عين على الأحداثسوريا

وكالة أنباء روسية: المواجهة المسلحة بين القوات التركية والسورية في إدلب تهدد مسار علاقات موسكو- أنقرة

أفادت وسائل إعلام روسية  أن زيارة الرئيس التركي رجب الطيب اردوغان إلى العاصمة موسكو بغرض التفاوض مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين حول تطورات الوضع في مدينة إدلب السورية.

وتحت عنوان “على حافة الصراع.. لماذا سارع أردوغان بالحضور إلى بوتين”، بثت وكالة ريا نوفوستي الروسية تقريرا حول زيارة الرئيس التركي رجب الطيب إردوغان إلى موسكو بغرض التفاوض مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين حول تطورات الوضع في إدلب.

وذكرت الوكالة أن من الواضح أن أنقرة قد أبدت عدم اهتمام بالاشتباك المباشر مع قوات الجيش السوري الذي تدعمه روسيا، ولهذا السبب يبدو أن الزيارة لن تقتصر على المفاوضات.

زيارة عاجلة

زار الرئيسان، قبيل بدء المفاوضات الثنائية، المعرض الجوي “ماكس-2019 ” في جوفوسكي، بعد أن استعرض بوتين آخر التطورات التي وصلت لها الصناعات الروسية أمام نظيره التركي. ومن المعروف أن سبب الزيارة الرئيسي هو التفاوض حول الوضع في إدلب، إذ صرح أردوغان عشية مغادرته إلى موسكو ” يستمر الجيش السوري بانتهاك قرار وقف إطلاق النار في إدلب، ولقد تناقشت منذ يومين في هذه المسألة مع الرئيس بوتين عبر الهاتف، وأنا ذاهب إلى روسيا غدا مع وفد لأجل التفاوض حول هذه المشكلة معه مجددا على أن امل أن نتوصل إلى حلول ممكنة”.

واستعرضت الوكالة بعد ذلك آخر التطورات على ساحة المعركة في إدلب، إذ أعلنت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة السورية يوم الجمعة 23 أغسطس، أنه قد تم تحرير مدينة خان شيخون وعددا من القرى في شمال حماة وعزمها على مواصلة تقدم القوات شمالاً حتى أن يتم تحرير كامل أراضي البلاد.

وجرت بعد ذلك محادثة هاتفية مع بوتين، اتفق من خلالها القادة على تكثيف الجهود المشتركة في إدلب لأجل القضاء على التهديد الإرهابي الصادر عن هذه المنطقة وضمان تنفيذ مذكرة سوتشي التي صدرت بتاريخ 17 سبتمبر 2018. كما استغل إردوغان فرصة المكالمة الهاتفية بأن لفت الانتباه إلى أن الجيش السوري النظامي تحت قيادة بشار الأسد قد مهد الطريق لحدوث كارثة إنسانية في البلاد.

                       إدلب على صفيح ساخن

تعتبر محافظة إدلب والجزء المتاخم لها من محافظة حماة السورية هي المكان الوحيد في سوريا بالكامل، الذي لايزال واقعًا تحت سيطرة المعارضة المسلحة. وقبل عام تقريبا، نجحت موسكو وأنقرة في الاتفاق على وقف إطلاق النار في هذه المنطقة، وظهرت هناك نقاط مراقبة تركية وروسية، إلا أن الهدنة لم تحترم وجرت محاولات جديدة لأجل تطبيقها مرة أخرى في أوائل أغسطس.

ويعود السبب وراء الفشل في تطبيق الهدنة، إلى أن مقاتلي الجماعات المسلحة هناك قد تجاهلوا قرار الهدنة في إدلب، وسجل الجيش الروسي هناك عدد عشرون حالة قصف للأماكن السكنية داخل نطاق منطقة التصعيد في إدلب. وردًا على ذلك، بدأت قيادة القوات المسلحة السورية في استئناف عملياتها ضد الإرهابيون، واستعاد الجيش السوري سيطرته على مدينة أربين في الشمال الغربي المتاخم لمحافظة إدلب والقضاء على 45 مسلحًا. وبعد يومين هاجم الإرهابيون مواقع القوات الحكومية، وسقط عشر جنود سوريون بينما جرح أكثر من عشرون شخصًا.

وفي النهاية نجح الجيش السوري من استكمال تطويق خان شيخون، إلا أن الأمور قد تطورت بشكل أكبر من ذلك، بمجرد أن اقتحمت قافلة من العربات التركية المدرة الحدود السورية في 19 أغسطس، وتقدمت باتجاه المدينة المحاصرة، لأجل تقديم المساعدة للجماعات التي تسيطر عليها انقرة داخل إدلب.

وفي هذا الإطار، نقلت الوكالة تعليق بوريس دولجوف، الباحث البارز في مركز الدراسات العربية والإسلامية بمعهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، ” أن تركيا لها مصالحها الخاصة في النزاع السوري خاصة في منطقة إدلب”. بينما أكدت دمشق مرارًا وتكرارًا على أن مجرد وجود القوات التركية على الحدود السورية، حيث تجري هناك عمليات ضد القوات الكردية، تعتبر أمرًا غير شرعي، وينبغي على أنقرة التراجع عنه على الفور.

مشروعات مشتركة

هناك حقيقة لا حياد عنها، وهي أن احتمالات وقوع صدام مسلح بشكل مباشر بين القوات السورية والتركية تعتبر بمثابة حقيقة واقعية بشكل متزايد، وأمر مثل هذا بحد ذاته من شأنه أن يعرض العلاقات الروسية التركية ككل للخطر.

ومن جانبه علق ديميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين عشية الزيارة، قائلاً أن ” تركيا هي شريكنا وحليفنا الوثيق للغاية، وأننا متحدون بوجه عام من خلال العلاقات التجارية والاقتصادية المتطورة والمتعددة الجوانب التي تربط ما بين الجانبين”.

وأضاف :” أن هناك علاقات تعاون تجمع بين البلدين في مجالات حساسة للغاية مثل التعاون العسكري التقني، حيث يتم تنفيذ مشروعات كبرى مثل شحنة S-400″.

ومن جانبها تستمر أنقرة في تأكيد أهمية المشروعات المشتركة بين البلدين. إذ أكد اردوغان خلال حديثه في مؤتمر السفراء الأتراك في أنقرة   على العلاقات الوثيقة مع روسيا في مجالات كثيرة من ضمنها سوريا. كما أشار كذلك إلى خط أنابيب الغاز التركي ستريم الذي من المقرر الانتهاء منه بحلول نهاية العام، وسوف يعمل على توصيل الغاز الروسي إلى أوروبا.

وأشارت الوكالة إلى الموضوع الآخر الذي أظهر فيها إردوغان استقلالاً تامًا، وهو قرار شراء أحدث أنظمة الدفاع الجوي الروسي S-400 ، والتي أثارت ضجة كبيرة بسبب مطالبات الولايات المتحدة الأمريكية لتركيا بالتخلي عن الصفقة، إلا أن أنقرة رفضت تقديم التنازلات.

داليا يسري

باحث أول بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى