
مركز أبحاث إسرائيلي: “نصر الله” يثني عضلاته ضد إسرائيل عشية الانتخابات النيابية الدرامية في لبنان
عرض – هبة شكري
نشر مركز القدس للشؤون العامة تقريرًا، تناول فيه التهديدات التي وجهها “حسن نصر الله” الأمين العام لحزب الله اللبناني لإسرائيل، حيث استعرض تطوير قدراته الصاروخية، وأعلن عن احتمالات مهاجمة إسرائيل في المستقبل. واعتبر التقرير أن استعراض القوة الذي يقوم به نصر الله جاء على خلفية تنامي الصعوبات الداخلية لحزب الله بسبب الصعوبات الاقتصادية المستمرة في لبنان، والتي تلحق ضررًا أيضًا بداعميه؛ إذ تعالت الانتقادات الحادة من معارضي حزب الله قبل الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في مايو المقبل، وتزايدت الانتقادات الموجهة للتنظيم بوصفه ذراع إيران الذي يسعى إلى تحقيق أهدافها فقط وليس حفاظًا على مصالح لبنان.
في الذكري السنوية لاستشهاد كبار قادة حزب الله اللبناني، راغب حرب وعباس الموسوي وعماد مغنية، بتاريخ 16 فبراير 2022، أشار الأمين العام لحزب الله “حسن نصر الله” إلى أن الفصيل تمكن من تحويل آلاف الصواريخ التي بحوزته إلى صواريخ دقيقة. وذلك على الرغم من محاولات إسرائيل إفشال العملية في إطار حملة “بين الحروب” التي شنتها لهذا الغرض.
وأضاف التقرير أن نصر الله شدد على أنه بسبب التهديد بنقل صواريخ دقيقة من إيران إلى لبنان وبالتعاون مع الفنيين المتخصصين وخبراء حزب الله بالإضافة إلى الخبراء الإيرانيين، قام التنظيم بتطوير القدرة على تحويل الصواريخ التي يبلغ عددها بالآلاف إلى صواريخ موجهة بدقة. موضحًا أنه تم البدء في تلك العملية منذ سنوات، وليس الآن.
وهدد نصر الله بأنه إذا شنت إسرائيل عمليات بحث عن هذه الصواريخ فإنها ستواجه “عملية أنصارية” ثانية، في إشارة إلى كمين حزب الله المميت في عام 1997 لقوة كوماندوز بحرية إسرائيلية بالقرب من بلدة أنصارية في جنوب لبنان. وقال نصر الله في خطابه التلفزيوني: “إننا ننتج طائرات بدون طيار في لبنان منذ فترة طويلة، ومن يريد شراءها، عليه أن يطلب”. وفقًا لحزب الله، أجبر تقليص رحلات الاستطلاع الإسرائيلية في لبنان إسرائيل على تجنيد المزيد من العملاء في لبنان للتعويض عن الأضرار التي لحقت بطائراتها الاستخبارية بدون طيار.
وفقًا للتقرير، لإثبات قدراتها بشكل علني أطلقت قوات الرضوان التابعة لحزب الله طائرة بدون طيار على شمال إسرائيل، والتي تم إسقاطها وهبطت كما هي في الأراضي الإسرائيلية. ردًا على ذلك، أطلق حزب الله في 20 فبراير 2022 طائرة مسيرة أخرى قال حزب الله إنها حلقت لمدة 40 دقيقة على مسافة 70 كيلومترًا داخل الأراضي الإسرائيلية قبل أن تستكمل مهمتها وتهبط في لبنان.
وسميت الطائرة المسيرة “حسان” على اسم مؤسس قوة الطائرات المسيرة لحزب الله، حسان اللقيس. وقد قدم حزب الله اختراق الطائرة المسيرة لإسرائيل على أنه “صفعة جديدة على الوجه”، نقلًا عن مسؤولين إسرائيليين، وسلطوا الضوء على “فشل النظام العسكري والتكنولوجي الإسرائيلي في الاستيلاء على الطائرة بدون طيار وإسقاطها”. وشدد حزب الله على أنه بغرض التغطية على “الإخفاق العسكري”، حلقت طائرات نفاثة إسرائيلية على مستوى منخفض فوق سماء بيروت وحي حزب الله في الضاحية الجنوبية.
ولتسريع استخدام الطائرات بكافة أنواعها، أشار نصر الله إلى أنه مصمم على تحدي إسرائيل في الجو أيضًا، وهو مسار عمل جديد وسهل نسبيًا يمكن اتخاذه ضد إسرائيل. واعتبر التقرير أن تلميح حزب الله واضح، فإسرائيل لا تسيطر على المجال الجوي حصرًا، ويمكن لحزب الله أن ينتهك السيادة الإسرائيلية ويدخل سماء الجليل، ويزرع الخوف والقلق في جميع أنحاء شمال إسرائيل، وخاصة مع تحسن طائرات حزب الله، بمساعدة إيرانية، فسيزداد تهديده الجوي لإسرائيل.
علاوة على ذلك، بالنسبة لحزب الله، فإن المفهوم الإسرائيلي “للحرب بين الحروب” ليس له تأثير على لبنان لأن الجيش الشيعي مصمم على الحفاظ على ميزان القوى مع إسرائيل والرد على كل عمل ضد قواته. وبذلك، فإن نصر الله قد وسّع معادلة القوة غير العادية هذه ضد إسرائيل خارج لبنان لتشمل سوريا. وقرر، في الواقع، أن أي ضرر لنشطاء حزب الله في سوريا سيؤدي أيضًا إلى رد فعل عنيف ضد إسرائيل. فقد أشار نصر الله إلى أن حزب الله أجرى في الصيف الماضي تدريبات واسعة النطاق كانت الأكبر منذ تأسيسه في عام 1982. وأظهر حزب الله على تلفزيون المنار “وحدة جبال الألب” الخاصة به، حيث أجرى تدريبات شتوية على عربات الثلوج وحيث تم إطلاق النار في ظروف الثلوج على ارتفاع 1380 مترًا في درجات حرارة تقل عن درجتين مئويتين.
واعتبر التقرير أن استعراض القوة الذي يقوم به نصر الله جاء على خلفية تنامي الصعوبات الداخلية في حزب الله بسبب الصعوبات الاقتصادية المستمرة في لبنان، والتي تلحق ضررًا أيضًا بداعميه. حيث تعالت الانتقادات الحادة من معارضي حزب الله والتي تتهم التنظيم بأنه ذراع إيران وأن نصر الله يمثل مصالح المرشد الأعلى الإيراني خامنئي في لبنان، وهو ما دفع نصر الله مؤخرًا إلى التأكيد على أن “حزب الله لبناني، من قيادته العليا وحتى جميع مقاتليه وشعبه وبيئته، وتُصدر قراراته بصورة تراعي مصالح لبنان وشعبه.
وألح نصر الله على أن التنظيم يعد صديقًا وحليفًا لإيران، لكن هذا لا يلزمه بأي التزام. فحزب الله يتخذ قراراته بنفسه، وإيران لا تفرض إملاءاتها. واستنكر هذا الرأي معلقًا، أخبرونا بفعل واحد فعله حزب الله من أجل إيران وليس من أجل لبنان.
وذكر التقرير أن تفسيرات نصر الله يتم استقبالها بازدراء في لبنان وخارجه، فهو مستعد أن يكون وقودًا لمدافع إيران في سوريا ويضحي بأكثر من 2000 مقاتل وآلاف الجرحى؛ ليس من أجل الجهاد ضد إسرائيل ولكن لأغراض استراتيجية إيرانية، فنصر الله هو بمثابة ممثل لخامنئي في لبنان، بكل المقاصد والأغراض.
واستطرد التقرير مستعرضًا كلمة نصر الله، حيث أشار إلى أنه إذا هاجمت إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية فسيكون الرد الإيراني قاسيًا، أما حزب الله فسوف يجتمع ويقرر كيفية الرد حسب الظروف. بمعنى آخر، لن يكون رد فعل حزب الله صارم، بل سيعكس المصالح الوطنية للبنان.
وعلق التقرير على ما سبق مستنكرًا، واعتبر أن نصر الله يلقي الرمل في عيون المراقبين ويتلاعب بالكلمات. فقبل شهرين، زار نصر الله طهران سرًا، واجتمع مع الزعيم “خامنئي” وكبار قادة الحرس الثوري وفيلق القدس لبحث الخيارات والردود في حال هاجمت إسرائيل المنشآت النووية الإيرانية، وتم التنسيق بين إيران وحزب الله في هذا السيناريو. وصدرت توجيهات إيران لحزب الله في حال وقوع مثل هذا الهجوم على منشآتها النووية واضحة وحادة، وتمثلت في إطلاق صواريخ بعيدة المدى على تل أبيب وأهداف استراتيجية في عمق إسرائيل.
وحسبما ورد بالتقرير، ففي غضون ذلك، دعا نصر الله اليهود بتحدٍ إلى مغادرة إسرائيل والعودة إلى أوطانهم ساخرًا أننا “مستعدون لتحمل تكلفة تذاكرهم”. مشيرًا إلى أن حزب الله في خضم الاستعدادات للانتخابات النيابية في لبنان في مايو المقبل، وهو يشدد على أنه يسعى إلى إجراء الانتخابات في موعدها ويرفض إمكانية تأخيرها.
وفسر التقرير ذلك بأن حزب الله قلق من احتمال تراجع القوة الانتخابية للتيار الوطني حليفه في المعسكر المسيحي. وفيما يبدو أن حزب الله يعمل على تقوية علاقاته مع المعسكر المسيحي ومع حلفائه الشيعة بقيادة زعيم حركة أمل “نبيه بري”. في الوقت نفسه، يصعد حزب الله هجماته على الولايات المتحدة، ولا سيما تورط السفير الأمريكي في بيروت في السياسة اللبنانية الداخلية. حيث تم اتهام السفارة الأمريكية بمساعدة وتشجيع المنظمات غير الحكومية التي تعمل ضد حزب الله، والانخراط في الاقتصاد اللبناني، وكونها سبب الأزمة المالية في لبنان.
ورأى التقرير أن المساعدة العسكرية الأمريكية، ولا سيما المساعدة المالية الأمريكية لدفع رواتب جنود وضباط الجيش اللبناني، لا تخفف من حدة نيران الانتقادات لحزب الله، بل أنه من المفارقات أنها تشكل موضع ترحيب وتقدير أكبر لأنها تقوي الجيش اللبناني حليف حزب الله.
باحثة ببرنامج العلاقات الدولية