مصر وقمة مجموعة السبعة… المكاسب الاقتصادية
تأسست مجموعة السبعة عام 1975 لمواجهة تحديات اقتصادية عصفت بالاقتصاد العالمي في حينه، من بين أهمها انهيار نظام الصرف العالمي، وأزمة البترول بعد حرب أكتوبر، وتنعقد القمة رقم 45 للمجموعة هذا العام في ظل تحديات لا تقل عن تلك التي تأسست المجموعة في ظلها، إذ قد تُغير بنية النظام الاقتصادي العالمي وتدفع به نحو مُستنقع الركود مثل التغيُر المُناخي، والحواجز الجمركية أمام التجارة العالمية، وأخيرًا الضرائب على أرباح عملاقة التكنولوجيا مثل جوجل وفيسبوك. بالتالي حاول القائمون عليها هذا العام توسيع دائرة المُشاركة لتضم أكبر قدر من الفاعلين الدوليين لدعم ما قد يخرج عنها من قرارات، لذلك جاءت دعوة مصر للمُشاركة كونها رئيس الاتحاد الافريقي وأحد أهم دعائم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، ودُعاة السلام العالميين.
مصر نموذج للنجاح في ظل التحديات الاقتصادية العالمية
تأتي مشاركة مصر عقب انهائها بنجاح برنامجا للإصلاح الاقتصادي -بالشراكة مع صندوق النقد الدولي- أخرجها من أحد أسوء أزماتها الاقتصادية والسياسية على المستويين الداخلي والإقليمي، تمثل أبرز مظاهرها الاقتصادية في انخفاض احتياطيها من النقد الأجنبي حتى عجز عن تغطية ثلاثة شهور من واردات السلع الأساسية، وعدم قُدرتها على توفير تيار كهربي مُنتظم، أما على المستوى السياسي فقد جرى تجميد عضويتها في الاتحاد الإفريقي عام 2013 رغم كونها أحد مؤسسيه.
ونجحت القاهرة في التغلب على ذلك بمراكمة احتياطي نقدي يغطي أكثر من 7 شهور ونصف من الواردات وتوليد كهرباء تعادل 130% من احتياجاتها مما حولها إلى التصدير، بالإضافة إلى تبوئها رئاسة الاتحاد الإفريقي في عام 2019. الأمر الذي تحتاجه المجموعة لتضرب مثلًا على قُدرة الدول النامية على الخروج من أزماتها في ظل التقلبات الاقتصادية التي يشهدها العالم، إذ اتحدت الإرادتان السياسية والشعبية، وهو ما سلط الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” الضوء عليه خلال لقائه مع الرئيس السيسي عندما خاطبه قائلًا “لقد قامت مصر بأداء مُذهل تحت قيادة رائعة…لشعب رائع”.
الدول السبعة تمثل 30% من حجم التبادل التجاري المصري مع العالم:
وللمُشاركة المصرية انعكاسات هامة على الاقتصاد المصري، فبداية تُشكل دول المجموعة مُنفردة ما نسبته 26% من أسواق الصادرات المصرية بمبالغ إجماليها 8 مليار دولار تقريبًا، كما يأتي ما نسبته 22.5% من إجمالي الواردات المصرية منها بمبالغ تخطت 14 مليار دولار. يُضاف إليها الدول المدعوة الثمانية والتي من بين أهمها اسبانيا، استراليا، الهند، وجنوب افريقيا والتي تستقبل معًا ما إجماليه 8.34% من الصادرات ويتأتى منها 6.85% من الواردات المصرية، الأمر الذي يعني أن الدول المُجتمعة تُشكل معًا ثُلث حجم التجارة الخارجية المصرية.
مصدر أكثر من 40% من الاستثمار الأجنبي المُباشر عالميا
يٌضاف إلى ذلك أن الدول السبعة خرج منها خلال عام 2018 ما إجماليه 443 مليار دولار كاستثمارات أجنبية مُباشرة، لم يتجاوز نصيب مصر منها 7.6 مليار دولار، ما يعني وجود أفق حقيقي لجذب استثمارات جديدة من الدول السبعة في وقت يُعاني الاقتصاد المصري من تراجع مُعدلات الاستثمار الأجنبي المُباشر، وتوجه الجُزء الأكبر من الوارد منه إلى قطاع البترول، لذلك سعى الرئيس لعقد لقاءات ثنائية مع مُعظم قادة دول المجموعة فالتقى جميعهم باستثناء رئيسي الوزراء الكندي والياباني، مُستغلًا ذلك للترويج لما تشهده مصر من تغيرات في بيئة الأعمال والاستثمارات.
عرض الحلول المصرية للمُشكلات العالمية
وتعزز المشاركة المصرية من انخراطها في حل المشاكل الاقتصادية العالمية المطروحة على جدول أعمال القمة وخاصة تلك التي يتأثر بها الاقتصاد المصري بشكل مُباشر، فمصر من بين أكثر الدول تضررا من التغير المُناخي العالمي الذي يُهدد بارتفاع منسوب المياه في البحر المتوسط ليغطي جزء من الدلتا والساحل الشمالي. كما أن تعثر التجارة الدولية يؤثر بشكل مُباشر على إيرادات قناة السويس التي تُعتبر من أهم مصادرها للعُملة الصعبة، وأخيرًا فإن الاتفاق العالمي على فرض ضرائب على أرباح عمالقة التكنولوجيا من مُشغلي مواقع التواصل الاجتماعي، يمنع مصر من التعرض لتعريفات جمركية أمريكية كالمتوقعة على فرنسا بعد ان فرضت ضرائب على أرباح تلك الشركات، وهو ما أعلنت الحكومة المصرية عن سعيها لتطبيقه.
الحضور المصري إذًا رغم بُعده التاريخي والمعنوي إلا أن له فوائد اقتصادية عديدة خاصة في ضوء تعاظم حصة الدول السبعة في الميزان التُجاري المصري، وكونها معًا تُشكل المصدر لأكثر من 40% من الاستثمارات الأجنبية المُباشرة، بالإضافة لما تُشكله المُشاركة ذاتها من فرصة لعرض الرؤى المصرية في القضايا الاقتصادية العالمية التي تؤثر بشكل مُباشر على الاقتصاد المصري.