العالم

الكوارث تكلف العالم الكثير .. اليوم العالمي للحد من الكوارث فرصة للمراجعة

تحتفل الأمم المتحدة باليوم الدولي للحد من الكوارث في 13 أكتوبر من كل عام ، وجاء عام  2021، بدعوة الأمين العام للأمم المتحدة ” أنطونيو جوتيريش”  إلى  ضرورة التضامن العالمى لمساعدة البلدان النامية المتضررة من الكوارث والغير قادرة على حماية نفسها. حيث أعلنت الأمم المتحدة شعار هذا العام ” التعاون الدولي بما يتيح للبلدان النامية الحد من مخاطر الكوارث وخسائرها ” وفقا  لأهداف سنداي (2015-2030) . وربما يكون هذا العام فرصة لمراجعة ما تم تحقيقه في الحد من الكوارث والخسائر في الأنفس وسبل العيش والصحة، خاصة مع انتشار جائحة كورونا وكذلك التغيرات المناخية المتطرفة التي تضرب بلدان العالم أجمع ، والتي لابد من اتخاذ اجراءات صارمة لمواجهتها، وكذلك الوقوف بجانب البلدان النامية ، حيث إن ضعف الإدارة، والفقر المتزايد، وفقدان التنوع البيولوجى، وانهيار النظم البيئية، والتحضر السريع غير المخطط له، كلها عوامل مترابطة تؤدي إلى زيادة مخاطر الكوارث.

وتُؤثر الكوارث بصور متفاوتة في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل لا سيما من حيث الوفيات وعدد الجرحى والنازحين والمشردين، والخسائر الاقتصادية والأضرار التي لحقت بالهياكل الحيوية. حيث أعلنت الأمم المتحدة أنه لا يمكننا القضاء على الفقر والجوع إذا لم نضاعف الاستثمارات في الجهود المبذولة للحد من مخاطر الكوارث. فالتعاون الدولي للبلدان النامية بتقديم المساعدة الإنمائية الرسمية وبناء القدرات هي أمور ضرورية لتعزيز القدرة على الصمود في مواجهة الكوارث المناخية الشديدة وغيرها من الأخطار الطبيعية والأخطار التي من صنع الإنسان.

اليوم العالمي للحد من الكوارث 

 حددت الأمم المتحدة يوم 13 أكتوبر من كل عام منذ عام 1989، للتوعية بإدارة المخاطر، والحد من الكوارث، وتقوم الأمم المتحدة بالاحتفال بهذا اليوم بغرض توعية الناس بكيفية اتخاذ إجراءات للحد من خطر تعرضهم للكوارث. كما تم إنشاء مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث (UNDRR) في ديسمبر 1999 ، لضمان تنفيذ الاستراتيجية الدولية للحد من الكوارث ، و هو جزء من الأمانة العامة للأمم المتحدة وهو يدعم تنفيذ واستعراض إطار عمل “سنداي” للحد من مخاطر الكوارث الذي اعتمده المؤتمر العالمي الثالث للأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث ، ويقوم المكتب بتنسيق الجهود الدولية في مجال الحد من مخاطر الكوارث

إطار عمل سنداي 2015-2030

تم اعتماد إطار عمل سنداي للحد من مخاطر الكوارث للفترة 2015-2030 ، خلال مؤتمر الأمم المتحدة العالمي الثالث الذي انعقد عام 2015 بمدينة سنداي باليابان ، ويعد هذا الاطار نتيجة للمناقشات والمفاوضات التي تمت بين أصحاب المصلحة والحكومات بتنسيق من مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث ، بناءا علي طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة 

ويعد إطار عمل سنداي الإطار البديل لإطار عمل ” هيوغو ” للفترة 2005-2015 ، والذي أعطي مزيدا من الزخم العالمي نحو ضرورة بناء المجتمعات وتأهيلها لمواجهة الكوارث ، وكذلك العمل الدولي للحد من الكوارث الطبيعية .

يقوم إطار سنداي علي عناصر تضمن استمرارية العمل الذي عكف علي تنفيذه الدول وأصحاب المصلحة الأخرون في نطاق إطار عمل هيوغو ، وارساء عدد من المبادئ التوجيهية من أهمها مسئولية  الدول في اتقاء مخاطر الكوارث والحد منها، وكذلك المشاركة جميع مؤسسات الدولة والمؤسسات الاجتماعية ، وتوسيع نطاق الحد من مخاطر الكوارث ليشمل الكوارث الطبيعية والأخطار التي من صنع الانسان ، والمخاطر التكنولوجية والبيولوجية والبيئية ، بالإضافة الي الاهتمام بالقدرة الصحية ، ويركز علي توسيع الفهم بجميع الأبعاد التي يتضمنها الحد من مخاطر الكوارث

 واستهدف إطار عمل سنداي ما يلي: 

  1. اعتماد إطار للحد من مخاطر الكوارث لما بعد عام 2015 يكون موجزا  ومركزا وتطلعيا وعمليا 
  2. انجاز تقييم واستعراض ما تم انجازه خلال إطار عمل هيوجو 2005-2015 
  3. النظر في الخبرة المكتسبة من خلال الاستراتيجيات/المؤسسات والخطط الإقليمية والوطنية للحد من مخاطر الكوارث وتوصياتها، فضلا عما يتصل بهذا الشأن من اتفاقات إقليمية خاصة بتنفيذ إطار عمل هيوغو
  4.  تحديد طرق التعاون على أساس التزامات بتنفيذ إطار للحد من مخاطر الكوارث بعد عام 2015
  5.  تحديد طرق للاستعراض الدوري لتنفيذ إطار للحد من مخاطر الكوارث بعد عام 2015. 

كما  أكدت الدول مجددا التزامها بالتصدي لموضوعي الحد من مخاطر الكوارث وبناء القدرة على مواجهة  الكوارث في إطار وعي متجدد  بإدماج هذا الهدف في سياق التنمية المستدامة والقضاء على الفقر، والقيام حسب الاقتضاء، بإدماجهما في السياسات والخطط والبرامج والميزانيات على جميع المستويات والنظر فيهما ضمن الأطر ذات الصلة

الأهداف العالمية للحد من مخاطر الكوارث بحلول 2030 

يسعي العالم الي تحقيق عدد من الأهداف للحد من مخاطر الكوارث بكل أنواعها ، وتعزيز قدرات البلدان النامية والأقل نموا ، عن طريق التعاون الدولي وحشد الدعم ووسائل التمويل وفقا للأولويات الوطنية، ومن بين هذه الأهداف : 

  • الحد من نسب الوفيات العالمية الناتجة عن الكوارث بحلول عام 2030 
  • الحد بدرجة كبيره من عدد الأشخاص المتضررين عالميا بسبب الكوارث في 2020-2030 عن الفترة 2005-2015
  • خفض النتائج الاقتصادية الناجمة مباشرة عن الكوارث 
  • الحد بدرجة كبيرة مما تلحقه الكوارث من أضرار بالبنية التحتية الحيوية وما تسببه من تعطيل للخدمات الأساسية، من بينها المرافق الصحية والتعليمية، بطرق منها تنمية قدرتها على الصمود في وجه الكوارث بحلول عام 2030
  • الزيادة بدرجة كبيرة في عدد البلدان التي لديها استراتيجيات وطنية ومحلية للحد من مخاطر الكوارث عام 2020 حتي عام 2030 
  • الزيادة بدرجة كبيرة في تعزيز التعاون الدولي مع البلدان النامية من خلال إيجاد الدعم الكافي والمستدام لتكملة أعمالها الوطنية المنجزة في سبيل تنفيذ هذا الإطار بحلول عام 2030
  •  الزيادة بدرجة كبيرة في ما هو متوافر من نظم الإنذار المبكر بالأخطار المتعددة ، و المعلومات والتقييمات عن مخاطر الكوارث وفي إمكانية استفادة العالم بها بحلول عام 2030. 

هل كان عام 2020 اختبار لقدرة الدول لمواجهة الكوارث 

شهد العالم في عام 2020 عدد من الأزمات والكوارث العالمية، يأتي في مقدمتها انتشار جائحة فيروس كوفيد-19 ، وما سببه من ضياع لملايين الأرواح في جميع دول العالم ، وانهيار الأنظمة الصحية في كثير من دول العالم التي كام من المتوقع أن تصمد امام هذه الجائحة ، إلا أن ما حدث كان عكس المتوقع فقد انهارت دول مثل ألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة وغيرها.

كما كان للطبيعة رأي أخر أيضا ، فقد شهد نفس العام عدد من الكوارث الطبيعية والتغيرات المناخية المدمرة في مقدمتها حرائق الغابات والفيضانات والأعاصير، والتي حصدت العديد من الأرواح وتسببت في نزوح وانتقال الكثير من المواطنين في دول عديدة .

ووفقا لتقديرات البنك الدولي منذ عام 2017، تكلف الكوارث الاقتصاد العالمي نحو 520 مليار دولار سنويا، ما يؤدي إلى تشريد ملايين الأشخاص ودفع العديد منهم إلى الفقر، لذا فإن الحد من الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الكوارث لديه القدرة على تغيير حياة الناس، ووفقا لدراسة للأمم المتحدة عن الخسائر الاقتصادية جراء الكوارث خلال الفترة السابقة جاءت الولايات المتحدة في المقدمة بعدها الصين ثم اليابان ثم الهند في المركز الرابع. 

أما خسائر عام 2020 فقط ، فهناك دراسة تقدر الخسائر الاقتصادية العالمية الناجمة عن الكوارث الطبيعية والكوارث التي من صنع الإنسان في النصف الأول من عام 2020 نحو 190 مليار دولار أمريكي.

ووفقا لتقارير البنك الدولي 2020 ، حول ما تسبب به هذا العام من كوارث اثرت علي معدلات التنمية ، 

  • زيادة معدلات الفقر : فقد زاد عدد الفقراء في العالم بنحو 88 مليون شخص جراء جائحة كورونا فقط في عام 2020

شكل (1) تأثير جائحة كورونا علي معدلات الفقر عالميا في عام 2020

المصدر: تقرير الفقر والرخاء المشترك 2020

  • التأثير علي الأعمال والوظائف ، حيث تشير الدراسات الي أن مبيعات الشركات قد هبطت بمقدار النصف بسبب الأزمة، الأمر الذي اضطر الشركات إلى تقليص ساعات العمل والأجور وعدد العاملين ، والوصول الي الاستغناء عن 19 % من العمال في بعض الشركات.

شكل (2) تأثير أزمة كوفيد-19 علي حجم الأعمال والوظائف

  • ارتفاع تكلفة الرعاية الصحية : الناس في البلدان النامية يدفعون أكثر من نصف تريليون دولار ثمناً للرعاية الصحية، ويتسبب ذلك الإنفاق في مصاعب وأعباء مالية لأكثر من 900 مليون شخص، ويدفع حوالي 90 مليون شخص للسقوط في براثن الفقر المدقع سنويا، الامر الذي زاد بشكل كبير بسبب الجائحة ، وانهارت انظمة صحية بأكملها 

شكل (3) الانخفاض في الانفاق الصحي للفرد 2020بسبب الجائحة 

الكوارث المناخية في عام 2020 

ضربت قارة أسيا العدد من الكوارث الطبيعية من بينها : رياح مطيرة وفيضانات ، فعلي سبيل المثال الصين تعرضت لفيضانات  كبدتها خسائر تقارب قيمتها 32 مليار دولار في الفترة بين يونيو/أكتوبر عام  2020، أما خسائر الأرواح جرّاء هذه الفيضانات في الصين فكانت أقل في نِسبتها مقارنة بالهند.

وبينما وقعت الكوارث المشار إليها بوتيرة متباطئة، وقعت كوراث أخرى بوتيرة أسرع؛ فتعرّض خليج البنغال في مايو لضربة خاطفة بإعصار أمفان الذي خلّف وراءه في أيام معدودة خسائر تقدر بـ 13 مليار دولار. وأخذت أفريقيا أيضًا نصيبها من حوادث الطقس السيء؛ فأتلفت أسراب الجراد محاصيل زراعية تُقدّر قيمتها بـ 8,5 مليار دولار.

ولم تسلم أوروبا من آثار هذا التغير المناخي؛ ففي فبراير 2020، ضربت العاصفة “سيارا” كلا من أيرلندا، والمملكة المتحدة، وعدة دول أخرى، مخلّفة وراءها خسائر تقدّر قيمتها بـ 2,7 مليار دولار.

أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد تعرضت الي 22 كارثة كلفتها 95 مليار دولاري خلال 2020 فقط ، وفقا للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، حيث  تسببت موجات الحر والجفاف بمفردها في خسائر بقيمة 4.5 مليار دولار، حيث أدت الظروف الحارة والجافة  الي حرائق الغابات غير المسبوقة التي اجتاحت الغرب، فقد التهمت النيران أكثر من 10 ملايين فدان في جميع أنحاء البلاد، وهو أكبر عدد منذ عام 2000،  وكان موسم الأعاصير النشط للغاية في المحيط الأطلسي مكلفًا أيضًا، حيث إنه بحلول نهاية الموسم، كان هناك المزيد من الأعاصير المدارية في قائمة الكوارث التي تبلغ تكلفتها مليار دولار ، فجاءت هذه العواصف السبع مجتمعة بتكلفة 40.1 مليار دولار.

وأخيرا: فقد أصبح جليا أمام العالم المخاطر والتهديدات الي يمكن أن تتعرض الدول المتقدمة والنامية علي حد سواء جراء الكوارث الطبيعية او التي من صنع الانسان، ومن الضروري وضع وتنفيذ استراتيجيات دولية ووطنية للحد من مخاطر الكوارث ، وزيادة التعاون الدولي وزيادة قدرة الدول الفقيرة علي الحد من المخاطر وتنمية البنية التحتية لمواجهة الكوارث 

المصادر

  1. https://www.unisdr.org/files/45069_proceedingsthirdunwcdrrar.pdf
  2. https://www.un.org/ar/observances/disaster-reduction-day
+ posts

باحثة ببرنامج السياسات العامة

أمل اسماعيل

باحثة ببرنامج السياسات العامة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى