مكافحة الإرهاب

الإخوان الإرهابية بين التضليل بعمليات الإخفاء القسري وتنفيذ العمليات الإرهابية في السودان

سلسلة من أنباء الاختفاء القسري لأشخاص ظهر تورطهم في عمليات إرهابية، وكان آخرها المدعو “محمد أحمد علي” وزوجته “آية حسن عبد السلام” المتورطان في الانضمام لخلية اغتيال ضباط المخابرات السودانية، وثبتت تبعيتها لتنظيم “داعش الإرهابي”، لتكشف زيف ادعاءات الجماعة الإرهابية المستمرة في محاولة لإدانة الأجهزة الأمنية المصرية بإخفاء المتهمين ونشرتها الجماعة على منصات التواصل الاجتماعي، فآن لنا أن نكشف الستار عن هذه الادعاءات المستمرة لإخفاء جرائمها الإرهابية.

سلسلة من الأعمال الإرهابية للمصريين المشاركين في الخلية الإرهابية بالسودان

كانت قد نشرت صفحة “أوقفوا الاختفاء القسري” على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك منشورًا في 27 مارس من العام الحالي عن آية حسن عبد السلام، مدعية أنها تم إلقاء القبض عليها من أمام كليتها في أبريل 2019 وعدم ظهورها منذ ذلك الحين لما لا يقل عن عامين؛ لنقف اليوم أمام تقارير الإعلان عن كشف هوية المصريين المتورطين بخلية اغتيال ضباط المخابرات السودانية، ومداهمتها قبل يومين لتسفر عن مقتل 5 وإصابة 5 أخرين من أعضاء الخلية.

وتضم الخلية من المصريين “محمد أحمد محمد علي”، مواليد القاهرة، يبلغ من العمر 31 عامًا وحاصل على معهد فني تجاري، و”أكرم عبد البديع أحمد محمود”، و”آية حسن عبد السلام أبو السعود”-  زوجة الإرهابي الأول –  و ” أسماء عبد الباسط محمد” – زوجة عبد البديع – ويتزعم الخلية المصري الملقب بأبو محمد وكان يحمل جواز سفر باسم محمود، وأُلقي القبض عليه في مدينة بورتسودان، وأوضحت البيانات الرسمية أنه تم القبض على جميع المشتبه بهم باستثناء عنصر سوداني مازال قيد الملاحقة. 

كشفت التحريات عن خروج العديد من الإرهابيين من القرية التي تنتمي لها “آية حسن عيد السلام أبو السعود”، البالغة من العمر 26 عامًا، ودرست في كلية الآداب جامعة بني سويف، ومواليد قرية ملاحية التابعة لمجلس قروي طنسا في مدينة  ببا بمحافظة بني سويف، فكان الإرهابي مديح رمضان حسن علاء الدين، واسمه الحركي “عماد”، من مواليد نفس القرية، وانضم لتنظيم أنصار الشريعة وحكم عليه بالإعدام، وحاول الهرب من سجن طرة مع ثلاثة آخرين في سبتمبر 2020، فتم تصفيته، وانضم آخرون لتنظيم أنصار بيت المقدس في سيناء والذي عرف فيما بعد باسم “تنظيم داعش” في سيناء. 

أما الإرهابي الثاني في الخلية هو “أكرم عبد البديع أحمد محمود”، كان قد اتهم في القضية المعروفة إعلاميًا بتنظيم المنصورة، وألقت السلطات المصرية القبض عليه عام 2010 ضمن 27 متهما آخرين، بعد ثبوت تورطهم في التخطيط لعمليات إرهابية تستهدف بعض المنشآت الهامة والبترولية والأقباط، وتصنيع واعداد العبوات المتفجرة وجمع تبرعات لتمويل عملياتهم الإرهابية خلال الفترة من (2004-2009)، لكن أُفرج عن أعضاء التنظيم قبل إحالتهم للمحاكمة بعد اندلاع أحداث ثورة 25 يناير، وسافر الإرهابي أكرم إلى السودان وانضم لحركات جهادية في دارفور بالتنسيق مع القياديين بالتنظيم، وأُدرجت أسماؤهم على قوائم المطلوبين، منذ هروبهم من القاهرة بطرق غير مشروعة إلى السودان في الفترة ما بين 2016 و2017.

وأوضحت التقارير أن أكرم هو من فتح الرصاص على ضباط جهاز المخابرات السوداني خلال مداهمة وكر خلية داعش بمنطقتي جبرة والأزهري جنوبي الخرطوم، يوم الثلاثاء الماضي 28 سبتمبر 2021. 

ذكرت صحيفة التغيير السودانية أنه جاء التدبير لعملية اغتيال بعض ضباط المخابرات السودانية في محاولة للرد على وقوع مجموعة من أعضاء الخلية في عملية المداهمة التي تمت في بداية عام 2020، وأجراها جهاز المخابرات السودانية، وأسفرت عن القبض على عناصر إرهابية مخربة وضبط (25 بندقية كلاشنكوف و5 بندقية جيم وقطعة خرطوش و7 أشرطة رشاش و93 دانة و3 صناديق ذخيرة صوتية و39 دبشك كبير وعدد من الأجزاء المختلفة من بنادق الكلاشنكوف).

مداهمة داعش في السودان والتنسيق المصري

بناءً على معلومات تلقاها جهاز المخابرات السوداني -كما جاء في بيانه الصحفي- عن وجود خلية تتبع تنظيم داعش الإرهابي، داهمت القوات صباح يوم الثلاثاء 28 سبتمبر 2021 منزلًا في حي جبرة والأزهري جنوبي الخرطوم، في عملية أمنية للقبض على المجموعة، وتم تبادل إطلاق النار والذي أسفر عن استشهاد خمسة من رجال المخابرات وإصابة خمسة آخرين، وارتفعت حصيلة ضحايا المواجهة بين قوات الأمن بالسودان وخلية التابعة لتنظيم “داعش” إلى ستة بعد مقتل مدني ذبحًا على يد التنظيم أثناء الهرب، ووصف رئيس مجلس السيادة في السودان الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان  “جهاز المخابرات العامة بأنه سيظل شوكة حوت في حلوق كل الإرهابيين”.

وتبنت خلية إرهابية تدعى “التيار الرسالي للدعوة والقتال- ولاية السودان” عن مسؤوليتها عن الحادث، وأعلنت السلطات الأمنية عن توقيفها 11 عنصرًا إرهابيًا من جنسيات مختلفة حسب جوازات السفر التي يحملونها بينها مصر، قبل أن تلاحق بقية أفراد الخلية وتوقفهم واحدًا تلو الآخر في مناطق متفرقة بالخرطوم وبورتسودان، على أن عادت وحدثت البيان ليضم تمكنها من القبض على أكثر من 40 متهما يرجح انتماؤهم لـ”خلية داعش” التي جرى تفكيكها الثلاثاء الماضي، وجاري التحقيق معهم.

وأسفرت التحقيقات عن أن “الخلية تم إيقافها بناءً على أمر قبض وتفتيش من نيابة مكافحة الإرهاب، بموجب الدعوى رقم 5 لعام 2021″، مشيرة إلى أن “الخلية الإرهابية كانت تُعد لتنفيذ عمليات إرهابية ضد الحكومة الانتقالية، وتم إحراز حزام ناسف وقنابل كانت في مقرات الخلية”  وكشفت التحريات عن ضبط نيابة مكافحة الإرهاب بواسطة قوى الأمن والشرطة 35 إرهابيًا في الفترة الماضية يتبعون لتنظيم داعش وتنظيم القاعدة، والذي أعلن عن ولايته تحت مسمى تنظيم “السلف الجهادي ببلاد النيلين: من داخل جامعة الخرطوم عام 2013، ولا تزال التحقيقات مستمرة معهم.

هذا وقد أفادت الأنباء عن تنسيق مصري سوداني لتسليم العناصر الإرهابية المنتمية لجماعة الإخوان الإرهابية، والمتورطين في العمليات الإرهابية في السودان، بعد أن اطلع الجانب السوداني مصر على أسماء العناصر المعتقلة مؤخرًا، والتنسيق معها في إجراء التحقيقات، تمهيدًا لتسليمهم لاحقًا، ووفقًا لتقارير إعلامية فإن وفدًا أمنيًا مصريًا سيزور السودان لبحث تسليم هؤلاء الإرهابيين.

يذكر أنه وفقًا للدعوى رقم 5 لعام 2021، ضمت 12 إرهابيين أوقفتهم نيابة مكافحة الإرهاب في يونيو الماضي، كانوا يخططون لتنفيذ عمليات إرهابية على سفن في الخليج العربي، وطلب النائب العام الإماراتي آنذاك من نظيره السوداني تسليمه لهم. 

جماعة الإخوان الإرهابية في السودان:

قدمت حكومة البشير دعمًا لجماعة الإخوان الإرهابية المصرية منذ الإطاحة بحكومة الإخوان عقب ثورة 30 يونيو 2013، وفتحت حدودها لاستقبال عدد من قيادات وأعضاء التنظيم إلى السودان، وقدمت لهم الملاذ الآمن لاحتضان الجماعات الإرهابية، واستقر العديد منهم ودشنوا بعض المشروعات هناك وتخفوا داخل المجتمع. وكذلك قدمت حكومة البشير حاضنة تدريب وتجنيد للجماعات الإرهابية منذ استقبالها لغرفة عمليات وتدريب أسامة بن لادن، لتنفيذ عمليات إرهابية تم تنفيذها من داخل الخرطوم في تسعينات القرن الماضي، وهو ما وضعها على قائمة الدول الراعية للإرهاب التي استطاعت الحكومة الانتقالية الحالية رفع اسمها منها.

وعانى شرق السودان من حالة من التهميش التي تعمد نظام البشير تكوينها، كما ذكرنا في مقال سابق إلى خلق مجتمعات معزولة قابلة لتبني الأيديولوجيات المتطرفة التي تنتهجها جماعة الإخوان الإرهابية، وحل مفهوم القبيلة مكان الحزب السياسي وتعميق خطاب الكراهية العنصري ضد مكونات الشرق السوداني ذاته وخاصة في بورتسودان من أجل خلق مجتمع هش يسهل السيطرة عليه. 

وخلال الفترة القليلة الماضية ونتيجة محاولة تعميق الأزمة بين المكون المدني والعسكري شهد الشرق السوداني محاولة انقلاب فاشلة قادتها الجماعة واستمرار الاحتجاجات الداعية لتولي المكون المدني والابتعاد عن خارطة الطريق المتفق عليها، وذلك مع استمرار الاحتجاجات وقطع الطرق في شرق السودان نتيجة الوضع الأمني الهش في الإقليم في ظل وجود ما يسمى باللجنة الأمنية، وهي إحدى بقايا مراكز قوى الأمن التابعة لنظام الإنقاذ في المنظومة الأمنية لمدن شرق السودان وبصفة خاصة مدينتي بورتسودان وكسلا. 

فاتخذ الإخوان من شرق السودان شرارة لانطلاق الاحتجاجات ومحاولة الانقلاب على الحكم، ورفض اتفاقية جوبا للسلام الموقعة في أكتوبر 2020 بين الحكومة الانتقالية وعدد من الحركات المسلحة، وشارك في الاحتجاجات عناصر من قادة حزب المؤتمر الوطني الإخواني، وهي الطريقة المتبعة للجماعة الإرهابية في محاولة اعادة تمركزها في السودان خاصةً عقب تلقي التنظيم الإرهابي ضربات موجعة من لجنة التفكيك السودانية التي صادرت أملاك رموز بارزين واقتحمت فساد الأمن الشعبي، والجهاز السري للحركة الإسلامية السياسية، وطردت نحو 1000 من منسوبي الجماعة الإرهابية من مؤسسات الدولة.

ويكشف اتخاذ جماعة الإخوان من شرق السودان منطلقًا للتخطيط لاندلاع أزمات بالداخل السوداني ووجود تنظيم بقيادة مصرية عن فتح الحدود السودانية أمام العناصر الإرهابية الهاربة من قبضة الأمن المصري عقب تهديد الجماعة بإحراق مصر بعد عزل محمد مرسي في ثورة 30 يونيو، لتستمر الجماعة في استخدام أساليبها التقليدية في العنف وزيادة العمليات الإرهابية لتهديد الداخل السوداني وتحقيق مكاسب جديدة لاستعادة مقرها في السودان، عقب تضييق الخناق عليها. وهو ما يضعنا أمام عمليات إرهابية ممنهجة من الجماعة الإرهابية لتمزيق الوضع الداخلي واستعادة تواجدها، وهو ما يضعنا أمام ضرورة التكاتف الدولي بالرعاية الأممية لرعاية عملية التحول الديمقراطي في السودان وتنفيذ اتفاقية جوبا وتكوين قوات مسلحة موحدة تقي الحدود السودانية من هجمات التجنيد وتكوين التنظيمات الإرهابية بالسودان.

+ posts

باحثة بالمرصد المصري

رحمة حسن

باحثة بالمرصد المصري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى