
إيديكس2021: الدبلوماسية الدفاعية المصرية في ثوبها الجديد
انتهت فعاليات معرض مصر الدولي للدفاع والأمن “إيديكس-2021″، بعد مشاركة هي الأوسع في المنطقة، وذلك بحضور مكثف من الزائرين (30 ألف زائر)، ورواد الصناعات الدفاعية والتقنية (أكثر من 400 شركة)، ومشاركة دولية واسعة من وفود عسكرية (56 وفد رسمي)، وشركات غطت (42 دولة)؛ ما جعل معرض “إيديكس” عنوان معارض أحدث المنظومات التسليحية في منطقة الشرق الأوسط، حيث قدّم المعرض أحدث ما توصل إليه العقل البشري في مجال الصناعات الدفاعية والتكنولوجية داخل دوائر محددة كالصواريخ الذكية المضادة للسفن والطائرات وصواريخ أرض – أرض، والصواريخ الجوالة والمسيرات القتالية والطائرات الانتحارية وأنظمة القيادة والسيطرة والمجنزرات والمدرعات المرتبطة بالعمليات الخاصة والمهام التكتيكية.
ولعل أبرز ما سلطت عليه الضوء فعاليات معرض “إيديكس 2021″، كان الثوب الجديد لـ “الدبلوماسية الدفاعية” المصرية، أو الدبلوماسية العسكرية، التي كانت بمثابة المحرك الأساسي للمعرض، ومركز الجذب الذي دارت حوله حركة الوفود العسكرية المشاركة.
وقبل الخوض في أبرز حاز على اهتمام الجانب المصري في هذا المعرض وتقييمه، ينبغي أولاً الوقوف على مفهوم “الدبلوماسية الدفاعية المصرية”، كأداة من أدوات القوة الناعمة للقاهرة.
الدبلوماسية الدفاعية.. المفهوم والفلسفة:
تعني الدبلوماسية الدفاعية التطبيق السلمي للموارد والإمكانات التقنية من مختلف أفرع الدفاع لتحقيق نتائج إيجابية تثمر في تطوير العلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف لبلد ما. أو السعي لتحقيق أهداف السياسة الخارجية المرتبطة بالاستراتيجية العظمي (Grand Strategy) لتحقيق أهداف السياسة الخارجية من خلال التوظيف السلمي للموارد والقدرات الدفاعية.
وتعود أصول هذا المصطلح كمفهوم منظم للنشاط الدولي المتعلق بالدفاع، بعد الحرب الباردة، وانطلق على أغلب التحليلات من وزارة دفاع المملكة المتحدة التي سعت للوصول لمقاربة جديدة تتيح لها تقييم السياسات الدفاعية الغربية، وذلك بهدف التأقلم مع البيئة الأمنية الجديدة بعد انقضاء آخر فصول الحرب البادرة.
وينبغي الإشارة هنا إلى أن الدبلوماسية الدفاعية لا تعني تدشين معارض السلاح الدولي فقط، بل تشمل عمل الملحقين العسكريين والمفاوضين على طاولة عقد الصفقات التسليحية، وتشتمل أيضاً على البعثات التعليمية العسكرية وإجراء المناورات والتدريبات العسكرية المشتركة مع الدول الصديقة والحليفة.
وبالنظر إلى إيديكس بنسختيه (2018-2021)، نجد أنهما أظهرا جانب من الفلسفة المصرية في إدارة السياسة الخارجية لمرحلة ما بعد (1981-2013). إذ تهدف هذه الفلسفة إلى بناء مجال من الثقة مع الشركاء الدوليين (دول + منظمات + شركات عملاقة + جيوش نظامية)، وتقليص فرص الأنشطة العدائية للمساعدة في تخليق مناخ مناسب لمخططات التنمية الشاملة والمستدامة والاستمرار في تطوير القوات المسلحة المصرية، وتباعاً بناء بيئة إقليمية تقوم على توازن جيد للقوي الفاعلة فيها، بما يمنع أو يقلص من فرص تهديد المصالح المصرية في الدائرة الممتدة من باكستان حتى المغرب، وتباعاً العبث في منظومة الأمن العربي التي تصيغها مصر منذ سبع سنوات “بالتكامل الاقتصادي” ومشاريع الربط “الطاقوي” كمستوي أولي.
وتحتاج مصر للوصول إلى الأهداف التي تتماشي مع فلسفتها إلى الانفتاح على مختلف الأطراف، وتكوين الشراكات العسكرية التي تضيف لسلة “الاكتفاء الذاتي” المصري من التقنية الدفاعية، علاوة على كسب ثقة الدول والشركات كونها مركز استقرار الإقليم وعنوانه الصاعد مستقبلاً، وهو ما يوفره “إيديكس”.
أبرز نتاج الدبلوماسية الدفاعية المصرية خلال “إيديكس -2021”:
- لقاءات مكثفة:
عقد وزير الدفاع الفريق أول محمد زكي القائد العام للقوات المسلحة عدد من اللقاءات الثنائية مع وزير الدولة لشؤون الدفاع في دولة الإمارات، ونائب وزير الدفاع اليوناني، ورئيس أركان الجيش الجزائري، ورئيس أركان القوات المسلحة القطرية، ووزير مشتريات الدفاع البريطاني، وممثلي شركة تاليس الفرنسية، والرئيس التنفيذي لشركة لوكهيد مارتن. والتقي وزير الدفاع بالمدير العام لرئاسة هيئة الأركان المشتركة الباكستانية.
كما الفريق أسامة عسكر رئيس أركان حرب القوات المسلحة بـ القائد العام لقوات الدفاع المجرية، والفريق / شاهين مظهر قائد الفيلق الأول الباكستانى، واللواء بحري لوران ماربوف ضابط عام العلاقات العسكرية الدولية برئاسة أركان القوات المسلحة الفرنسية، والفريق الركن عبد الخير عبد الله ناصر درجام قائد قوات الدفاع الجوى السودانى حيث تناولت اللقاءات تبادل الرؤى حول عدد من القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك.
فيما جرت لقاءات ثنائية مكثفة لقادة أفرع القوات المسلحة وكبار القادة مع نظرائهم من قادة جيوش الدول المشاركة، وممثلي الشركات.
حيث التقي الفريق أحمد خالد قائد القوات البحرية مع نائب الرئيس التنفيذى بشركة لوناردو، والفريق عبد الله سالم قائد القوات البحرية اليمنية، ومدير شركة داسو مصر، والعقيد الركن بحرى هيثم الضناوى قائد القوات البحرية اللبنابنة، والعميد ركن محمد خلف العيد رئيس أركان القوات البحرية الكويتية، والسيد /توماس جونت الرئيس التنفيذى لشركة AWE .
وفى سياق متصل أعلن قائد القوات البحرية عن تدشين المعرض البحرى الأول “Naval Power” للقوات البحرية سبتمبر 2022 برعاية وزارة الدفاع المصرية، وذلك بالتعاون مع شركة Arabian World Events المنظمة حالياً للمعرض الدولى للصناعات العسكرية والدفاعية فى مصر بدورته الحالية.
كما التقي الفريق محمد عباس حلمى قائد القوات الجوية باللواء طيار راشد محمد الشامسى نائب قائد القوات الجوية الإماراتية، والمدير الإقليمى لشركة إمبراير البرازيلية، والمدير الإقليمى لشركة North Rop Gramman .
فيما التقي الفريق محمد حجازى قائد قوات الدفاع الجوى بالعميد أوليفيه لكونت مسئول تنمية العلاقات للشرق الأوسط وإفريقيا بهيئة التسليح الفرنسية، ونائب رئيس شركة هينسولت الألمانية .
- صفقات تسليحية:
أعلن السفير البريطاني في القاهرة عن إبرام قوات الدفاع الجوي المصري صفقة وصفها بالكبيرة مع شركة (BAE Systems) بشأن شراء مجموعة متنوعة من أجهزة الرادار. مع الأخذ في الاعتبار أن الجيش المصري يشغل نظام (BAE Commander-SL 3D radar systems) ضمن ترسانة الدفاع الجوي.
فيما تشير العديد من التقارير عن اتجاه مصر لتصنيع نظام برج مدفع عيار 30-40 ملم يتم التحكم فيه عن بعد، على أن يتم التصنيع محليًا بالتعاون مع Escribano Engineering Group الإسبانية.
كما دخلت وزارة الإنتاج الحربى في مفاوضات مع كوريا الجنوبية لدراسة إمكانية التعاون فى التصنيع المشترك لدبابة القتال الرئيسية، وضرورة إنهاء أعمال الممارسة لتوقيع عقد التصنيع المشترك للهاوتزر K9، وذلك خلال فعاليات المعرض.
وتشير لقاءات قادة سلاحي الجو والبحرية في الجيش المصري مع مديري وممثلي شركات (Thales, MBDA and Leonardo)، إلى إمكانية توقيع صفقات تسليحية تخص الحزم التسليحية للفرقاطات والمقاتلات، وخاصة صواريخ ميكا للقتال الجوي، وصواريخ “أوتومات” المضادة للسفن.