مصر متحدثا عن افريقيا في قمة السبع الكبار
أصبح لدى مِصر الزخم والحضور في عرض قضايا القارة السمراء في المحافل الدولية، وهو ما تَجلى في دعوتها لحضور قمة مجموعة السبع الكبرىG7 التي عقدت في الفترة من 24 –26 من أغسطس 2019 المنعقدة بمدينة”بياريتز”الفرنسية.
وعلى خلفية الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين ، وخروج بريطانيا الوشيك من الاتحاد الأوروبي ، والتوتر بين الولايات المتحدة وإيران بشأن برنامج طهران النووي. بالإضافة إلى المخاوف العالمية بشأن غابات الأمازون المطيرة في البرازيل. أصبح لازاماً على الدول الكبرى البحث عن بديل للتعاون الاقتصادي والاستثمار.
وجاء متمثلا في التوجه نحو القارة السمراء لما تتمتع به من موارد طبيعية وإمكانيات بشرية وسوق ضخمة. حيث مازالت أفريقيا بكراً لجذب الاستثمارات الأجنبية وإقامة المشروعات القارية وتفعيل لاتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية.
أبرز القضايا المطروحة
استعرض الرئيس” عبد الفتاح السيسي بصفته رئيس الاتحاد الأفريقي ” خلال جلسة ” الشراكة مع أفريقيا” الرؤية الأفريقية لتحقيق السلام والتنمية المستدامةوتعزيز التعاونوالشراكة بين إفريقيا ودول مجموعة السبع. وجاءت الكلمة شاملة لكافة القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والعالمية.فضلاً عن مُشاركة رئيس رواندا “بول كاجامي”، ورئيس السنغال “ماكي سال”، ورئيس جنوب أفريقيا “سيريل رامافوزا”، ورئيس بوركينا فاسو “روك كابوري”، إضافة إلى رئيس المفوضية الأفريقية “موسى فقيه”.
السلام والأمن
وفي بداية كلمته، حرص الرئيس ” السيسى” على ضرورة تضافر الجهود الدولية لمواجهة الوضع في ليبيا وتفاقم الظاهرة الإرهابية وانتشار الميليشيات المُسلحة في حزام الساحل والصحراء. موضحا أن حل الأزمة في ليبيا معروفاً ويبقى فقط توافر الإرادة السياسية لبدء المقاربة السياسية الشاملة وفقاً للاتفاق السياسي الليبي.
وبدورها استضافت مصر في ديسمبر 2018 التدريب المُشترك في مجال مكافحة الإرهاب لدول تجمع الساحل والصحراء بمقر قاعدة محمد نجيب العسكرية بهدف تحقيق التجانس بين القوات الخاصة الأفريقية والعمل كفريق واحد لسرعة الرد على آية هجمات طارئة.
وبالحديث عن إحلال السلام وتحقيق الاستقرار، تعمل مصر في ظل رئاستها للاتحاد الأفريقي جاهدة على عرض ملف حق الشعوب والدول الأفريقية في التمتع بالسلام والاستقرار والتنمية. وإيجاد حلول للتحديات التي تواجه أفريقيا.
- التنمية والهجرة غير الشرعية
وفيما يتعلق بالهجرة غير الشرعية، تُعول مصر على الشركاء في مجموعة السبع ومؤسسات التمويل الدولية لتعزيز قدرات القارة والتغلب على تحدياتها وعلى رأسها مشكلة البطالة والهجرة غير الشرعية من خلال انضمام الشباب الأفريقي إلى سوق العمل. حيث قامت مصر بإنشاء لجنة مكافحة الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية تابعة لوزارة الخارجية المصرية باعتبار مصر شريكاً أساسياً للاتحاد الأوروبي لمكافحة الظاهرة. فضلاً عن علاقاتها الوثيقة مع أشقائها من الدول الأفريقية في ظل تعزيز التعاون القاري.
- تمكين المرأة والمساواة
في إطار الهدف السادس من أجندة 2063 للاتحاد الأفريقي الخاص “بتمكين المرأة والقضاء على كافة أشكال العنف والتمييز ضدها”. حيث تشغل النساء في أفريقيا حوالي ثلث المقاعد في البرلمانات في إحدى عشر دولةً. فتأتى دولة رواندا في المركز الأول عالمياً من حيث عدد النساء في البرلمان بنسبة 63%. كما يوجد في أفريقيا جنوب الصحراء أعلى معدل لأنشطة المشاريع الريادية للإناث.
- مكافحة الفساد
يظل تحدى الفساد عائقاً أمامالنمو الاقتصادي والحكم الرشيد في أفريقيا، وبالرغم من ذلكانتهجت معظم دول أفريقيا عدة خطوات لمكافحة الفساد، لكن لا يزال هناك العديد من الإجراءات التي يتعين القيام بها.وعليه، تعملمصرعلى التعاون في مجال تنسيق وتكامل الاستراتيجيات الوطنية. بالإضافة إلى التعاون في مجال تبادل الخبرات وإعداد الدراسات المتخصصة في مجالات تقييم مخاطر الفساد، والتعاون في مجال تدريب ورفع قدرات كوادر الأجهزة المعنية بمكافحة الفساد عن طريق الدورات التدريبية، وورش العمل، والندوات التي تعقدها الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد.
- التحول الرقمي
تهدف مصرإلىإنشاء سوق رقمي مُوحد لأفريقيا،وذلك من خلال التوسع في الصناعات الرقمية، وتعظيم الاستفادة من موارد القارة الافريقية، بالإضافة الى التوسع في نشر المناطق والمدن الذكية في افريقيا، وبناء برامج تطوير المهارات المحلية العاملة في المجالات التكنولوجية، وتعظيم الاستثمارات التكنولوجية في القارة، كما قامت مصر بإطلاق “مبادرة إفريقيا لإبداع الألعاب والتطبيقات الرقمية”بهدف تنمية القدرات وتأهيل 10 آلاف شاب مصري وإفريقي على تطوير الألعاب والتطبيقات الرقمية باستخدام أحدث التقنيات وتحفيز تأسيس 100 شركة مصرية وإفريقية ناشئة في هذا المجال.
وفي سياق متصل، تسعى مصر ان تصبح ممراً رقمياً للعالم بشكل عام وأفريقيا بشكل خاص، وفي هذا الإطاريتم الآن إقامة شبكة كابلات ألياف ضوئية متطورة لربط الدول الأفريقية ببعضها البعض وتطوير كفاءة نقل البيانات بين الدول الأفريقية والأوروبية من خلال شبكة كوابل تمر بالأراضي والمياه الإقليمية المصرية.
دلالات كلمة ” السيسى”
تضمنت كلمة الرئيس “عبد الفتاح السيسي” مجموعة من الدلالات الهامة تمثلت في:
– التأكيد على مبدأ “الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية”.
– الاعتراف بدور مصر في مكافحة أوجه عدم المساواة، والتحول الرقمي ومكافحة الفساد والإرهابوتعزيز السَلم والأمن القاري والتي هي من أولويات للاتحاد الافريقي.
– التحدث بصوت واحد متناغم للدول الافريقية في إطار المصلحة المشتركة أثناء أعمالالقمة لإيصال رسالة بشأن تحديات القارة وسبل معالجتها.
– التأكيد على جوهر العلاقة بين القارة وشركائها الدوليين لتحقيق المصالح المشتركة.
– أهمية المرأة ودورهافي أفريقيا.
– الفرص الواعدةوالإمكانياتالمتنوعة للقارة.
– تحقيق التكامل الافريقي وفرص اندماجأفريقيا في الاقتصاد العالمي.
أهمية المشاركة المصرية بالقمة
تنطوي مشاركة الرئيس “عبد الفتاح السيسي” في قمة الدول السبع على عدة مكاسب أبرزها:
– عرض القضايا الأفريقية في المحافل الدولية.
– إتاحة الفرصةللقيادة السياسية لعقد لقاءات مع رؤساء الدول الكبرى من بينها أمريكا وألمانيا وخاصة المصالح المشتركة بين مصر وألمانيا في مجال الطاقة.
– التأكيد على استعادة مصر لدورها الريادي في أفريقيا.
– زيادة حجم التبادل التجاري والتعاون العسكري بين مصر وأفريقيا والدول السبع الكبرى. حيث بلغت قيمة التبادل التجاري بين مصر ودول مجموعة السبع نحو 12.4 مليار دولار خلال النصف الأول من 2019، مقابل 12 مليار دولار خلال نفس الفترة عام 2018 بنسبة ارتفاع قدرها 4 بالمائة.
– فرصة لجذب الاستثمارات العالمية لمصر وأفريقيا، حيث تمثل الاستثمارات المباشرة من اقتصادات مجموعة السبع في المتوسط حوالي 65% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة الوافدة إلى مصر خلال السنوات الأربع الأخيرة.
– التأكيد على الدور المصري في الساحة الدولية في قضايا العالم وأفريقيا تحديداً مثل قضايا مكافحة الارهاب والفساد.
– تصدير مصر لنموذج “دبلوماسية التنمية” في أفريقيا لتحل محل دبلوماسية “التحرر الوطني”.
– التأكيد على عمق العلاقات المصرية الفرنسية، حيث تم دعوة الرئيس ” السيسي” للمشاركة في قمة مجموعة السبع عبر اتصال هاتفي من الرئيس الفرنسي وليس عبر خطاب رسمي من السفير الفرنسي في القاهرة.
وإجمالاً، تحرص مصر دائماً على تعزيز مفهوم المصلحة المُشتركة والشراكة الاستراتيجية مع دول القارة الأفريقية لتحقيق التنمية المستدامة وفقاً لأجندة الاتحاد الأفريقي “أجندة 2063: أفريقيا التي نريدها” والنهوض بأفريقيا من خلال الإرادة الجماعية لتسوية مشكلات القارة.