
دلالات الأجندة الرئاسية في القمة الأفريقية- الأوروبية
مناقشة القضايا المشتركة، والعمل على تعميق العلاقات بين الدول الأوروبية والأفريقية، من خلال تعميق الدور المصري في القضايا الإقليمية والأفريقية، نظرًا لكون مصر بوابة أوروبا إلى أفريقيا والشرق الأوسط والدول المطلة على المتوسط، فأصبحت مفتاح هدف قمة بروكسل لإرساء وتعميق الأسس والروابط بين القارة الأوروبية والشريك الأهم لها وهي القارة الأفريقية؛ هذا ما ظهر في أجندة الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته في أعمال القمة الأفريقية الأوروبية على مدار يومي 17 و 18 فبراير.
فما هي دلالات تلك اللقاءات في بناء عقد الثقة بين القارتين، وخلق رؤية مشتركة في قضايا الإقليم، وتحقيق السلم والأمن من خلال مواجهة خطاب الكراهية، والتنمية، ومواجهة التحديات الصحية في القارة، ومكافحة التغيرات المناخية؟
أهمية قمة بروكسل السادسة
عقدت القمة الأفريقية الأوروبية السادسة تحت عنوان “أفريقيا وأوروبا.. قارتان برؤية مشتركة حتى 2030”. وتأتي هذه القمة في ظل ظروف مغايرة للنسخ المنعقدة السابقة منذ عام 2000، وعقب مجموعة من التعقيدات الإقليمية التي أثرت على أمن واستقرار القارة الأوروبية، وعقب جائحة كورونا التي أظهرت الحاجة إلى ضرورة التكاتف الدولي لمواجهة التحديات العالمية ذات التأثير المتبادل، وهو ما انعكس على قضايا المناخ، وأن التكامل والاندماج الاقتصادي هو مفتاح تحقيق الأمن والاستقرار ومواجهة أكثر القضايا تأثيرًا على الدول الأوروبية وهي الهجرة غير الشرعية.
وانطلقت الأجندة المصرية من منطلق تحميل الدول الصناعية فاتورة انعكاس تقدمها الاقتصادي على الدول الأفريقية، من منطلق أن تنمية تلك الدول سيخلق سوقًا كبيرًا لهم، بجانب أن إيجاد رؤية مشتركة في حل المشاكل السياسية للدول الأفريقية والإقليمية سينعكس على مواجهة جذور المشكلات، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة وأجندة أفريقيا 2063.
دور إقليمي محوري
عكست الأجندة المصرية ولقاءات الرئيس السيسي المنعقدة على هامش أعمال القمة الدور المصري في محيطها الإقليمي والأفريقي، والتنسيق الدولي، من خلال التعرف على احتياجات دول الإقليم، والعمل على دعم تلك الرؤية في الأجندة الدولية، وتمثلت في التالي:
مناقشة قضايا شرق المتوسط: من منطلق التقارب الثلاثي “المصري القبرصي اليوناني” والرؤية المصرية للتحول إلى مركز الطاقة في الإقليم، وما تمثله العلاقة الثلاثية من تحقيق أمن واستقرار المتوسط بعيدًا عن أطماع دول الجوار، عقب الترسيم الحدودي واكتشاف حقول الغاز، إلى جانب الدور الذي يلعبه التعاون الثلاثي في تحقيق الاستقرار السياسي لبلدان دول الشمال الأفريقي، وباعتبار الدور المصري كركيزة للاستقرار في الشرق الأوسط، إلى جانب ما تبذله من جهود لمكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية؛ فحرص الرئيس السيسي على لقاء الرئيس القبرصي “نيكوس أنستاسيادس”، ورئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس على هامش انعقاد القمة الأوروبية الأفريقية.
وتعكس هذه اللقاءات التقدم الملحوظ في العلاقات بين الدول الثلاث، سواء على مستوى الدول أو الاتحاد الأوروبي، مما يجعل التعاون الثلاثي نموذجًا يحتذى به للتنسيق والتشاور بين دول البحر المتوسط، للحفاظ على الاستقرار وتحقيق التنمية الشاملة، إلى جانب التنسيق حول القضايا المشتركة وخاصةً دول الشمال الأفريقي.
استقرار الشمال الأفريقي: تقوم الاستراتيجية المصرية على مبدأ الحفاظ على قيام الدول الوطنية، والحفاظ على وحدة الأراضي، وتكوين المؤسسات الوطنية الموحدة من خلال دعم الحل السياسي، وتحقيق رؤية الشعوب بعيدًا عن التدخلات الأجنبية، وخروج المرتزقة كركيزة لتحقيق الاستقرار والتنمية الشاملة في دول الشمال الأفريقي، وخاصة الدولة الليبية المتاخمة للحدود المصرية وتونس.
فأكد الرئيس السيسي في لقائه ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي على دعم مصر الكامل للمسار السياسي الراهن لتسوية الأزمة الليبية وتحقيق رغبه الشعب الليبي، وثناء المنفي على الدور المصري في استعادة المؤسسات الوطنية، وتوحيد الجيش الوطني الليبي، ودعم المستوى الدولي للمسار السياسي الحالي في ليبيا.
وكذا، التقى الرئيس السيسي مع الرئيس قيس سعيد، رئيس الجمهورية التونسية، لمناقشة وتبادل الرؤى حول مواجهة التحديات الراهنة لدولة تونس الشقيقة لتحقيق الاستقرار في البلاد، من خلال التنسيق العربي الأفريقي المشترك، وطرحه على الأجندة الدولية، في ضوء التقارب المصري في عدة قضايا وعلى رأسها الدعم التونسي في قضية سد النهضة، فتقدمت الدولة التونسية بإحاطة لمجلس الأمن، مما عكس التعاون الثنائي لتحقيق استقرارهما وتعزيز جهود التسوية السياسية للأزمات بالمنطقة من منطلق الاشتراك العربي والأفريقي بين البلدين.
دعم أجندة الأمن والاستقرار الأفريقية: حرص الرئيس السيسي خلال أعمال القمة على لقاء قادة الدول الأفريقية، في ظل دعم القضايا الإقليمية وتحقيق الأمن القومي المصري والعربي والأفريقي. فالتقى الرئيس السيسي والرئيس السنغالي ماكي سال، ورئيس الاتحاد الأفريقي الحالي، في ظل الأجندة المشتركة حول أمن واستقرار الدول الأفريقية وخاصة مكافحة الإرهاب في دول الساحل والصحراء من خلال التنسيق المشترك لكونه متاخمًا للدول الحدودية وفي ضوء استضافة مصر للمركز الإقليمي لمكافحة الإرهاب في الساحل والصحراء، وفي ظل ما تشهده المنطقة من انقلابات انعكست على تعليق عضوية عدة دول بالاتحاد، مما يحتاج تنسيقًا متبادلًا لحل الأزمات الراهنة في المنطقة.
ويأتي اللقاء أيضًا على خلفية انسحاب القوات الفرنسية من المنطقة، مما يستدعي استراتيجيات ثنائية وإقليمية بين الدول ذات الاهتمام بالقضايا المشتركة. ويعكس اللقاء كذلك مناقشة عدة قضايا متعلقة بالتنمية والتغيرات المناخية وعلى رأسها الوصول لاتفاق قانوني وملزم في ملء وتشغيل سد النهضة، والتأكيد على الرؤية المصرية في اللقاءات الثنائية الأفريقية، في ظل القرار الرئاسي لمجلس الأمن للعودة للمفاوضات بوساطة أفريقية.
وكذلك، التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي الرئيس النيجيري محمد بوهاري، والرئيس الكيني أوهورو كينياتا، وهي لقاءات تعكس الدور المصري في تحقيق أمن واستقرار الشرق الأفريقي، لما له من أهمية لتحقيق الأمن البحري والإقليمي للدول المطلة على البحر الأحمر، ولما له من دور في تأمين حركة التجارة العالمية. وتلعب كينيا دورًا مهمًا في مكافحة الإرهاب وحركة الشباب في الصومال بالرغم من الخلافات الحدودية بين البلدين، ولعبت مصر دورًا في الوساطة بين البلدين، وكذلك بين كينيا وجيبوتي بطلب من تلك البلدان على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة الـ 74.
تقارب السياسة المصرية والرؤية الأوروبية: عكفت القيادة المصرية على إيجاد سبل تعاونية وتحقيق الرؤى المشتركة لتداول الرؤى الثنائية بين مصر ودول الإقليم والقارة الأفريقية ككل، في ظل محورية المكانة الجيوسياسية المصرية، ظهرت في لقاءات الرئيس السيسي مع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، خلال القمة الأوروبية الأفريقية، وكذلك الملك فيليب، ملك بلجيكا.
هذا إلى جانب التقارب المصري مع الدول المطلة على البحر المتوسط، فالتقى الرئيس السيسي رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، وشهدت اللقاءات تنسيقًا حول عدة قضايا متعلقة بالاقتصاد وتحقيق الأمن والاستقرار ومواجهة التغيرات المناخية في ظل استضافة مصر لقمة المناخ القادمة في نوفمبر المقبل، والتي انعكست في الأجندة المصرية خلال فبراير الحالي فبدأت في مدينة بريست الفرنسية، هذا إلى جانب تقارب الرؤية الأوروبية الحالية في ظل الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي لإعادة تأسيس العلاقات الأوروبية الأفريقية وخاصة في ملفات التعليم والصحة والمناخ ومحاور السياسة المصرية.
فجاءت اللقاءات بمثابة تعميق تبادل الرؤى حول تلك القضايا، ووضع سياسات فعلية وواقعية وموضوعية قابلة للتنفيذ في ظل ما تعانيه الدول الأفريقية من تحديات تحتاج إلى المساندة الدولية في حلها، وانعكاس تلك التحديات على القارة الأوروبية وتأثرها بقضايا الهجرة غير الشرعية والإرهاب والفكر المتطرف، في ظل تشارك الجانبين في الجوار الإقليمي المتوسطي، وما كان لتلك الوضعية الجيوسياسية من تأثير لمد جسور التواصل الحضاري والثقافي والتجاري والسياسي بين مصر والقارة الأوروبية.
مواجهة خطاب الكراهية
من منطلق التقارب المصري الأوروبي، واعتبار مصر ركيزة لاستقرار الأمن وانعكاسه على الدول الأوروبية؛ فكانت مواجهة خطاب الكراهية والتسامح هي محور الرؤية الأوروبية تجاه الموقف المصري، والذي ظهر في خطاب وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك خلال لقائها والرئيس السيسي في القاهرة، وإشادة رئيس وزراء بلجيكا “ألكسندر دي كرو”، خلال لقائه بالرئيس السيسي على هامش أعمال قمة بروكسل بجهود مصر في مجال مكافحة الفكر المتطرف وترسيخ مبادئ حرية العقيدة والتسامح وتقبل الآخر، فضلًا عن جهود تمكين المرأة، وكذلك إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.
ويُعد تعزيز الانتماء الثقافي والتراثي وحضارة الشعوب من أسس تحقيق التنمية ومواجهة العنف بخلق روح الانتماء، وبالتالي تمثل حضور الرئيس السيسي حفل استقبال والعشاء الرسمي علي شرف رؤساء الدول والحكومات المشاركين في القمة الأفريقية الأوروبية بالعاصمة البلجيكية بروكسل وذلك بمقر قصر متحف الفن التشكيلي، رمزية بأن الفن والتراث والحضارة هم روح مواجهة الكراهية وبث روح الإنسانية بين الشعوب.
وتنبع الرؤية المصرية في مكافحة الإرهاب وتحقيق الاستقرار السياسي للبلدان الإقليمية والأفريقية من خلال معالجة جذور المشكلات، ومنع التدخلات الأجنبية، ومواجهة خطاب الكراهية بتعزيز الإنسانية، من خلال إيجاد تعريف دولي لظاهرة الإرهاب، والتجريم الدولي لإجراءات الحث على العنف، وتوصيف المنظمات الإرهابية بما يخدم جهود تحقيق الاستقرار العالمي، من خلال سن التشريعات.
ولذا، كان لابد من لقاء مسؤولي الجهاز التشريعي الأوروبي، وتحقيق الصداقات البرلمانية للتنسيق حول تبادل الرؤى التشريعية بين الاتحاد الأوروبي والدولة المصرية، مما ينعكس على أمن واستقرار المنطقة. فالتقى الرئيس السيسي ورئيسة البرلمان الأوروبي روبيرتا ميتسولا، والتي أشادت بأهمية “العلاقة الاستراتيجية بين الجانبين، وتشابك المصالح وتصاعد التحديات المشتركة، خاصةً ظاهرة الإرهاب وخطاب الكراهية، فضلًا عن التحديات المرتبطة بجائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والصحية”.
توفير اللقاحات وتطوير الأنظمة الصحية بالقارة
أظهر الخطاب الرئاسي المصري تأثير جائحة كورونا على الحاجة إلى الشراكة العالمية من أجل التوزيع العادل والشامل للقاحات، ومشاركة حق تصنيعها في ظل المسؤولية الاجتماعية للدول الكبرى، وتمويل الحق الإنساني للدول الأفريقية في الحصول على نسبتها من التلقيح، إلى جانب تطوير الأنظمة الصحية في القارة للوقوف ضد الأوبئة ومواجهة التحديات الصحية، باعتبار الدول الأفريقية مصنع القوى البشرية والتي يمكن أن تصدرها للعالم أجمع، مما سينعكس على مصلحة الدول الكبرى.
ومن منطلق ما حققته الدولة المصرية من تطوير في البنية التحتية، وإثبات قدرتها على مواجهة الجائحة والحفاظ على النمو الاقتصادي بالرغم من تأثيرات الجائحة، إلى جانب ما اسهمت فيه المبادرات الصحية من مواجهة تلك الأزمة؛ تم اختيار مصر ضمن عدة دول أفريقية للحصول على الدعم لتلقي تكنولوجيا mRNA المستخدمة في تصنيع اللقاحات وغيرها من العقاقير الطبية المهمة لمواجهة الكثير من الأمراض المستعصية، مما سيسهم في تجاوز الآثار السلبية الصحية والاقتصادية والاجتماعية لجائحة كورونا، وهو ما جاء خلال المؤتمر الصحفي الذي نظمته منظمة الصحة العالمية للإعلان عن الدول الأفريقية المتلقية لتكنولوجيا mRNA للقاحات.
ويعد هذا الاختيار بمثابة بداية للشراكة، واستجابة للمناشدة المصرية للدول الأوروبية بضرورة توفير التمويل اللازم والمستدام لسد الاحتياجات الصحية للدول الأفريقية، وفي ظل “ما تقوم به مصر من تطوير البنية التحتية الطبية والتصنيعية لاستيعاب هذه التكنولوجيا وتوظيفها بالشكل الملائم لضمان استمرار توافر اللقاحات داخل مصر، ودعم الدول الأفريقية في جهودها لتوفير اللقاحات لمواطنيها لسد احتياجاتها الصحية، وتعزيز الآليات الدولية بتوزيع اللقاحات لتصبح أكثر عدالة واستجابة للظروف الاجتماعية والاقتصادية لكل دولة” كما جاء في كلمة الرئيس السيسي خلال أعمال المؤتمر على هامش أعمال القمة.
مواجهة التغيرات المناخية
هناك قضايا دولية بجانب القضية الصحية تحتاج إلى التكاتف الدولي، ومنها قضية المناخ، وتنبع رئاسة مصر لقمة المناخ العالمية القادمة في نوفمبر 2022، من منطلق خلق رؤية دولية لمواجهة التحديات التي تواجه الدول الأفريقية بوصفها الدول الأكثر تأثرًا بالقضايا المناخية والأقل قدرة على مواجهة تلك التحديات نظرًا لضعف التمويل.
فأوضح الرئيس السيسي خلال مشاركته في المائدة المستديرة حول تغير المناخ، إدراك مصر لخطورة التحدي الذي تمثله ظاهرة تغير المناخ، وما تسعى إليه مصر من خروج Cop 27 بنتائج متوازنة وقابلة للتنفيذ والبناء على مخرجات قمة جلاسكو للمناخ، وتنفيذ التعهدات لخفض الانبعاثات أو التكيّف، من خلال توفير التمويل المناسب لقضايا المناخ، ودعم التحول الأخضر في القارة الأفريقية.
واتخذت مصر خطوات حثيثة لدعم قضايا المناخ في القارة الأفريقية من خلال المطالبة بتفعيل المبادرة الأفريقية للطاقة المتجددة التي أطلقتها القيادة المصرية بالإنابة عن أفريقيا عام 2015، والتي تهدف إلى حشد الاستثمارات لقطاع الطاقة المتجددة، وتمويل مشروعات الربط الكهربائي ضمن مشروعات “برنامج تنمية البنية التحتية القارية”، وذلك في ظل رئاسة مصر للجنة البنية التحتية والطاقة التابعة للاتحاد الأفريقي.
وانطلقت الرؤية المصرية من منطلق السياسة الدولية للتحول الأخضر والأجندة الأوروبية لمواجهة التغيرات المناخية من خلال الاعتماد على الهيدروجين الأخضر، وحماية البحار والمحيطات والموارد البحرية لتحقيق الاستدامة وتحقيق الأمن البحري لأكبر الممرات المائية، ومواجهة تأثيرات الاحتباس الحراري، من خلال خلق رؤية مشتركة بين الجانب الأوروأفريقي تمكن القمة القادمة من الوصول إلى نتائج واقعية وموضوعية.
وهو ما ظهر كذلك في الشراكة مع القطاع الخاص في ضوء نقل أصحاب الصناعات للتكنولوجيا ورؤية السوق الأفريقية، والتي ستنعكس أعمال التنمية فيها على الدول الكبرى؛ من خلال لقاءات الرئيس قبل بدء أعمال القمة بلقاء عدد من الشركات البلجيكية لأعمال التجريف والتكريك لبحث ومتابعة التعاون في مجال تطوير وحماية الشواطئ الساحلية المصرية، وعدد من الرؤساء التنفيذيين لتحالف الشركات البلجيكية لشركات “ديمي” لأعمال التكريك، وشركة ميناء “أنتويرب”، وشركة “فلوكسيس” لمناقشة سبل التعاون في “مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر لتوليد الطاقة”، لتنوع مصادر الطاقة والاستخدامات من الوقود البديل والاتجاه إلى الطاقة الخضراء النظيفة وفقًا لرؤية مصر 2030.
فتح أسواق جديدة وتحقيق التنمية وجذب الاستثمارات
استهدفت اللقاءات الرئاسية الاستفادة من التجارب الأوروبية في مجالات التحول إلى الطاقة البديلة أو النظيفة والمتجددة، في ظل الأجندة المصرية 2030 للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة المتجددة، ودعم مشروعات الربط الأفريقي، واستخدام البنية التحتية المصرية المتطورة لخدمة أهداف القارة في ظل أجندة أفريقيا 2063.
فبجانب توسيع الشراكات المصرية الأوروبية، وتعزيز الشراكة مع السوق البلجيكية في عدة مجالات وعلى رأسها التحول الأخضر لمواجهة التغيرات المناخية؛ التقى الرئيس السيسي ورئيس وزراء بلغاريا كيريل بيتكوف، لتعزيز التبادل التجاري والسياحة والصناعة والزراعة، في ضوء كون مصر أكبر شريك تجاري لبلغاريا في منطقة أفريقيا والشرق الأوسط، ونظرًا للجهود المصرية لتحسين مناخ الأعمال وتشجيع القطاع الخاص وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والفرص التي توفرها المشروعات التنموية الكبرى الجاري تنفيذها، خاصةً محور قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة.
ذلك إلى جانب لقاء الرئيس السيسي مع ممثلي مجتمع الأعمال ورؤساء كبرى الشركات في بلجيكا، وذلك بمشاركة عدد من كبار المسؤولين البلجيكيين وممثلي الجهات الحكومية المعنية المختلفة لتنمية الاستثمارات المشتركة للمساهمة وفى مقدمتها محور تنمية منطقة قناة السويس، والذى يتضمن عددًا من المناطق الصناعية واللوجستية الكبرى، وهو ما يوفر فرصًا واعدة للشركات البلجيكية الراغبة في الاستفادة من موقع مصر الاستراتيجي، كمركز للإنتاج وإعادة تصدير المنتجات إلى مختلف دول العالم، التي تربطنا بالعديد منها اتفاقيات للتجارة الحرة، لا سيما في المنطقتين العربية والأفريقية.
ونظرًا لكون مصر ركيزة استقرار المتوسط، وأنها تطل على الممر الدولي العالمي وامتلاكها لقناة السويس، وفي ظل وجودها في منطقة مضطربة، فكان التعاون الأمني والدفاعي عل رأس الأجندة المصرية الأوروبية، لتحقيق استقرار المنطقة وانعكاسه على الأمن القومي الأوروبي، فأشاد الطرفان بالتعاون الثنائي في مجالات الدفاع والأمن ومكافحة الإرهاب.
ولكون الاستقرار هو سلاح التنمية، أشاد رئيس وزراء بلجيكا “ألكسندر دي كرو”، خلال لقائه بالرئيس السيسي بما حققته مصر فى مجال التنمية، والمشروعات القومية الكبرى، وهو ما أسهم فى تحفيز الشركات البلجيكية على العمل في مصر للاستفادة من الفرص الاستثمارية الواعدة، خاصةً في قطاعات تطوير وإدارة الموانئ واللوجستيات والطاقة النظيفة والمتجددة، ونقل التكنولوجيا البلجيكية لإقامة مشروعات مشتركة لتوطين الصناعة في مصر.
ومن هنا، فإن أجندة القيادة المصرية تنطلق من العمق الاستراتيجي، والتنسيق الأوروبي لتعميق وتحقيق بناء عقد اجتماعي جديد بين القارتين الأوروبية والأفريقية، يقوم على مواجهة التحديات الصحية والمناخية التي تواجه القارة، وزيادة فرص الاستثمار ومشروعات الربط من خلال توفير التمويل المستدام ونقل التكنولوجيا للدول الأفريقية.
باحثة بالمرصد المصري