مصر

زيارة السيسي إلى الكويت.. مجالات التعاون وأبرز الدلالات

في إطار التعاون الثنائي بين مصر والكويت، والتشاور والتنسيق في أبرز القضايا المطروحة على الساحتين الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المُشترك، جاءت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الكويت اليوم، والتي تعد الزيارة الخامسة له لدولة الكويت، والأولى منذ تولى الشيخ نواف الأحمد الصباح الحكم في سبتمبر 2020.  

وقد سبقت تلك الزيارة استقبال السيسي لرئيس مجلس الأمة الكويتي مرزوق الغانم في 20 فبراير 2022. وتطرح تلك الزيارات المتبادلة بين الجانبين المصري والكويتي العديد من الدلالات المُهمة حول خصوصية العلاقات بين البلدين. ويهدف هذا التقرير تناول محاور التعاون بين البلدين، واستعراض أبرز دلالات هذه الزيارة. 

مجالات التعاون المُشترك

تحمل زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الكويت أبعادًا استراتيجية مُهمة في إطار التأكيد على الحرص المصري على تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون بين البلدين على كافة الأصعدة، ويمكن توضيح ذلك على النحو التالي: 

  • الصعيد السياسي: هناك حرص من الجانبين المصري والكويتي على تبادل الزيارات رفيعة المستوى، وهو ما يعكس عمق العلاقات والحرص على تعزيز العلاقات الأخوية بين البلدين. وتأتى زيارة الرئيس المصري إلى الكويت في توقيت بالغ الأهمية في ضوء التحديات الإقليمية. وتتيح الزيارات تبادل الرؤى والتشاور حول تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين على كافة المستويات، والتأكيد على أهمية التعاون للتعامل مع التحديات ومواجهة التهديدات المُشتركة، وهو ما يتطلب تكثيف الزيارات المتبادلة.  

وهناك توافق في الرؤى بين البلدين، خاصة فيما يتعلق بالموقف المصري في أزمة سد النهضة؛ إذ تدعم الكويت الدولة المصرية في التوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم فيما يتعلق ملء وتشغيل سد النهضة ورفض أي إجراء أحادي يمس بحقوقهما المائية. وكذا، تُدعم الكويت مصر وتساند دورها الإقليمي، نظرًا لأن قوة الدولة المصرية ومؤسساتها تنعكس بشكل إيجابي على الأمن العربي.

  • الصعيد الأمني: تحرص القاهرة على التأكيد على استقرار وأمن الكويت، وهو ما تؤكده التصريحات الصادرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ لكون أمن الخليج بصفة عامة وأمن الكويت بصفة خاصة جزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وذلك لمواجهة التحديات الإقليمية المُشتركة. وهناك توافق مصري كويتي بشأن التنسيق لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف والعمل على نشر ثقافة التسامح والاعتدال، وهو ما ينعكس على استقرار المنطقة.
  • الصعيد الاقتصادي: تتسم العلاقات السياسية بين مصر والكويت بالعمق والقوة، وتعد العلاقات الاقتصادية بين البلدين على نفس المستوى، ويتضح ذلك من خلال المؤشرات الاقتصادية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء والتي أوضحت ارتفاع الصادرات المصرية إلى الكويت بقيمة 274 مليون دولار خلال عام 2021 مقابل 229.4 مليون دولار خلال عام 2020، وبلغت قيمة الواردات المصرية من الكويت 1.4 مليار دولار خلال عام 2021.

وفيما يتعلق بحجم الاستثمار الكويتي في مصر فيبلغ حوالي 15 مليار دولار، وهو ما يبرهن أن الكويت تلعب دورًا في دعم وتنمية الاقتصاد المصري، نظرًا للمناخ الجاذب للاستثمارات في جميع القطاعات بمصر. ذلك فضلًا عن أن هناك استثمارات مصرية في الكويت؛ إذ تتواجد الشركات المصرية التي تقوم بتنفيذ المشاريع، وهو ما يؤكد على الحرص المصري على تعزيز التعاون الاقتصادي مع الكويت.

  • الصعيد الثقافي والتعليمي: تتسم العلاقات بين مصر والكويت في المجال الثقافي والتعليمي بالقوة والمتانة، فنجد أن بدايتها قد تشكلت من خلال استقبال القاهرة للبعثات الطلابية من دولة الكويت، وحرصت القاهرة على تأسيس “بيت الكويت” للنهوض بالمستوى العلمي والثقافي بين البلدين. 

وتقدر الجالية الكويتية في مصر من الدارسين في الجامعات المصرية بنحو 30 ألف كويتي. وكذا لا يمكن إغفال أن مصر قد أسهمت في النهضة التعليمية لدولة الكويت، فقد كانت مصر أول دولة أرسلت بعثات تعليمية للكويت في الأربعينات من القرن الماضي. 

  • ملف العمالة المصرية في الكويت: لا شك في أن مناقشة ملف العمالة المصرية في الكويت بين الرئيس المصري وأمير الكويت يسهم في الارتقاء بشأن العمالة المصرية، وحمايتها داخل الكويت، من خلال عقود عمل موثقة ومعتمدة، تضمن لهم جميع الحقوق. وتبلغ نسبة العمالة المصرية 20.8% من إجمالي العمالة الوافدة في الكويت. 

ونظرًا إلى أهمية هذا الملف، التقى رئيس غرفة التجارة والصناعة الكويتية محمد جاسم الصقر بالرئيس السيسي مطلع شهر فبراير 2022، وقد اقترحت السلطات المصرية وضع آليات تنظيمية جديدة لتسهيل عمليات سفر المصريين إلى الكويت، من خلال لجنة مُشتركة بين البلدين تتولى تنظيم الأمور بشأن هذا الملف.  

دلالات الزيارة 

اكتسبت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى دولة الكويت أهمية بالغة، وجاءت في توقيت بالغ الأهمية؛ إذ إن الزيارة كانت فرصة لإجراء مُباحثات حول العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، خاصة في ضوء القمة العربية المرتقبة في الجزائر؛ إذ تتولى الكويت الرئاسة الدورية للجامعة العربية. وتعد زيارة السيسي إلى الكويت فرصة لتوحيد الرؤى إزاء عدد من القضايا الهامة.

  • التشاور بشأن التحديات التي تواجه الدول الخليجية، لاسيما انعكاسات المفاوضات الجارية بشأن البرنامج النووي الإيراني على أمن منطقة الخليج.
  • مناقشة الحرب في اليمن ومسألة عودة سوريا إلى الجامعة العربية، بعد أن تم تجميد عضويتها في عام 2011. 
  • القضية الفلسطينية التي تحظى باهتمام خاص من الجانب المصري والكويتي؛ إذ تقدم الدولتان الدعم للشعب الفلسطيني.
  • التشاور بشأن الأزمة الليبية وأهمية العمل على دعم المؤسسات الليبية، والعمل على تعزيز الجهود لإنهاء وجود القوات الأجنبية في الأراضي الليبية. 

وأخيرًا، يمكن القول إن علاقات الأخوة التي تجمع مصر والكويت، والحرص على أمن واستقرار الوطن العربي، يتطلب تضافر الجهود بين البلدين والعمل على استمرار التنسيق للارتقاء بالعلاقات الثنائية ومواجهة التحديات المُشتركة على الصعيدين الإقليمي والدولي.

+ posts

باحثة ببرنامج العلاقات الدولية

أسماء عادل

باحثة ببرنامج العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى