“التريند” والتغيرات الاجتماعية في مصر
تجذرت ظاهرة “التريند” في المجتمعات العربية والغربية بصورة سريعة، وامتد تأثيرها الى دوائر عديدة، حتى وصل التأثير الى الدوائر الأولى وهي دوائر صنع القرار، وأصبح “التريند” أداة فعالة في تغيير القرارات السياسية في بعض الدول، بل وامتد تأثيره ليصبح تأثيرًا عابرًا للحدود، فإلى أي مدى تجذرت تلك الظاهرة، وما تأثيراتها؟
مستخدمو الإنترنت حول العالم وفي مصر
أفاد تقرير شركة Strategy Analytics، بأن نصف سكان العالم الآن يستخدمون الهواتف الذكية، في يونيو من هذا العام. وفي تقرير آخر لشركة (Statista)، المزودة لبيانات السوق والمستهلكين، أفاد أن إجمالي عدد مستخدمي الهواتف الذكية عالميًا وصل إلى 3.5 مليار شخص في عام 2020، بزيادة نسبتها 9.3% عن عام 2019.
وبيّن تقرير صادر من مؤسسة “جي إس إم إيه إنتيليجنس”، أن ازدياد عدد الأجهزة الإلكترونية الذكية في العالم يفوق نمو البشر على سطح الأرض بمعدل 5 مرات، وبلغ عدد مستخدمي الهواتف الذكية في عام 2021 في العالم اليوم 3.8 مليار، وهو ما يعني أن 48.33٪ من سكان العالم يمتلكون هاتفًا ذكيًا، وفي المجموع، يبلغ عدد الأشخاص الذين يمتلكون هواتف ذكية ومميزة 4.88 مليار، أي 62.07٪ من سكان العالم.
وفقًا لأحدث التقارير الصادرة عن موقع ” Data Reportal” في يوليو 2021، فقد بلغ إجمالي مستخدمي الإنترنت في العالم 4.8 مليارات نسمة، بزيادة قدرها 5.7% عن العام السابق، وبلغ إجمالي المتفاعلين على مواقع التواصل الاجتماعي في العالم 4.48 مليارات نسمة، بزيادة قدرها 13.1% عن العام السابق 2020.
وبات عدد مستخدمي موقع فيسبوك النشطين يشكل نسبة تصل إلى 36% من إجمالي عدد سكان العالم المقدر تعداده بحوالي 7.8 مليار نسمة.
وذكر التقرير أن شبكة ”يوتيوب” المتخصصة في تحميل ومشاركة المحتوى المصور سجلت مع بداية العام الحالي قرابة 2.3 مليار مستخدم نشط لتأتي في المرتبة الثانية بعد فيسبوك في قائمة المنصات الاجتماعية الأكثر استخدامًا.
وأشار التقرير إلى أن عدد مستخدمي شبكة يوتيوب المملوكة لشركة جوجل العالمية شكل ما نسبته 29.5 % من إجمالي عدد سكان العالم.
وفي المرتبة الثالثة جاء تطبيق التراسل الاجتماعي الأكثر شهرة حول العالم ”الواتساب” حيث سجل قرابة 2 مليار مستخدم نشط حول العالم.
وأظهر التقرير أن تطبيق “تيك توك” الذي شهد نموًا كبيرًا خلال السنوات القليلة الماضية وخصوصًا بين شرائح الصغار والشباب قد جاء في المرتبة السابعة بتسجيله قرابة 689 مليون مستخدم نشط حول العالم. وأوضح أن أعلى 10 دول عالميًا من حيث نسبة مستخدمي الإنترنت من إجمالي السكان، هم (الدنمارك- الإمارات- كوريا الجنوبية- بريطانيا- السويد- سويسرا- هولندا- السعودية- كندا- ألمانيا).
وبشأن الإعلام الرقمي في مصر، فقد أوضحت النشرة الصادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، أنه شهد قفزة نوعية كبيرة خلال السنوات الأخيرة؛ إذ بدأ العديد من الكيانات الإعلامية في بلورة نماذج رقمية من أعمالها إلى جانب نماذجها التقليدية؛ بهدف توسيع نطاق الوصول إلى المستخدمين والمتابعين، فوفقًا لتقرير “Digital Report 2021“، فقد بلغ عدد مستخدمي الإنترنت في مصر مطلع عام 2021 حوالي 59.19 مليون فرد. و4.5 مليون مستخدم هو مقدار ارتفاع عدد مستخدمي الإنترنت في مصر بزيادة قدرها 8.1% بين عامي 2020-2021.
وأشار التقرير ذاته، إلى أن معدل انتشار الإنترنت في مصر في يوليو 2021 بلغ 59%، و7.36 ساعة هو متوسط عدد الساعات التي يقضيها المصريون على الإنترنت عمومًا، منها نحو 4.20 ساعات عبر الهاتف المحمول، فضلًا عن 68% نسبة استخدام الهواتف المحمولة في التصفح عبر الإنترنت في مصر “باستثناء استخدام التطبيقات” من إجمالي المتصفح.
ووفقًا أيضًا لتقرير “Digital Report 2021″، فإن مصر تحتل المركز الــ 9 عالميًا في وصول إعلانات فيسبوك إلى 47 مليون مستخدم، وتحتل مصر المركز 20 عالميًا في وصول إعلانات إنستاجرام إلى 18 مليون مستخدم، والمرتبة الـ 15 عالميًا في وصول إعلانات يوتيوب إلى 40.5 مليون مستخدم، والمركز الـ 18 عالميًا في وصول إعلانات تويتر إلى 40.5 مليون مستخدم.
وبشأن معدل استخدام الفيسبوك في مصر، فقد أشارت النشرة الصادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار أنه وفقًا لتقرير “Napoleon cat” فإن هناك 53.6 مليون مستخدم فيسبوك في مصر، موزعة 62.1% من الذكور، بالإضافة إلى 37.9% من الإناث.
تأثير متعدد الأبعاد
تحولت ظاهرة “التريند” على “السوشيال ميديا” إلى أداة صناعة الرأي العام، بين قطاعات المجتمع، وآلية فعالة لبلورة المواقف العامة والحشد من أجلها، والضغط على السلطات لاتخاذ قرار أو لمنع صدور آخر. أيضًا أصبحت أداة قياس سريعة لرأى الجمهور تعتمد عليها العديد من المؤسسات الإعلامية وعلى رأسها القنوات الفضائية وتعتبرها لسان حال المشاهد وتأخذ الآراء التي يكتبها الجمهور محمل الجد في تعديل برنامج أو إضافة فقرة أو إلغائه من الأصل. وتزايد قوة وتأثير “التريند” بالنسبة للقنوات الفضائية خلق منافسًا قويا لمراكز قياس نسب المشاهدين وآرائهم.
وتنامت قوة ” التريند” لتتعدى علاقة مشاهد بقناة أو مؤسسة اعلامية، ووصل إلى حد إقالة مسؤولين ووزراء نتيجة غضب الجمهور من تصريحاتهم في برنامج ما، أو حتى على حساباتهم الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي.
أما في الحياة الاجتماعية، فنرى قوة تأثير ما يُعرف “بالبلوجرز” و”الانستجرامرز” و” بابليك فيجرز” على ميول وتوجهات وأفكار الشباب، فأصبحت الفتيات يتابعن أحدث صيحات الموضة من خلال “البلوجرز” بدلًا من متابعة بيوت الأزياء العالمية مثلًا.
وأصبحت هناك حالة عامة من عدم الرضا بين أوساط الفتيات عن الحالة الاجتماعية التي يعشنها بسبب مشاهدتهن لمظاهر الترف المبالغ فيه ومتابعتهن للحياة الشخصية الخاصة “بالبلوجرز” والتي عادة ما تتسم بعدم المصداقية واللا موضوعية لأن الهدف في النهاية هو جني الأرباح من خلال عدد المشاهدات و”اللايكات” على محتوى الفيديوهات الخاصة بهم.
وهنا يتم امتهان مهن تدر أرباحًا مرتفعة على أصحابها دون تقديم خدمات واقعية للمجتمع. هذا علاوة على استعراض “البلوجرز” للكثير من الثقافات الغربية الدخيلة على المجتمع المصري، مما يُسهم في طمس الهوية المصرية تدريجيًا.
ويتعدى تأثير ظاهرة ” التريند” من كونه موجِه لميول وتوجهات المجتمع وخاصة الشباب، إلى انحراف بعض أصحاب “التريند” وتورطهم في قضايا أخلاقية كما حدث مع فتيات “التيك توك”، واستخدام بعض الجماعات المعادية “التريند” في بث ونشر الشائعات لهدم النسيج المجتمعي للدولة.
المصادر
- الاستفزاز.. فن صناعة التريند، الأهرام 2021.
- كله بالفلوس.. كيفية صناعة “تريند” في أقل من 24 ساعة، أهل مصر، 2020.
- «السوشيال ميديا».. هل تؤثر على صناعة القرار داخل الفضائيات؟، الأهرام، تقرير محمد مصطفى.
- تقرير مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، اليوم السابع، 2021.
- الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء، مستخدمي الانترنت، 2021.
- 9.3% نمو مستخدمي الهواتف الذكية عالميًا في 2020 إلى 3.5 مليار شخص، الرؤية، 2021.
- 3.95 مليار شخص. حدث تاريخي يشهده سوق الهواتف الذكية، صدى البلد، 2021.
- عدد الهواتف الذكية أصبح أكثر من سكان العالم!، الامارات نيوز،2021.