كيف يستخدم الإخوان ولجانهم الإلكترونية منصات التواصل الاجتماعي في نشر الأكاذيب وإثارة الفتن وتأليب الرأي العام؟
تعد منصات التواصل الاجتماعي الأداة الأهم والأكثر فاعلية لدى تنظيم الإخوان الإرهابي وعناصره في الداخل والخارج لتأليب الرأي العام ضد القيادة السياسية منذ ثورة 30 يونيو 2013 وحتى الآن؛ إذ تمثل هذه المنصات قناة اتصال وتواصل مع فئات واسعة من الشعب المصري وخاصة فئة الشباب الأكثر تأثرًا بما يتم ترويجه من قبل هذه العناصر واللجان الإلكترونية، والأكثر قابلية للاستثارة لإحداث ما يصبو إليه تنظيم الإخوان من تغيير سياسي واجتماعي. هذا علاوة على استغلال الجماعة لمنصات التواصل الاجتماعي في تصدير صور زائفة خارجيًا توحي بأن هناك حالة من الغضب والسخط الشعبي العارم داخل مصر ضد القيادة السياسية، وأن الدولة المصرية بكافة أركانها على صفيح ساخن طوال الوقت جراء هذا السخط –المتنامي حسب ادعائهم- من جهة، واستمرار القيادة السياسية والحكومة في مشروعها –لسحق المصريين على كافة المستويات حسب ادعائهم- من جهة أخرى.
وبناء على ما تقدم، يتناول التقرير كيف تستغل جماعة الإخوان منصات التواصل الاجتماعي لتحقيق أهدافها، وذلك من حيث: أولًا: الأساليب التي يتم استغلالها من قبل عناصرها ولجانها الإلكترونية، وثانيًا: الأفكار الأساسية التي يجري ترويجها والضخ المكثف باتجاهها، وثالثًا: الأدوات والشخصيات والمنصات الرئيسية التي يجري الاعتماد عليها في هذا الإطار:
أولًا: الأساليب
1 – الهاشتاجات “الوسومات” والترند
تعمد عناصر الجماعة الإرهابية من خلال تكوينها لجانًا وخلايا إلكترونية عديدة إلى خلق “تريندات” وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة موقع تويتر، إما للترويج لفكرة ما غالبًا ما تكون رافضة لقرار أو لتصريح من الرئيس مثل هاشتاج “مش من جيبك”، أو للإيهام للمواطنين أن هناك حالة من الغضب العارم التي يجب أن ينضم المواطنون إليها، وأن هناك حشدًا غاضبًا متحققًا بالفعل، ومن ثم إذا ما قرر المواطنون النزول إلى الشوارع استجابة لهذا الحشد الإلكتروني سيمثلون كتلة شعبية كبيرة. ومن أمثلة هذه الهاشتاجات هاشتاج يظهر بين حين وآخر هو “ارحل يا سيسي” بجانب هاشتاجات أخرى تستجد مثل “حشد 25 يناير 2022”.
2 – السخرية
تمثل السخرية أداة مهمة ومحورية من أدوات عمل جماعة الإخوان، إذ تعمد اللجان الإلكترونية التابعة لها وكذا المنصات التلفزيونية والرقمية إلى السخرية من كل شيء يتعلق بإدارة الدولة أو بأي إنجاز يتحقق، ومن ثم التسفيه منه ومن أهميته. وهو ما يصل في النهاية إلى نتيجة لدى المواطنين مفادها أن الدولة لا تفعل شيئًا من أجلهم، وأن كل ما تقوم به أشياء تافهة وسفيهة لا ترقى إلى معالجة أوضاعهم المعيشية والاجتماعية البائسة والصعبة، بجانب هدم هيبة مؤسسات الدولة ورجالات الدولة عبر السخرية والنكات وكسر الكرامة ونشر ثقافة الإعدام المعنوي والترهيب النفسي والاغتيال الثقافي. ويمثل برنامج “جو شو” الذي يذاع على “التلفزيون العربي” أحد أهم الأدوات التلفزيونية في هذا الإطار، وما يحققه من مشاهدات مرتفعة كذلك على المنصات الرقمية، بجانب منصات أخرى على وسائل التواصل الاجتماعي مثل صفحة “خمسة بالمصري”.
3 – اقتطاع التصريحات من سياقها
عبر الصفحات والمنصات واللجان الإلكترونية التابعة لها تتعمد الجماعة دائمًا اقتطاع أجزاء معينة من تصريحات المسؤولين الرسميين وفي مقدمتهم الرئيس عبد الفتاح السيسي لإيصال رسائل مضللة للمواطنين تسهم في زيادة غضبهم تجاه شخص المسؤول أو إزاء قضية معينة. وهو ما يظهر دائمًا على سبيل المثال مع كل حادثة أو أزمة يتعرض لها مرفق السكك الحديدية من خلال إذاعة تصريح مقتطع للرئيس عبد الفتاح السيسي وهو يتحدث عن أن تطوير سكك حديد مصر ستتكلف 10 مليارات جنيه، وأن هذا المبلغ إذا ما وضع في البنك بفائدة 10% فقط سيدر مليار جنيه إضافية. وذلك للإيهام للمواطنين بأن الرئيس فضل وضع الأموال في البنوك لتدر عوائد وفوائد على أن يتم إنفاقها في تطوير السكك الحديدية وإنقاذ أرواح المواطنين أو توفير سبل الراحة لهم.
4 – استغلال الملفات التي تمس المواطنين
دائمًا ما تعمل جماعة الإخوان على استغلال الملفات التي تمس حياة المواطنين والتضخيم منها على مواقع التواصل الاجتماعي لتأليب الرأي العام وخلق حالة من الزخم الرافض لبعض القرارات أو السياسات. وهو ما يظهر في قضايا مثل ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وكذلك ارتفاع أسعار الكهرباء والخدمات الحكومية، وصولًا إلى تصريحات الرئيس حول بطاقات التموين، وخطط الحكومة لإزالة بعض العمارات في الحي السادس بمدينة نصر، وذلك من خلال بث معلومات مغلوطة في هذه القضايا والتضخيم منها بشكل يجعل هذه المعلومات المغلوطة هي الأساس المعرفي لدى المواطنين والذي يصعب بعد ذلك تصديق عكسه بعد نفيه من قبل مجلس الوزراء أو الدولة بوجه عام.
وبالإضافة إلى ذلك، تعمد الجماعة الإرهابية عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى استغلال بعض التجمعات الرافضة لبعض الأمور -مثل تجمع بعض المواطنين الرافضين لهدم منازلهم في مخططات تطوير مدينة نصر ومنطقة ألماظة مؤخرًا، وكذلك تجمعات العاملين في مبنى الهيئة الوطنية للإعلام للمطالبة بمستحقاتهم المالية- والترويج لهذه المظاهر بأن الغضب وصل إلى منتهاه، وأن كل هذه التجمعات أو المظاهرات هي مؤشر على قرب حدوث ثورة ضد النظام السياسي في مصر.
5 – التشكيك في البيانات والتصريحات الرسمية
تعمل اللجان الإلكترونية التابعة لجماعة الإخوان من خلال صفحات وحسابات متنوعة على مواقع التواصل الاجتماعي على بث الشائعات في مختلف المجالات، والتشكيك الدائم في صدق تصريحات المسؤولين الرسميين، وكذا التشكيك في صحة البيانات الرسمية سواء حول الأوضاع الاقتصادية أو حول حجم الإنجاز في المشروعات التي تنفذها الدولة. مع زعم التناقض بين بعض التصريحات سواء لنفس المسؤول أو بين المسؤولين وبعضهم البعض؛ وذلك بهدف خلق حالة من التشكيك الشعبي في كل ما تقوم الدولة، ومن ثم خلق حالة انعدام ثقة بين المواطنين من جهة والمسؤولين وأجهزة الدولة من جهة أخرى.
وبالتوازي مع ذلك، يتم التشكيك في المشروعات القومية التي تنفذها الدولة، وكذا المبادرات التي تطلقها مثل مبادرة حياة كريمة وصندوق تحيا مصر، والتشكيك في كونهما يستهدفان المواطنين فعليًا، والترويج لأكاذيب بشأنهما، مثل أن صندوق تحيا مصر يتم استخدامه في غير أغراض الأعمال الخيرية والاجتماعية، وأن مبادرة حياة كريمة هي مجرد مشروع إعلامي غير ملموس وغير متحقق على أرض الواقع إلا في بعض المناطق القليلة من مجمل المناطق المستحقة.
ثانيًا: الأفكار التي يجري تسويقها
1 – تدهور الوضع الاقتصادي
تركز المنصات التابعة لجماعة الإخوان على مواقع التواصل الاجتماعي على الوضع الاقتصادي بشكل كبير جدًا لكونه ملف محوري يتماس مع حياة المواطنين ومعيشتهم بشكل جوهري ومباشر. وتعمد الجماعة إلى خلق رأي عام على مواقع التواصل الاجتماع بأن الوضع الاقتصادي في مصر متردٍ ومتدهور إلى أقصى حد. مع التركيز بشكل ضخم على ملف الديون، والحديث عن أن النظام السياسي المصري لا يملك أي استراتيجية اقتصادية ولا يملك أي خطط اقتصادية سوى الاقتراض من المؤسسات الدولية والدول الصديقة والشقيقة، وأن هذا هو ما بنى عليه النظام بعد 30 يونيو من خلال المبالغ التي قدمتها الدول الخليجية، وهو أسلوب مستمر حتى الآن. بما يسهم في ارتفاع الديون بشكل ضخم، وبلوغها نسبة عالية تفوق الناتج المحلي الإجمالي. وذلك للوصول إلى نتيجة مفادها أن الانهيار الاقتصادي لمصر وشيك للغاية، مع الاستشهاد ببعض الملفات المثارة مؤخرًا مثل انخفاض ما تمتلكه البنوك المصرية من عملة أجنبية، واقترابها من الإفلاس.
2 – الدولة تهدف إلى سحق المواطنين
تركز العناصر التابعة لجماعة الإخوان من خلال منصات التواصل الاجتماعي على خلق حالة عامة من الاعتقاد لدى جموع المواطنين بأن كل الإجراءات التي تتخذها الدولة بكافة أجهزتها وقطاعاتها لا تهدف إلا إلى سحق المواطنين والتحصل على كل ما يملكونه من مدخرات وأموال، والاعتماد عليهم كمصدر أساسي للتمويل إلى جانب الديون. ومن ثم الزعم بأن القيادة السياسية والحكومة تبني “نجاحاتها الوهمية” على أكتاف المواطنين الذين يتحملون منذ عام 2014 الكثير والكثير من الأعباء دون أي عائد ملموس.
3 – الحكم العسكري هو سبب كل المشكلات
دائمًا ما تتردد في الخطاب الإخواني على القنوات التلفزيونية أو على منصات التواصل الاجتماعي فكرة أن مصر خاضعة تحت حكم عسكري بناء على الزعم بأن ما حدث في 3 يوليو 2013 هو انقلاب عسكري. وبناء على ذلك تحاول الأوساط الإخوانية الإيحاء للمواطنين بأن سبب كل المشكلات التي تعاني منها مصر حاليًا هو الحكم العسكري، مع التأكيد على أن نظام الحكم القائم حاليًا هو امتداد للحكم القائم منذ ثورة يوليو 1952 الذي سمح بسيطرة العسكريين على كل مقاليد الأمور في مصر وأدخل البلاد في آتون من الفساد والتردي السياسي والاقتصادي. ويحاول الإخوان الترويج للمواطنين بأنهم لن يتمكنوا من تحقيق أي نجاح سياسي أو اقتصادي إلا بالتخلص من هذا الحكم العسكري.
ويتضمن هذا الإطار الحديث عن القوات المسلحة بزعم أنها المتحكم الأساسي في كل الأمور داخل الدولة سياسيًا واقتصاديًا، مع الحديث عن دور الهيئة الهندسية للقوات المسلحة في المشروعات التي تنفذها الدولة، وأن كل هذه المشروعات تُسند بالأمر المباشر إلى الهيئة دون مراعاة دراسات الجدوى أو المناقصات التي نص عليها القانون. ويتم هنا الترويج للمزاعم التي يقولها المقاول الهارب محمد علي، وكذلك لبعض الأحاديث الأخرى مثل تصريحات رجل الأعمال نجيب ساويرس حول مزاحمة القوات المسلحة للقطاع الخاص.. إلخ.
4 – هناك صراع بين الأجهزة والمؤسسات
منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم، وخاصة مع تعيين اللواء عباس كامل مديرًا لجهاز المخابرات العامة في الربع الأخير من 2018؛ تعمل الأبواق الإخوانية على تسويق رواية مزعومة أن هناك صراعًا مستترًا بين الأجهزة والمؤسسات داخل الدولة المصرية، سواء صراع داخل الجهاز ذاته مثلما جرى تسويقه بشأن جهاز المخابرات العامة ووجود أجنحة متصارعة بداخله، أو بين الأجهزة وبعضها البعض مثل بين جهاز المخابرات العامة وإدارة المخابرات الحربية والاستطلاع، أو بين جهاز المخابرات العامة وقطاع الأمن الوطني بوزارة الداخلية. ويجري في هذا الإطار الحديث بشكل متزايد عن شخوص الرئيس عبد الفتاح السيسي والوزير عباس كامل والسيد محمود السيسي نجل الرئيس عبد الفتاح السيسي، بزعم أن الأخيرين هما الذراعين الأساسيين للرئيس في حكم الدولة، وبيدهما كل مقاليد الأمور.
5 – مصر دولة قمعية
تزعم العناصر الإخوانية من خلال منصات التواصل الاجتماعي وكذا القنوات التلفزيونية بشكل دائم إلى أن مصر بها آلاف المعتقلين والمختفين قسريًا، والترويج لمظلوميتهم المزعومة في هذا الإطار، وأن مصر دولة غير آمنة لا يأمن فيها المواطن على نفسه أو ماله أو أهله أو بيته، وأنها بيئة مثلى لانتهاكات حقوق الإنسان على كافة المستويات، بادعاء وجود معتقلين ومختفين قسريًا ووجود تعذيب داخل السجون، وإساءة معاملة المسجونين، وعدم توفير الرعاية الطبية لهم. وتستغل في هذا الإطار التقارير التي تصدرها بعض المنظمات الحقوقية مثل هيومان رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية وبعض المنظمات المحسوبة على الإخوان في الغرب، بالترويج لها بشكل ضخم ومكثف بوصفها تمثل الحقيقة المطلقة حول وضع حقوق الإنسان في مصر، وكذلك تستغل بعض القضايا للناشطين المشهورين مثل قضية الناشط علاء عبد الفتاح ورامي شعث.
ثالثًا: الأدوات
1 – مذيعو القنوات الإخوانية
تستغل جماعة الإخوان مذيعي قنواتها في الخارج مثل الشرق ومكملين ووطن والحوار والتلفزيون العربي في الوصول إلى شرائح أوسع من المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال إما المتابعين الشخصيين لهؤلاء المذيعين على صفحاتهم وحساباتهم الخاصة، أو من خلال ترويج وتسويق المحتوى المقدم على هذه القنوات من خلال منصات التواصل الاجتماعي.
وتستغل الجماعة في هذا الإطار مجموعات متنوعة من المذيعين سواء من المقيمين في إسطنبول أو الدوحة أو لندن مثل معتز مطر وحمزة زوبع وعبد الله الشريف وياسر العمدة وعماد البحيري وأحمد عطوان وأحمد سمير وسيد توكل وعصام تليمة وأحمد مولانا وأسامة جاويش وأحمد البقري وأحمد سميح وجمال سلطان. وخاصة أن بعضًا من هؤلاء يمتلكون متابعين على مواقع التواصل الاجتماعي.
2 – الصفحات الإخبارية التي تحظى بمتابعة كبيرة
يعمل عناصر جماعة الإخوان على تسويق أفكارهم ورؤاهم وحتى تأليب الرأي العام المصري من خلال عدد من الصفحات الإخبارية المعروف أن توجهاتها معادية للدولة المصرية أو تابعة تمامًا لجماعة الإخوان ولكنها في الوقت ذاته تحظى بملايين المتابعات، مثل “شبكة رصد الإخبارية” وحسابات وصفحات بعض المواقع كـ”عربي بوست – نون بوست – عربي 21 – العربي الجديد -…”… وغيرها. إذ تلعب هذه الصفحات دورًا كبيرًا في تسويق الرواية الإخوانية للمواطنين بمختلف الأشكال والأساليب وبقوالب متنوعة من الأخبار والفيديوهات المصورة والإنفوجرافات والفيديوجرافات.
3 – صفحات غير سياسية أو دينية
لجأت لجان الإخوان إلى تأسيس صفحات غير سياسية أو دينية، تحمل أسماء تمس التراث الفني والأدبي والفكري للشعب المصري، مثل أم كلثوم وعبد الحليم حافظ ومحمد عبد الوهاب، أو بعض لاعبي كرة القدم المعتزلين المهمين. بالإضافة إلى الصفحات الإخبارية في مجال الرياضة، حيث لا يزال رهان تنظيم الاخوان على الحماسة الرياضية وتوظيفها في روابط رياضية تعمل وقت الحاجة ضد الدولة في إثارة الاضطرابات في الشارع كما جرى في سنوات الفوضى ما بين عامي 2011 و2013.
ويدرك تنظيم الاخوان مدي اهتمام الرأي العام بالأخبار الفنية خصوصًا الساعية إلى الإثارة، مثل التركيز على فضائح الفنانين وملابس الفنانات والأعمال الفنية المثيرة للجدل. وتعمل هذه الصفحات لمدة سنوات تحت إدارة لجان الإخوان دون أن تبدي رأيًا أو ملحوظة واحدة في الشأن السياسي العام، حتى تكتسب مصداقية لدى الرأي العام، وتحصد ملايين المتابعين، وهكذا يصادر التنظيم عملية تدفق الأخبار الفنية والأدبية والثقافية والرياضية لصالح أدواته إلى أن تأتي لحظة الصفر.
ولحظة الصفر عادة ما تكون قضية إخوانية بحاجة الى تحرك عاجل، حتى لو كان التحرك مجرد صناعة حالة من التعاطف، مثلما جرى مع خبر وفاة محمد مرسي، حيث صدر تكليف فوري لهذه الصفحات بنشر نعي موحد لمرسي، وهكذا وخلال ساعات تم توحيد البث والإرسال عبر ديباجة موحدة بين عشرات الصفحات التراثية والفنية والرياضية والثقافية في القضية المستهدفة.
ومن حين لآخر تقوم تلك الصفحات بإثارة الجدل حول فنانة بعينها، أو ملابس فنانة، أو قضية أو عمل فني محدد، والغرض من ذلك ليس إثارة الجدل والفتن والإيحاء بانحراف المجتمع في غياب الإخوان على الساحة السياسية فحسب، ولكن أيضًا اختبار مدى قدرة تلك الصفحات على التسخين وإثارة الجدل والفتن وجمع البيانات الكافية حول استجابة فئات الشعب المصري لهذه القضايا.
4 – صفحات متخصصة في ملفات محددة
يلعب تنظيم الإخوان على فكرة تفكيك ثقة المواطن في مؤسسات الدولة، ومن ثم طرح أنفسهم كبديل، وبالتالي فإن كل مؤسسة من مؤسسات الحكومة المصرية لها لجان نوعية متخصصة في ضرب ثقة المواطن بها. ومع بدء جائحة كورونا حدث تحول في بعض الصفحات التي تقدم خدمات طبية وصحية استشارية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث بدأت تتبنى خطابًا عنيفًا وصارمًا ضد وزارة الصحة المصرية وتنشر أكاذيب وشائعات عن ملايين الضحايا ما بين مصاب ومتوفي جراء وباء كورونا، وتشكك في اللقاحات ومدى قدرة القطاع الصحي في مصر على الصمود أمام الجائحة.
ولاحقًا اتضح كذب كافة تلك الصفحات، التي مارست النصح الطبي والصحي بوقار واحترافية عبر سنوات، رغم أن هذا الإجراء ليس قانونيًا أو احترافيًا، ولكنها صفحات قدمت خدمة مجتمعية مجانية لسنوات، قبل أن يتضح أنها خلايا نائمة تنتظر ساعة الصفر في محاولة لإسقاط النظام الصحي لمصر بالتزامن مع أشرس جائحة طبية تمر بها البشرية منذ مئة عام. هكذا تعمل بعض الصفحات على ضرب بعض المؤسسات دون الخوض في القضايا الرئيسية، أي صفحات تعمل على القضايا الفرعية، عن مشروع الدولة الثقافي او النشاط الرياضي، عن مؤتمرات الشباب أو مجهودات الدولة في مكافحة التغير المناخي.. إلخ.
5 – البرمجة الفكرية غير المباشرة
إذا كانت هناك صفحة ناجحة لا يملكها تنظيم الإخوان، يسعي التنظيم إلى دس أحد عناصره في إدارة الصفحة، ليس مطلوب من هذا العنصر التحول بالصفحة من خطابها الخاص إلى الخطاب الإخواني، ولكن زرع بعض الأفكار غير المباشرة في خطاب تلك الصفحة لخدمة برمجة فكرية تخدم غرضًا إخوانيًا. مثال لذلك: حينما صنع تنظيم الإخوان تحرك المقاول الهارب محمد علي، الذي ادعى أن هناك فسادًا في بعض المشاريع القومية للدولة المصرية، قامت بعض الصفحات الدينية بنشر آيات قرآنية تحض على رفض الفساد، بينما قامت الصفحات الفنية بنشر صور من أعمال سينمائية مصرية ترفض فساد السلطة، وصولًا إلى الصفحات الثقافية التي راحت تنشر بكثافة في تلك الفترة اقتباسات من الأدب العالمي ترفض الفساد وتدعو إلى الثورة عليه بالتزامن مع دعوات المقاول الهارب للنزول إلى الميادين.
6 – مجموعات الواتس آب
أصبحت مجموعات تطبيق واتس آب شيئًا أساسيًا في بيت كل أسرة مصرية، حيث يتم استخدامها للتنسيق بين العاملين في الشركة الواحدة، أو القسم الواحد داخل الشركة، أو سكان عقار بعينه، أو أولياء أمور فصل دراسي بعينه، او حتى مجموعة أصدقاء او مجموعة دراسية. وقد وجد تنظيم الإخوان أن اختراق تلك المجموعات عبر عناصره، سواء المعروفين أو الخلايا الرقمية النائمة سوف يعضد من فكرة نشر الشائعات داخل البيوت، إذ إن الحياة يمكن أن تشغل بعض شرائح المجتمع عن متابعة وسائل التواصل الاجتماعي. وقد لعبت هذه المجموعات دورًا في محاولة تنظيم الإخوان تشكيل رأى عام مناهض لخطة تحديث وإصلاح التعليم المصري، إذ إنها كانت المصدر الرئيسي لكل الشائعات التي وجهت لهذه الخطة، بجانب أنها كانت المصدر الرئيسي لكافة الشائعات المتعلقة بوباء كورونا في المجتمع المصري.
7 – كتائب يوتيوب
على ضوء عزوف الشباب عن القراءة الورقية وحتى الرقمية، ورفضهم لفكرة المقالات الطويلة والمنشورات التي بها معلومات وأرقام عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أطلق تنظيم الإخوان أكثر من منصة رقمية تنتج برامج تلفزيونية عبر منصة يوتيوب بغرض مصادرة الوعي وأخونة التاريخ والسردية السياسية لصالح الرؤية الاخوانية. الملاحظ هو التمويل المرتفع والإنفاق الواضح على كتيبة اليوتيوب التي تبث من قطر وتركيا ولندن بكل حرية، حيث يتم “أخونة المعرفة”، بمعني أن كل قضية تتعلق بالمعلومات العامة والمعروفة والثقافة، يتم وضع الإخوان بها وجعلهم الطرف المظلوم او المنتصر، وصياغة القضية بما يتفق مع رؤية الإخوان ويهدم ثوابت الدولة المصرية حتى لو كانت قضية عامة أجنبية وليس للدولة المصرية علاقة بها، ولكن يتم توظيف المعلومة والمعرفة دائمًا من أجل خدم السرديات الإخوانية وتفكيك سرديات الدولة المصرية وتاريخها.
8 – الظهير المدني للإخوان
الظهير المدني للإخوان هم شخصيات غير إخوانية تنتمي إلى التيارات السياسية الأخرى، الليبراليين واليسار، او المجتمع المدني والتيار الحقوقي، ولكنها تلتزم بالخط الإخواني وديباجات لجان الإخوان على طول الخط. هذا الظهير المدني للجماعات الإرهابية يلعب دور تمرير آراء وأفكار تلك الجماعات للرأي العام عبر صفحاته الشخصية الموثقة المتاحة مجانًا من خلال منصات التواصل الاجتماعي.
9 – كلوب هاوس
أصبح تطبيق كلوب هاوس بمثابة راديو سوشيال ميديا، حيث استطاع هذا التطبيق تسويق فكرة الحوار مع الإرهابيين عبر غرف الشات، حيث يقوم اليسار والليبراليون باستضافة العناصر الهاربة من أجل شرح رؤيتهم للشعب المصري.