
توقعات السياحة المصرية 2022.. تفاؤل حذر وجني ثمار إصلاحات 2021
حقق عام 2021 حالة تعافٍ غير متكافئ لقطاع السياحة، مقارنةً بعام 2020، في ظل التعافي الهش والبطيء للقطاع على مستوى العالم، والذي أرجعته منظمة السياحة العالمية إلى عدم التكافؤ في معدلات التطعيم، وظهور متحورات كورونا.
مما أظهر الحاجة إلى المزيد من تطبيق الدول لسياسات إجرائية لحماية العمالة الماهرة وأصحاب المصلحة في القطاع السياحي لحمايتهم من آثار جائحة كوفيد -19، هذا إلى جانب اتباع السياسات التكنولوجية والتسويقية المبتكرة لاستعادة الحركة السياحية في ظل المنافسة العالمية نحو مقصد سياحي آمن، للوصول إلى معدلات مشجعة مع النصف الثاني من عام 2021.
فهل ستدفع تلك الإجراءات إلى التفاؤل في توقعات عام 2022، وما هي تلك الإجراءات التي تم اتخاذها بالفعل خلال عامي 2020 – 2021، في ظل مجابهة الجائحة على المستوى الوطني والدولي لتحقيق التنمية لقطاع أكثر استدامة؟
كيف أثرت جائحة كورونا على السياحة عالميًا؟
انخفاض عدد السياح عالميًا بنحو مليار سائح دولي، وخسارة 1.3 تريليون دولار من إجمالي عائدات الصادرات من السياحة الدولية، ومن 100 إلى 120 مليون وظيفة سياحية مباشرة معرضة للخطر، وفقًا لإحصاءات منظمة السياحة العالمية لعام 2021. وتتوقع المنظمة أن يظل انخفاض عدد السياح الدوليين يتراوح بين 75:70% من النسبة المحققة عام 2019، وهو ما يتماثل أيضًا مع عام 2020.
وفي الوقت الذي سجلت فيه الأشهر الأولى من هذا العام تراجعًا في عدد الوافدين الدوليين بمقدار أقل من الفترة نفسها لعام 2020، بتصدير نحو 147 مليون زائر فقط لعام 2021، و460 مليون سائح لعام 2019 خلال الفترة نفسها؛ شهد الربع الثالث من العام الحالي (يوليو وأغسطس وسبتمبر) أعلى معدل زيادة بنحو 58% مقارنةً بعام 2020، وبنسبة أقل بنحو 63% من عام 2019، وهي أعلى نسبة منذ بداية الجائحة، للحد الذي وصفها الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية، زوراب بولوليكاشفيلي، بأنها بيانات “مشجعة.”
كانت هناك زيادة في معدلات السياحة الدولية عبر العالم في الأشهر التسعة الأولى من عام 2021 بشكل يفوق عام 2020، وذلك في دول جنوب البحر الأبيض المتوسط وأوروبا ومنطقة البحر الكاريبي التي سجلت 55% ارتفاعًا وأمريكا الشمالية والوسطى، وأظهرت كرواتيا والمكسيك أقوى انتعاش خلال الربع الثالث من العام الحالي، وشهدت دول قارة آسيا والباسيفيك أسوأ أداء بانخفاض نحو 95%.
معدلات تعافي السياحة المصرية عقب الجائحة
يوصف قطاع السياحة المصرية بأنه ثاني أكبر قطاع من حيث تقلبات النمو بعد الصناعات الخارجية على مدى السنوات العشر الماضية، نظرًا لقدرته على مواجهة الصدمات الداخلية والخارجية. وشهد قطاع السياحة أعلى نسبة انخفاض عام 2019/2020، فقد حقق فقط 17.3٪ بعد عام من الإصلاحات والاستثمارات الناجحة في القطاع في إطار برنامج “الإصلاح السياحي” الذي تم إطلاقه في نوفمبر 2018 بهدف الترويج السياحي والتسويق وأدى إلى تحقيق عائدات سياحية قياسية تجاوزت عام 2009/ 2010، ويمكن توضيحها في الشكل التالي:
وقد أدى انتشار فيروس كورونا إلى انخفاض بنسبة 21.6٪ في عائدات السياحة للسنة المالية 2019/2020 (مدعومًا جزئيًا بالأداء القوي في النصف الأول) لتسجل 9.9 مليار دولار أمريكي، بانخفاض عن مستوى قياسي بلغ 12.6 مليار دولار أمريكي في 2018/2019. وفي النصف الأول من 2020/2021، تراجعت عائدات السياحة بنسبة 75.3٪ لتسجل انخفاضًا قدره 1.8 مليار دولار من 7.2 مليار دولار في العام السابق، كما في الشكل التالي:
وشهد منتصف عام 2021 تحسنًا في الحركة السياحية في مصر، فاستقبلت مصر أعدادًا من السائحين خلال الفترة من مارس حتى يونيو 2021 بنسبة 45% أكثر من مثيلتها في العام الذي يسبقها، وبلغ متوسط عدد السائحين أكثر من 500 ألف سائح/ الشهر، بمتوسط يفوق المقاصد المنافسة التي تراوح المتوسط فيها بين 25% إلى 40%، وذلك بحسب بيانات وزارة السياحة والآثار.
التكافؤ والتكنولوجيا مفتاح التعافي السياحي
عكفت منظمة السياحة العالمية على تقديم الحلول ووضع الاستراتيجيات الإرشادية من أجل تكاتف أصحاب المصلحة عالميًا من خلال تبادل الخبرات الدولية ووضع السياسات الاسترشادية للمساهمة في استعادة انتعاش القطاع، فربطت بين قدرة السياحة على التعافي وبين توفير التطعيم المتكافئ حول العالم، في ظل ظهور متحورات كورونا التي أثرت بفرض قيود جديدة في بعض الدول، مما يحتاج إلى تكاتف دولي.
ناقشت المنظمة سبل الحذر الدولي القائم على التعاون والتكاتف الدولي لتنسيق إجراءات السفر، والاستفادة من شهادات التطعيم الرقمية لتسهيل الانتقال بين الدول، وأطلق المجلس الأوروبي جواز السفر التقني، في ظل غلق العديد من الدول وجهتها أمام السفر غير الضروري، مما يتطلب اتخاذ إجراءات لزيادة الثقة في السفر من خلال الإسراع في عملية التطعيم، من أجل تخفيف قيود الدخول في العديد من الدول.
وكذلك، أكدت منظمة السياحة العالمية، أهمية السياحة الداخلية كأداة للحفاظ على سرعة وتيرة تعافي القطاع، والتي استمرت في الانتعاش، للحد الذي تجاوزت فيه سعة المقاعد الجوية المحلية في الصين وروسيا مستويات ما قبل الأزمة.
هذا إلى جانب تمكين المرأة لسرعة انتعاش السياحة، فأطلقت منظمة السياحة العالمية في نوفمبر الماضي مشروعًا لمدة عام لوضع قضية تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين في طليعة خطط الانتعاش في أعقاب جائحة كورونا؛ نظرًا لكون المرأة هي الأكثر تأثرًا بالجائحة والأقل وصولًا للحماية الاجتماعية وامتصاص الصدمة الاقتصادية، وسيتم تطبيقه في 4 دول تجريبية هي “الأردن وكوستاريكا والدومنيكان والمكسيك.
وعلاوة على ذلك، أظهرت الجائحة الحاجة إلى التكنولوجيا، وعمدت العديد من الدول إلى تطبيقها فيما يلي:
– استخدام المنصات الرقمية المدفوعة: أطلقت المكسيك حملة “فكر في المكسيك Piensa en México” والتي تقوم على استخدام منصات التليفزيون المدفوع والمنصات الرقمية للتخطيط لعودة السياحة عقب جائحة كورونا.
– الواقع الافتراضي Virtual Reality، و الواقع المعزز Augmented Reality: فقدمت المتنزهات الوطنية الأمريكية “يلوستون Yellowstone” أكثر من 2000 متحف افتراضي ومحفوظات من جميع أنحاء العالم، بالتعاون مع مؤسسة جوجل الثقافية Google Cultural Institute، باستخدام تقنية الواقع الافتراض VR.
وبدأ العديد من سلاسل الفنادق والمطاعم وحتى شركات الطيران في مشاركة الوصفات الكلاسيكية عبر الإنترنت للتواصل مع المسافرين من خلال تذكيرهم بالمأكولات المفضلة. واستضافت وزارة السياحة في جزر البهاما برامج مبيعات افتراضية في الولايات المتحدة وكندا لشركاء الأعمال والموردين، بما في ذلك محاكاة الرحلات الافتراضية وجلسات التواصل الاجتماعي المباشرة، وأطلق مجلس هونج كونج للسياحة تجربة افتراضية بعنوان “السفر عبر الزمن.. ادخل إلى هونغ كونغ القديمة “.
– الواقع المعزز في تحديد الأماكن: أطلقتGoogle ميزة اتجاهات المشي في الواقع المعزز لخرائط Google، وتتوافق الآن معظم جولات VR أو جولات 360 مع عملية اتخاذ قرارات السفر لمعرفة الفوائد بشكل أكثر وضوحًا، فقامت لندن بتنفيذ جولة إرشادية – 360، ويمكن للمسافرين استخدام الواقع المعزز لنقل أنفسهم إلى أجزاء نائية من العالم باستخدام تطبيقات متقدمة مثل تطبيق EVEREST .
– الذكاء الاصطناعي : (AI Artificial Intelligence) والذي يقدم حلولًا ذكية لخدمة العملاء، فيحتاج 35% من المسافرين إلى شركات السفر لتقديم التوصيات المتخصصة في مرحلة الحجز المبكرة. وبدأت الفنادق الآن في إدراج هذه “المساعدة”؛ فعلى سبيل المثال أطلقت شركة IBM مؤخرًا Watson Assistant، وهو مساعد افتراضي يعمل بالذكاء الاصطناعي ويخلق تجربة تفاعلية وشخصية للمستهلكين على غرار Siri وAlexa.
– إنترنت الأشياء (IOT Internet Of Things): أكد معهد تكنولوجيا الفنادق في إسبانيا أن إنترنت الأشياء سيكون عاملًا حيويًا في تقديم تجربة شخصية للعملاء، فتوفر مجموعة فنادق Virgin Hotels تطبيقًا للضيوف يسمح لهم بالتحكم في التلفزيون والحرارة في غرفهم.
– البيانات الضخمة وتحليل البيانات: فبناءً على التعليقات الواردة من 15 منطقة سياحة ثقافية أوروبية، تم وضع توصيات بشأن استخدام الأدوات المبتكرة ومصادر البيانات في إدارة السياحة، وتوصلت إلى ضرورة استخدام بيانات تحديد المواقع.
– التدريب والتعليم الرقمي: من خلال التبادل الأكاديمي ونقل الخبرات عبر التعليم أونلاين، فوقعت منظمة السياحة العالمية ووزارة السياحة السعودية اتفاقًا لتوسيع نطاق أكاديمية السياحة عبر الإنترنت التابعة لمنظمة السياحة العالمية، لتوفير التدريب عبر الإنترنت بعدة لغات مختلفة.
وكذلك، أظهرت الجائحة ضرورة التفاعل بين الأنظمة البيئية والقطاعات الاقتصادية الأخرى، وتعزيز الانتقال نحو اقتصاد سياحي محايد للكربون وأكثر مرونة، وهو ما يجب تطبيقه للخروج من الأزمة الحالية والحفاظ على استدامة القطاع، وهو ما أكد عليه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش في موجز السياسة الأخير COVID 19 and Transforming Tourism” ” في أغسطس 2020، وراهنت منظمة السياحة العالمية على الدور الذي ستلعبه الثقافة والإبداع في إعادة تنشيط السياحة وتعافيها.
ووجهت المنظمة بضرورة اتخاذ السياسات المالية والحزم التحفيزية لتعافي القطاع والحفاظ على العمالة، فقد أثرت الجائحة على العمالة بشكل وصفته منظمة العمل الدولية بأنه “أسوأ مما كان متوقعًا”، وأحدثت نوعًا من الفجوة بين الاقتصادات المتقدمة والنامية. وتوقعت أن تكون ساعات العمل العالمية في عام 2021 أقل بنسبة 4.3% من مستويات الربع الرابع والأخير Q4 من عام 2019، أي ما يعادل 125 مليون وظيفة بدوام كامل.
وتسهم السياحة المصرية بنحو 3,1% في إجمالي عدد العمالة في مصر، وذلك وفقًا لتقديرات البنك المركزي المصري يونيو 2019، والتي ساهمت في هذا العام بنحو 15% من نسبة النمو في الناتج المحلى الإجمالي، وحققت ما يقرب من 4% من الناتج الإجمالي المحلى للدولة المصرية، وتقدر نسبة السياحة وفقًا لبيانات منظمة السياحة العالمية 2020 بنحو 7٪ من حجم التجارة العالمية، وقد تجاوزت معدل النمو الاقتصادي خلال العقد الماضي. فضلًا عن أنها توفر ملايين الوظائف بشكل مباشر وغير مباشر.
الإجراءات الوطنية للتعافي
أسهمت الإجراءات التي اتخذتها الدولة المصرية في الحفاظ على القطاع السياحي واستمرار نشاطه من أجل حماية أصحاب الأعمال والعمالة والعملية التشغيلية للقطاع من ناحية، واعتماد استراتيجيات تسويقية وتحفيزية لاستعادة الحركة السياحية من ناحية أخرى، بما يتطابق مع التوجهات العالمية من خلال تنفيذ توجيهات رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي التي خرج على إثرها عدة قرارات من لجنة أزمة كورونا برئاسة رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، ويمكن تقسيمها كما يلي:
– السياسات النقدية والتحفيزية للقطاع الخاص: إرجاء عمليات توقيع الحجز الإداري حتى نهاية ديسمبر 2021، وجدولة المديونيات والمستحقات لمدة 36 شهرًا، وإرجاء الرسوم المستحقة للجهات الحكومية وسداد اشتراكات التأمينات الاجتماعية وسداد الضريبة على القيمة المضافة لمدة 6 أشهر، ومد آجال سداد الإقرارات الضريبية لمدة 3 أشهر، وإعفاء المنشآت الفندقية والسياحية من الضريبة العقارية حتى 31 أكتوبر 2021، وإرجاء سداد المستحقات نظير الاستهلاك الشهري للكهرباء والغاز والمياه على أن يكون السداد خلال الفترة من يناير 2021 حتى 31 أكتوبر 2021 بنسبة 40%، وإرجاء سداد رسوم الانتفاع بالمراسي النيلية حتى 31 أكتوبر 2021، وإطلاق مبادرة الجهاز المركزي لدعم القطاع السياحي بنحو 5 مليار جنيه لتخفيض سعر الفائدة من 12% إلى 10% ثم إلى 8%، ومبادرة وزارة المالية والبنك المركزي المصري لتمويل صرف رواتب العمالة ومصروفات التشغيل بضمانة بقيمة 3 مليار جنيه من وزارة المالية بسعر فائدة 5%.
– الحوافز التشجيعية لعودة السياحة: زيادة الدول الحاصلة على التأشيرة من مطار الوصول إلى 74 دولة، والإعفاء من سداد رسوم التأشيرة السياحية لمدة عام حتى 30 أبريل 2021، ومنح تخفيض بنسبة 50% على رسوم الهبوط والإيواء، وتخفيض بنسبة 20% على رسوم الخدمات الأرضية المقدمة في المطارات المصرية في المحافظات السياحية حتى 31 أكتوبر2021، ورفع قيمة التخفيض على أسعار وقود الطائرات لتصل إلى 15 سنت على الجالون بمطارات المحافظات السياحية حتى 31 ديسمبر 2021، وإطلاق برنامج تحفيز الطيران الجديد حتى 31 أكتوبر 2021.
– الحفاظ على العمالة والتدريب: تم ربط الحزم النقدية التحفيزية ومبادرة البنك المركزي بعملية حفاظ المنشآت السياحية على العاملين لديها، واستفادت العمالة غير المنتظمة من مبادرة القوى العاملة للدعم بمبالغ نقدية، وتم التنسيق مع الاتحاد المصري للغرف السياحية لتوفير التدريب على الإجراءات الصحية اللازمة، والالتزام بنسب التشغيل للفنادق والمقاصد السياحية، وفقًا لتوجيهات منظمة الصحة العالمية.
– إجراءات إعادة الفتح واللقاحات: بجانب تطبيق الإجراءات الصحية والاحترازية وإعادة الفتح بنسب إشغال 50% في يوليو 2020، أطلقت مصر شهادة السلامة الصحية في مايو 2020، وحصول أكثر من 837 فندقًا سياحيًا في مصر على هذه الشهادة، وتم اعتماد تلك الضوابط من المجلس الدولي للسياحة والسفر WTTC في 18 يونيو 2021، ومنح مصر “خاتم السفر الآمن “Safe Travel stamp، بجانب الانتهاء من حصول كافة العاملين بالقطاع السياحي بمحافظتي جنوب سيناء والبحر الأحمر على اللقاحات.
– إجراءات لضبط العمل السياحي: ضبط ظاهرة حرق الأسعار لضمان المنافسة العادلة بين الفنادق، فأصدرت اللجنة الوزارية للسياحة والآثار قرارًا لتحديد حد أدنى لأسعار الإقامة في المنشآت الفندقية، وقرار آخر برفعها على أن يكون تطبيق القرار بدءًا من الأول من مايو 2022، فيما عدا محافظات الأقصر وأسوان والوادي الجديد، ومدن طابا ونويبع، حيث يتم التطبيق بها بدءًا من الأول من نوفمبر 2022.
إلى جانب مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن إصدار قانون المنشآت الفندقية والسياحية والذي يتم دراسته الآن في مجلس النواب، وخلق أنماط سياحية جديدة مثل “سياحة اليخوت”، هذا إلى جانب الاستثمار في البنية التحتية الرقمية بالعمل مع وزارة الاتصالات والتوسع في البنية التحتية والبوابات الالكترونية ودمجها، والحجز الإلكتروني وبيانات العاملين والانتقال للعاصمة ورقمنة المستندات، وهي مشروعات مازال جاريًا العمل عليها؛ بعضها مشروعات من قبل الجائحة، واستطاعت مدينة فوه بكفر الشيخ أن تكون ضمن القرى السياحية في مسابقة السياحة الريفية التابعة لمنظمة السياحة العالمية، وبالتالي جارٍ تطويرها لتحصد فرصة أن تكون من أفضل القرى السياحية.
– التسويق والحملات الترويجية الداخلية والخارجية: إطلاق حملة لتشجيع السياحة في الصعيد خلال أشهر يونيو ويوليو وأغسطس، وخفض أسعار تذاكر الطيران الداخلي، وإطلاق حملة افتراضية بعنوان “اكتشف مصر من المنزل “Experience Egypt from Home”، وعمل الأفلام الوثائقية عن الاكتشافات في مصر كفيلم “سقارة” وعرضه على منصة “نتفليكس”، والتعاون مع التحالف الكندي – الإنجليزي لوضع استراتيجية إعلامية موحدة لمدة 3 سنوات تبدأ من الربع الأخير للعام الحالي.
هذا بجانب توسيع عمل الخط الساخن لقطاع الفنادق، ليشمل الشكاوى من كافة القطاعات والتواصل مع السائح عند قدومه إلى مصر، وتم إطلاق حملة رقمية للسوق العربية في مايو الماضي باسم “الصيف في مصر.. حكاية”، وحصدت مصر جائزة أفضل فيلم ترويجي بعنوان “اكتشف مصر” في مسابقة منظمة السياحة العالمية لعام 2021.
وتم التعاقد مع شركة دولية متخصصة في مجال العلاقات العامة وإدارة الأزمات لمدة 6 شهور في أسواق ألمانيا وإنجلترا وإيطاليا وأوكرانيا والإمارات وروسيا ومصر، ووصفت شبكة CNN مصر بأنها أحد أهم المقاصد السياحية التي يجب زيارتها في عام 2021، وكذلك التليجراف The Telegraph، وتم اختيار مصر ضمن أفضل 100 وجهة سياحية حول العالم، وحصدت المرتبة السابعة على مستوى الشرق الأوسط في مؤشر أفضل المدن.
– التعاون الإقليمي والدولي: بجانب حضور اجتماعات مجلس وزراء السياحة العرب، شاركت مصر في اجتماع أعضاء اللجنة الإقليمية للشرق الأوسط التابعة لمنظمة السياحة العالمية وبحضور 13 دولة عربية، في الرياض. وتم انتخاب مصر كرئيس للجنة الإقليمية للشرق الأوسط للفترة 2021-2023، وتم الاتفاق على تبني نهج تنسيقي لوضع بروتوكولات موحدة للسفر الآمن والمسؤول في جميع أنحاء الإقليم، من خلال مبادرات عدة مثل “الإطار المشترك لإعادة فتح الحدود، تطبيق حلول صحية رقمية، والتوصل لمعايير موحدة، تطبيق نظام تتبع المقاصد المشترك.”
– هذا إلى جانب فتح خطوط طيران جديدة، وعودة السائحين الروس إلى المقصد المصري منذ عام 2015، والتنسيق الدبلوماسي لرفع اسم مصر من قوائم الدول الحمراء، حيث رفعت بريطانيا اسم مصر من قائمة تلك الدول في سبتمبر الماضي.
– الافتتاحات والاكتشافات الأثرية: تنفيذًا لتوجيهات رئيس الجمهورية من خلال العمل على تطوير البنية التحتية واستغلال فترات الغلق في عملية التطوير، ولخلق أنماط سياحية جديدة بربط السياحة الثقافية بالشاطئية تم افتتاح عدة متاحف في شرم الشيخ وكفر الشيخ والمركبات الملكية ببولاق وأول متحف للآثار في مدينة الغردقة، وقصر البارون امبان، وهرم زوسر بوصفه أول بناء حجري في العالم بعد الانتهاء من أعمال ترميمه التي استمرت ١٤ عامًا.
هذا إلى جانب مسجد الفتح الأثري، وجامع اغورمي وقلعة شالي بواحة سيوة والتي تمت إضافتها مؤخرًا على قائمة منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)، والمعبد اليهودي إلياهو هانبي بالإسكندرية، وإنشاء أول مطعم سياحي في منطقة الأهرامات وبه أول حافلة كهربائية، والتمكن من إدراج الخط العربي في قائمة اليونيسكو لـ”التراث الثقافي غير المادي”، وافتتاح مسجد والقبة الضريحية للإمام الشافعي بالتعاون مع وزارة الأوقاف.
وكذلك، الانتهاء من أعمال المرحلة الأولى من مشروع تحديث وتطوير أنظمة الإضاءة بشارع المعز، وافتتاح معبد إيزيس بأسوان، وافتتاح وتطوير 3 مواقع على مسار العائلة المقدسة، وافتتاح متحفين للآثار المصرية بالصالتين 2 و3 بمطار القاهرة الدولي. هذا إلى جانب الاكتشافات الأثرية المهمة خلال الفترات السابقة، ولعل أهمها اكتشاف أكثر من ١٠٠ تابوت خشبي بسقارة.
أما عن الاحتفالات الكبرى فتمثلت في افتتاح المتحف القومي للحضارة المصرية، بموكب “المومياوات الملكية”، وافتتاح طريق الكباش بالأقصر، وجعله احتفال سنوي يتم دعوة السائحين إليه.
تفاؤل حذر حول توقعات عام 2022 للسياحة المصرية:
أسهمت الإجراءات السابقة في إحداث زخم في معدلات السياحة الوافدة في مصر، وأسهمت السياحة الداخلية في موسم الصيف في تحقيق نسب إشغالات جيدة للقطاع، مع توقع باستمرار النمو خلال الموسم الشتوي القادم مع إطلاق وزارة السياحة الحملة الإلكترونية “الكريسماس المشرق” للترويج لموسم “شتاء 2022” عبر منصات التواصل الاجتماعي واستهدفت أسواق الولايات المتحدة وروسيا، وعدد من الدول الأوربية مثل “بريطانيا وألمانيا وأوكرانيا وإيطاليا وفرنسا” وذلك تحت شعار “شتّي في مصر”.
ويتوقع الخبراء السياحيون موسمًا شتويًا منتعشًا للمقصد المصري حيث يقضي العديد فترات الأعياد مع عائلاتهم، على أن يبدأ الانتعاش مع بداية يناير، خاصةً في ظل معدلات الإشغال الفندقي المرتفعة. وخلال احتفالات أعياد الكريسماس ورأس السنة الميلادية حققت بعض فنادق شرم الشيخ والغردقة ومرسى علم والقاهرة الكبرى والأقصر وأسوان والعين السخنة العلامة الكاملة للإشغال 100%، وخاصة من السائحين العرب والسياحة الداخلية وحجوزات شركات السياحة العالمية لمواطنيها.
وسيشهد عام 2022 افتتاح المتحف المصري الكبير الذي سيحدث زخمًا كبيرًا في حجم السياحة الوافدة. إلا أنه يمكن ربط توقعات انتعاش القطاع السياحي لعام 2022 بظهور متحور كورونا الجديد “أوميكرون” ومدى تعامل الدول مع ظهوره، وحالة الإغلاق التي قد تفرضها بعض الدول، إذ خففت 85 وجهة (39 ٪ من جميع الوجهات في جميع أنحاء العالم) القيود المفروضة على السياح الدوليين الذين تم تلقيحهم بالكامل، في حين أن 20 وجهة (9 ٪ من إجمالي الوجهات) فرضت التطعيم إلزاميًا لدخول الوجهة لأغراض السياحة.
ومع ذلك، قامت 4 وجهات فقط حتى نوفمبر 2021 برفع جميع القيود المتعلقة بـ COVID-19 (كولومبيا وكوستاريكا وجمهورية الدومينيكان والمكسيك)، ولا تزال منطقة آسيا والمحيط الهادئ هي المنطقة التي تعاني من معظم القيود، حيث تم إغلاق 65٪ من جميع الوجهات تمامًا.
وتعد أوروبا المنطقة العالمية الأكثر انفتاحًا على السياح الدوليين “بنحو 7٪ من الحدود مغلقة تمامًا”، تليها إفريقيا (9٪)، والأمريكتين (10٪) والشرق الأوسط (15٪). خاصة وأنه قد وصفت منظمة السياحة العالمية خلال الجمعية العامة لمنظمة السياحة العالمية بأن فرض قيود شاملة على السفر أمر تمييزي وغير فعال ومخالف لتوصيات منظمة الصحة العالمية، والتي قد تؤدي فقط إلى وصم البلدان أو المناطق بأكملها، وفي حال فرض القيود يجب أن تكون “شفافة وقائمة على أسس علمية”.
وهو ما ينبئ بحدوث انفراجة سياحية نوعية، مع ضرورة الاستعداد لأي عملية إغلاق محتملة بالرغم، من أنها احتمالاتها ضعيفة، إلا أن الاستمرار في فجوة اللقاحات قد يضعنا أمام ضرورة التنبيه نحو الاستمرار في اتخاذ الاجراءات الحمائية للعاملين بالقطاع من خلال تطبيق السياسات التحفيزية الدورية المؤقتة في ظل عدم التعافي الكامل، والالتزام ببناء قطاعات سياحة أكثر شمولًا واستدامة لزيادة قدرتها على الصمود، والتشجيع على استمرار عمليات التلقيح، والإعلان عن النسب التي وصلت إليها مصر.
هذا مع استمرار التنسيق العادل للوصول إلى معدلات تلقيح عالمية متكافئة، والتنسيق الدولي وتوقيع الشراكات مع المقاصد الإقليمية المجاورة، خاصة بعد أن أثبتت السياحة الداخلية والإقليمية قدرتها على حماية القطاع، وتطبيق سياسات تتسق وتوجهات منظمة الصحة العالمية التي أفادت بعدم جدوى الإغلاق في القضاء على فيروس كورونا، وتحسين ثقة المسافرين في المقاصد السياحية.
هذا إلى جانب التوسع في استخدام التكنولوجيا الحديثة، والاستثمار في القطاع والبنية التحتية الرقمية للوصول إلى معدلات ما قبل الجائحة في ظل المنافسة الشرسة مع المقاصد السياحية الأخرى، والاهتمام بمجالات عالمية كمساعدة السياحة في مواجهة التغيرات المناخية وإبرازها في قطاع السياحة خاصةً في ظل استضافة مصر لمؤتمر المناخ COP27.
باحثة بالمرصد المصري