
“أرض الفيروز” تشهد عبورا جديدا بسلسلة من المشروعات القومية التنموية
ملامح غد جديد وسطوع وجه الجمهورية الجديدة بات قريبًا جدًا وتتكشف ملامحه يومًا تلو الأخر مع إطلاق أيادي النماء في ربوع مصر، وها نحن الآن نرى نسائم التنمية تدب في أرض شبه جزيرة سيناء المباركة من جديد، ليتغير واقع أرض الفيروز الغالية، لاستعادة مكانتها الحضارية والسياحية والتنموية. واليوم نشهد عددا من شرايين التنمية تخترق جسد جزيرة سيناء لتربط شرقها بغربها وتقربها من دلتا مصر.
فشهدنا الثلاثاء 21 سبتمبر عام 2021، افتتاح الرئيس عبد الفتاح السيسي لعدد من المشروعات القومية لتنمية شبه جزيرة سيناء، وربطها بدلتا مصر وتسهيل حركة التنقل للبضائع والأفراد، وتبني فرص واعدة للاستثمار.
نفق الشهيد أحمد حمدي2
شاهد جديد على دقة وكفاءة وسرعة تنفيذ المشروعات المصرية، وهو نفق الشهيد أحمد حمدي 2 بمدينة السويس- وهو واحد ضمن المشروع الاستراتيجي لتنمية سيناء- وهو النفق السادس بعد سلسلة أنفاق شرعت مصر في إنشائها منذ يوليو 2016، بمحافظات السويس والاسماعيلية وبورسعيد، بإجمالي نفقين –ذو حارتين- بكل محافظة. ليكون كل نفق اتجاه واحد بدل اتجاهين القديم من الغرب للشرق، والجديد من الشرق للغرب. ليكون هناك منظومة انفاق تربط سيناء بكل ربوع مصر.
لتكتمل منظومة الكباري والانفاق الأضخم والاسرع تنفيذًا بالمنطقة. أسهمت منظومة الانفاق في تقليص زمن عبور القناة لـ 20 دقيقة، وذلك بدلا من زمن انتظار السيارات والمركبات على المعديات لمدة تصل إلى 5أيام في بعض الأحيان.
وشهدت أول مراحل تنفيذ نفق الشهيد أحمد حمدي الشمالي في مايو 2018، بسواعد أكثر من 14 ألف مهندس وفني من شركات مصرية وتحت إشراف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، عملية تبطين جسم النفق بالحلقات الخرسانية والتي وصل عددها إلى 1625 حلقة، والتي تتكون من 14625 قطعة خرسانية ثم انشاء وحدات سطح الطريق والذي بلغ طوله 3250 مترا داخل النفق، كما تم انشاء بيارتين كل بيارة بقطر 10 أمتار وعمق 47 مترا، لدخول فرق الإنقاذ في الحالات الطارئة. ليصبح النفق بطول 4250 مترا وعمق 70 مترا من سطح الأرض، و53 مترا من عمق القناة.
وتم تجهيز النفق بأحدث منظومة تهوية ومنظومة متكاملة لإطفاء الحرائق، وتم تزويده بكاميرات مراقبة لمتابعة الحركة داخل النفق، وغرفة لإدارة الازمات اثناء الطوارئ، وشاشات عرض لتحديد السرعة، ورادارات لتحديد الحوادث آليًا. كما إنه مزود بموزعات جهد كهربائية، ومولدات احتياطية، هذا إلى جانب بوابات أمنية لتفتيش المركبات، ومنطقة انتظار سيارات، ولأغراض التأمين تم انشاء سور بطول 20 كم مزودة بابراج للمراقبة، مع تنسيق الموقع العام بأشكال هندسية على مساحة 988 ألف متر مربع.

ويعزز النفق الجديد منظومة ربط سيناء بأراضي الوطن، ضمن 20 نقطة عبور مختلفة تربط بين ضفتي القناة مقسمة إلى 3 قطاعات رئيسية على النحو التالي:
- القطاع الشمالي الواقع في نطاق محافظة بورسعيد: يضم 6 نقاط عبور تنقسم إلى 3 معديات (معدية بورسعيد – معدية الرسوة – معدية شرق التفريعة). ونقطة عبور كوبري النصر العائم، وأنفاق 3 يوليو.
- القطاع الأوسط الواقع في نطاق محافظة الإسماعيلية: ويضم 10 نقاط عبور، منها 4 نقاط عبور معديات (القنطرة – الفردان – نمرة 6- سرابيوم) ، وكوبري السلام، و3 كباري عائمة (الشهيد أبانوب-الشهيد أحمد منسي- الشهيد طه زكي)، وأنفاق تحيا مصر.
- القطاع الجنوبي والواقع في نطاق محافظة السويس: ويضم 4 نقاط عبور، نقطة عبور معدية الشط، كوبري الشهيد شبراوي، وأنفاق الشهيد أحمد حمدي.
ومر من خلال الانفاق خلال الثمان شهور الأولى من هذا العام قرابة 6.7 مليون مركبة، أغلبها مرت عن طريق الانفاق بإجمالي 5.3 مليون مركبة ونسبة 80% تقريبًا. وهو ما يؤكد أن الانفاق هي الخيار الأول للمواطن والمستثمر في رحلة العبور عبر ضفاف القناة. وتقوم هيئة قناة السويس بفحص المركبات العابرة هذه الانفاق والطرق بالتعاون مع القوات المسلحة والشرطة من خلال أحدث وسائل الفحص والكشف.

وشبكة الانفاق والطرق التي يتم إنشائها في منطقة شبه جزيرة سيناء، تهدف في النهاية إلى تحويل مصر إلى مركز لوجيستي ومركز لحركة التجارة العالمية، خاصة أنها تحظى بموقع متميز بقلب العالم، وعندها من الموارد الطبيعية التي تؤهلها لذلك.

وعملية التطوير المستمرة بالمنطقة ساهمت في زيادة أعداد السفن العابرة للقناة ففي الثمان أشهر الأولى من عام 2021 زادت أعداد السفن العابرة للقناة بمقدار 6.7% عنها بعام 2020، حيث عبرت 13.3 ألف سفينة عام 2021، في مقابل 12.5 عام 2020. وذلك لما أكدته القناة والدولة على قدرتها على إدارة الازمات ولعل جنوح السفينة إيفر جيفن أصدق دليل على ذلك، وأكدت للعالم أن قناة السويس ليس لها بديل، وقد استقبلت قناة السويس مرة أخرى السفينة إيفر جيفن في رحلة العودة في 20 أغسطس من العام الجاري، كما عبرت لقناة ايضًا أكبر سفينة حاويات في العالم EverAce في الـ28 أغسطس من العام الجاري. لتؤكد على قدرتها على استيعاب كافة أنواع السفن ومن كافة الحمولات، بفضل ما توفره من إجراءات السلامة والتأمين.
ومن قلب المحن تولد المنح، فبالرغم من المنافسة حامية الوطيس من قبل الموانئ العالمية والتي تسارعت لتحاول إيجاد بديل للقناة، إلا أن أزمة جنوح سفينة الحاويات البنمية العملاقة الجانحة “إيفن جيفن”، أكدت على مدى أهمية وتفرد مصر وموانيها، وهو ما استوجب إجراء بعض التطوير بالمجرى الملاحي للقناة بالبحيرات المرة الصغرى، بهدف ازدواج المنطقة من الكيلومتر 122 إلى الكيلومتر 132 ترقيم قناة بطول 10 كم، تضاف إلى قناة السويس الجديدة، ليصبح طولها 82 كم بدلًا من 72 كم، وهو ما يزيد الطاقة الاستعابية للقناة بعدد 6 سفن، وتم البدء في العمل بالمشروع في 10 مايو 2021، من خلال عدد 4 كراكات مصرية، هذا بالإضافة إلى توسعة وتعميق المنطقة الجنوبية لقناة السويس بداية من الكيلومتر 132 وحتى الكيلومتر 162 ترقيم قناة، من 66 قدم إلى 72 قدم، وهو ما يحسن الملاحة بالقطاع الجنوبي بنسبة 28%.
نفق الشهيد أحمد حمدي الشمالي سيكون حلقة وصل بين طريق القنطرة شرق إلى طريق رأس سدر، وطريق النفق شرم الشيخ الذي يمتد بطول 342 كم، وشبكة الطرق الجديدة في وسط وجنوب سيناء، وربطهم بالوادي والدلتا، هذا إلى جانب الطرق المكملة حتى النفق.
ففي غرب القناة تم إنشاء طريق النفق، وهو طريق مزدوج بطول 24 كم وعرض 76 متر، كما تم انشاء طريق جنيفة بطول 120 كم وعرض 26 متر، ولربط شرق سيناء بغربها تم إنشاء طريق شرق الإسماعيلية العوجة بطول 221 كم وعرض 25 متر.
حركة التنمية والتطوير وبناء شبكة الطرق، فضلا عن إنها ميسر لحياة المواطنين وحركة التجارة بالمنطقة، إلا إنها فرصة سانحة لجذب استثمارات جديدة، وبالتالي عمالة جديدة، وهو ما يخلق زحف سكاني على هذه المناطق ويخفف من الاختناق السكاني بمنطقة الوادي والدلتا، ولأنه من المستهدف أن ينتقل إلى هذه المناطق حوالي 3 مليون نسمة، فكان لابد من توفير خدمات كافية للسكان المستهدفين.
التأمين الصحي الشامل
ولأن دائما ما تأتي الصحة على رأس أولويات القيادة الرئاسية ومستهل الخدمات التي يتم تنفيذها، للنهوض بالمنظومة الصحية، فالعالم الأن يمر بجائحة غير مسبوقة في التاريخ الحديث. وفي هذا الصدد، تم افتتاح مستشفى سانت كاترين بطاقة 21 سرير، وتشمل مختلف الأقسام والعيادات المتخصصة. هذا بخلاف إنشاء 5 وحدات صحية جديدة مزودة بأحدث الأجهزة الطبية بمناطق راس سدر، وأبو زنيمة، والطور، وشرم الشيخ، ووادي مندر. كذلك تطوير شامل لـ11 وحدة صحية ومراكز طبية بمدن جنوب سيناء. وذلك لتجهيز البنية التحتية لخدمة منظومة التأمين الصحي الشامل.
والذي صدر بناء على قانون 2 لسنة 2018، والذي اقر أن تشمل المرحلة الأولى منه محافظات (بورسعيد- السويس- جنوب سيناء- الإسماعيلية – شمال سيناء)، لكن القيادة السياسية وجهت بضم محافظات جنوب الصعيد (الأقصر – أسوان) أيضًا ضمن محافظات المرحلة الأولى.
وقد تم تدشين منظومة التأمين الصحي 26 نوفمبر 2019، وتم تدشين عمل المنظومة بمحافظتي الأقصر، والاسماعيلية في فبراير 2021. وقد تم تسجيل أكتر من 5مليون و60 ألف مواطن بمحافظات المرحلة الأولى، وتم تطوير وإنشاء أكثر من 52 مستشفى، وأكثر من 310 وحدة صحية ومركز طبي. وقد تم اعتماد أكثر من 90 منشأة صحية خلال عام ونصف العام، على الرغم من سماح القانون بأن يتم الاعتماد خلال 3 سنوات. وتقدر التكلفة الاجمالية لتطوير البنية التحتية ومشروعات الميكنة وتدريب القوى البشرية حوالي 51.48 مليار جنيه.

وتقدر إجمالي الخدمات المقدمة خلال فترة تطبيق التأمين الصحي بحوالي 6.5 مليون خدمة، ويقدر إجمالي عدد العمليات الجراحية الكبرى التي أجريت لحوالي 82436 عملية، وهو ما تبعه عمليات تحول مؤسسي ونقل تبعية الأصول. وتدريب العاملين فقد تم تنفيذ 4753 برنامج تدريب لعدد 17211 متدرب. وتعتمد منظومة التأمين الصحي الشامل على أساليب الميكنة والتحول الرقمي سواء على مستوى ميكنة الخدمات أو ميكنة المطالبات المالية.
كما عملت المنظومة على تنمية الموارد المالية الذاتية، وذلك من خلال الخدمات الطبية المباعة، والذي أدى إلى تطور الناتج المالي بنسبة 142% عن العام السابق، وقد ساهمت في تغطية عجز الموازنة العامة للدولة بنسبة 16%، وتحسن عدد المطالبات المالية المقدمة لهيئة التأمين الصحي الشامل عن الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين بنسبة 369%، وتحسن قيمة خدمات الرعاية الصحية الأولية المقدمة بنسبة 161% عن العام السابق.
وتعظيم الموارد الذاتية للهيئة العماة للرعاية الصحية، والتي قدرت بمليار و331 مليون جنيه عن العام المالي 2020/2021، أدى إلى المساهمة في سد عجز الموازنة، تعزيز قدرة الهيئة وتحملها التكلفة التشغيلية للإطلاق التجريبي لمنظومة التأمين الصحي الشامل بمحافظتي الأقصر والاسماعيلية، وتقديم خدمات صحية بجودة عالية واستحداث حزم خدمات تقدم لأول مرة بمحافظات التامين الصحي الشامل، واستقدام عدد من الخبراء والتعاقد مع أساتذة الجامعات في التخصصات المختلفة. ومن المتوقع بنهاية العام أن تشهد محافظتي السويس واسوان التشغيل التجريبي لمنظومة التامين الصحي الشامل.
ومن المتوقع البدء قريبًا في المرحلة التجريبية لمحافظات المرحلة الثانية، والتي من المتوقع أن تسير بوتيرة أسرع، وذلك نتيجة للتوجيه الرئاسي بتطوير مستشفيات والوحدات الصحية بالـ 52 مركزا التي يتم تطويرها من خلال مشروع حياة كريمة لتتكامل حلقات عقد التنمية بربوع مصر.
باحث أول بالمرصد المصري



