
إثيوبيا ونيجيريا وجنوب السودان تتصدر بؤر الجوع الساخنة حول العالم
عرض- هايدي الشافعي
حذرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO)، بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي (WFP) في تقرير جديد صدر يوم 26 يناير 2022، من تدهور حالة انعدام الأمن الغذائي في 20 دولة حول العالم، والتي تسمى “بؤر الجوع الساخنة”، وذلك خلال الفترة من فبراير إلى مايو 2022.
يشير التقرير إلى أن غالبية النقاط الساخنة تقع داخل القارة الإفريقية، خاصة في منطقتي القرن الإفريقي والساحل، وتتصدر إثيوبيا ونيجيريا وجنوب السودان واليمن القائمة، وتواجه مستويات كارثية من الجوع الحاد.
بؤر الجوع الساخنة – نظرة فاحصة
شمل التقرير 20 بؤرة جوع ساخنة حول العالم، وهي كما يوضحها الشكلان (1) و(2): الكونغو الديمقراطية، وأفغانستان، ونيجيريا، وإثيوبيا، واليمن، وسوريا، وجنوب السودان، والسودان، ودول الساحل (بوركينا فاسو، وتشاد، ومالي، والنيجر، وموريتانيا)، وهايتي، والصومال، وهندوراس، وكينيا، وإفريقيا الوسطى، ولبنان، وموزمبيق، وأنجولا، ومدغشقر، وكولومبيا، وميانمار.
وبالنظر إلى البلدان ذات المواقف الكارثية (ظروف شبيهة بالمجاعة – IPC المرحلة الخامسة) مع عوامل تؤدي إلى خطر المجاعة في آفاقها، لا تزال إثيوبيا ونيجيريا وجنوب السودان واليمن دولًا في أعلى مستوى تأهب، كما كانوا في الإصدار السابق من تقرير “بؤر الجوع الساخنة” للعام 2021. حيث ضمت الدول الأربع جميعًا أجزاءً من السكان في المرحلة الخامسة والشبيهة بظروف المجاعة، مما يتطلب اهتمامًا أكثر إلحاحًا.
وعلى الرغم من عدم وجود تحليل محدث لـ IPC متاح لإثيوبيا أو جنوب السودان أو اليمن، لكن تشير الأدلة لدى منظمة الفاو أن الوضع يزداد سوءًا في الدول الثلاث، وبينما من المقرر إجراء تحليل IPC في اليمن وجنوب السودان في الأشهر القادمة، لا تزال الجداول الزمنية لإثيوبيا غير واضحة، وهذا النقص في المعلومات هو مصدر قلق كبير.
وفيما يلي توضيح لما تناوله التقرير بشأن أبرز بؤر الجوع الساخنة:
- إثيوبيا
تركت الحرب التي بدأت في إثيوبيا منذ ما يزيد على العام، ما يقرب من 40٪ من سكان منطقة تيجراي الإثيوبية يعانون من نقص حاد في الغذاء، حيث تكافح جماعات الإغاثة للوصول إلى المناطق المعزولة لمنع حدوث المجاعة. وأشار آخر تقييم في يوليو 2021، إلى أن ما يقدر بنحو 9 مليون شخص في منطقة تيجراي والمناطق المجاورة لها في عفار وأمهرة، المتضررة من الحرب، يحتاجون إلى مساعدات غذائية، مع توقع حدوث ظروف شبيهة بالمجاعة لـ 401 ألف شخص في الفترة من يوليو إلى سبتمبر 2021، ومنذ ذلك الحين لم يصدر أي تحديث بشأن الأعداد الحقيقية في إثيوبيا.
وتشير التطورات على الأرض إلى زيادة معدلات الجوع في إثيوبيا، فمنذ الإصدار السابق من التقرير في يوليو 2021، اتسع الصراع في شمال إثيوبيا من تيجراي إلى أمهرة وعفر المجاورتين، مما أدى إلى تعطيل طرق النقل الرئيسية إلى جيبوتي، مما أدى إلى تدمير الإنتاج الزراعي، وتسبب في نزوح واسع النطاق. ولا يزال الوضع متقلبًا للغاية ومن المرجح أن يستمر العنف في فترة توقعات هذا التقرير.
وأوضح التقرير أن استعراض منتصف العام لخطة الاستجابة الإنسانية وخطة الاستجابة لشمال إثيوبيا (NERP)، أشار إلى أن هناك ما يقرب من 18 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدات غذائية في إثيوبيا، ومن بين هؤلاء هناك 5.2 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدة إنسانية في تيجراي، فضلا عن أن لجنة مراجعة المجاعة IPC حددت في يوليو 2021 أن هناك خطر حدوث مجاعة في تيجراي بحلول نهاية عام 2021.
وذلك التوقع جاء اعتمادًا على: (1) شدة الصراع؛ (2) استمرار وصول المساعدات الإنسانية ومستوى العمليات؛ و (3) وظائف القطاع الخاص وخطوط التوريد غير الرسمية، بما في ذلك توافر السلع والخدمات التجارية. بالإضافة لذلك، لا تزال قيود وصول المساعدات الإنسانية عالية للغاية، حيث ظل وصول المساعدات الإنسانية منخفضًا إلى متقطع وخطوط الإمداد والخدمات التجارية غير موجودة إلى حد كبير منذ ديسمبر 2021، ومن المرجح أن يزداد الوضع سوءًا في عام 2022.
لم يكن الصراع العامل الوحيد لزيادة مخاطر انعدام الأمن الغذائي في إثيوبيا، فعلى مدى الأشهر الستة الماضية، ظل تضخم أسعار المواد الغذائية أعلى بمرتين مما كان عليه قبل عام واحد، في حين أن التوتر الاقتصادي الناجم عن الصراع يؤدي تدريجيًا إلى زعزعة استقرار ميزان مدفوعات البلاد وقدرتها على تحمل ديونها.
بالإضافة إلى ذلك، امتد موسم الأمطار الذي يقل عن المتوسط من أكتوبر إلى ديسمبر، وهو من بين أفقر المواسم المسجلة، ليشمل ظروف الجفاف القاسية، مما يمثل ثالث موسم سيئ على التوالي في جنوب وجنوب شرق إثيوبيا. وقد أدى ذلك إلى زيادة هزال الماشية ونفوقها، وما ترتب على ذلك من انخفاض في إنتاج الألبان واللحوم، مما حد من الدخل ومصادر الغذاء للمجتمعات الرعوية، فضلًا عن فشل إنتاج المحاصيل للأسر الزراعية الرعوية، مما أدى إلى محدودية الوصول إلى الغذاء من الإنتاج الخاص وأنشطة العمل.
وفي هذا السياق، وفقًا للمعطيات، يرجح تقرير “بؤر الجوع الساخنة” أن تكون مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد قد زادت، ويمكن أن ترتفع أكثر إلى ما بعد مستويات الطوارئ والكارثة (المرحلة الرابعة والخامسة من تصنيف IPC) التي تم تحديدها بالفعل في التقرير الأخير. وعلى الرغم من عدم توفر تقييم محدث للوضع، وفقًا لسيناريو أسوأ حالة للجنة مراجعة المجاعة IPC، سيكون هناك خطر مرتفع للمجاعة، إذا تم استئناف الصراع في تيغراي.
- نيجيريا
يشكل الوضع في نيجيريا مصدر قلق كبير، فبينما من المتوقع الآن أن ينزلق بعض السكان في المناطق المتضررة من النزاع في الشمال الشرقي إلى حالة انعدام أمن غذائي كارثية في ذروة موسم الجفاف، من يونيو إلى أغسطس 2022، لا يمكن استبعاد أن يبدأ البعض في تجربة هذا قبل ذلك، في الأشهر المقبلة، وأن حجم المتضررين قد يكون أعلى من كل التوقعات.
تشير المخاوف إلى أعلى مستوى في شمال نيجيريا المتضررة من النزاع ولا سيما “ولاية بورنو”، حيث من المتوقع أن يواجه 13550 شخصًا على الأقل انعدام أمن غذائي كارثي (المرحلة 5) من يونيو إلى أغسطس 2022 إذا لم تكن المساعدة الإنسانية وبناء القدرة على الصمود كافية. وفي حين لا توجد توقعات للفترة المستقبلية من فبراير إلى مايو 2022، لا يمكن استبعاد أن يبدأ الناس في الانزلاق إلى مستويات انعدام الأمن الغذائي الكارثية، حتى قبل ذروة موسم الجفاف.
ووفقًا لما جاء في التقرير، فقد أشار تحليل نوفمبر 2021 إلى أنه في 21 ولاية وفي منطقة العاصمة الفيدرالية كان هناك حوالي 12.9 مليون شخص يواجهون أزمة (المرحلة 3 أو أعلى) من انعدام الأمن الغذائي الحاد خلال فترة ما بعد الحصاد من أكتوبر إلى ديسمبر 2021.
سيرتفع هذا العدد إلى 18 مليون شخص في موسم الجفاف من يونيو إلى أغسطس 2022 إذا لم تستمر التدخلات الإنسانية. ومع هذا قد تكون هذه الزيادة الحادة هي أيضًا نتيجة للتوسع الجغرافي للتحليل. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يعاني أكثر من 1.74 مليون طفل دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد حتى أغسطس 2022، مما يُظهر زيادة ملحوظة في المستويات مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
- جنوب السودان
في جميع أنحاء جنوب السودان، من المرجح أن يزداد حجم وشدة المستويات المرتفعة للغاية لانعدام الأمن الغذائي الحاد، ومن المحتمل أن يكون انعدام الأمن الغذائي قد ازداد تدهورًا إلى ما بعد آخر التوقعات المتاحة للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، ومن المتوقع أن يستمر في الازدياد خلال العام 2022.
وقد حددت النتائج الأولية للتحليل القطاعي الذي تم إجراؤه في نوفمبر 2021، وجود 11 مقاطعة شديدة القلق بشأن انعدام الأمن الغذائي في عام 2022 مقارنة بـ 6 مقاطعات فقط في عام 2021، وتقع المقاطعات في ولايات جونقلي والبحيرات والوحدة وواراب.
بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن تؤدي السنة الثالثة على التوالي من الفيضانات الشديدة والواسعة النطاق، بالإضافة إلى استمرار العنف على المستوى دون الوطني وانعدام الأمن، إلى جانب ارتفاع أسعار المواد الغذائية؛ إلى زيادة حجم وشدة المستويات المرتفعة بالفعل من انعدام الأمن الغذائي في جنوب السودان.
فضلًا عن هذا، توقع أحدث تحليل للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أن حوالي 7.2 مليون شخص سيواجهون أزمة (المرحلة الثالثة أو أعلى) من انعدام الأمن الغذائي بين أبريل ويوليو 2021. وشمل ذلك أكثر من 2.4 مليون شخص في حالات الطوارئ (المرحلة الرابعة) و108 ألف شخص في مرحلة الكارثة (المرحلة 5).
على الرغم من عدم وجود تحديثات لنتائج للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، إلا أنه من المحتمل أن يزداد انعدام الأمن الغذائي تدهورًا بسبب آثار الفيضانات وارتفاع أسعار المواد الغذائية والعنف والقيود الشديدة للغاية على وصول المساعدات الإنسانية.
- اليمن
كذلك في اليمن، توقع آخر تحليل متوفر للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، الصادر في ديسمبر 2020، ارتفاع المستويات الكارثية لانعدام الأمن الغذائي في ثلاث محافظات وتدهور مستويات الطوارئ في أجزاء أخرى بحلول يونيو 2021. في حين أن زيادة المساعدة الإنسانية بحلول يوليو 2021 ساهمت في استقرار انعدام الأمن الغذائي، تعطي البيانات الأخيرة عبر شمال وجنوب اليمن دليلًا ومؤشرًا على الاتجاه المتدهور في حالة انعدام الأمن الغذائي، فيما تستمر العوامل الكامنة وراء انعدام الأمن الغذائي في التدهور.
- دول الساحل
أوضح التقرير أن ما يعنيه بدول الساحل هي (بوركينا فاسو، جمهورية تشاد، جمهورية مالي، الجمهورية الإسلامية الموريتانية، جمهورية النيجر)، معتبرًا أن هذه المنطقة تثير قلقًا خاصًا، ومن المرجح أن تصل إلى أكبر عدد من الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد في السنوات الثماني الماضية، وقد أُضيفت موريتانيا إلى قائمة البلدان ذات النقاط الساخنة بينما لم تكن ضمن القائمة في إصدار يوليو 2021 من التقرير.
في فترة التوقعات، من المرجح أن تواجه منطقة الساحل أكبر عدد من الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي منذ إطلاق التحليل في عام 2014، مدفوعة بآثار عدم انتظام هطول الأمطار في عام 2021، إلى جانب ارتفاع قياسي في أسعار المواد الغذائية. وقد أدى ذلك إلى انخفاض إنتاج الحبوب بنسبة 7 في المائة عن متوسط الخمس سنوات، وبالتالي فإن المراعي المتاحة بالكاد تغطي احتياجات شهر إلى ثلاثة أشهر فقط، مما قد يؤدي إلى تفاقم النزاعات بين المزارعين والرعاة. ومن المتوقع أن يكون هناك موسم رعوي شديد القحط في فترة التوقعات، خاصة في موريتانيا وتشاد.
وفي وسط الساحل (مالي وبوركينا فاسو والنيجر)، من المتوقع أن يؤدي المزيد من التدهور الأمني إلى زيادة المخاطر، حيث يواجه وسط الساحل حالة من انعدام الأمن المتزايدة، تتخللها هجمات مميتة يومية وتوطيد الجماعات المسلحة في شمال وشرق بوركينا فاسو، وغرب النيجر وشمال ووسط مالي، وتوسعها في مناطق كانت أكثر استقرارًا في السابق.
في سياق متصل، قد يؤدي عدم الاستقرار السياسي في تشاد وانسحاب القوات الفرنسية من شمال مالي إلى تفاقم الوضع أكثر. بالإضافة إلى ذلك، من غير المرجح أن يتحسن الوضع الأمني في حوض بحيرة تشاد بشكل كبير؛ بسبب انقسام بوكو حرام إلى مجموعات أصغر، والاشتباكات مع تنظيم الدولة الإسلامية في غرب إفريقيا والتي تزيد من حدة الأزمة. وكذا، يؤدي انعدام الأمن إلى مزيد من نزوح السكان، مما يضيف أعدادًا أخرى إلى 2.4 مليون نازح حاليًا في المنطقة، فضلًا عن تعطيل سبل العيش والتدفقات التجارية.
ونوه التقرير إلى أنه في الفترة من أكتوبر إلى ديسمبر 2021، تم تصنيف حوالي 6.7 مليون شخص في المنطقة في حالة أزمة أو أسوأ (المرحلة 3 أو أعلى)، مع ما يقدر بنحو 343 ألف في حالات الطوارئ (المرحلة 4) – مع زيادة بنسبة 50% مقارنة بالفترة نفسها في العام السابق. ولوحظت الزيادات السنوية الأكثر وضوحًا في مالي (+166%) والنيجر (+110%) وموريتانيا (+96%).
وأوضح التقرير أن الوضع سيتدهور أكثر في المواسم الرعوية والزراعية العجاف، ومن المتوقع أن يكون هناك أكثر من 10.5 مليون شخص في حالة أزمة أو أسوأ (المرحلة 3 وما فوق)، بما في ذلك 1.1 مليون في حالة الطوارئ (المرحلة 4) بين يونيو وأغسطس 2022 – بزيادة 20% مقارنة بعام 2021.
وتشير التقديرات الأولية إلى أنه من المتوقع أن يتأثر 5.4 مليون طفل بسوء التغذية الحاد في عام 2022 في بوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر – بزيادة قدرها 18% عن عام 2021، ويمكن أن يؤدي تدهور الوضع الأمني في وسط الساحل وحوض بحيرة تشاد إلى زيادة إعاقة وصول المساعدات الإنسانية.
الدوافع الرئيسة لزيادة انعدام الأمن الغذائي
أرجع التقرير التدهور المتوقع في مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد في “النقاط الساخنة” العشرين إلى مزيج من العوامل، هي:
- الصراع
في كثير من بؤر الجوع الساخنة، يعد العنف المنظم أو الصراع الدوافع الرئيسة للتدهور المحتمل في مستويات انعدام الأمن الغذائي؛ إذ يستمر الصراع في التأثير على أكبر نسبة من الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، ففي عام 2020، كان حوالي 65% من الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد يعيشون في بلدان تشهد صراعات.
وتشير الاتجاهات الرئيسة إلى أن مستويات الصراع استمرت في الازدياد في عام 2021، ومن المتوقع أن تستمر في الزيادة في عام 2022، وتشمل المناطق التي رصدها التقرير بوصفها بؤر جوع ساخنة نتيجة الصراع: ميانمار، وجمهورية إفريقيا الوسطى، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، والساحل، والسودان، وجنوب السودان، والصومال، والأجزاء الشمالية من إثيوبيا، ونيجيريا، وموزمبيق.
- التغيرات المناخية
هناك اتجاه مقلق آخر أشار إليه التقرير بوصفه سببًا رئيسًا ومهمًا في زيادة انعدام الأمن الغذائي، وهو تأثير الظواهر المناخية المتطرفة، ويمكن رؤية هذا بوضوح في هايتي، وشرق إفريقيا، ومدغشقر، وموزمبيق، ومؤخرًا في منطقة بادغيس في غرب أفغانستان. ومن المتوقع أن تستمر الظواهر الجوية والمناخية المتطرفة، مدفوعة من بين عوامل أخرى، بظاهرة النينيا الجارية في 2021/2022.
وهذا بدوره يعرض بعض البلدان في القرن الإفريقي الكبير وآسيا والمحيط الهادئ إلى خطر كبير يتمثل في انخفاض الإنتاج عن المتوسط ومعاناة ظروف انعدام الأمن الغذائي المتفاقمة، حيث يشير التحليل الأخير إلى احتمال ظهور موسم فقير رابع على التوالي في أجزاء من شرق إفريقيا، مع احتمال حدوث انعكاسات عميقة على انعدام الأمن الغذائي، بسبب ضعف المحاصيل المتتالية على مدى المواسم الثلاثة الماضية في بعض مناطق شرق إفريقيا، مما يؤدي إلى عدم تمكن الأسر المعيشية الضعيفة من تجديد مخزونها الغذائي بشكل كافٍ. وقد أثر ضعف موسم الأمطار في منطقة الساحل بشدة على تنمية المحاصيل والمراعي، ومن المتوقع أن يكون أكثر من 10.5 مليون شخص في مستوى الأزمة أو أسوأ (المرحلة الثالثة)، بزيادة 20 في المائة مقارنة بالعام الماضي.
أما في جنوب السودان، فتشير التوقعات إلى أن موسم هطول الأمطار أعلى من المتوسط يبدأ في أبريل، وقد يؤدي هذا إلى آفاق جيدة للمحاصيل، ولكنه يزيد أيضًا من مخاطر حدوث فيضانات كبيرة في بعض المناطق، مما يؤدي إلى النزوح وتلف المحاصيل، بينما في أنجولا من المتوقع هطول أمطار أقل من المتوسط خلال الموسم الزراعي الجاري في المقاطعات الجنوبية والجنوبية الغربية، والذي من المرجح أن يقلل الإنتاج ويؤدي إلى خسائر المحاصيل للعام الثالث على التوالي.
بالإضافة إلى ذلك، يواجه شرق مدغشقر وقناة موزمبيق عددًا متزايدًا من الأعاصير المدارية هذا العام، مما زاد من مخاطر حدوث فيضانات في المناطق الساحلية لكلا البلدين.
- كوفيد-19، والضغوط الاقتصادية
تصاعدت الاضطرابات الاقتصادية العالمية والوطنية الناجمة عن العديد من موجات العدوى بكوفيد 19، حيث تم تطعيم 8.5 في المائة فقط من الأشخاص في البلدان منخفضة الدخل اعتبارًا من يناير 2022، بينما تجلب المتغيرات الجديدة شكوكًا جديدة في هذه البلدان وقد تؤثر سلبًا على اقتصاداتها.
في الوقت نفسه، تراكمت الاضطرابات الاقتصادية في العديد من البلدان الإفريقية في عام 2021، فيما أدى الارتفاع القياسي في أسعار المواد الغذائية إلى الحد من وصول الأسر إلى الغذاء في العديد من المناطق. في بلدان مثل جنوب السودان والصومال، أدى ارتفاع أسعار الوقود وتكاليف النقل إلى زيادة تضخم أسعار المواد الغذائية في المناطق النائية، وفي إثيوبيا، استمر الصراع الدائر والشكوك المصاحبة له في تدهور الأداء الاقتصادي للبلاد، وانخفاض تدفقات الاستثمار وعائدات التصدير، وبالتالي تفاقم نقص السيولة، مما أثر على استدامة الدين الخارجي.
أما السودان، فبالرغم من علامات التحسن التي بدت في الأشهر الأولى من عام 2021، تسبب عدم اليقين السياسي المتجدد في مأزق اقتصادي جديد وخطير، وعلى وجه الخصوص، فإن عدم اليقين بشأن الدعم الاقتصادي الأجنبي يمكن أن يزيد من زعزعة استقرار العملة المحلية ويزيد من أسعار المواد الغذائية المرتفعة بالفعل، وتدفع كل هذه الاضطرابات الاقتصادية بالمزيد من الأشخاص إلى انعدام الأمن الغذائي، وتزيد من احتمالات المجاعة.
- الجراد الصحراوي
لا يزال تفشي الجراد في شرق إفريقيا وعلى ساحل البحر الأحمر مصدر قلق على الأمن الغذائي في المنطقة، فابتداءً من أوائل عام 2020، اندلعت موجة هائلة من الجراد الصحراوي عبر منطقة شرق إفريقيا، وساحل البحر الأحمر، وجنوب غرب آسيا، حيث سمحت الظروف المناخية المواتية بتكاثر الجراد الصحراوي على نطاق واسع.
وبالرغم من ظهور أدلة متزايدة على أن هذا التصاعد آخذ في الانحسار، لم يتم الإعلان عن انتهاء هذه الزيادة بعد، ويجب الحفاظ على الجهود الحالية للحد من تكوين أسراب جديدة في القرن الإفريقي وشرق إفريقيا، حيث من المتوقع أن تصبح الظروف مواتية لوضع البيض بحلول أبريل-مايو 2022، ولكن من المتوقع أن تمتلك الفرق الميدانية الموارد اللازمة والخبرة والوقت للسيطرة على الأسراب قبل أبريل، وإنهاء غزو الجراد الصحراوي.
في غضون ذلك، من المرجح أن يتأثر أداء الموسم الزراعي الجاري في مدغشقر بتفشي الجراد المهاجر الذي لوحظ منذ أغسطس 2021، في ظل معدلات حرجة لانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية؛ نتيجة لثلاث سنوات متتالية من الجفاف الشديد وضعف المحاصيل.
- القيود على وصول المساعدات
أشار التقرير إلى أن العامل الخامس الذي يسهم في تدهور حالة الأمن الغذئي في بؤر الجوع الساخنة، يتمثل في القيود المفروضة على وصول المساعدات الإنسانية، حيث توجد حاجة ماسة للعمل الإنساني الهادف لإنقاذ الأرواح وسبل العيش في 20 نقطة ساخنة للجوع، وفي أربع من هذه النقاط الساخنة -إثيوبيا ونيجيريا وجنوب السودان واليمن- تعد الإجراءات الإنسانية ضرورية لمنع المجاعة والموت. علاوة على ذلك، تشكل البيئات الأمنية المعقدة تحديًا للعمليات في إثيوبيا ومالي وشمال نيجيريا والنيجر وسوريا، ومن المرجح أن تظل باقية في جمهورية إفريقيا الوسطى وكولومبيا.وختامًا، أوضح التقرير أنه في ظل كل هذه العوامل، العالم الآن معرض لخطر السقوط في مجاعة أو ظروف شبيهة بالمجاعة، ما لم يتلقوا مساعدة فورية لإنقاذ الحياة وسبل العيش.
باحثة ببرنامج العلاقات الدولية