نشاط الرئيس السيسي في قمة السبع والمكاسب السياسية من المشاركة
حتى لا تكون رئاستها للاتحاد الإفريقي شرفية فقط، سعت مصر لإحلال السلام ومكافحة الإرهاب، ولم شمل الدول الأفريقية وتعزيز مكانتها عالميًا، الأمر الذي جعل قادة العالم حريصين على دعوة الرئيس السيسي للاستماع لوجهة نظر مصر في القضايا الدولية المطروحة على الساحة السياسية والاقتصادية والأمنية.
في المقابل حرصت مصر على المشاركة في الاجتماعات والقمم الدولية التي تسهم في دفع عجلة الاقتصاد المصري، من خلال العديد من الاتفاقيات المتنوعة الموقعة مع العديد من دول أوروبا وآسيا وأفريقيا.
وتنسق مصر مع مجموعة السبع بشأن قضايا دولية تخص المجتمع العالمي ككل، وعلى رأسها الصعيد السياسي والاقتصادي وسبل التعاون بين الدول الأفريقية والأوروبية، بالإضافة إلى مناقشة سبل التعاون في تحقيق التحول الرقمي في أفريقيا على أرض الواقع وسبل تعزيز ريادة المرأة للأعمال وتأهيلها على قيادة العديد من المناصب.
وعلى هامش فعاليات قمة مجموعة الدول السبع التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي مع المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل”، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيسي وزراء بريطانيا وإيطاليا.
لقاء السيسي وأنجيلا ميركل
على هامش فعاليات قمة مجموعة السبع، التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي مع المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل”. وأكد هذا اللقاء على أن التعاون بين القاهرة وبرلين بلغ ذروة تكاد تكون غير مسبوقة، من خلال “شراكة متعددة الوجوه” سياسيا واقتصاديا وعسكريا وأمنيا وسياحيا، شراكة ذات أبعاد ومحاور متنوعة، نواتها الصلبة توافق الرؤي والمصالح، بالإضافة إلى ما يجمع الدولتين من أوجه تشابه، ألمانيا القطب الأوروبي ذا المكانة الدولية المرموقة، ومصر القطب المحوري في الشرق الأوسط، والدولة الرائدة في إفريقيا، واللقاء بينهما يبرز أن البلدين يخطوان معا لتحقيق قفزة نوعية في علاقات التعاون المشترك.
وشهد اللقاء تبادل وجهات النظر والرؤى حول سبل تحقيق التسوية السلمية ومكافحة الإرهاب في ليبيا. ومناقشة سبل تعزيز أطر التعاون الثلاثي بين البلدين في أفريقيا، في ضوء الرئاسة المصرية الحالية للاتحاد الإفريقي، ومبادرة شراكة إفريقيا مع مجموعة العشرين، التي طرحتها ألمانيا عام 2017 وتستضيف اجتماعاتها السنوية ببرلين. حيث تسعى ألمانيا من خلال مبادرة الشراكة مع أفريقيا لاجتذاب الاستثمارات نحو أفريقيا كمرحلة أساسية للحد من الهجرة إلى أوروبا، وخلق دور ريادي لها، ومنافسة القوى الدولية. وعقدت القمة الثانية للشراكة مع إفريقيا، في 30 أكتوبر 2018، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي وقادة عشرة دول إفريقية أخرى.
لقاء السيسي ورئيس وزراء إيطاليا
مرت العلاقات المصرية الإيطالية ببعض التحديات التي استطاع الطرفين التغلب عليها وتجاوزها بالثقة المتبادلة بين الجانبين واستعادة زخم العلاقات. حيث استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمقر إقامته رئيس وزراء إيطاليا “جوزيبي كونتي”، وأشاد بالعلاقات المتميزة تاريخيًا بين البلدين في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية، والتنسيق والتعاون للتصدي للعديد من التحديات في منطقة المتوسط، كما أكد الأهمية التي توليها مصر لتطوير التعاون المشترك بين البلدين. وأكد رئيس الوزراء الإيطالي حرص بلاده على تعزيز العلاقات الثنائية على شتى الأصعدة، في ضوء التطورات الاقتصادية الإيجابية التي تشهدها مصر خلال الفترة الأخيرة، وكذلك مواصلة التشاور حول مستجدات الأوضاع الإقليمية، في ضوء جهود مصر في مكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
وتطرق اللقاء إلى العديد من الملفات في مقدمتها الأزمة الليبية، حيث أكد الزعيمان ضرورة تضافر الجهود لمساعدة مؤسسات الدولة الليبية على تجاوز المرحلة الحالية من أجل القضاء على الإرهاب وإعادة بناء الدولة.
وشدد السيسي على أن الطريق للخروج من الأزمة الليبية لا يحتاج سوى للإرادة السياسية وإخلاص النوايا. وأكد على ثوابت الموقف المصري القائم على:
- التوصل لتسوية سياسية في ليبيا تضمن الحفاظ على وحدة ليبيا وسلامتها الإقليمية
- منع التدخلات الخارجية في ليبيا.
- دعم دور مؤسسات الدولة الوطنية وعلى رأسها الجيش الوطني الذي يقوم بمحاربة الاٍرهاب والمليشيات المسلحة، بهدف تلبية طموحات الشعب الليبي الشقيق نحو عودة الاستقرار والأمن.
لقاء السيسي ورئيس وزراء بريطانيا
إن دور مصر المحوري والفاعل كمركز ثقل لاستقرار منطقة الشرق الأوسط، جعل منها محط اهتمام رئيس الوزراء البريطاني الجديد بوريس جونسون الذي هاتف الرئيس عبد الفتاح السيسي فور توليه رئاسة الوزراء ليؤكد له على عمق العلاقات وأهمية التعاون بين البلدين في المرحلة القادمة. واعتزامه الارتقاء بمجمل العلاقات الثنائية مع مصر، خاصة في المجال الاقتصادي والتنموي، والإنجازات التي حققتها مصر في مجال التنمية الاقتصادية. وعلى هامش اجتماعات قمة السبع، أكد الرئيسيين على التوافق المتبادل بينهما حيال العديد من القضايا، وأن الفترة القادمة ستشهد خطوات فعالة لتطوير العلاقات الثنائية بين مصر وبريطانيا وتفعيل أطر التعاون المشترك في مختلف المجالات خاصة الاقتصادية والسياسية والأمنية والسياحية.
لقاء السيسي والرئيس الأمريكي
تاريخ ممتد من العلاقات المتميزة بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية، تعكس إدراك الولايات المتحدة لدور مصر المحوري في تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، فضلاً عن كونها الباب الرئيسي للعلاقات وللسوق الأمريكي لإفريقيا، في ضوء تولي مصر رئاسة الاتحاد الإفريقي في دورته الحالية. وعلى هامش فعاليات قمة مجموعة الدول السبع، التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الولايات المتحدة الأمريكية “دونالد ترامب”، أعرب الرئيس الأمريكي عن تقديره لمصر ولشخص الرئيس، وما حققته مصر تحت قيادته من أمن واستقرار وتطورات تنموية بالرغم من المحيط الإقليمي غير المستقر وما يفرضه ذلك من تحديات ضخمة.
قمة الشراكة مع أفريقيا
خمس سنوات من الجهود لاستعادة الدور المصري في أفريقيا، تكللت بالنجاح ورسمت علامة فارقة في تاريخ العلاقات المصرية – الأفريقية، باعتبارها أحد دوائر الأمن القومي المصري خاصة في ظل العلاقات التاريخية والمصالح الحيوية بين مصر ومحيطها الأفريقي، وانطلاقا من كون مصر بوابة أفريقيا، اختيرت للمشاركة في قمة السبع، وتصدر جدول أعمال القمة تجديد الشراكة مع القارة الأفريقية على نحو يتسم بقدر أكبر من الإنصاف.
واستقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمقر إقامته كلا من رئيس رواندا “بول كاجامي”، ورئيس السنغال “ماكي سال”، ورئيس جنوب أفريقيا “سيريل رامافوزا”، ورئيس بوركينا فاسو “روك كابوري”، بالإضافة إلى رئيس المفوضية الأفريقية “موسى فقيه”. وأكد “السيسي”، على جوهر العلاقة بين القارة وشركائها الدوليين، كونها شراكة قائمة على الندية والمساواة وتحقيق المصالح المشتركة للجانبين، وأهمية إبراز الأولويات التنموية للدول الأفريقية أمام الشركاء، ومن بينها القضاء على الفقر، والتصدي لتغير المناخ، ومكافحة الأمراض المتوطنة، وتشغيل الشباب، وتمكين المرأة وغير ذلك من القضايا، والتركيز على الأهداف المتضمنة في أجندة التنمية الأفريقية 2063. وأعرب رؤساء كل من رواندا، والسنغال، وجنوب أفريقيا، وبوركينا فاسو، عن تقديرهم لمبادرة الرئيس بعقد هذا اللقاء لتنسيق المواقف الأفريقية خلال قمة “بياريتز”، مشيدين بالرئاسة المصرية الفعالة للاتحاد الأفريقي خلال العام الجاري، وأهمية تعزيز خطوات التكامل والاندماج القاري.
وألقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، كلمة أمام قمة شراكة مجموعة السبع وأفريقيا، تناولت عرض الرؤية الإفريقية لسبل تحقيق السلام والتنمية المستدامة في إطار المصالح المشتركة، وترسيخ أسس الشراكة العادلة بين إفريقيا ودول مجموعة “G7”. وتأكيد الرئيس خلال كلمته بأننا لسنا في حاجة لاستعراض التحديات التي تواجه قارتنا الإفريقية تفصيلاً، وإنما نحتاج للعمل سويًا لإيجاد حلول لها، يعكس مدى مسؤولية مصر بحل أزمات القارة السمراء على أرض الواقع بخطط استراتيجية مُحكمة تستهدف الإصلاح الشامل والتنمية لصالح شعوب القارة.
وأعطى الرئيس روشتة إصلاح عاجلة لأزمات القارة، وذلك حين أكد أن النهوض بإفريقيا ينبغي بإرادة جماعية تستهدف تسوية أزمات القارة، فضلاً عن مكافحة الإرهاب بكافة أشكاله لتأثيراته المُدمرة على جميع الأصعدة، لا سيما على جهود التنمية، وكل ذلك من شأنه أن يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار وينأي بالشباب عن التطرف والهجرة غير الشرعية ليتسنى التركيز على وضع آليات فعالة للقضاء على الفقر وخفض البطالة.
المكاسب المتوقعة من مشاركة مصر في قمة السبع
تأتي المشاركة المصرية في قمة مجموعة السبع انعكاسا للدور المصري على الساحة الدولية والإقليمية ومدى تأثيرها السياسي والاقتصادي والعسكري في هذه المرحلة بمنطقة الشرق الأوسط. واشتملت المكاسب السياسية على:
- اكتسبت المشاركة المصرية أهمية سياسية كبيرة في ضوء أنها تأتي في ظل تولي مصر لرئاسة الاتحاد الأفريقي، والتي تتزامن أيضا مع رئاسة فرنسا لمجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى. وهو ما يستدعي تعزيز التشاور وتبادل وجهات النظر والتنسيق بين البلدين حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية، وفِي مقدمتها القضايا التنموية الأفريقية، ودعم الدول الأفريقية في تنفيذ أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030، وخطة التنمية الأفريقية 2063، وذلك في ظل مكانة ودور كل طرف في محيطه الإقليمي والدولي، حيث تعد مصر ركيزة الاستقرار في المنطقة، بينما تعد فرنسا بمثابة قاطرة الاتحاد الأوروبي.
- تعد قمة مجموعة الدول الصناعية بمثابة مجلس إدارة العالم وواحدة من أكثر القمم الكبرى العالمية التي تحظى بمتابعة واسعة لما لها من دور فعال في مناقشة القضايا الاقتصادية. ومشاركة مصر في هذه القمة تمكنها من عقد لقاءات مع رؤساء الدول الكبرى الصناعية من بينها أمريكا وألمانيا وتفتح آفاق اقتصادية جديدة لمصر وخاصة في مجال الطاقة والزراعة والصناعة. وتعد فرصة كبيرة في المرحلة الثانية من الإصلاح الاقتصادي للترويج للاستثمارات الأجنبية في مصر.
- ستساعد مصر على التعرف على عدد من الملفات المهمة من بينها العملة الإلكترونية “ليبرا” التي تنوي شركة “فيسبوك” إصدارها، وملف التجارة الإلكترونية الذي يعد أحد الملفات المهمة لمصر خلال الفترة المقبلة.
- طرح رؤية مصر وجهودها في العديد من الملفات حيث يناقش القادة العرب والأوروبيون في القمة عدة قضايا من بينها مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية وتعزيز التنمية المستدامة.