أفغانستان

“عقبات قائمة” .. ماهي التحديات التي تواجه حكومة “طالبان” الجديدة؟

أعلنت حركة طالبان في 7 سبتمبر (2021) ؛ تشكيل حكومة تصريف أعمال ستتولى إدارة البلاد، وذلك بعد نجاح الحركة في إحكام قبضتها على الأراضي الأفغانية بالكامل، وسيطرتها على ولاية بنجشير، والتي تُعد آخر معاقل الانتفاضة الشعبية بزعامة “أحمد مسعود” نجل القائد الأفغاني السابق “أحمد شاه مسعود”.


وكما كان مُتوقعاً جاءت الحكومة الجديدة “طالبانية بامتياز”، فعلى الرغم من وعود الحركة على لسان مسؤوليها أكثر من مرة بأنها تسعى إلى تشكيل حكومة شاملة، إلا أن هذه الحكومة جاءت حكراً على قادة الحركة ومعبرة عن “إمارة أفغانستان الإسلامية” وليس عن “دولة أفغانستان” التي تحمل في طياتها تنوعات عرقية مختلفة.

فعلى سبيل المثال، جاءت الحركة ب “الملا محمد حسن أخوند” وهو أحد الأعضاء المؤسسين للحركة، وأحد المقربين إلى الملا عمر مؤسسها، رئيساً للحكومة. في حين تولى “الملا عبد الغني برادر” وهو أيضاً أحد مؤسسي الحركة، منصب القائم بأعمال نائب رئيس الوزراء. كما تولى “الملا يعقوب محمد عمر”، نجل الملا عمر مؤسس حركة طالبان، حقبة وزارة الدفاع. فضلاً عن تولى “الملا سراج الدين حقاني”، نجل “جلال الدين حقاني” مؤسس شبكة حقاني، وأحد النواب الثلاث لزعيم طالبان، منصب وزارة الداخلية.


بيد أنه يظهر من التشكيل الحالي لحكومة طالبان الجديدة أنها تفتقر إلى وجود خبرة في إدارة الدولة بين الأسماء المُعلنة، فمُعظمهم كانوا في السجون في فترات سابقة، او مُدرجين على قوائم الإرهاب الدولية، كما أن بعضهم على قوائم المطلوبين من مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI، وهو ما سينعكس بالضرورة على قدرة هؤلاء على إدارة حكومة أفغانية لديها القدرة على مجابهة التحديات الداخلية والخارجية التي تعيشها أفغانستان في الوقت الراهن.


وفى هذا السياق ؛ يسلط هذا التقرير الضوء على أبرز التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه حكومة طالبان الجديدة في ظل التطورات الراهنة التي تعيشها أفغانستان منذ سقوط العاصمة الأفغانية كابول في قبضة حركة طالبان في منتصف أغسطس (2021).

بيئة داخلية مضطربة

رغم نجاح حركة طالبان في بسط سيطرتها على كامل الأراضي الأفغانية، وتشكيلها لحكومة جديدة، إلا انه توجد جملة من التحديات الداخلية القائمة، تطرح عدد من التساؤلات حول قدرة هذه الحكومة على التغلب عليها، نستعرض أبرزها فيما يلي:


• مواجهة الانهيار الاقتصادي
: يُعاني الاقتصاد الأفغاني من تحديات كبيرة إثر الصراعات المستمرة التي عاشتها أفغانستان لسنوات طويلة، وهو ما أكدته بعض التقارير الصادرة عن البنك الدولي، والتي وصفت الاقتصاد الأفغاني بالهشاشة والاعتماد على المساعدات ولاسيما من دول حلف شمال الأطلسي (الناتو)، في ظل ضعف القطاع الخاص. وبعد سيطرة حركة طالبان على مُعظم الأراضي الأفغانية، بما في ذلك العاصمة كابول باتت أفغانستان على وشك الانهيار الاقتصادي التام، خصوصاً بعد إعلان دول ومؤسسات عالمية وقفها المساعدات وحجب الاحتياطات النقدية على خلفية الأوضاع المضطربة في البلاد.


وعلى إثر الوضع الاقتصادي المُتأزم، تفاقمت المعاناة الإنسانية للشعب الأفغاني؛ إذ حذرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) وبرنامج الغذاء العالمي، من سوء الأوضاع الإنسانية والمعيشية للشعب الأفغاني، وأكدا أن المجاعة تهدد نحو 14 مليون مواطن. كما حذرت (الفاو) من تردي الأوضاع الاقتصادية وانعدام الأمن الغذائي في أفغانستان على المدى القصير، حيث يعاني واحد من كل 3 أفغان من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي المزمن، بسبب الصراع المستمر وجائحة كورونا وارتفاع أسعار المواد الغذائية وتفشي الفقر والبطالة. وهو ما يمكن استغلاله من قِبل التنظيمات الإرهابية، لجذب المزيد من المقاتلين لصفوفها.


وبناء على ما سبق، قد تكون الأوضاع الاقتصادية المتردية هي العائق الأكبر أمام طالبان لتوطيد حكمها؛ إذ يتعين على الحركة وضع خطط مُحكمة لتحسين الأوضاع المعيشية السيئة التي يعيشها الشعب الأفغاني، وإنقاذ البلاد من اقتصادها المُتأزم. وهي مهمه قد لا تستطيع الحركة النجاح فيها، فعلى الرغم من أنها تسيطر على الحكم في دولة لها أهمية “جيواقتصاديه” كبيرة إلا أن حكومتها الجديدة لا تمتلك الكفاءات اللازمة لوضع استراتيجية متوسطة وطويلة المدى تستطيع ضخ الدماء في شرايين الاقتصاد الافغاني المُحتضر.


• كسب ثقة الشعب الأفغاني
: تواجه حكومة طالبان الجديدة تحدياً مجتمعياً يتمثل في رفض المجتمع الافغاني لعودة الحركة للحكم من جديدة، خوفاً من عودتها لنهجها المتشدد كما كانت في نسختها الأولى عام 1996. فعلى الرغم من أن الحركة حاولت مؤخراً عكس صورة مُشرقة لها بأنها باتت أكثر اعتدالًا وتراعى حقوق الانسان، إلا ان هذا كله يندرج تحت ما يسمي ” التكتيك السياسي” والذي تحاول طالبان من خلاله كسب ثقة الشعب الأفغاني والمجتمع الدولي.


ويعزز من هذا جملة من المؤشرات التي توحى بأن الخطاب الجديد المُطمئن للحركة يبدو في ظاهرة الرحمة ويكمن في باطنة العذاب، ومنها على سبيل المثال وليس الحصر، ما كشفت عنه مؤخرًا وثيقة سرية للأمم المتحدة بأن طالبان وضعت قوائم سوداء لاعتقال وتصفية من تعاون مع القوات الغربية في البلاد خلال العشرين سنة الماضية. وهو ما يتناقض مع التطمينات والتصريحات العلنية لمسؤولي الحركة بانها تسامحت مع هؤلاء الأشخاص، فضلاً عن استخدام عناصر الحركة للعنف ضد المتظاهرين لقمع المظاهرات المناوئة لها، ناهيك عن سياسات الحركة المتشددة ضد المرأة الأفغانية، وهو ما يفسر مشاهد هرولة الآلاف من المواطنين الأفغان للهروب من العيش في ظل حكم جديد للحركة، إلى الحد الذي تسبب في مصرع البعض منهم أثناء محاولاتهم التشبث بجنون بجوانب وعجلات طائرات نقل عسكرية أمريكية تتحرك استعداداً للإقلاع إلى خارج أفغانستان.


وقف الانقسامات في صفوف الحركة: تواجه حركة طالبان تحدى رئيسي يتمثل في الصراعات الداخلية المُحتملة بين المكون السياسي بداخلها والفصيل المسلح الأكثر تشدداً، وقد بدت ملامح هذا الصراع تظهر مُجدداً بعد سيطرة الحركة على الأوضاع في أفغانستان، حيث أفادت بعض التقارير بأن خلافاً كبيراً اندلع بين قادة طالبان بشأن تشكيل الحكومة الجديدة. وعلى الرغم نفى الحركة لصحة هذه التقارير إلا أنه مما لا شك فيه توجد بعض الملفات التي قد تظهر على إثرها الانقسامات داخل الحركة بصورة أكثر وضوحاً في المستقبل، أبرزها بناء علاقات بين طالبان وبعض القوي الدولية الخارجية كالصين وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية، وهو الامر الذي قد يثير حفيظة الفصيل المتشدد داخل الحركة، فضلاً عن ملف التعامل مع المرأة، والذي أثبت أن طالبان ليست “كتلة واحدة“، فعلى الرغم من إعلان الحركة على لسان متحدثها، ذبيح الله مجاهد، أنه سيكون هناك حضور نشِط للمرأة الأفغانية بعد سيطرة الحركة، إلا انه عاد بعد ذلك ليحذر النساء الأفغانيات العاملات من الذهاب لعملهن مؤقتاً لأن جنود طالبان غير مدربون على ذلك.


استتباب الأمن الداخلي: تضاف التهديدات الأمنية إلى جملة التحديات التي تواجهها حكومة طالبان الجديدة؛ حيثُ وضعت سلسلة التفجيرات الأخيرة التي شهدتها مدينتي كابول وجلال آباد خلال اليومين الماضيين حركة طالبان أمام اختبار حقيقي حول مدى قدرتها على بسط سيطرتها على الأوضاع الأمنية داخل أفغانستان، وهو أمر لا تستطيع طالبان تحقيقه كحركة مسلحة غير نظامية، فمن المستحيل تحقيق الأمن الداخلي في دولة بحجم أفغانستان دون وجود منظومة أمنية تمتلك أجهزة قوية مُتناغمة من جيش وشرطة واستخبارات وغيرها، وهو ما يثير الشكوك حول قدرة حكومة طالبان الجديدة على انشاء مثل هذه المنظومة.


ويمكن إيعاز عدم قدرة حكومة طالبان على انشاء أجهزة امنية قوية إلى ثلاثة عوامل: الأول، هو ان رؤية الحركة حول إنشاء جيش نظامي ومنظومة امنية متكاملة غير واضحة. والثاني، هو افتقار طالبان إلى الموارد المادية اللازمة لإنشاء هذه المنظومة، فما تمتلكه طالبان من موارد مادية يكفي فقط لبقاؤها كحركة مسلحة على الساحة الأفغانية، لكنها لا تكفي بالتأكيد لتمويل إنشاء جيش وأجهزة امنية نظامية، العامل الثالث، وهو أن الحركة لا يمكنها انشاء جيش نظامي دون الاستعانة بالقيادات والعناصر السابقة في الجيش الأفغاني المُنهار، ولكن يبدو من الصعوبة بمكان قدرة حكومة طالبان على إقناع هؤلاء بالانضمام إلى جيش جديد يعمل تحت لواءها في ظل تخوفهم من بطش الحركة؛ إذ كشفت وثائق سرية للأمم المتحدة عن أن طالبان وضعت قوائم سوداء لاعتقال وتصفية بعض الأشخاص الذين كانوا يشغلون مناصب مسؤولية في صفوف القوات المسلحة الأفغانية وقوات الشرطة ووحدات الاستخبارات.


نشاط المقاومة: رغم نجاح حركة طالبان في السيطرة على كافة الأراضي الأفغانية، وإسقاط آخر معاقل المقاومة في وادي بنجشير، إلا أن سيناريو حدوث الحرب الأهلية لايزال قائماً، ويعضد من هذا السيناريو أمران؛ أولهما هو أن حركة طالبان انتصرت على المقاومة في بنجشير حتى الآن عسكرياً فقط، وهذا النصر العسكري قد لا يترجم بالضرورة إلى السيطرة السياسية. ثانيهما؛ المقاومة الأفغانية في الشمال قد تنشط مرة أخرى في الفترة المقبلة، فقائدها “أحمد مسعود” لا يتوقف عن التهديد بمواصلة القتال ضد طالبان، وأنه بصدد جمع المقاتلين والسلاح تحضيراً لمعركة جديدة مع الحركة في الفترة المقبلة، وهو ما يضع حكومة طالبان الجديدة امام تحدى تجنب حدوث حرب أهلية جديدة، قد تنزلق معها البلاد نحو المزيد من الفوضى، وتجد فيها الجماعات الإرهابية خاصرة رخوة لتمدد نشاطها.


عودة “داعش-خراسان” إلى الأضواء: قبل الحديث عن التنافس على النفوذ في أفغانستان بين تنظيم داعش وحركة طالبان تجدر الإشارة إلى أن الأول تأسس في أفغانستان باسم ” ولاية خراسان” في عام (2015) على أيدي عناصر متطرفة من حركة “طالبان باكستان” فروا إلى أفغانستان بعدما شنت قوات الأمن الباكستانية حملة عليهم. ومنذ نشأته كان التنظيم مسؤولاً عن شن أفظع الهجمات الدامية على الأراضي الأفغانية، مُستهدفاً بها قوات الحكومة الأفغانية والقوات الأمريكية إلى جانب حركة طالبان والتي يصفها ب “الكافرة” ويتوعدها بالمزيد من الهجمات. وعلى الرغم من الخسائر العامة لولاية “داعش-خراسان” خلال عام 2020، لايزال التنظيم يُشكل تهديداً للبلاد والمنطقة بشكل أوسع، من خلال قيامة بشن 77 هجوماً في أفغانستان خلال الربع الأول من عام 2021، ويمثل ذلك زيادة كبيرة عن الفترة نفسها من عام 2020، حيث بلغ عدد الهجمات التي أعلن التنظيم مسؤوليته عنها أو نسبت إليه 21 هجوماً، وفقاً لتقرير صادر عن الأمم المتحدة في يونيو (2021).


ويُمثل صعود نجم تنظيم “داعش-خراسان” في أفغانستان تحدياً كبيراً أمام حركة طالبان، حيث يسعي الأول إلى توجيه ضربات استراتيجية للأخير، حتى يتسنى له بسط نفوذه وسيطرته في أفغانستان بعد تراجعه في معاقله التقليدية في سوريا والعراق. آخر مُؤشرات ذلك، تبني “داعش-خراسان” تفجيري مطار كابول في 26 من أغسطس (2021)، والذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 72 شخصاً، من بينهم 13 جندياً أمريكياً، فضلاً عن تبنية سلسلة من التفجيرات الدامية يومي 18 و19 سبتمبر (2021)، في مدينة جلال آباد بشرق أفغانستان، والتي أسفرت عن سقوط أكثر من 35 عنصراً من ميليشيا طالبان بين قتيل وجريح. وهو الأمر الذي يمكن تفسيره في إطار التنافس المستمر بينة وبين حركة طالبان، فمن خلال تنفيذ مثل هذه الهجمات الدامية يستطيع “داعش” من ناحية إرسال رسالة إلى الحركة بأنه سينازعها النفوذ في أفغانستان، ومن ناحية أخرى يرسل برسالة إلى القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة بأنه قادر على العودة مرة أخرى في مناطق نفوذ جديدة في أفغانستان، حتى وإن تحققت هزيمته في معاقله التقليدية بسوريا والعراق.

تحديات الاندماج دولياً

إلى جانب التحديات الداخلية التي تواجه حكومة طالبان الجديدة، ثمة تحديات أخرى خارجيه تواجها، نذكر منها ما يلي:


الاعتراف الدولي بالحكومة الجديدة: منذ سيطرتها على أفغانستان وحركة طالبان لا تنفك تبحث عن كسب ثقة المجتمع الدولي من خلال تعهدها بعدم تحويل أفغانستان الى مصدر للتهديدات الإرهابية لأي دولة، وأنها ستعمل على انشاء حكومة شاملة تحترم حقوق الإنسان، وتضمن حقوق المرأة الأفغانية، لكن المُلاحظ أن طالبان لم تلتزم بوعودها على أرض الواقع؛ فحكومتها الجديدة ليست شاملة، وعديد من عناصرها مُدرجين على قوائم الإرهاب، وينسب إليهم أعنف الهجمات الدامية التي شهدتها أفغانستان، ووضع المرأة الأفغانية ازداد سوءاً منذ سيطرتها على البلاد، إلى جانب ان الحركة لم تعلن حتى الآن عن استراتيجية واضحة المعالم لمكافحة الإرهاب، ولم تتمكن فرض سيطرتها على الأمن الداخلي، فضلاً عن ان طالبان ذاتها تُعد أكبر مصدر للتهديد الإرهابي داخل أفغانستان حال تمسكها بأيدولوجيتها المتشددة، واستمرارها في إيواء العناصر الإرهابية وعلى رأسها تنظيم القاعدة، فكيف سيمكنها إذن ضمان عدم تحول أفغانستان إلى مصدر للتهديد الإرهابي يمتد أذرعه إلى خارج الحدود الأفغانية؟! كل هذه الأمور تقوض من قدرة حكومة طالبان على كسب ثقة واعتراف المجتمع الدولي، وهو ما سينعكس سلباً بالضرورة على قدرتها على إدارة مقدرات الدولة الأفغانية.


تفكيك العلاقة مع تنظيم القاعدة: علاقة حركة طالبان التاريخية بتنظيم القاعدة الإرهابي، يضعها أمام تحدى نجاحها في تغيير صورتها أمام المجتمع الدولي من جماعة إرهابية تُقدم ملاذاً آمناً للجماعات الإرهابية إلى حكومة شرعية معترف بها دولياً. فعلى الرغم من نفى الحركة مراراً لوجود أية علاقات ارتباطية بينها وبين تنظيم القاعدة، إلا ان العديد من التقارير أكدت بشكل قاطع على ان الارتباط لايزال وثيقاً بين التنظيمين، ومن ذلك ما ذكرته وكالة المخابرات المركزية الأميركي (CIA)في 17 سبتمبر (2021) أنها لاحظت تحركات لوجستية توحي بسعي تنظيم القاعدة لتجميع مقاتليه وترتيب أوضاعه داخل أفغانستان، بعد شهر واحد من سيطرة حركة طالبان على عموم البلاد.


وفى مشهد آخر مُعبر عن أن العلاقات الوطيدة بين القاعدة طالبان لم تنفك بعد، هرولت فروع الأول إلى الاحتفاء بما تم اعتباره انتصاراً للأخيرة، ففي تصريحات مصورة له تطرق زعيم جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين”، إياد غالي، إلى ما يحدث في أفغانستان، وهنأ حركة طالبان على انتصاراتها، وذكر مصطلح “إمارتنا الإسلامية” في إشارة إلى البيعة السابقة التي أعلنتها الجماعة لتنظيم القاعدة وحركة طالبان. وفى سياق متصل، عقّب فرع تنظيم “القاعدة في شبه الجزيرة العربية” على انتصار حركة طالبان برسالة هنأ فيها طالبان وكل المجاهدين في العالم على ما وصفوه بـ “النصر المبارك” في أفغانستان.


وفى ضوء ما سبق، يمكن القول بأن حكومة طالبان الجديدة تواجه جملة من التحديات الداخلية والخارجية، قد تضع البلاد أمام سيناريوهين: الأول، هو قدرة طالبان على التكيف مع هذه التحديات وكسب ثقة الشعب الافغاني والمجتمع الدولي ومن ثمّ توطيد سيطرتها على الحكم في أفغانستان. إلا انه ثمة مؤشرات تقوض من احتمالية تحقق هذا السيناريو على المدي القريب أو المتوسط، أبرزها عدم قدرة الشعب الأفغاني على تصديق وعود الحركة التي ثبت زيفها من ممارساتها على أرض الواقع، فضلاً عن صعوبة

الاعتراف الدولي بحكومة طالبان بمواصفاتها الحالية لأسباب سبق ذكرها. والثاني، هو عجز حكومة طالبان الجديدة عن التغلب على هذه التحديات، ونشاط المقاومة المسلحة مرة أخرى ضد حكم الحركة، ومن ثم تصبح أفغانستان على أعتاب حرب أهلية جديدة، ويعزز من هذا السيناريو أن تشكيل الحكومة الجديدة يُظهر افتقار طالبان إلى الخبرة في الإدارة والحكم، وتنذر مُمارساتها بعودة نهجها المتشدد في الحكم كما كانت في نسختها الأولى، وهو ما قد يدفع بعض الدول كإيران وطاجيكستان والولايات المتحدة إلى حماية مصالحها بتقديم الدعم لجبهة المقاومة في الشمال بقيادة “أحمد مسعود” وبناء علية تنخرط البلاد في الحرب الأهلية.

+ posts

باحثة ببرنامج قضايا الأمن والدفاع

منى قشطة

باحثة ببرنامج قضايا الأمن والدفاع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى