعلاقتها مع روسيا التي تربطها بها مصالح مشتركة تشمل كلًا من سوريا وإيران. وهو ما يجعل تل أبيب تواجه مأزقًا يصعب عليها الخروج منه أو اتخاذ موقف صريح قد ينعكس على علاقتها بأحد الأطراف.

من جانب آخر، تسعى إسرائيل إلى تحسين صورتها أمام المجتمع الدولي وتعزيز مكانتها على الساحة الدولية من خلال تدخلها في خط الصراع، وفي الوقت ذاته، تهدف إلى تصوير نفسها كدولة داعية للسلام، وسط الاتهامات والانتقادات المتزايدة ضد ممارساتها في الأراضي الفلسطينية.

فضلًا عن ذلك، فإن التهديد الإيراني الذي يشكل التحدي الأخطر بالنسبة لإسرائيل يدخل في اعتباراتها بشكل أساسي؛ إذ تخشى إسرائيل من الدعم الروسي لإيران، من خلال السماح لها بتوجيه هجمات ضد إسرائيل من الأراضي السورية. ومن جانب آخر، تتخوف إسرائيل من أن تستغل إيران الانشغال الدولي بالأزمة الروسية الأوكرانية في تطوير برنامجها النووي وفرض شروط أكثر تعقيدًا في المفاوضات بشأن العودة للاتفاق النووي بمساعدة موسكو.

  • داخلية

تهدف حكومة بينيت إلى تقوية موقفها في الداخل الإسرائيلي؛ إذ تطمح إلى تحقيق إنجاز في المفاوضات بين موسكو وكييف، وتدرك أن أي نجاح قد تستطيع تحقيقه سيسهم بشكل مباشر في رفع أسهم الائتلاف الحكومي الهش الذي تتراجع شعبيته بمرور الوقت ولا يستطيع تحقيق أي إنجاز يذكر في ظل ما تواجهه الدولة من أزمات عدة.

  1. الاعتبارات العسكرية:

سعت إسرائيل إلى الحفاظ على علاقات جيدة مع روسيا في السنوات الأخيرة حتى تتمكن من مواصلة الضربات الجوية ضد الأهداف الإيرانية في سوريا، وهو ما تراه إسرائيل أمرًا بالغ الأهمية لمنع نقل تكنولوجيا الصواريخ الموجهة بدقة إلى حزب الله. لذلك فإن أهم ما تراعيه في تحركها كوسيط في الأزمة يتمثل في عدم المساس بعلاقتها بموسكو، ويرجع ذلك إلى إدراكها أن أي توتر في العلاقات ستدفع ثمنه إسرائيل وحدها.

  1. الاعتبارات الثقافية:

تتمتع إسرائيل بروابط ثقافية بكل من روسيا وأوكرانيا، ويرجع ذلك إلى حجم الجالية اليهودية في كلتا الدولتين، وتحرص كل الحرص على عدم قطع الروابط بينها وبين هؤلاء آخذة في الاعتبار العديد من الأهداف السياسية والديموغرافية والاقتصادية والدبلوماسية أيضًا. وانطلاقًا من ذلك، أعلنت وزيرة الداخلية “أيليت شاكيد” إن إسرائيل تستعد لموجة كبيرة جدًا من الهجرة التي أشعلها الصراع. وقالت إن هذا قد يستلزم استقبال أكثر من 200 ألف أوكراني يهودي أو تربطهم روابط عائلية يهودية وأكثر من 600 ألف روسي. 

وتدرك تل أبيب تمامًا أن أي توتر في علاقتها مع موسكو قد تترتب عليه الحيلولة دون قدرتها على استكمال خطة الإجلاء الجماعي لليهود الأوكرانيين، وسيقطع عليها قنوات الاتصال مع اليهود الروس الذين كرس العديد منهم نفسه لغرس الهوية اليهودية ومعاداة السامية، بالإضافة إلى قيامهم بإرسال التبرعات للجمعيات الخيرية اليهودية في أنحاء العالم، ويمثل هؤلاء أدوات فعالة لإسرائيل سواء على المستوى الدبلوماسي أو الثقافي أو الاقتصادي في روسيا.

  1. الاعتبارات الاقتصادية:

لا يقتصر الصراع الروسي الأوكراني على الجوانب السياسية والعسكرية، بل بات متعدد الجوانب إلى حد إلحاق الضرر الاقتصادي بإسرائيل، وهو ما دفع بها ‏إلى التدخل لعرض الوساطة بين الجانبين؛ إذ تتواصل اجتماعات الحكومة الإسرائيلية والأجهزة الأمنية لبحث ‏تداعيات استمرار الحرب وتفاقمها إلى جانب انعكاس العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا، ‏على‎ ‎الاقتصاد الإسرائيلي‎.‎ 

وأسفرت التوقعات الأولية عن أن العقوبات الأمريكية والأوروبية على ‏روسيا تؤدي إلى نقص في البضائع مقابل رفع للأسعار، إذ ستتأثر شركات إسرائيلية عدة تعمل في روسيا، ويصل ‏حجم أعمالها إلى مليارات الدولارات سنويًا. فضلًا عن ذلك، ‏فإن الفحم الذي يشكل نحو 20% من استهلاك الطاقة في إسرائيل، ومعظمه مستورد من روسيا، ‏سيتأثر بشكل كبير إثر العقوبات على روسيا؛ إذ ستضطر إسرائيل إلى استبدال الفحم من ‏أمريكا اللاتينية به، وستواجه العديد من العقبات في هذا الشأن. 

بالإضافة إلى ذلك، سيتأثر مخزون الحبوب لدى ‏إسرائيل بسبب الأزمة، وكذلك تتخوف إسرائيل من انعكاسات خروج روسيا من المنظومة البنكية الدولية ‏‏”سويفت” للتعاملات المالية؛ إذ أن تلك الخطوة ستؤثر لا محالة على الشركات الإسرائيلية التي تدير أعمالًا ‏مع روسيا.‏

الخلاصة، إن إسرائيل عالقة بين ولائها التاريخي للولايات المتحدة وحاجتها إلى التنسيق العسكري مع روسيا، لذلك تسعى من خلال وساطتها في الأزمة إلى تعزيز مكانتها الدولية من جانب، والبقاء على اتصال وثيق مع كافة الأطراف بصورة تضمن الحفاظ على مصالحها من جانب آخر.

+ posts

باحثة ببرنامج العلاقات الدولية

هبة شكري

باحثة ببرنامج العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى