من صفر مشاكل إلى التراشق مع قيادات العدالة والتنمية.. رجال حول أردوغان
ليست المرة الأولى التي يوجه فيها رئيس وزراء تركيا السابق والمنشق عن حزب العدالة والتنمية ” أحمد داود أوجلو” انتقادات لاذعة للرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” ولكنها المرة الأكثر مكاشفة بالتأكيد.
فخلال فعالية بولاية سكاريا، غربي البلاد قال “أوجلو” أن أردوغان دمر دعائم الديمقراطية في بلاده وأنه لا يحترم شعبه، ولم يكتف بذلك بل لمح للمرة الأولى بأن “أردوغان” قد يكون متورطًا في انتهاكات بحق الأكراد في الفترة من يونيو وحتى نوفمبر 2015.
واستبقت تلك التصريحات بأفعال غير محسوبة العواقب من جانب نظام أردوغان ، أقدم خلالها على إقالة رؤساء ثلاثة بلديات ينتمون لحزب مؤيد للأكراد، واعتقل أكثر من 400 شخص يُشتبه في أن لهم صلات بمسلحين، في تحرك أجج على الأرجح التوتر في منطقة جنوب شرق تركيا، وجاءت ردود الأفعال في نطاق التوقعات حيث أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه البالغ من “الإجراءات القمعية “التي اتخذتها السلطات التركية في جنوب شرق البلاد “بحجة مكافحة الإرهاب”.
أما الداخل التركي فلم يكن أكثر هدوءًا، فقد شهدت مدن ديار بكر وفان وماردين جنوب شرقي تركيا، احتجاجات عارمة، نددت بقرار أردوغان “الديكتاتوري” القاضي بعزل رؤساء 3 بلديات (أكراد) منتخبين من مناصبهم واستبدالهم بـ”وصاة” معينين بقرارات إدارية.
من صفر مشكلات إلى تراشق مع قيادات “العدالة والتنمية “
ترك أحمد داود أوجلو منصبه منذ ثلاثة سنوات، على خلفية تصدعات في حزب العدالة والتنمية الحاكم . وكانت المرة الأولى التي يوجه فيها انتقادات لأردوغان في أعقاب فشل حزب العدالة والتنمية الذي كان ينتمي له في وقتها في إحراز تقدم في الانتخابات المحلية. وفي نفس المناسبة انتقد “داود أوجلو” سياسات الحزب الحاكم الاقتصادية والقيود التى يفرضها على وسائل الإعلام إضافة إلى إلحاق ضرر بالغ بكافة مؤسسات الدولة.
جاء ذلك في بيان مكتوب مكون من 15 صفحة وضح فيه “أوجلو” أن نتائج الانتخابات المحلية جاءت انعكاسًا لسياسات التحالف الخاطئة التي تمت مع حزب الحركة القومية والتي أضرت ببنية العدالة والتنمية كحزب حاكم.
وأضاف رئيس الوزراء الأسبق ،في نفس البيان أن الجمهورية التركية قد وصلت إلى طريق مسدود بعد النهج السلطوي لأردوغان كما أن قراراته الاقتصادية أثبتت ابتعادًا عن مبادئ السوق مما أدى إلى تخوف المستثمرين وهروب رؤوس الأموال.
رجال حول أردوغان:
أربعة سياسيين لم يكن أردوغان يتخيل أن يشكلوا خطرًا على أركان نظامه، وهم من رفقاء دربه إذا صح التعبير. الخلافات كانت في تصاعد وتراكم إلا أن ما شكل نقطة تحول في مسار الحزب هو تحول تركيا من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي وتركز السلطات في مجملها في يد رجل العرض الوحيد ” أردوغان”. ولا يغيب عن الخلافات دعم تركيا للتنظيمات الإرهابية وتأليبها لأنظمة الحكم المستقرة كلها أمور أدت إلى انفجار الصراعات المكتومة داخل الحزب.
علي باباجان.. وزير اقتصاد أردوغان:
أحد أهم المؤسسين لحزب العدالة والتنمية في عام 2001 وقائد قاطرة التنمية الاقتصادية في تركيا، كأصغر عضو في مجلس الوزراء تم تعيينه وزيرًا للشئون الاقتصادية في 2002، ويتمتع “باباجان” بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة لأنه قد درس هناك عندما رشح لمنحة “فولبرايت” كما أنه يتمتع بسمعة جيدة في الأوساط السياسية التركية وقد أصبح يشكل خطورة على أردوغان بعد ان كشف عن رؤيته بخصوص أن تركيا تحتاج إلى خطة وسياسة جديدة لإداراتها، واشتدت وطأة العداوة بعد أن أعلن “باباجان” عن انشقاقه عن حزب «العدالة والتنمية» ونيته اقتحام الحياة السياسية بحزب جديد يتوقع أن يطلق عليه “الأمان” مستدعيًا لحزبه العديد من النواب في البرلمان التركي الذين يسعون لخوض تجربة سياسية جديدة.
داود أوجلو.. الرجل الأكثر تأثيرًا:
رئيس الوزراء السابق، المولود في 1959 وهو السياسي وخبير العلاقات الدولية،ترأس حزب العدالة والتنمية في الفترة من 2014 إلى 2016 كما تقلد منصب وزير الخارجية .
وقد تقدم باستقالته من منصبه كرئيس الحزب العدالة والتنمية ورئيس للوزراء عقب خلافات حادة عصفت بعلاقاته مع أردوغان بدأت بادعاءات واتهامات من أردوغان وحلفائه لـ” أوجلو”بالخيانة لكن القشة التي قصمت ظهر البعير كانت عملية سحب صلاحية تعيين رؤساء فروع الحزب في المحافظات من يد رئيس الحزب , من خلال التعديل الذي أقرته الهيئة المركزية لقيادة الحزب في اجتماعها الأخير , الأمر الذي اعتبره داود أوجلو انقلاباً ضده , فكان من المتوقع أن يقدم استقالته .
الحديقة التي تسببت في استقالة “عبد الله جول” :
الرئيس الحادي عشر للجمهورية التركية ، وقد بدأ حياته السياسية في حزب “الرفاه الإسلامي” والذي ترأسه نجم الدين أربكان وتتلمذ عبد الله جول على يد “أربكان” صاحب الفكر والتوجهات الإسلامية.
وكانت مشاركة “جول” مع أردوغان في حزب العدالة والتنمية عقب انشقاقه عن حزب “الرفاه الإسلامي”، كانت الأمور بينه وبين “أردوغان” تسير على ما يرام حتى تجمع الأتراك في غيزي بارك باسطنبول للاحتجاج على قرار تحويل الحديقة الشهيرة إلى مركز تجاري. وهي الاحتجاجات التي جوبهت من السلطات بقمع عنيف للمتظاهرين أفضى إلى احتجاجات عارمة ضربت أنحاء البلاد للتنديد بسياسات أردوغان المستبدة.
وقد أسفرت الاشتباكات عن سقوط 11 قتيلا وإصابة 8 آلاف آخرين، والمثير في أمر هذه الحديقة أنها ليست متنفسًا اعتياديًا للتنزه وإنما قد مثلت نقطة التجمع للمعادين لسياسات أردوغان وأصحاب التوجه العلماني وهو مادفع به إلى إزالتها وإقامة مجمع تجاري للتخلص من الأصوات التي تعالت منددة بسياساته.
الحصان الرابح في السياسة التركية.. أكرم إمام أوجلو:
التحق “إمام أوجلو” بحزب الشعب الجمهوري في 2008، وقد أثار اللغط ولفت النظر إلى سياسات أردوغان البعيدة كل البعد عن الديمقراطية بعد فوزه فى 23 يونيو الماضى، برئاسة بلدية إسطنبول في انتخابات الإعادة بفارق أكبر من الذي تقدم به على مرشح العدالة والتنمية في الجولة الأولى، وشكل فوزه في أكبر المدن التركية والتي كان أردوغان عمدة لها خلال مسيرته السياسية اهتزازًا لأركان نظام الديكتاتور الذي أجبر المحكمة الدستورية على إصدار حكم مسيس بإعادة الانتخبات ليمنى بهزيمة أشد وذل أكبر.
الجولة الأخيرة :
يدير أردوغان بلاده من وراء الستار، فلا يظهر في الكثير من الأزمات وإنما يحركها فقط وقد اتبع هذه الطريقة بعد أن أعاد تجربتها مرارًا وتكرارًا معتقدًا أنها تبقيه بعيدًا عن الشبهات.
وأكثر اانعكاسات جلاءً لتلك السياسة هي الأصابع الخفية وراء تقارير إعلامية تشوه صورة خصوم أردوغان وتعرف بـ “عصابة البجع” وقد عملت منذ أبريل 2016 على نشر شائعات بشأن وجود خلافات بين أردوغان، و وداود أوجلو، . وكانت “العصابة” ضلعًا أساسيًا حاضرًا في إدارة كل أردوغان في كل الخلافات مع المعارضين داخل حزب العدالة والتنمية.
ويعتقد أن تلك العصابة تعمل بشكل أساسي من خلال جريدة الصباح وأحد مراكز الأبحاث ذات الصلة بالحكومة، وقد برز دور “عصابة البجع” بدرجة كبيرة بعد خسارة العدالة والتنمية للجولة الأولى من الانتخابات المحلية ولكن العصابة والحزب منيا بهزيمة ساحقة في الجولة الأخيرة. وقد تلحق بهما هزيمة اشد قسوة إذا ما قرر ” أحمد داود أجلو” الإفراج عن ما بجعبته من وثائق تثبت تورط أردوغان في إرهاب الأكراد.