“المشاركة المصرية في مجموعة السبع”… دلالات وتحديات
تشارك مصر لأول مرة في اجتماعات القوى العظمى(G7) التي تمثل 50٪ من الاقتصاد العالمي، لبحث عدد من القضايا السياسية والاقتصادية في الفترة من 24 أغسطس الجاري إلى 26 من الشهر نفسه بمدينة “بياريتز” الفرنسية.
ويشارك الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي وصل صباح اليوم السبت إلى مدينة “بياريتز” الفرنسية، في قمة مجموعة الدول السبع، تلبية لدعوة من الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون.
ويلقي الرئيس السيسي كلمة أمام قمة شراكة مجموعة السبع وأفريقيا، باعتباره رئيسا للاتحاد الإفريقي، وتتناول عرض الرؤية الأفريقية إزاء سبل تحقيق السلام والتنمية المستدامة، وترسيخ أسس الشراكة العادلة بين إفريقيا ودول مجموعة السبع في إطار المصالح المشتركة والمتبادلة.
وتتناول قمة الدول السبع هذا العام عددا من الموضوعات، من بينها قضايا الأمن الدولي ومكافحة الإرهاب والتطرف، ومواجهة استخدام الإنترنت للأغراض الإرهابية، وسبل مواجهة الإتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية، وكذا مكافحة عدم المساواة ودعم تمكين المرأة خاصة في أفريقيا، فضلا عن قضايا البيئة والمناخ والتنوع البيولوجي، وتطورات النظام الاقتصادي والمالي العالمي.
بداية مجموعة السبع كانت في البيت الأبيض، عام 1973 عندما التقى وزراء مالية من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا الغربية لمناقشة تداعيات الأزمة النفطية، بمبادرة من الرئيس الفرنسي “فاليري جيسكار ديستان”، بعد ذلك انضمت اليابان وإيطاليا إلى المجموعة لتتحول مجموعة الست إلى مجموعة السبع بانضمام كندا، منذ ذلك الحين تحرص القوى الاقتصادية العالمية على الاجتماع سنويا.
مع نهاية الاتحاد السوفيتي انضمت روسيا إلى المجموعة بحلول عام 1998، في سياق تعاون استمر حتى اندلاع الأزمة الأوكرانية التي أدت إلى إبعاد روسيا من قبل شركائها في مجموعة الثمانية.
وبعد أربعين عاما تواجه الدول الصناعية الكبرى السبع تراجعا في التعددية وبروز قوى جديدة مثل الصين ونزعة قومية في قلب الديمقراطيات الغربية.
ملفات وقضايا سياسية مهمة تفرض نفسها على اجتماعات المجموعة هذا العام. أبرزها، احتمالية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، والأزمة السياسية في إيطاليا، وتحديات اتفاقية التجارة الحرة مع كندا، والتباطؤ الاقتصادي في المانيا. والتوتر في اقليم كشمير المقسم بين الهند وباكستان، والتوترات المتصاعدة مع إيران، واستمرار الازمة في سوريا، والحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والاحتجاجات في هونج كونج.
وتعول فرنسا، من جهة أخرى، على قمة السبع لاستعادة دورها التاريخي كقوة “وساطة” لحل أزمات العالم والمشاركة في رسم الجغرافيا السياسية الجديدة.
التحديات المشتركة بين مصر ومجموعة السبع
تشهد اجتماعات مجموعة السبع، نقاشات حول القضايا التي تهم مصر ومجموعة السبع. الإرهاب، والإنترنت، والهجرة ثلاثة ملفات تطل برأسها من جديد، وتفرض نفسها كتحديات مشتركة بين مصر ودول المجموعة.
وتعول دول السبع على الدور المصري كركيزة لجهود عربية أوسع للتعاون في مواجهة تحديات الأمن غير التقليدي، على خلفية نجاح مصر في التصدي للإرهاب في سيناء، وخبرتها الرائدة في هذا الصدد، فضلا عن خبرتها المهمة في مجال مواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية عبر أراضيها إلى أوروبا خلال العامين الماضيين.
“خطر الإرهاب”
التحدي الأهم بالنسبة لمصر ومجموعة السبع هو محاربة تنظيم داعش، وما تقوم به مصر من حرب شاملة ضد الإرهاب في سيناء، ونجاح قوات التحالف الدولي في دحر آخر معاقل التنظيم في الباغوز شرقي سوريا.
وما ترتب عليه من انتقال العناصر المتطرفة عبر الحدود من دولة إلى دولة، أو باتخاذهم بعض الدول ملاذا آمنا، لحين عودتهم لممارسة عملياتهم الإرهابية، أو من خلال حصولهم على الدعم والتمويل، مختبئين وراء ستار بعض الجمعيات المشبوهة، وتوظيف وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، لتجنيد عناصر جديدة والتحريض على العنف والكراهية. وتلتزم مصر ودول مجموعة السبع بالحرب العالمية على الإرهاب، مع الحفاظ على الاحترام الكامل لحقوق الإنسان وسيادة القانون والقانون الدولي الإنساني.
“الهجرة غير الشرعية”
تشكل الهجرة غير الشرعية تحدياً كبيراً لكل من مصر ودول السبع. حيث تثير مشكلة المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا تهديدات أمنية، تتعلق باحتمالات ارتباطهم بتنظيمات إرهابية أو عصابات دولية. ودعت مصر دول أوروبا والمجتمع الدولي بوجه عام إلى دعم جهود التنمية في القارة الأفريقية، باعتبارها الحل الأمثل لمواجهة الهجرة غير الشرعية، كما جددت رفضها إقامة معسكرات للاجئين على أراضيها. واستطاعت وفقاً لاستراتيجية شاملة، تبنتها للتصدي لظاهرة الهجرة غير الشرعية، أن تقضي عليها بشكل تام، بدليل أنه لم يخرج مركب هجرة غير شرعية واحد إلى أوروبا من مصر منذ عام 2016.
وساهمت هذه الإجراءات في الحد من ظاهرة الهجرة إلى أوروبا، وهو ما أكدته وكالة حماية الحدود الأوروبية (فرونتيكس) في وارسو في يناير 2019، حيث أشارت تقديراتها إلى أن 150 ألف شخص دخلوا الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في رحلات هجرة غير شرعية في عام 2018 وهو أقل عدد يصل إلى دول الاتحاد الأوروبي منذ خمس سنوات وأقل بكثير من عام 2015 عندما بلغ عدد المهاجرين ذروته بأكثر من مليون مهاجر.
“مكافحة الكراهية عبر الإنترنت”
دور الإنترنت في نقل محتوى إرهابي أو الحض على الكراهية، يشكل تحديا مهما بالنسبة لمصر ودول مجموعة السبع، ومن المقرر أن يحضر مندوبون عن جوجل ومايكروسوفت وفيسبوك وتويتر اجتماعات المجموعة. حيث تدعم باريس وبرلين ولندن تشريعا على المستوى الأوروبي يفرض سحب المضمون الإرهابي الطابع عبر الإنترنت خلال ساعة واحدة.
دلالات المشاركة المصرية في قمة السبع
تأتي مشاركة مصر في قمة مجموعة السبع، في توقيت تحظى فيه مصر بدور محوري، ليس على مستوى القارة الإفريقية فقط، ولكن على مستوى الشرق الأوسط بأكمله، والدول الفاعلة على مستوى العالم.
وتأتي تلك المشاركة اعتراف من قبل دول المجموعة أن مصر تمتلك فرصة كبيرة لتصبح ضمن مجموعة الاقتصادات الناشئة. ودلالة مهمة على ما تمتلكه مصر من قدرات ومقومات جعلت منها محط اهتمام عالمي، الأمر الذي عززه تحسن تصنيفها فى التقارير الدولية، وكذلك اتخاذها إجراءات جادة للإصلاح الاقتصادى، وتنفيذ عديد من الإصلاحات التنظيمية أبرزها قانون الاستثمار الجديد، وقانون الشركات.
وتأتي مشاركة الرئيس السيسي في القمة تقدير للدور المحوري الذي تلعبه مصر في المنطقة وعلى الصعيد العالمى والإفريقي خاصة مع توليها رئاسة الاتحاد الإفريقي خلال العام الحالي الذي يضم 50 دولة إفريقية، ما يساهم في جعل الصوت الإفريقي حاضرا في هذه القمة.
وعلى هامش قمة السبع من المتوقع أن يعقد الرئيس السيسي عديدا من اللقاءات الثنائية مع رؤساء وزعماء وقادة دول كذلك تحرص السبع على الاستماع إلى رؤية مصر، والاطلاع على وجهة نظرها في تطور الأحداث على الساحة الدولية.