
أبرز ملامح تصعيد موسكو والغرب وسيناريوهات الاجتياح الروسي لأراضٍ أوكرانية
يقول الرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، “قبل 50 عامًا، علمتني الحياة في شوارع لينينجراد شيء واحد، إذا كان القتال أمرًا حتميًا، فعليك أن تضرب أولًا“. كانت تلك هي إجابته على سؤال طرح عليه، خلال مشاركته في اجتماع نادي فالداي الدولي، 2015، حول كيف سيكون رد فعل روسيا إذا تعرض طيارو القوات الجوية الروسية لهجوم مضاد للطائرات التي محتمل أن تُنقل إلى داعش من العراق.
في 2021، تبدو تلك العبارة قديمة بالفعل، لكنه من الضروري إعادتها للأذهان في غضون الحديث عن أي سيناريوهات لاجتياح روسي محتمل للأراضي الأوكرانية. وذلك لطرح تساؤلات عن مدى مُطابقة هذه العبارة، مع قرارات القيادة الروسية في مواقف مُشابهة سابقة من جهة، وعن مدى جدية الارتباط ما بين سمات شخصية القائد والمعطيات التي يملكها إبان اتخاذه قرار اجتياح عسكري من جهة أخرى. خاصة في ظل مُشهد سياسي مُتأجج، يشهده العالم في نهايات العام 2021، بين العالم الروسي بقيادة روسيا من جهة، والعالم الغربي بقيادة الولايات المتحدة من الجهة الأخرى.
فبدءًا من مطلع نوفمبر 2021، عرف العالم الأوروآسيوي شتاءً باردًا في الأراضي الروسية كالعادة، لكنه ربما يكون على وشك أن يصبح ساخنًا في بقاع أخرى قريبة من روسيا. وبدأت تقارير إعلامية تخرج إلى النور لتتحدث عن قيام روسيا بحشد عشرات الآلاف من قواتها على الحدود الأوكرانية، في حشد يُحاكي –من حيث الضخامة- ما حدث في أيام الحرب الباردة، وذلك وسط سيناريوهات متداولة حول اجتياح روسي مُرتقب لأراضٍ أوكرانية.
وقبل الوقوف لاستطلاع ماهية هذه السيناريوهات، ينبغي المرور أولًا: عبر قصة هوية القِرم الحقيقية لكونها نقطة الانطلاق الرئيسة المُسببة للنزاع الراهن بين إجمالي كل هذه الأطراف، وهل هي أوكرانية أم روسية؟! وثانيًا: استطلاع وجيز لأبرز التجاذبات بين روسيا والغرب في الآونة الأخيرة. وثالثًا: نظرة تحليلية على موقف كييف خلال الأزمة.
“القِرم”.. إلى مَن تنتمي حُجة النزاع الرئيسة؟!
إنهم يتنازعون حول “القِرم”، هؤلاء يقولون إنها أراضٍ روسية، ومن الناحية الأخرى، الآخرون يصرون على أنها أراضٍ أوكرانية، إلى من إذًا تنتمي شبه جزيرة القِرم في الحقيقة؟!
للإجابة على هذا السؤال، يجب النظر عبر مسارين؛ أولهما تاريخي، وثانيهما يعود للطبيعة الديموغرافية لـ “القِرم” نفسها. وفي المسار الأول: ووفقًا للحقائق التاريخية، كانت شبه جزيرة القِرم جزءًا لا يتجزأ من الأراضي الروسية بعد انتصار الروس على التُرك فيما يُسمى بحرب القرم 1774-1768، والتي تلاها أن أعلنت الإمبراطورة الروسية “يكاترينا الثانية” عن ضم القِرم نهائيًا إلى روسيا بالتزامن مع حلول نهايات القرن الثامن عشر.
ولقد توالت على شبه الجزيرة أحداث تاريخية كثيرة، نورد منها هُنا، أبرز المحطات المحورية الفاصلة في تاريخ تبعية الجزيرة. نبدأ من عند لحظة قرار غريب أعلنه القيادي السوفييتي الرائد في الحزب الشيوعي في 1954، “نيكيتا خروشوف”، موضحًا رغبته في التنازل عن تبعية “القِرم” لروسيا وضمها للأراضي الأوكرانية كهدية بمناسبة حلول الذكرى الثلاثمائة لانضمام أوكرانيا طواعية للإمبراطورية الروسية.
ومن البديهي بالطبع، أن قرارًا بهذه الأهمية لم يُتخذ من قِبل “خروشوف” وحده. لكن ما يهمنا الآن، هو حقيقة أن من يستولي على أرض ليس كمَن يتخلى عنها، لذلك ينبغي المرور الوجيز عند المبررات المعلنة وغير المعلنة لهذا القرار التاريخي. فقد قدمت موسكو شبه جزيرة القِرم طواعية -في ذلك الوقت- إلى كييف كهدية بمناسبة حلول الذكرى الثلاثمائة لانضمام أوكرانيا –طواعية- إلى الإمبراطورية الروسية. وبررت السلطة السوفيتية قرارها، آنذاك، بأنه شيء اقتضته ضرورات الوحدة الاقتصادية، والقرب الجغرافي، والعلاقات المعيشية والثقافية الوثيقة بين الإقليم وجمهورية أوكرانيا السوفيتية الاشتراكية.
غير أنه لم يكن يخفى على أحد أن أي منعطف محوري تاريخي شهدته القِرم عبر تاريخها، لم يكن يومًا بمنأى عن تأمين مستقبل ميناء “سيفاستوبول”، وهو القاعدة البحرية الروسية على البحر الأسود الموجودة هناك. ففي عام 1922، أقنعت اللجنة اليهودية الأمريكية، “فلاديمير لينين”، بالموافقة على صفقة يتم بموجبها شراء صكوك مالية تقدر بعشرين مليون دولار تُسدد بمقدار مليون ونصف مليون دولار سنويًا مع تأجيل السداد حتى عام 1945، على عشر سنوات بضمان 375 ألف هكتار من أجود أراضي القرم مقابل إنشاء الجمهورية اليهودية السوفيتية الاشتراكية هناك.
وقبل “لينين” هذه الشروط، ثم التزم بها خلفه “ستالين” بناء على اتفاق وقعه مع الوكالة اليهودية في عام 1929 بإنشاء ما يسمى بكاليفورنيا القرم. لكن بمجرد أن سرى إلى علم السوفييت أن الرئيس الأمريكي آنذاك، “هاري ترومان”، يعتزم إخلاء “القرم” من أسطول البحر الأسود، سارع “خروشوف” بالمبادرة برغبة إهدائها إلى أوكرانيا 1954خشية مصادرتها وفاءً للديون الأمريكية، وخسارة السوفييت للقاعدة البحرية المُطلة على البحر الأسود هناك إلى الأبد.
ومرت بعد ذلك قصة تاريخ قاعدة “سيفاستوبول” بمناوشات عدة، نخص منها بالذكر هنا ما حدث مِن قِبَل “ليونيد كرافتشوك”، أول رئيس تولى حكم أوكرانيا في عام 1991، والذي كان يتبع سياسات مناوئة للنفوذ الروسي، موالية للغرب الذي لم يتوقف عن تكرار محاولاته الرامية إلى نزع القاعدة البحرية الثمينة من يد روسيا.
لكن على مدار كل ذلك الوقت، أي قبل أحداث عام 2014، نجحت موسكو في الاحتفاظ بالقاعدة في قبضتها. ومن ثم شهد العام 2014، أحداث ثورة البرتقال في أوكرانيا وما ترتب عليها من التخلص من الرئيس الأوكراني، “فيكتور يانوكوفيتش”، الموالي لروسيا. وتوالت بعد ذلك الأحداث، بدءًا من استيلاء القوات الروسية على الجزيرة برمتها، وإجراء استفتاء شعبي أقر بموافقة 95% من أصوات مواطني الجزيرة على الانفصال عن أوكرانيا، من ثم التقدم بطلب رسمي للانضمام إلى روسيا الاتحادية في مارس 2014.
وفي المسار الثاني؛ أي في تفقد حقيقة الانتماءات الشعبية لسكان “القِرم”، التي يزعم الغرب أن أي تحركات لشعبية منسوبة لهم بخصوص طلبات الانضمام بروسيا غير مُعترف بمصداقيتها. نجد أنه على الرغم من أن الجزيرة يعيش فيها سُكان من عرقيات مختلفة، لكن يظل السكان من أصحاب العرقية الروسية هُم الأغلبية الكاسحة، وذلك وفقًا للإحصاء السكاني الذي تم عمله بتاريخ 2001، والذي يُوضح أن نحو 58% من السكان من أصول روسية و24% من أصل أوكراني و12% من التتار الذين يؤيدون الحكومة الجديدة المؤيدة للغرب في كييف.
وبتاريخ 23 فبراير، أي بعد الدخول الروسي الفعلي لأراضي القِرم، تدفق آلاف الأشخاص إلى ميدان “لينين سيمفيروبول”، عاصمة جمهورية القِرم، التي كانت –رسميًا- تتمتع بالحكم الذاتي في ذلك الوقت بغرض دعم انضمام جمهورية القِرم الأوكرانية إلى الاتحاد الروسي، وهو الإجراء الذي كان بانتظار الاستفتاء الشعبي الذي انعقد بعد ذلك، في 16 مارس من العام نفسه لتفعيله بدءًا من يوم 18 من ذات الشهر. ويذكر كذلك أن يوم 17 مارس 2014، شهد توافد حشود تقدر بنحو 20 ألف من مواطني القرم إلى نفس الميدان، للاحتفال بنتائج الاستفتاء التي انتصرت لرغبتهم في الانضمام إلى روسيا.
وفي ضوء ما تقدم، نستطيع أن نفهم أنه ربما لم تكن موسكو بحاجة إلى تزوير الاستفتاء على ضم القِرم إليها كما يزعم الغرب. وربما يتعين على الغرب بالفعل البدء في التصديق في الإرادة الشعبية لسكان القِرم اللذين لطالما طمحوا وسعوا إلى الانضمام إلى روسيا.
روسيا والغرب.. استفزازات مُتبادلة
ليس ثمة خلاف على حقيقة مشاركة موسكو –بشكل رسمي أو غير رسمي- في الأعمال العدائية “بدونباس”. لكن الخلافات مع الغرب ليس موضوعها “دونباس” بشكل رئيس، ولا حتى القاعدة البحرية الروسية في “سيفاستوبول” فحسب، بل يظل موضوعها الدائم هو وجود تحركات عسكرية لحلف الناتو في مناطق النفوذ الروسي، وهو الأمر الذي ليس ثمة مسؤول واحد على الأقل في موسكو قد ينكره.
وإذا كان من الأجدر الاعتراف بأن المناوشات من هذا النوع بين موسكو من جهة، والغرب من جهة أخرى، لطالما كانت تشتد وتهدأ ثم ترجع لتشتد مرة أخرى عبر فترات مختلفة من التاريخ، فإنه من الضروري أيضًا القول إن العام 2021 ربما يشهد توترات تُعد جديدة من نوعها في هذا السياق.
ففي أبريل 2021، رفعت القوات الأمريكية في أوروبا حالة التأهب، مبررة خطوتها بأنها بسبب تصعيد العدوان الروسي في إقليم “دونباس”. من جهة أخرى، خرج المتحدث الرسمي للكرملين، “ديميتري بيسكوف”، ليحذر الغرب من أن روسيا ستتخذ إجراءات إضافية إذا أقدم الناتو على خطوة إرسال قوات لمساعدة أوكرانيا في نزاعها بدونباس. تلي ذلك، في الشهر نفسه، أن خرجت تقارير وصور من الأقمار الصناعية تُظهر أن روسيا تحشد عددًا كبيرًا من قواتها على الحدود مع أوكرانيا، وأن الحشود بلغت من الضخامة إلى حد أنها كانت تُقدر بنحو مائة ألف. ثم بدأت التحذيرات الأوروبية تتوالى ضد موسكو، وأعلنت واشنطن أن سفينتين حربيتين في طريقهما للبحر الأسود، من ثم تدخلت المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل”، وتواصلت مع “بوتين” أملًا في التهدئة.
وكل ما سبق ذكره، لم يكن أكثر من مجرد صفحات قليلات من أحد فصول النزاع الروسي الغربي؛ إذ أنه سُرعان ما عاودت الأمور الاشتغال مرة أخرى، بعد انعقاد مناورات نسيم البحر، بتاريخ 28 يونيو 2021، بمشاركة مع البحرية الأوكرانية و32 دولة أخرى، بالشكل الذي يجعلها المناورات الأكبر من نوعها في المنطقة منذ عام 1997، والتي توالت بعدها التحذيرات الغاضبة بدءًا “بوتين”، نفسه تارة، ومن وزير خارجية روسيا، “سيرجي لافروف”، تارة أخرى، وصولًا إلى وزير الدفاع وكل المسؤولين الروس تقريبًا.
كان الجميع لا يتوقف عن الحديث عن استخفاف غربي بروسيا والخطوط الحمراء لأمنها القومي. وما زاد من الطين بلة، أن حدة الخطاب بين روسيا والغرب تصاعدت، بفعل تجاهل الغرب للتحذيرات الروسية. لذلك، عاودت الحشود العسكرية الروسية الضخمة في الظهور مرة أخرى على الحدود الأوكرانية في التصعيد، الذي يعد، هو الثاني من نوعه في العام الجاري.
ومرة أخرى، دارت العجلة، وتواردت تقارير غربية تتناول تحذيرات من مسؤولي حلف الناتو والغرب ضد روسيا. علاوة على ذلك، أعلنت البحرية الأوكرانية، بتاريخ 23 نوفمبر، تسلمها زورقين دورية من خفر السواحل الأمريكي؛ بهدف تعزيز قدراتها، كجزء من اتفاقية حزمة المساعدات الأمريكية لأوكرانيا والتي تبلغ قيمتها أكثر من 2.5 مليار دولار.
ذلك فضلًا عن توقيع عقد بين شركة “إينيرجو آتوم” الأوكرانية وشركة “ويستنجهاوس” الأمريكية، لبناء وحدتين للطاقة النووية. وهي الخطوة التي قال عنها وزير الطاقة الأوكراني، “هيومان هالوشينكو”، إنها خطوة سريعة تهدف إلى تطوير استخدامات الطاقة النووية في أوكرانيا بالتعاون مع الولايات المتحدة. لكن في الوقت نفسه، يذكر أن الإعلان عن العقد، تضمن بناء مفاعلين من نوع “إيه بي 1000″، في محطة “خميلنيتسكي” للطاقة النووية غرب أوكرانيا، لكنه لم يشتمل على ذكر مبلغ العقد والمواعيد النهائية لبناء هذين المفاعلين!
وقد شهد أواخر نوفمبر 2021، توارد تقارير إعلامية، تحدثت عن نية الولايات المتحدة إرسال مستشارين عسكريين وأسلحة إلى أوكرانيا. لكن ردًا على سؤال مباشر حول مصداقية هذه التقارير، قالت “جين بساكي” متحدثة البيت الأبيض إن إدارة الرئيس جو بايدن تنظر في إرسال أسلحة ومعدات عسكرية إلى الحدود الأوكرانية، وقالت “ليس عندي ما أعلنه لكم في هذا الصدد”.
تصعيد روسي غربي بسبب كييف.. أين تقف أوكرانيا في الحقيقة من كل ذلك؟!
تُعرف ثورة البرتقال في 2014 بكونها نقطة محورية مهمة ليس في تاريخ شبه جزيرة القِرم فحسب، بل في تاريخ أوكرانيا كلها. ومما لا غُبار عليه أن هذه الثورة تُعد واحدة من الثورات التي يُطلق عليها لفظة “مُلونة”، مما يشير إنها تهدف في المقام الأول، لا لتخليص الشعب الأوكراني من الظلم، بل إلى قلب نظام موالي لروسيا واستبداله بآخر مُعادٍ لها وموالٍ للغرب.
غير أن هذا لا يمحو أيضًا حقيقة أن أوكرانيا، كدولة وكشعب، قد عاشت ظروفًا سياسية واقتصادية صعبة، وأن شعبها عانى من فساد وانحلال مسؤوليه خلال فترات سياسية مُتلاحقة. بمعنى آخر، ثورة البرتقال لا تختلف عن أي ثورة شعبية أخرى، تدخلت فيها قوى مُعادية واستخدمت آمال الشعب المحطمة وطموحاته في مستوى حياة أفضل كغطاء لأجل تحقيق مصالح نهائية بها.
إذًا، نجد الآن –في ضوء ما ذكرناه آنفًا عن هوية القِرم- أن موقف الرئيس الأوكراني، “فولوديمير زيلينسكي”، الذي يسعى دائمًا إلى تدويل قضية استعادة شبه جزيرة القِرم، وغيرها من جهود كثيرة مبذولة -يضيق عن ذكرها الحديث هُنا-من جانبه هو وفريقه وحكومته، للاستقواء على روسيا بالغرب، شيء يعجز العقل السياسي عن شرح وإدراك أسبابه. بمعنى يستوجب معه طرح أسئلة، حول مدى جدوى كل هذه الجهود؟ وإلى أي حد تصبح جهود “زيلينكسي” في مصلحة شعبه؟!
وتتصل هذه التطورات بطبيعة شخصية الرئيس الأوكراني “زيلينسكي” الذي كان في الأساس نجم تليفزيون تصادف أن لعب –في آخر عمل درامي له قبل تولي الرئاسة- دور رئيس جمهورية. ذلك فضلًا عن أنه لم يُعرف عنه أي انشغال أو عمل قد يتصل بالسياسة على الإطلاق. ومن هنا يُمكن فهم أن “زيلينسكي” عبارة عن رئيس لا يتقن الحديث باللغة الرئيسة لعالم السياسة والسياسيين “لغة المصالح”.
والأدلة على ذلك كثيرة، ما يسترعي منها الذكر هنا، حقيقة إصراره على مناصبة موسكو العداء في مقابل السعي الحثيث لشد أطراف الثوب الغربي أملًا في الحصول على دور تبعية بسيط، قد يؤدي في المستقبل إلى انضمامه لحلف الناتو. وما أدى إليه موقفه من مصير جنوني كان هو بنفسه من قاد البلاد برمتها إليه! الأمر لا يتعلق فقط بخسارة أراضٍ لها قيمة استراتيجية مثل شبه جزيرة القِرم، لكنه يمتد ليشمل سؤالًا حول تكلفة الحرب في دونباس على أوكرانيا. ومن المؤكد أن موقف الشعب الأوكراني كان سيختلف كثيرًا لو قرر زيلينسكي اتخاذ مسار مغاير للعلاقات مع كل من موسكو والغرب يؤدي إلى تجنب الحرب في “دونباس”.
لقد أدت الحرب التي استمرت لمدة ست سنوات في جنوب شرق أوكرانيا إلى تقسيم منطقة “دونباس”، وقوضت هيكلها، وتركت الحرب عواقب وخيمة على السكان بعد أن دمرت الاقتصاد الأوكراني الذي لم يكن في أفضل حالاته لحظة تولي “زيلينسكي” الحُكم. فقد تسببت الحرب في خسائر مالية ضخمة لكييف، يُذكر أنها بلغت في خلال أول عامين من اندلاع الأعمال العدائية، نحو 14 مليار غريفين أوكراني تم إنفاقها على المهاجرين الوافدين من هناك فقط! بينما انخفض إجمالي الناتج المحلي الأوكراني عن نفس الفترة في مقابل ارتفاع النفقات العسكرية. ففي عام 2014، انخفض معدل نمو الاقتصاد الأوكراني بنسبة 6,8%، وفي عام 2015، واصل انخفاضه حتى بلغ نسبة 9,9%.
لذلك، يجد الشعب الأوكراني نفسه اليوم أنه انتخب رئيسًا أملًا في الحصول على مستويات معيشة أفضل، لكنه لم يتلق أي شيء في المقابل، سوى أن سارت أموره من سيئ إلى أسوأ، وأصبحت كل آماله –عوضًا عن ذلك- في طريقها للاضمحلال. وهو ما يقود “زيلينسكي” –مثل أي رئيس آخر انخفضت شعبيته- إلى حتمية الحديث عن العدو الروسي وتضخيم احتمالات الغزو الروسي المحتمل، أملًا في صرف أنظار شعبه عن كل إخفاقاته التي تبدأ من تدهور الأحوال الاقتصادية وتنتهي لتبلغ فشل حكومته في التعامل مع تفشي فيروس كورونا، وعجزها التام عن إدارة الأزمة منذ بداياتها.
ولا يتعدى إجمالي نجاحات الرئيس الأوكراني منذ توليه السلطة في 2019 كونه نجح في الحصول على مساعدات مالية، أو عسكرية، أو عينية، من واحدة من تلك الدول الكبرى التي لا يتوقف عن السعي لاسترضائها، والتي بالمناسبة، لا يُرسل له –أغلبها- سوى نوع المساعدات التي تكون قياداتها على يقين من أنها لن تسبب إزعاجًا ضخمًا لموسكو.
لذا، يعرف “زيلينسكي” أنه في ورطة كبيرة، وأن شعبية حزبه “خادم الشعب” آخذة في الانخفاض، وفقًا لآخر استطلاعات رأي. لكنه لا يجد لنفسه أي مخرج آخر سوى تأجيج المشاعر نحو روسيا والحديث عن خطر محدق يحتاج توحيد الجبهة الداخلية لمساندة الدولة في مجابهته. ونستخلص من كل ذلك، أنه لو كان هناك بالفعل احتمال ولو ضئيل باجتياح روسي منتظر لأراضٍ أوكرانية، فربما يكون “زيلينسكي” نفسه هو أول من يتوق لهذا الاجتياح.
سيناريوهات الاجتياح الروسي لأراضٍ أوكرانية ومستقبل الأزمة المتصاعدة
من المحتمل أن يتطور التصعيد الروسي الغربي ليشهد أحد عدة سيناريوهات، نشرحها كالتالي:
1 – سيناريو الاجتياح الروسي
تتحدث وسائل الإعلام الأوكرانية والغربية الآن عن وجود حشود عسكرية روسية تتجاوز المائة ألف على حدودها. وكانت وسائل إعلام غربية قد نشرت صورًا منقولة عن الأقمار الصناعية تُظهر أن التشكيلات العسكرية عبارة عن مركبات مُدرعة، ومدفعية ذاتية الدفع، متمركزة بالقرب من مدينة يلينا، على بعد 300 كيلو مترًا من الحدود الأوكرانية.
وكذا، أُعيد نشر جزء من معدات جيش دبابات الحرس الأول التابع للاتحاد الروسي، من موسكو إلى جنوب “فورونيج”. وذكرت صحيفة واشنطن بوست في وقتٍ سابق أن وحدات الجيش الـ 41 لم تعد حتى الآن بعد أن أجرت آخر تدريبات لها في منطقة “نوفوسيبيرسك” بالعام الجاري، لكنها اتخذت أماكن أكثر قربًا من أوكرانيا. وتتمركز فرق البندقية الآلية رقم 144 في “يلينا” وفي “بريانسك”. وعلى الناحية الأخرى، يزيد تعداد القوات المسلحة الأوكرانية على 200 ألف فرد مسلح بحوالي ألف دبابة وأكثر من مائة طائرة ومدفعية قوية. ويتشعب عن هذا السيناريو عدد من الاحتمالات؛
- أولها: أن تقوم روسيا بتنفيذ عملية اجتياح سريعة لكافة الأراضي الأوكرانية. بمعنى، أن تدخل القوات الروسية، وتقلب النظام الأوكراني رأسًا على عقب، وتعيد ترتيب المشهد في خلال فترة وجيزة، ثم تعاود الرجوع إلى أراضيها بعد أن يتم الإعلان عن انتخابات رئاسية جديدة، يرافقها تعيين حكومة جديدة، وسيكون المجتمع الدولي يعرف سلفًا أنها من المحتم أن تكون لها ولاءات على غرار نفس ولاءات الرئيس البيلاروسي الحالي، ألكسندر لوكاشينكو، وحكومته.
ويُعد هذا السيناريو مُستبعدًا، لكنه في الوقت نفسه غير مستحيل. مُستبعد لأن موسكو خسرت الكثير من الناحية الاقتصادية منذ لحظة ضمها لشبه جزيرة القرِم. ففي عام 2019 –قبل اندلاع الجائحة- قُدرت خسائر الاقتصاد الروسي جراء العقوبات الغربية بنحو 150 مليار دولار. وتقول شبكة “بلومبرج” إن دخل المواطن الروسي بالكاد أصبح يتجاوز 30 ألف روبل في الشهر، بعد قرار الضم، ذلك إلى جانب الخسائر التي عانتها روسيا بسبب انخفاض أسعار النفط.
وإلى جانب النزيف الذي عانى منه الاقتصاد الروسي، إما بفعل أضرار جائحة كورونا التي تناولت تقارير أنها تكبد روسيا نحو مليار دولار من الخسائر يوميًا، أو بفعل تكلفة المشاركة في الحرب السورية، أو بفعل الحرب في دونباس التي قُدرت في 2015 فقط بأنها وصلت إلى 53 مليار روبل! لذلك فمن الأجدر القول إن موسكو، من الناحية العسكرية، تمتلك بالفعل كل الأدوات التي تتيح لها تنفيذ الاجتياح. لكنها، من الناحية الاقتصادية، لديها بالفعل ما تخسره، وربما يعرف بوتين أن اقتصاده في غنى عن تحمل ضربة مماثلة.
لكنه يظل سيناريو غير مستحيل لسبب واحد فقط وهو السمات الشخصية للرئيس بوتين نفسه. وفي ضوء تصريحه المنقول عنه أعلاه “إذا كان القتال أمرًا حتميًا، فينبغي عليك أن تبدأ الضرب”. نجد أن هذه بالفعل حقيقة، طبقها بوتين بالفعل بشكل عملي في مواقف عدة. طبقها في 2014، عندما لم يتورع عن التحرك للاستيلاء على القرم قبل خسارة قاعدته البحرية هناك لصالح الغرب. وفعلها خلال الانخراط الروسي في الحرب السورية في عام 2015.
إذًا، هل كان بوتين –على سبيل المثال- لا يدري بأي عواقب اقتصادية هو مهدد في لحظة استيلائه على القرم؟ لا، بالفعل، كان يعرف، كان خير من يُدرك ما ستتعرض له بلاده من هزة اقتصادية عنيفة. لكنك تتحدث الآن، عن سمات شخصية، أثبتت في مواقف مشابهة أنها تحكم قراراته في نهاية المطاف، بغض النظر عن أي معطيات منطقية بحكم الواقع العملي على الأرض. لذلك، من المُرجح، ألا يحدث اجتياح روسي حقيقي لأوكرانيا إلا في حالة وصلت الأمور إلى ذروتها، وحدث شيء على غرار انضمام كييف بالفعل للناتو على سبيل المثال.
- ثانيها: اجتياح روسي لأراضي إقليم دونباس فقط، وفي هذه الحالة، يُرجح أن يسير الإقليم على خطا شبه جزيرة القِرم. بمعنى، يبدأ الأمر عند لحظة وجوده تحت قيد الحكم الذاتي، وصولًا إلى الاستفتاء والانضمام وغيره. وهذا احتمال مُرجح، بحكم القوة العسكرية والعددية الروسية الموجودة على الحدود الآن، والتي تتناسب بشكل أكبر لتقديم دعم كامل للانفصاليين المناوئين للحكومة الأوكرانية في الإقليم، عن تحقيق اجتياح كامل للأراضي الأوكرانية. إذ إن موسكو قد تلجأ لاستخدام القوة لأجل فرض السلام في الإقليم الذي يعاني من نزيف دموي لسنوات، لإيقاف وحسم الحرب التي كلفتها خسائر مادية كبيرة لصالحها.
لكنه –بدوره- سيظل سيناريو مستبعدًا حتى اللحظات الأخيرة. بمعنى، يرتبط تحقق هذا السيناريو، وسابقه، بمدى تعنت الغرب. بالشكل الذي يجعل حل الأزمة، هذه المرة، في يد الغرب وليس في يد روسيا. إذا تهاونوا ورضخوا لإقامة حوار حقيقي وبناء وتوقفوا عن الاستخفاف بالخطوط الحمراء للأمن القومي الروسي، لن تضطر روسيا لاتخاذ هذا التحرك. لكن من غير المتوقع على كل حال، أن تتراجع موسكو عن موقفها وتتهاون في مسألة تقبلها لوجود قوات أجنبية في مناطق نفوذها أبدًا.
2 – سيناريو الاكتفاء بالتهديد:
قبل شرح هذا السيناريو، ينبغي هنا طرح سؤال مهم حول ما هو الدعم الفعلي الذي قدمه الغرب لكييف كدعم أمام روسيا بعد قرار الضم؟! الحقيقة أن الرد لن يتجاوز أكثر من مجرد عقوبات اقتصادية صمدت أمامها موسكو، ومقاطعة أو شبِه مقاطعة، نجحت موسكو بعد فترة من الوقت في تجاوزها وتحسين علاقاتها بقيادات غربية بارزة مثل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل. بل إن الولايات المتحدة نفسها، لم تجرؤ، رغم كل ما حدث على أن تمد أوكرانيا بأي دعم عسكري محوري من شأنه أن يساعدها على تغيير مجرى الحرب، حتى اللحظة الراهنة.
وهو ما نستنج منه، أن الغرب، قد حسم موقفه من ناحية قضية استرداد القرم منذ فترة طويلة بالفعل، والموقف أصبح يميل نحو روسيا. وبات الجميع بشكل مفاجئ يتجاهل أو يتغاضى عن ذكر القضية أو الدفاع عنها بشكل حقيقي. وكان مؤتمر منصة القرم الذي انعقد في كييف في أغسطس 2021، لدعم القضية خير دليل على ذلك، فالكل تقريبًا انصرف عن دعم القضية بأي شيء ملموس. ولم يتجاوز دعمهم أكثر من مجرد بضعة عبارات دبلوماسية رنانة صادرة إجمالًا عن صغار المسؤولين في الحكومات الغربية.
ووفقًا لهذا السيناريو، فالجميع يُهدد فقط. الغرب يتصرف بشكل استفزازي لإثبات قوته أمام روسيا، وروسيا تحذو حذوهم، ولا يرغب أي طرف في توجيه ضربة حقيقية للآخر لأنه ربما يكون غير مستعد لذلك أو في غنى عن تحمل ضربة قوية مماثلة. لذلك، تتصاعد الأمور دائمًا ثم تهدأ بمجرد أن تصل للذروة التي تسبق وقوع تصادم حقيقي.
وفي هذا السيناريو، سيجلس القادة للاتفاق على تهدئة تُرضي كل الأطراف، حتى لو بشكل مؤقت، وهو سيناريو مُرجح بنسبة كبيرة. وبدأت الصحافة الروسية، 29 نوفمبر 2021، بالفعل بتناقل تقارير على لسان، المتحدث الإعلامي للكرملين، “ديميتري بيسكوف”، والذي قال إن موسكو تأمل في عقد لقاء بين الرئيسين الروسي والأمريكي بنهاية هذا العام. مؤكدًا أن الأجندة الخاصة بهذا اللقاء ستكون ضخمة للغاية.
3 – سيناريو انضمام روسيا إلى الناتو:
في عام 1949، اجتمعت الولايات المتحدة مع عدد من الدول الأوروبية لتشكيل حلف الناتو، وكان هدفهم من تأسيس الحلف وقتها يتلخص في العبارة التي قالها اللورد “ليونيل اسماي”، أول أمين عام لحلف الناتو: “أبق الاتحاد السوفيتي في الخارج، والأمريكيون في الداخل، والألمان في الأسفل”. لذا نفهم من ذلك، أن مواجهة الاتحاد السوفيتي كانت ركنًا أصيلًا في أهداف تأسيس هذا التحالف العسكري.
غير أن هذا الهدف أصيب بالتشويش بمجرد انهيار الاتحاد السوفيتي، والسبب الرئيس في هذا التخبط والتشويش لم يكن يُعزا فقط إلى انهيار قوة العدو الرئيسي للحلف، بل إلى رغبة هذا العدو الرئيس في الانضمام لهذا الحلف من الأساس. ففي عام 1990، اقترح الرئيس الروسي، “ميخائيل جورباتشوف”، انضمام بلاده للناتو. وقد طرح اقتراحه على وزير الخارجية الأمريكي حينها، “جيمس بيكر”، لكن الأخير رد بالرفض معتبرًا هذا الاقتراح بأنه حلم لن يتحقق.
وفي عام 1991، كاتب الرئيس الروسي، “بوريس يلتسين” الحلف مجدِدًا اقتراح “جورباتشوف”. وتكررت الدعوات المماثلة، حتى أن “بوتين” نفسه، الذي لا ينفك يتوقف عن التنديد بالتدخلات الغربية من قبل حلف الناتو على مقربة من حدود بلاده ناقش هذا الخيار مع الرئيس الأمريكي الأسبق، “بيل كلينتون” أثناء زيارة الأخير إلى موسكو في عام 2000. وجدد بوتين طلبه عدة مرات بعد ذلك في مناسبات عدة جمعته بشخصيات أوروبية بارزة.
لكن الغرب كان يرفض في كل مرة قبول فكرة انضمام روسيا إلى نادي الأقوياء الدوليين. والسبب بالتأكيد يعود إلى اضطرارهم –في هذه الحالة- إلى إعادة تحديد أهداف الحلف، الذي وكما ذكرنا آنفًا، يقوم في الأساس على حماية مصالح الغرب من روسيا. وإذا انضمت روسيا إلى الحلف سيفقد الحلف جدواه وسيكون الغرب في غنى عن حلف عسكري تكون مهمته دفاعية. وبجانب ذلك فإن الحلف الآن يتضمن أهدافًا سياسية أخرى بات على رأسها ضرورة “دمقرطة” البلدان الأعضاء.
نُلاحظ من كل ما سبق، أن موسكو لطالما كانت تسعى إلى الانضمام إلى لحلف. وهو ما يعود بنا مرة أخرى للوقوف عند نفس النقطة المذكورة أعلاه، بأن الحل والمخرج في هذا التصعيد الذي يُهدد بنشوب حرب عالمية جديدة، معلق أولًا في يد الغرب. وفي هذا السيناريو ربما يجتمع الرئيسان بوتين وبايدن، ويناقش كلاهما إمكانيات التهدئة، ويُعاد طرح المقترح ذاته مُجددًا من قِبَل روسيا، التي لا شك أنها ما زالت ترغب في الانضمام إلى الحلف، لكن من دون الحاجة للشروط المهينة التي تفرض على الدول قبل انضمامها.
فهي تريد أن تصبح جزءًا من نادي أقوياء العالم، لكن من دون التخلي عن منظومتها وطريقة إداراتها لسياساتها الداخلية والخارجية، التي ترى أنه يحق لها أن تتم بدون أي تدخلات أو إملاءات خارجية. غير أن هذا السيناريو، ضعيف، وموطن ضعفه الرئيس هو أن الغرب لا يُعطي أي بوادر قد تشير من قريب أو بعيد إلى احتمالات قبول عضوية روسيا في الحلف. لذلك، ربما سيتم إرجاء هذه الأمنية الروسية إلى عهد سياسي قادم، في محاولات جديدة سيحملها الرئيس الذي سيخلف بوتين من بعده.
4 – سيناريو التصالح الروسي الأوكراني:
لا شك أن السلام في “دونباس” سيكون صفقة مُربحة للجميع. وتقول موسكو باستمرار أنها ترغب في السلام، لكن كييف مُصرة على أنه لا سلام قبل استرداد “القِرم” وتوقف الأعمال العدائية في “دونباس”. ومن جهة أخرى، صرح الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، الاثنين 29 نوفمبر، “أن تركيا مستعد للوساطة بين أوكرانيا وروسيا. ذلك رغم عن أنه أثار غضب موسكو ببيعه طائرات مسيرة إلى كييف في وقتٍ سابق من هذا العام”.
ويُعد هذا السيناريو قائمًا ومحتملًا بنسبة كبيرة في حالة واحدة فقط وهي رضوخ كييف وإذعانها أمام موسكو واعترافها بأحقية إقليم “دونباس” في أن يصبح جمهورية ذاتية الحكم. وهذا شيء مستبعد، بالنظر إلى نهج “زيلينسكي” وعناده الشديد مع موسكو وطموحاته الدؤوبة للالتحاق بالغرب والانضمام إلى حلف الناتو.
ذلك فضلًا عن أن سيناريو نجاح جهود الوساطة التركية بين الجانبين، سيكون مستبعدًا كذلك، نظرًا لعدة أسباب، أولها كما ذكرها أردوغان، أنه هو بنفسه كان من أطراف تغذية كييف بالمعدات العسكرية. ثانيها: أن علاقة من نوع قائم على “النِدية” يبدو أنها تربط بين الرئيسين أردوغان و”بوتين”.
ختامًا، وفي كل السيناريوهات المحتملة، ستظل كييف دائمًا في موقف الشخص الذي لديه ما يخسره ولكنه ليس لديه ما يكسبه. بمعنى، أنها لن تسترد “القِرم” لكنها تظل مُهددة بخسارة المزيد لو استمرت في اتباع نفس سياساتها الحالية. لأن الغرب في الحقيقة، حتى لو كان يشجب ويعترض بالإجماع على سلوكيات روسيا العدوانية، فهو في نهاية المطاف لا يتجاوز المراحل التي يعرف مسبقًا أنها ستؤدي
إلى اندلاع حرب كبرى لن يحقق فيها نصرًا.
باحث أول بالمرصد المصري