مصر

ورشة مستقبل أفريقيا ما بعد الجائحة في ضوء أجندة 2063 توصي بإنشاء مجلس أعمال مشروعات أفريقيا

أدار المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية اليوم 9 يناير 2022 ورشة عمل ضمن ورش العمل التحضيرية لمنتدى شباب العالم، تحت عنوان: “مستقبل أفريقيا ما بعد الجائحة في ضوء أجندة 2063″، وذلك بهدف بحص فرص تعزيز التعاون بين الدول الأفريقية وبعضها البعض والخروج بأفكار ومبادرات تسهم في مواكبة التغيرات التي طرأت جراء جائحة كورونا والاستفادة منها في تنفيذ أجندة 2063. 

أدار الورشة الدكتور خالد حنفي الخبير بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية والإعلامية سالي عاطف، إذ أكد “حنفي” أن هناك مجموعة من السياقات التي تحتم على قارة أفريقيا إعادة النظر في خطابها وأهم هذه السياقات هي الجائحة التي ضاعفت التحديات الاقتصادية للدول الأفريقية على مستوى انخفاض معدلات النمو وازدياد الديون، هذا بجانب المشكلات السياسية والأمنية التي تعاني منها القارة وتعيق الاستفادة من ثرواتها. فيما أكدت سالي عاطف أهمية أجندة 2063 بوصفها أجندة طموحة لتغيير وجه القارة، ولكن جاءت جائحة كورونا لتعطل مسارات تنفيذها.

انقسمت الورشة إلى ثلاث جلسات أساسية، تناولت الجلسة الأولى دور المؤسسات الأفريقية والخاصة في تحقيق أهداف أجندة 2063، بمشاركة 3 من المتحدثين؛ إذ تحدثت السفيرة نميرة نجم المستشار القانوني للاتحاد الأفريقي وسفيرة مصر برواندا سابقًا عن أن الجائحة أثبتت أهمية التعاون بين دول القارة الأفريقية ولا سيما في المجال الصحي ضمن إطار عمل المركز الأفريقي لمكافحة الأمراض والوقاية منها الذي تأسس عام 2016 وبذل جهودًا كبيرة في مجابهة جائحة كورونا وقبلها وباء إيبولا. مشيرة كذلك إلى أهمية تفعيل اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية التي دخلت حيز التنفيذ منذ نحو عام وأسهمت في زيادة التبادل التجاري بين الدول الأفريقية أثناء الجائحة، ومن شأن تفعيلها بشكل كامل الإسهام في تعزيز الاستثمار واستغلال الموارد الطبيعية بما يعود على بلدان القارة الأفريقية بالفائدة، فضلًا عن تفعيل الاستجابة للأزمات الاقتصادية بعد الجائحة وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.

فيما تحدث السيد/ معتز حلمي رئيس منظمة أفريلابس الإقليمية عن أن مجال ريادة الأعمال في القارة الأفريقية، مشيرًا إلى أنه شهد تغيرات كبيرة في العامين الأخيرين، ففي عام 2020 وصلت استثمارات ريادة الأعمال إلى 2 مليار دولار، في حين وصلت خلال عام 2021 إلى 5 مليار دولار، ومن أنجح النماذج في هذا الإطار هي شركة “سويفل” التي استطاعت الدخول في البورصة الأمريكية. مضيفًا أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين التحول الرقمي وريادة الأعمال. مستعرضًا تجربة مؤسسة أفريلابس في دعم مشروعات ريادة الأعمال في القارة الأفريقية.

أما النائبة هادية حسني عضو مجلس النواب وعضو البرلمان الأفريقي فأشارت إلى أن الجائحة مثلت تحديًا إضافيًا للتحديات التي تعاني منها القارة الأفريقية بالفعل، وعلى الرغم من أن جميع بلدان العالم عانت من جائحة كورونا على قدر المساواة إلا أن توزيع اللقاحات لم يكن بالقدر ذاته من المساواة والعدل، فبلدان القارة الأفريقية من أقل البلدان في الحصول على اللقاحات الخاصة بكورونا، وهو الأمر الذي يهدد حياة المواطنين الأفرقة، فضلًا عن حرمانها من العديد من البطولات الرياضية لأن عدم توافر اللقاحات حرم أبطالها الرياضيين من السفر في عدد من البطولات والمنافسات الدولية.

ودعت النائبة هادية حسني إلى تعزيز عمل مبادرة كوفاكس لتوفير عدد كافٍ وعادل من اللقاحات للدول الأفريقية، مقترحة مبادرة تحت عنوان: “صحة أفريقيا” لتصنيع اللقاحات في أفريقيا وعدم الاعتماد على ما تتلقاه القارة من البلدان الأخرى وعمل مستودعات ومصانع إقليمية ومحلية للمستلزمات الطبية والأدوية واللقاحات، فضلًا عن النظر إلى اللقاحات بوصفها محفز للنمو الاقتصادي وليس فقط من الجانب الصحي.

وقد ناقشت الجلسة الثانية دور المرأة والشباب الأفريقي في تطوير أجندة 2063، تحدثت خلالها السيدة شيدو كليا ممبا المبعوث الخاص للشباب لرئيس الاتحاد الأفريقي لافتة إلى دور الشباب بوصفهم قوة محركة للتغيير والتنمية والبناء داخل أفريقيا ولذا خصصت لهم أجندة 2063 بابًا منفردًا لتمكينهم وتطويرهم. مؤكدة أن مشاركة الشباب في المجتمع لا تتعلق فقط بالإدماج وإنما أيضًا تسهم في تنمية الابتكار وتعزيز السلم والأمن.

وأضافت “ِشيدو” أن النساء في أفريقيا يمثلن نصف عدد السكان، وهنّ من أهم ركائز التنمية الاقتصادية، ولكنهن تعانين من الكثير من التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تعيقهن عن لعب دورهن. وعلى الرغم من أنهن وقفن في الصفوف الأمامية لمجابهة جائحة كورونا إلا أن 70% منهن تضررن جراء الجائحة لأنهن يعملن في القطاع غير الرسمي. مشددة أيضًا على ضرورة التعريف بأجندة 2063 بين أوساط الشباب، لأن هناك عدد قليل هو الذي يعرف هذه الأجندة وأهدافها.

فيما تحدث الدكتور مادي إبراهيم كانتي الباحث في الشؤون الأفريقية عن أن القارة الأفريقية هي القارة الأكثر شبابًا بين قارات العالم، وهي القارة الوحيدة التي لديها اكتفاء ذاتي من الخامات والثروات، بجانب كونها القارة الأفضل من حيث الموقع الجغرافي. موضحًا أنه من المتوقع أن يصل عدد الشباب في القارة الأفريقية بحلول عام 2050 إلى نحو 400 مليون شباب، ولكن هذه القدرات الشبابية لا يجري استغلالها بالوجه الأمثل، فعلى الرغم من وجود أقل من 30% فقط من الحاصلين على شهادات جامعية في أفريقيا هم من يحصلون على فرص عمل. وهو ما يؤدي إلى استقطابهم من قبل الجماعات الإرهابية. مؤكدًا أهمية التعاون (جنوب – جنوب) بين الدول الواقعة في جنوب العالم والتي تشمل دول أفريقيا بجانب بعض البلدان الأخرى مثل روسيا والصين والتي تمثل في مجموعها نحو ثلثي سكان العالم.

أما الجلسة الثالثة من ورشة العمل فناقشت دور المبادرات الشبابية الأفريقية في تقليص تداعيات الجائحة، أوضحت خلالها السيدة/ آية الشابي أول مبعوث خاص للاتحاد الأفريقي للشباب أن الشباب في أفريقيا يواجه تحديات كثيرة منها مشكلات التوظيف، وأضافت الجائحة صعابًا كثيرة في هذا الإطار، فمن المفترض أن يكون هناك 12 مليون فرصة عمل سنويًا، ولكن الواقع هو وجود 3 ملايين فرصة فقط، وأدت الجائحة إلى خفض هذا العدد. مشددة على أهمية إشراك الشباب في صناعة القرار وتوليهم مواقع قيادية للتمكن من العبور إلى المستقبل.

وكذا، تحدثت السيدة/ نسرين الصباحي الباحثة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية عن قضية التغير المناخي وتأثيراتها على القارة الأفريقية، مشيرة إلى أن تغير المناخ أصبح حقيقة فعلية في أفريقيا ففي السنوات الأخيرة شهدت القارة العديد من المتغيرات المناخية ذات الآثار الكارثية كموجات الجفاف الطويلة والتصحر والفيضانات والأعاصير. وعرضت في هذا الإطار للتجربة المصرية في مواجهة التغير المناخي بوصفها تجربة أفريقية رائدة، مؤكدة أن مصر نفذت العديد من السياسات والإجراءات لمواجهة التغير المناخي سواء على مستوى الاستفادة المثلى من الموارد المتاحة أو التحول إلى الاقتصاد الأخضر أو تنفيذ مشروعات الطاقة المتجددة. وقد عملت مصر على التعبير عن صوت القارة الأفريقية في مختلف المحافل الدولية وآخرها قمة المناخ كوب 26 في جلاسكو، وصولًا إلى اختيارها لاستضافة كوب 27 في شرم الشيخ هذا العام.

وقد انقسم المشاركون في الجلسة إلى خمس مجموعات ناقشت خمسة مجالات أساسية في أجندة 2063 هي السياسات الصحية والتحول الرقمي والاقتصاد الأخضر والأمن الغذائي وتغير المناخ، وقدمت في النهاية مجموعة من التوصيات والمقترحات للتعامل مع تأثيرات كورونا على هذه المجالات.

وخلصت الورشة إلى مجموعة من التوصيات الختامية، منها: تطوير ورفع كفاءة الوكالة المصرية للشراكة من اجل التنمية عبر زيادة المخصصات للدعم الإغاثي والتنموي. وإنشاء منصة إقليمية للشباب الافريقي للتشغيل والإعلان عن الوظائف المتاحة داخل القارة الأفريقية في شتى المجالات بما يشمل الأعمال التطوعية في مناطق الأزمات الإنسانية ويتم دراسة ربط تلك المنصة بالمؤسسات الدولية ذات الصلة مثل (برنامج الغذاء العالمي – منظمة الصحة العالمية – اليونسيف – برنامج الأمم المتحدة الإنمائي). وإنشاء مجلس أعمال مشروعات أفريقيا يضم رواد الأعمال من الشباب الأفريقي ورجال الأعمال الأفارقة بهدف توفير وربط أفكار ابتكارات الشباب بفرص العرض والتمويل. وإنشاء مجلس اتحاد الأطباء البيطريين الأفارقة تحت مظلة الوكالة المصرية للتعاون الدولي للإشراف التبادلي والمشترك على مشروعات الثروة الحيوانية والسمكية. ومبادرة “غذاء أفريقيا” بإنشاء مستودعات غذائية محلية وإقليمية داخل القارة الافريقية للتخزين ومنع الهدر وتبادل السلع والمنتجات الغذائية والإمداد الطارئ لمناطق الصراعات والأزمات الإنسانية. ومبادرة “صحة أفريقيا” بإنشاء مستودعات محلية واقليمية داخل القارة الافريقية للمستلزمات الطبية للتبادل والتصنيع المحلي والاقليمي للأدوية واللقاحات في ظل إنشاء وقرب اعتماد الوكالة الافريقية للأدوية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى