مصر

الدولة تواجه خطر الزيادة السُكانية: إطلاق المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية 2021 – 2023

أنا عايش معاكم الحكاية وفى 2014 قولت الكلام ده، وفي سبع سنين زدنا 14 مليون نسمة، هل جالي أرقام دخل تكفي هذا النمو الـ 14 مليون، طبعا لا ده عجز من الدولة؟ لا قدرة الدولة مش متمشية مع قدرة نمو الدولة والاثنين مش زي بعض”، بهذه العبارات، علق الرئيس عبد الفتاح السيسي على مشكلة الزيادة السُكانية والتي طالما أرقت الحكومات المتتابعة في مصر.

وقال الرئيس السيسي، في مداخلته في ختام الجلسة النقاشية، ضمن فعاليات إطلاق المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية، “إن حديثنا اليوم لا يتعلق بتنمية الأسرة المصرية فحسب، بل بتنمية الدولة المصرية”، منوهًا إلى أن أسباب الاستقرار الحقيقي تكمن في الوصول إلى الرضا المجتمعي، مضيفًا “نحن لسنا مسؤولين عنه كدولة فقط، بل نحتاج أن نتحرك جميعًا لإيصال ذلك للناس، ليشعروا بالوعي بأن هذا العدد من النمو السكاني لن تكفيه الأراضي الزراعية والمدارس والطرق وسوق العمل”.

وأضاف الرئيس السيسي “هل سننجب أطفالًا لنعذبهم أم ليعيشوا بصورة لائقة؟”، داعيًا إلى تضافر جهود الدولة لتحقيق التنمية، ولمحاربة الفقر والجهل والتخلف، والتحول إلى الغنى والوعي والمعرفة والتقدم والازدهار، مؤكدًا أن ذلك لن يتحقق إلا عندما نضع “المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية 2021-2023″، كركيزة نتحرك بها لتغيير واقعنا للأفضل في كل شيء.

وتقوم الدولة بتنفيذ المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية، بمحاوره المختلفة وبتعاون كافة المؤسسات المعنية، والذي يهدف إلى الارتقاء بجودة حياة المواطن المصري والأسرة المصرية، ويتم تنفيذه في نطاق جغرافي يشمل كافة أنحاء الجمهورية.

ويشمل المشروع مختلف أبعاد الأسرة المصرية، أبرزها: البعد الاجتماعي، والبعد الصحي، والبعد الثقافي. وكانت أبرز النقاط التي سعت إليها الاستراتيجية هي: التمكين الاقتصادي للسيدات، والاهتمام بصحة المرأة من خلال مبادرة “المرأة المصرية هي صحة مصر”، والعمل على رفع كفاءة مراكز صحة وتنمية الأسرة لتقدم التطعيمات وخدمات الرعاية الأولية، علاوة على متابعة الفحوصات الطبية قبل الزواج وبعده.

يُذكر أنه في بيان صحفي أصدره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء مطلع يوليو 2021 أعلن فيه بلوغ عدد سكان جمهورية مصر العربية بالداخل (102 مليون نسمة) مقابل (101 مليون نسمة) مطلع أكتوبر 2020، وذلك وفقًا لما أعلنته الساعة السكانية المرتبطة بقاعدة بيانات المواليد والوفيات بوزارة الصحة والسكان.

المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية 2021 – 2023

يتمثل الهدف الاستراتيجي للمشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية 2021 – 2023 وفقًا للهيئة العامة للاستعلامات، في الارتقاء بجودة حياة المواطن المصري والأسرة المصرية، وذلك من خلال ضبط النمو السكاني، وكذا اتخاذ ما يلزم في إطار الارتقاء بالخصائص السكانية، مع أهمية تكامل جهود جميع الجهات التي تعمل على إدارة القضية السكانية والربط بينها من خلال خطة استراتيجية متكاملة.

وذلك بحيث يكون الهدف الرئيس منها ليس فقط التركيز على ضبط معدلات النمو السكاني المتزايد، بل هو إدارة القضية السكانية من منظور شامل للارتقاء بجودة حياة المواطن، وضمان استدامة عملية التنمية، مع التأكيد على أهمية النظر للقضية السكانية كحق من حقوق الإنسان وبصفة خاصة حقوق المرأة والطفل، حيث أكدت لجنة “سيداو” على اتخاذ التدابير اللازمة لتسهيل وصول النساء إلى خدمات تنظيم الأسرة، والحصول عليها بأسعار في متناول الجميع.

محاور استراتيجية تنمية الأسرة المصرية (2021-2023)

تضمنت استراتيجية تنمية الأسرة المصرية العديد من المحاور منها الاقتصادي، والخدمي، والثقافي، والتشريعي، والإعلامي، والتوعوي، إلى جانب ما يتعلق بملف التحول الرقمي. النطاق الجغرافي للمشروع يضم جميع أنحاء الجمهورية، على أن يتم تنفيذ هذا المشروع على مدار 3 أعوام.

وزارة الصحة تطلق حملات توعوية لتنظيم الأسرة في 9 محافظات - بوابة الشروق -  نسخة الموبايل
  • محور التمكين الاقتصادي للسيدات في الفئة العمرية من 18 حتى 45 سنة من خلال توفير فرص العمل وكسب الرزق، وتحقيق الاستقلالية المالية، من خلال تجهيز وتشغيل 200 مشغل خياطة ملحقة بوحدات صحة وتنمية الأسرة في 16 محافظة، والتدريب على إنتاج المنسوجات الطبية لسد حاجة المستشفيات، وتدريب مليون سيدة على ريادة الأعمال، وتنفيذ البرامج والدورات التدريبية لصالح المرأة، إلى جانب تنفيذ مليون مشروع متناهي الصغر، وتدريب 2 مليون سيدة على إدارة المشروعات، ومحو الأمية الرقمية والشمول المالي، وتأهيلهن لسوق العمل طبقًا للفرص الاستثمارية بكل محافظة.
  • محور للتدخل الخدمي من خلال توفير وسائل تنظيم الأسرة بالمجان للجميع، مع المتابعة المستمرة، وذلك من خلال إتاحة وسائل تنظيم الأسرة وتوطين 1500 طبيبة مدربة على تلك الوسائل، وتوزيعهن على المنشآت الصحية، إلى جانب زيادة مشاركة الجمعيات الأهلية التي تقدم خدمات تنظيم الأسرة لتصل إلى 400 جمعية، وإمدادها بوسائل تنظيم الأسرة بمستوى تخزين آمن.
التمكين الاقتصادى للمرأة «أولوية».. والريفية فى المقدمة - الأهرام اليومي
  • إنشاء منظومة إلكترونية باسم “منظومة الأسرة المصرية” لميكنة خدمات صندوق تأمين الأسرة وربطها بوحدات صحة وتنمية الأسرة، إلى جانب إنشاء منظومة إلكترونية للمتابعة وتقييم أداء الخطة التنفيذية للمشروع، وإدخال مؤشرات لقياس الأداء والأثر المترتب على التدخلات، وكذا إنشاء المرصد الديموجرافي؛ لرصد الخصائص والمؤشرات السكانية على مستوى الجمهورية وتحليلها، ورفع تقارير شهرية بالمحافظات والقرى الأكثر احتياجًا للتدخل وتوجيه الخدمات الثقافية والتوعوية والصحية.
  • رفع وعي المواطن المصري بالمفاهيم الأساسية للقضية السكانية، وبالآثار الاجتماعية والاقتصادية للزيادة السكانية، وذلك من خلال تنفيذ 12 مليون زيارة منزلية و30 ألف ندوة و500 فعالية تستهدف 6 ملايين سيدة في سن الإنجاب، والعمل على تطوير ورفع كفاءة الرائدات المجتمعيات ومكلفات الخدمة العامة، مع وضع إطار تشريعي وتنظيمي حاكم للسياسات المتخذة لضبط النمو السكاني، من بينها العمل على تفعيل تجريم زواج القاصرات وتغليظ العقوبة لتشمل ولي الأمر، وكذلك تغليظ العقوبة على عمالة الأطفال، وتجريم عدم تسجيل المواليد.

الدولة المصرية في مواجهة خطر الزيادة السكانية

خلال السنوات القليلة الماضية، بذلت الدولة العديد من الجهود للحد من الزيادة السكانية التي مثلت التهديد الرئيس للتنمية في مصر. فقد عملت القيادة السياسية الحالية على زيادة نسبة مشاركة المرأة “تمكين المرأة” في سوق العمل، وسنت الدولة القوانين للتمثيل النسبي للمرأة في كافة مجالات الحياة السياسية، وزيادة مستويات تعليم المرأة، والبقاء في سوق العمل بعد الإنجاب؛ إذ راعت الدولة جميع الظروف التي تدفع المرأة إلى ترك العمل، وذلك في محاولة لخلق فرص وأنشطة للمرأة بعيدًا عن الموروثات الثقافية السلبية التي تربط درجة أهمية المرأة بعدد ما تنجبه من أبناء. 

وكذا، تقوم الدولة المصرية في الوقت الحالي بالمبادرة الرئاسية “حياة كريمة” للارتقاء بالريف المصري والتطوير الشامل للقرى الأكثر احتياجًا لتحقيق تنمية مستدامة لها تشمل البنية التحتية والخدمات الأساسية، وتطوير الخدمات العامة، وتحسين مستوى الدخل بإقامة المشروعات المختلفة، والاهتمام بالثقافة والفنون؛ في محاولة منها للقضاء على الفقر الذي يُعد من أبرز أسباب كثرة الإنجاب بهدف المساهمة في دخل الأسرة.

حــيــــاة كريــــمـة

ذلك فضلًا عن الاهتمام ببرامج الصحة الإنجابية؛ إذ تستهدف برامج تنظيم الأسرة خفض معدلات الإنجاب بصورة تدريجية، وإبطاء عجلة النمو السكاني. ويأتي مشروع “2 كفاية” ضمن التدخُّلات الرئيسية التي تتخذها وزارة التضامُن الاجتماعي من أجل تحقيق رؤيتها في تحقيق التنمية الاجتماعية الشاملة، وتنفيذ برامج متكاملة للتنمية البشرية في المناطق الفقيرة، وتضمين هذه البرامج مكونًا سكانيًا لتغيير القيم الإنجابية السائدة.

+ posts

باحثة ببرنامج السياسات العامة

د.هالة فودة

باحثة ببرنامج السياسات العامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى