الأزمة الأوكرانيةأوروباتركياروسيا

حدود الدور… هل تقود تركيا وساطة بين روسيا وأوكرانيا؟

تقع تركيا على خط المواجهة بين روسيا وأوكرانيا؛ نظرًا لاعتبارات الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وكونها عضوًا في حلف الناتو، بما يضعها تحت ضغط الموازنة بين التزاماتها بموجب الحلف والاعتماد الاستراتيجي المتزايد على روسيا، فضلًا عن اعتبارات المصالح الاقتصادية والأمنية والدفاعية مع أوكرانيا والروابط التاريخية والقومية مع تتار القرم. وهو ما دفع أنقرة إلى محاولة قيادة وساطة دولية لمنع تطور الأزمة إلى صراع عسكري مباشر.

فقد عرض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مرارًا استضافة محادثات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وكان أحد زعماء دول حلف الناتو الذي أجروا زيارات إلى كييف لإظهار التضامن معها. ومع ذلك، لم تُبد روسيا استجابة إيجابية لتلك الدعوات، مُكتفيةً بإرسال رسائل تحذيرية لأنقرة شملت اعتقال صحفيين تركيين في موسكو واتهامهما بالتجسس خلال ديسمبر 2021، وتصعيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لهجة الخطاب السياسي الموجه لنظيره التركي رجب طيب أردوغان؛ إذ تنظر موسكو للدور التركي بوصفه يدور في فلك الناتو، فضلًا عن انزعاجها من شراء أوكرانيا طائرات بدون طيار تركية من طراز “بيرقيدار” والتي غيرت قواعد اللعبة خلال حرب ناجورنو قره باغ العام الماضي.

دوافع متعددة

تبرز جملة من العوامل التي دفعت تركيا إلى تبني نهج محايد يميل إلى التهدئة، تتلخص في التشابكات المصلحية مع طرفي الصراع، والتوازنات الجيوسياسية في البحر الأسود، وهو ما يُمكن تفصيله تاليًا:

• تأمين عمليات نقل التكنولوجيا العسكرية الأوكرانية: تتطلع أنقرة إلى زيادة التعاون العسكري التقني مع أوكرانيا، في وقت تتعرض فيه صناعتها الدفاعية للشلل بسبب العقوبات الأمريكية، وكان آخرها خلال يناير الفائت عندما وقع الرئيس الأمريكي جو بايدن مشروع قانون يسمح للحكومة الأمريكية بتتبع وتقييم تداعيات الأمن القومي لبرنامج الطائرات بدون طيار التركي؛ بهدف محاصرة القطاع العسكري التركي. 

وعليه، يُمكن لعمليات نقل التكنولوجيا الجارية مع أوكرانيا تعزيز القدرات العسكرية لأنقرة التي تفتقر صناعتها الدفاعية إلى تكنولوجيا المحركات. ففي أكتوبر 2021، وافقت شركة “موتور سيتش” -إحدى أكبر الشركات المصنعة لمحركات الطائرات والمروحيات في العالم- على تزويد شركة الدفاع التركية “بايكار” بـ 30 محركًا توربينيًا لاستخدامها في طائراتها الهجومية بدون طيار “بيرقدار آقنجي”. ووافقت شركة “Zorya Mashproekt” على صفقة توريد توربينات غاز للسفن البحرية التركية. 

كذلك، يحمل التعاون الدفاعي بين البلدين بُعدًا آخر يتعلق بالتصنيع العسكري المشترك؛ إذ وقعت شركة “بايكار” التركية لصناعة الطائرات بدون طيار صفقة لبناء مصنع إنتاج “TB2” بالقرب من العاصمة الأوكرانية خلال سبتمبر 2021 لإنتاج الطائرة “بيرقدار” باستخدام المحركات المنتجة في أوكرانيا. 

وفي الأشهر الأخيرة، ناقش البلدان الإنتاج المشترك لسفن كورفيت وطائرات نقل عسكرية من طراز AN-178 ومحركات التوربينات. وتخشى أنقرة أن تشن روسيا هجمات حركية أو سيبرانية تستهدف منشآت الصناعة الدفاعية الأوكرانية والبنية التحتية الاستراتيجية التي بدورها ستؤثر على برامج التعاون الثنائي؛ إذ ترى موسكو تطور العلاقات الدفاعية بين كييف وأنقرة تهديدًا مباشرًا لأمنها. 

• إبراز القدرة والمكانة الدولية والإقليمية: تحاول تركيا لعب أدوار نشطة ومستقلة في العديد من مناطق الصراع الجيوسياسي، وتنظر للأزمة الأوكرانية بوصفها فرصة نادرة لتحسين العلاقات المتوترة مع الحلفاء التقليديين في الولايات المتحدة والناتو، وإعادة الانخراط مع الغرب لتخفيف بعض الضربات التي تلقتها جراء سياستها الخارجية المتهورة، وتدهورها الديمقراطي، وفي الوقت ذاته، إحراجهم عبر تقديم نفسها كفاعل دولي محايد قادر على صناعة القرار الإقليمي وقيادة وساطات ناجعة فشلت الحكومات الغربية في إنجازها.

ففي تصريحات صحفية أثناء عودته من كييف، اتهم أردوغان نظيره الأمريكي جو بايدن بالفشل في إظهار نهج إيجابي لاحتواء الأزمة الأوكرانية، معتبرًا أن أوروبا تعاني مشاكل خطيرة على مستوى القيادة؛ بعد غياب المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل، وضعف القيادة الجديدة في مواجهة العدوان الروسي على أوكرانيا، والاكتفاء فقط بحماية مشروع “نورد ستريم 2”. 

كذلك وصف الإعلام التركي لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في 7 فبراير الجاري بالمحرج وأنه عاد خالي الوفاض. ولا شك أن نجاح أردوغان في تحقيق خطوات إيجابية على صعيد الأزمة الأوكرانية سينعكس على مكانة بلادة في النظام الدولي، وعلى شعبيته الداخلية التي تضررت بشدة نتيجة تردي الوضع الاقتصادي.

• الاضطرار إلى الموازنة بين التزاماتها مع الناتو وروسيا: سيضع الغزو الروسي لأوكرانيا تركيا تحت ضغط حلفائها الغربيين للانضمام إلى العقوبات المفترضة ضد روسيا، أو على الأقل مواصلة إمداد أوكرانيا بطائرات بدون طيار ومعدات عسكرية أخرى لمساندة التمرد المناهض لروسيا في أوكرانيا الذي قال المسؤولون الأمريكيون إنهم مستعدون لدعمه إذا فشلت الدبلوماسية.

وربما تكون تركيا مُطالبة بالسماح بوصول السفن الحربية الغربية للبحر الأسود، وهذا الأخير يشكل خطًا أحمر بالنسبة لموسكو، وسيكبد تركيا ثمنًا باهظًا حال الإقدام عليه، وهو ما دفعها إلى تـأكيد التزامها باستقرار التوازن العسكري في البحر الأسود بموجب اتفاقية مونترو التي تضع قيودًا على وصول السفن الحربية للدول غير المشاطئة.  وفي هذا السياق، لا تريد تركيا أن تكون مُخيرة بين روسيا وأوكرانيا ومن ورائها الغرب؛ نظرًا لتشابكات مصالحها مع روسيا في مسارح صراع أخرى، وشراكتها الدفاعية والاقتصادية مع أوكرانيا. 

وتاريخيًا، تعاملت أنقرة بحذر تجاه قضية التوسع الروسي في المنطقة؛ فخلال التدخل الروسي في أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا بجورجيا عام 2008، رفضت تركيا رفع القيود المفروضة على حجم وعدد السفن الحربية الأمريكية الداخلة إلى البحر الأسود بموجب اتفاقية مونترو، رغم دعمها لبرامج تدريب وتجهيز القوات المسلحة الجورجية التي أطلقها حلف الناتو. وعقب ضم شبه جزيرة القرم عام 2014، رفضت الانضمام لعقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على روسيا رغم اعتبارها الضم الروسي “غير قانوني”.

• موازنة الوجود الروسي في البحر الأسود: يتنامى القلق التركي بشأن استمرار التمدد الروسي بالقرب من حدودها في البحر الأسود ومناطق جنوب القوقاز بشكل يخل بميزان القوة العسكرية لصالح موسكو، بحيث يتحول البحر الأسود تدريجيًا إلى بحيرة روسية. وقد غير ضم القرم ميزان القوة العسكرية في تلك المنطقة لصالح روسيا، فقد أصبحت روسيا تمتلك منطقة اقتصادية خالصة مساوية تقريبًا للتركية.

هذا بجانب أن روسيا ألغت الاتفاقيات السابقة مع أوكرانيا التي حدت من أسطول البحر الأسود، وعززت أسطولها بالسفن السطحية والغواصات المطورة لتمتلك 49 سفينة سطحية مقارنة بـ 26 سفينة قبل عام 2014، محققًا تفوقًا على الأسطول التركي المكون من 44 سفينة، وقد تم تجهيز السفن والغواصات بصواريخ كاليبر كروز القادرة على إصابة أهداف على بُعد 2400 كيلومتر.

ذلك علاوة على تركيب شبكة من المنظومات التسليحية المتطورة في شبه جزيرة القرم كمنظمات “S-400″ و”S-300″ و”Pantsir-S1” المضادة للطائرات ومنظومة “Bastion-P” المضادة للسفن، وغيرها من أنواع الرادارات وأنظمة الحرب الإلكترونية، بحيث أصبح البحر الأسود بأكمله يقع ضمن نطاق هذه الشبكة. وتنظر تركيا إلى التوسع العسكري الروسي كتهديد لأمنها الجيوسياسي، ولعل ذلك كان الدافع الأكبر لتأييد تركيا تمدد الناتو في أوروبا الشرقية، وتوسيع عضويته ليضم أوكرانيا وجورجيا وأذربيجان ومقدونيا الشمالية لموازنة النشاط الروسي المتزايد في المنطقة.

• تجنب عرقلة الشراكة الاقتصادية التركية الأوكرانية: بينما يعاني الاقتصاد التركي تدهورًا حادًا تمثل في انخفاض قيمة “الليرة” وارتفاع معدلات التضخم والبطالة والفقر، تبرز أوكرانيا كشريك اقتصادي لأنقرة لا ترغب في خسارته؛ فقد أصبحت تركيا مؤخرًا المستثمر الأجنبي الأول في أوكرانيا بإجمالي استثمارات بلغ 3.6 مليار دولار عام 2020، ونمت التجارة الثنائية بين البلدين بنسبة 50% تقريبًا خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2021 لتصل إلى 5 مليارات دولار.

ويتطلع الجانبان إلى رفع حجم التجارة الثنائية السنوية إلى ما يزيد على 10 مليارات دولار في غضون السنوات القليلة المقبلة. وفي هذا الصدد، وقعا اتفاقية تجارة حرة خلال زيارة أردوغان الأخيرة يسمح بموجبها استيراد 95% من البضائع الأوكرانية معفاة من الرسوم الجمركية، ومن شأن الوصول التركي السهل إلى القمح الأوكراني ترسيخ مكانة الأولى كواحدة من أكبر مصدري منتجات الدقيق في العالم، لذلك تخشى أنقرة أن تعطل الضغوط الاقتصادية الناجمة عن أي حرب محتملة الصفقات التجارية، وتضعف الاستثمارات المتبادلة. 

توازن حذر

تتحرك تركيا على حبل مشدود لتحقيق التوازن في علاقاتها مع كييف وموسكو، فرغم تعدد موضوعات الشراكة الاستراتيجية مع أوكرانيا ومصالحهما المشتركة، إلا أن الدولة ليست جائزة تستحق إغضاب الشريك الروسي الاستراتيجي، لذلك يحاول أردوغان إظهار تركيا في موقف محايد، ويرجع ذلك إلى أسباب عدة، منها:

• أولًا: عدم قدرة الاقتصاد التركي المضطرب على تحمل تبعات سيناريو 2015 عندما علّقت موسكو السياحة القادمة إلى تركيا وأوقفت الواردات الزراعية إثر إسقاط الأخيرة طائرة سوخوي روسية على الحدود السورية؛ وتعد روسيا الواجهة الأولى لتدفقات الخضروات والفواكه الطازجة التركية مسجلة مليار و13 مليون دولار خلال 2021 ارتفاعًا من 948 مليونًا و817 ألف خلال 2020، ويشكل السياح الروس والأوكرانيون مكونًا رئيسًا للمنتجعات السياحية على ساحل بحر إيجة، وعليه سيكون من شأن أي معركة مع موسكو الإضرار بالاقتصاد التركي وبآفاق إعادة انتخاب أردوغان. 

علاوة على ذلك، تخشى الحكومة التركية تعطل المشاريع الاقتصادية المشتركة ذات الطابع الاستراتيجي كمشروع بناء محطة الطاقة النووية “أكويو” الذي تنفذه شركة “أكويو نوكليار” التابعة لـ “روساتوم”، أو تقليل إمدادات الغاز الطبيعي الروسي المتدفقة عبر خطي أنابيب “السيل الأزرق” و”تورك ستريم” اللذين يؤمنان النسبة الأكبر من احتياجات البلاد من تلك السلعة الاستراتيجية (من جملة استهلاكها السنوي البالغ 48.1 مليار متر مكعب تشتري تركيا 33.6 مليار متر مكعب من موسكو) بما يشكل ضربة قاصمة لمحاولات إنعاش الاقتصاد التركي. ولعل التبعات السلبية لقرار إيران تعليق ثم تخفيض بنسبة 50% تدفقات الغاز عبر خط أنابيب “تبريز-أنقرة” بدعوى وجود مشكلات فنية مما أنتج أزمة كهرباء وهدد استقرار القطاع الصناعي؛ كاشفةً لمخاطر قرار كهذا. 

• ثانيًا: طوّر الطرفان التركي والروسي نمطًا فريدًا للعلاقات أُطلق عليه “التعاون التنافسي”؛ فبينما يدعمان أطرافًا متعارضة في النزاعات الليبية والسورية وجنوب القوقاز، إلا أنهما أظهرا مستوى تنسيقيًا عاليًا وقدرة على إدارة خلافاتهما واحترامهما لمساحات نفوذ بعضهما البعض. وهو النمط الذي تود أنقرة الحفاظ عليه لارتباط مصالحها داخل بعض مسارح العمليات بموافقة موسكو.

فعلى سبيل المثال، ستدفع تركيا ثمنًا باهظًا في سوريا حال انقلاب روسيا عليها بسبب موقفها من أوكرانيا؛ إذ يُمثل الرضا الروسي ضمانًا لاستمرار السيطرة التركية على المنطقة الآمنة التي أنشأتها القوات التركية بفعل العمليات العسكرية المنفذة شمال البلاد، علاوة على أن تنفيذ روسيا بضع طلعات جوية في إدلب سيكون كافيًا لإجبار ملايين السوريين على التوجه نحو الحدود التركية، وهو أمر لا تستطيع الأخيرة تحمله؛ نظرًا لاستضافتها أربعة ملايين لاجئ سوري وتنامي المشاعر المعادية للاجئين بين السكان.

• ثالثًا: مسعى تركيا الحفاظ على الشراكة الاستراتيجية مع موسكو لاسيّما بعد شعورها بتخلي حلفاء الناتو عنها واصطفافهم إلى جانب اليونان وقبرص خلال خلافهم الأخير بشأن حقوق التنقيب عن غاز شرق المتوسط. إضافة إلى تجاهل مخاوف أنقرة في سوريا والاكتفاء بمحاولات احتواء أزمة اللاجئين وضمان منع تمددها إلى الحدود الأوروبية. 

• رابعًا: تجاوز أهداف موسكو الشاملة أوكرانيا إلى مطالبة الناتو بإيقاف التمدد شرقًا والعودة إلى حدود عام 1997 والامتناع عن نشر أسلحته داخل دول الاتحاد السوفيتي السابق، وهي مواضيع تريد موسكو مناقشتها بشكل مباشر مع واشنطن وحلفائها الغربيين، ولا يتوقع أن تلعب تركيا أدوارًا حقيقية بها. 

علاوة على أن روسيا راغبة في الحد من محاولات تمدد النفوذ التركي داخل دول الاتحاد السوفيتي السابق التي تعدها مجالها الحيوي وساحة نفوذ حصري لها، لا سيمَّا عقب نتائج حرب ناجورنو قره باغ الثانية، وهو ما عبر عنه كونستانتين زاتولين، النائب الأول لرئيس لجنة مجلس الدوما لشؤون رابطة الدول المستقلة والتكامل الأوروبي الآسيوي والعلاقات مع المواطنين، حيث قال إن “دعوة رئيسي روسيا وأوكرانيا، فلاديمير بوتين وفولوديمير زيلينسكي، لمناقشة الخلافات في تركيا، تمليه رغبة أنقرة في زيادة دورها في فضاء ما بعد الاتحاد السوفيتي، على الرغم من حقيقة أن موقف تركيا قد تم الإعلان عنه في البداية، فهي لا تعترف بعودة شبه جزيرة القرم إلى روسيا وتواصل تطوير أطروحة “احتلال” شبه جزيرة القرم”.

استنتاج ختامي، تتسم التفاعلات التركية مع الأزمة الأوكرانية بالحذر الشديد بالنظر لشراكتها الاستراتيجية مع الطرفين؛ فمن ناحية لديها ملفات متشابكة مع روسيا في مسارح متعددة وتريد ضمان مصالحها التجارية والاقتصادية فيما يتعلق بقطاعات الغاز والسياحة والواردات، ومن ناحية أخرى تريد الحفاظ على المصالح الجيوسياسية والعسكرية القائمة مع أوكرانيا. 

وفي هذا كله تدرك محدودية دورها المحتمل الذي لن يتجاوز في كل الأحوال العمل كمنصة حوارية ثلاثية وربما رباعية بمشاركة الولايات المتحدة للتهدئة من حدة الأزمة وتقليل احتمالات حدوث مواجهة عسكرية ستؤثر بشكل مباشر على مصالحها الجيوسياسية والاقتصادية في المنطقة، وذلك على غرار منصة الاستقرار والتعاون القوقازية التي أطلقتها عقب الغزو الروسي لمنطقة أوسيتيا الجنوبية بجورجيا عام 2008 التي أسفرت عن تسوية مؤقتة بين روسيا وجورجيا، دون قيادة مفاوضات شاملة لا تحظى بترحيب موسكو التي تتطلع إلى حوار أشمل مع الناتو –يتجاوز تركيا– لانتزاع ضمانات أمنية طويلة الأمد.

لكن لا تتخطى الرؤية الروسية للوساطة التركية حدود تأثيرها على شريكتها أوكرانيا لتنفيذ اتفاقيات مينيك لعام 2015، وهي نقطة كررها أردوغان خلال زيارته الأخيرة إلى كييف. ورغم تأكيد مستشاري زيلينسكي أنهم سيبحثون طرق تنفيذ الاتفاقيات، إلا أن أوكرانيا رفضت البنود الداعية إلى تغييرات دستورية تراها بابًا خلفيًا للتأثير الروسي على شؤونها الداخلية. 

وفي كل الأحوال إذا اندلعت الحرب ستحرص تركيا على عدم تجاوز خطوط روسيا الحمراء، ولا يُتوقع منها انخراط مباشر مماثل لنهجها في ليبيا وسوريا وأذربيجان، وإنما الاكتفاء بتقديم الدعم لمتمردي دونباس، وإطلاق التصريحات المنددة بسياسة موسكو. وهو أمر اعتادت عليه الأخيرة من أنقرة التي لطالما أنكرت قانونية وشرعية ضم القرم، بينما تواصل سفنها المحملة بمواد البناء الإبحار في المياه قبالة شبه جزيرة القرم، وتواصل شراء الفحم من مناجم القرم المصدرة إلى روسيا التي بدورها تنقله إلى تركيا.

ماري ماهر

باحثة ببرنامج العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى