الصحافة المصرية

“دراجة لكل مواطن”.. مصر تتجه إلى مجتمع أكثر صحة

في إطار توجه العالم الدولي إلى توفير بيئة أكثر صحة، تتبنى الحكومة المصرية عديدا من المبادرات التي من شأنها الارتقاء بصحة المواطنين، حيث بدأت هذه المبادرات بمبادرة 100 مليون صحة والتي هدفت إلى الكشف عن الأمراض المزمنة وفيروس “سي” وتقديم العلاجات بشكل مجاني لكافة فئات المجتمع. مرورًا بعدد من المبادرات النوعية والتي تستهدف صحة الفئات المختلفة من مرأة وطفل وذوي الإعاقة، إلى أن ننتهي الآن من هذه المبادرة التي تعكس وعي الإدارة المصرية بأهمية التوجه للحفاظ على مجتمع ذو مواطنين أصحاء لكي ينعمون بحياة أفضل، حيث يجري التجهيز لإطلاق مبادرة دراجة لكل مواطن، والتي تهدف إلى تغيير الصورة الذهنية لدى المواطنون حول تحسين الحالة الصحية لديهم بالإضافة إلى إكسابهم لياقة بدنية وتسهيل عملية التنقل وتشجيعهم على استخدام الوسائل النشيطة للتنقل، خاصة بعد أن أصبحت الوسائل التقليدية للتنقل ملوثة للبيئة وأكثر استهلاكًا للوقود.

يذكر أن المبادرة سيتم الإعلان عنها بشكل رسمي الشهر القادم، حيث سيتم توفير 100 ألف دراجة بسعر أقل من سعر السوق كمرحلة أولى مما سينعكس على سوق العمل الحالي، حيث ستلقى صناعة الدراجات وكذلك الصناعات التكميلية رواج في الفترة التالية لإطلاق المبادرة. وهو بدوره ما يؤكد على وعي القيادات في المجتمع المصري بأهمية ممارسة الرياضة وفاعليتها وجدواها الإيجابية التي ستعود حتمًا على المجتمع بالفائدة العُظمى.

 إعادة الحياة إلى “العجلاتي”

تُعد هذه المبادرة نقلة نوعية حقيقية في الصناعة المصرية، حيث تستهدف أن تجعل من مصر مركز إقليمي لإنتاج الدراجات وليس هذا فحسب وإنما تصديرها إلى دول الشرق الأوسط وأفريقيا. وهو ما سيجعل من هذه الصناعة ذات رواج حيث ستتمكن مصر من استغلال الإمكانيات التصنيعية المُتاحة بالمنشآت الصناعية خاصة الهيئة العربية للتصنيع وذلك بهدف تعميق التصنيع المحلي وفقًا لمعايير الجودة العالمية.

أنقذت مبادرة دراجة لكل مواطن مهنة من المهن الأصيلة في مصر، حيث كادت أن تختفي مهنة العجلاتي من الشوارع المصرية بسبب تراجع استخدام المواطنين للدراجات، وبالتالي لم يجد ممتهني هذه المهنة بُد من تغيير مهنتهم والتخلي عنها. ولكن بدأت العجلاتي يسترد أنفاسه بعد فترة من بدء الحكومة في تدشين عدد من المبادرات والمشروعات التي من شأنها أن تتيح المجال للمواطنين لاستخدام الدراجات بشكل آمن وكفء، ومن أمثلة هذه المبادرات وأهمها الأنشطة الرياضية المُقامة على هامش الأحداث الشبابية في مؤتمرات الشباب والماراثون الذي يُعقد بشكل شبه دوري في بعض المؤسسات الرياضية، حيث شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي في بعض الأنشطة الرياضية وشوهد يقود دراجته في مناسبات مختلفة، مما أدى إلى اتجاه بعض المواطنون إلى استخدام دراجاتهم، وبالتالي تدب الحياة في شريان العجلاتي ليبدأ في الظهور كمهنة مكملة لصيانة الدراجات.

يذكر أن صناعة الدراجات بدأت تُعاني من الكساد مما أدى بالورش المُصنعة لها إلى الإغلاق، والبحث عن مهن أخرى مختلفة، ولكن بعد توجه الدولة إلى إقامة مشروع سكتك خضراء والذي شجع المواطنين على استخدام الدراجات الهوائية كبديل لوسائل النقل المعتادة، ولم يقف المشروع عند هذا فحسب، وإنما تم إنشاء مسارات خاصة بالدراجات في الشوارع ليتمكن المواطن من استخدام دراجته بشكل آمن وكذلك تخصيص مساحات خاصة لركن الدراجات في الساحات العامة والجامعات.

المرافق اللوجستية للمبادرة

لم يتوقف دور الحكومة المصرية عند إطلاق مبادرة لتوجيه المجتمع إلى استخدام الدراجات الهوائية فقط، بل أجرت العديد من الجهات المعنية دراسات حول ما يُمكن تقديمه لهذه الصناعة من تيسيرات لوجستية، والتي أظهرت أنه يجب توفير هذه الدراجات التي ستقوم عليها المبادرة بشكل أساسي بأسعار تُناسب المواطنين، والذي تم تداوله على أنه أقل من سعر السوق، بالإضافة إلى توفير عدد من التسهيلات لمساعدة الغير مقتدرين ماديًا على شراء دراجاتهم، حيث تُقدم البنوك أنظمة تقسيط تُناسب الجميع.

تتجه المبادرة إلى استخدام المنتج المحلي، حيث تُشجع الهيئة العربية للتصنيع لإنتاج الدراجات مع مراعاة الشروط البيئية والمظهر الحضاري وكذلك تمتاز منتجات الهيئة بشكل عام بالمتانة والجودة والشكل الجذاب.

سعر الدراجة في المبادرة وأنظمة تقسيطها

تتراوح أسعار الدرجات الهوائية التي تم إعلانها منذ أيام بدءًا من 1000 جنية مصري وتتدرج أسعارها مرورًا بـ 3.000 جنية للفئات المتوسطة إلى أن تصل 8.000 جنية مصري، والذي يختلف طبقًا لنوع وإمكانيات الدراجة. بينما أعلنت البنوك عن أنظمة التقسيط المتوفرة للمواطنين بنظام القسط الشهري والذي يبلغ 100 جنية مصر، وهو ما يُعتبر أقل من سعر السوق بالفعل وكذلك التسهيلات المُقدمة للمشاركين في المبادرة ليست متوفرة لمن يتجهون إلى شراء الدراجات الفارهة، حيث تستهدف المبادرة بشكل أساسي المواطن من ذوي الدخول المنعدمة والمتوسطة، ومن المتوقع أن تحمل الدراجات لوحات مُرقمة وكارت ذكي، يُمكن المواطن من التجول بشكل آمن.

تجارب ناجحة

أبدت العديد من الدول اهتمام كبير بصناعة استخدام الدراجات، حيث نجد أن معظم الدول توفر للدراجات أماكن مُخصصة لاستخدامها، لم يقف الأمر عند هذا الحد فقط، بل اختلفت أهداف المواطنين بهذه الدول من استخدامهم للدراجات حيث يتوجهون لها لخسارة الوزن، حيث أن قيادة الدراجة لمدة ساعة يتسبب بحرق 600 سعر حراري، وهو ما ينتشر في الولايات المتحدة الأمريكية، أما بالنسبة للصين فإن المواطنون يستخدمون الدراجات للتسوق وتلبية الاحتياجات الشخصية.

وتُشير الإحصاءات إلى أن عدد الدراجات في العالم وصل إلى مليار دراجة لاعتماد هذه الدول على استخدامها بديلًا عن وسائل التنقل التقليدية.

سجلت الصين إلى الآن عدد نصف مليار دراجة، منهم في بكين فقط 7 مليون، ووصلت نسبة مستخدمي الدراجات في مدينة شنجهاي إلى 60 %، بينما يبلغ عدد مستخدمي الدراجات في الصين بشكل عام إلى 37.2 % من إجمالي سكانها. بينما بلجيكا يبلغ عدد مستخدمي الدراجات فيها إلى 48 % من عدد سكانها الذي يبلغ أكثر من 10 مليون مواطن. وسويسرا يستخدم 48 % من سكانها البالغ عددهم أكثر من 7 مليون مواطن دراجات هوائي، حيث تتجه حكومتها إلى تشجيع المواطنين على الذهاب بشكل يومي إلى العمل باستخدام دراجاتهم بدلًا من الوسائل الأخرى، إلى جانب اليابان حيث يبلغ عدد السكان بها أكثر من 127 مليون منهم 56.9 % يستخدمون الدراجات.

بينما سجلت فنلندا نسبة 60 % من مواطنيها يستخدمون الدراجات والذين يبلغ عددهم أكثر 5 مليون شخص، حيث يكثر استخدام الدراجات في الفئات الأكبر سنًا، خاصة الصيف والربيع، وما يمنعهم من استكمال هذه المسيرة خلال باقي فصول العام هي الظروف المناخية، بينما سجلت النرويج نسبة استخدام للدراجات 60 % من مواطنيها البالغ عددهم أكثر من 4.5 مليون مواطن.

كاتب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى