العراق

“الانتخابات البرلمانية العراقية المقبلة”.. تعرف على خريطة “التحالفات” و”المسارات” المتوقعة

تشهد دولة العراق في العاشر من أكتوبر 2021، الانتخابات التشريعية الأولى بعد احتجاجات أكتوبر 2019 والتي طالبت بتشكيل حكومة مؤقتة وإجراء انتخابات مبكرة، ونظر لان الانتخابات السابقة في 2018 ، شهدت انخفاضا في مستوى مشاركة الناخبين، ومقاطعة البعض للانتخابات لفقدان الشفافية، فقد تم العمل في الانتخابات المزمع إجراؤها 2021 على رفع مستوى الرقابة من قبل المنظمات الدولية المختلفة بمشاركة 100 مراقب من الأمم المتحدة، و130 مراقبا من الاتحاد الأوروبي، و600 مراقب من منظمة “تموز للتنمية الاجتماعية”، فضلاً عن اتباع الوسائل والتقنيات الحديثة في تنظيم الانتخابات من خلال البطاقة الإلكترونية باستخدام بصمات الأصابع.

ولعل المشاركة الدولية الواسعة من جانب العديد من المؤسسات، تبعث رسالة مفاداها نزاهة وشفافية هذه الانتخابات بهدف رفع مستوى المشاركة بما يكمل مسيرة الإصلاح الذي تسعى إليه العراق، وعليه يتم التركيز هنا على خريطة التحالفات، وإجراءات ما بعد الانتخابات من حيث اختيار رئيس البرلمان ورئيس الحكومة ورئيس الجمهورية.

البيئة الانتخابية

وفقا للقانون الانتخابي الجديد رقم 9 لعام 2020 يحق لـ 25مليونا و139 ألفاً و375 ناخباً عراقياً المشاركة في الانتخابات النيابية، وهناك نحو 11 تحالفاً انتخابياً و122 حزبا و1039 مرشحا مسجلين لدى المفوضية العليا للانتخابات لانتخاب 329 نائبا عبر 83 دائرة انتخابية.

وتحسب النتائج لصالح الحاصلين على أعلى الأصوات على خلاف القاعدة السابقة “سانت ليجو” التي كانت تحسب الأصوات وفقا لمتوسط الكتل والأحزاب المشاركة في الانتخابات، ومن ثم يمثل القانون الانتخابي الجديد فرصة للمستقلين، وأن الأصوات يحصل عليها المرشح الانتخابي وليس القائمة كما حدث في الانتخابات السابقة.

 وفي سياق رفع مستوى التأمين خلال الانتخابات تم تشكيل اللجنة العليا للأمن الانتخابي بقيادة العمليات المشتركة وجهاز مكافحة الإرهاب ومديرية استخبارات الداخلية وشؤون الشرطة ومشاركة 22 جهازا أمنيا بالإضافة إلى مجلس المفوضية العليا للانتخابات ومجلس القضاء الأعلى.

وبالنظر إلى خريطة التحالفات السنية نجد أنها تشمل الآتي:

  • تحالف “تقدم الوطني” برئاسةمحمد الحلبوسي رئيس مجلس النوابويضم التيارات “السياسية السنية” عن محافظة الأنبار. وتعد المنافسة بين تحالف “عزم العراق” وتحالف “تقدم الوطني” قوية لاسيما وأنهما يتنافسان على أصوات السنة في محافظة الأنبار.
  • تحالف “عزم العراق” برئاسةخميس خنجرويضم كتلة سنة “صلاح الدين” وحزب “الحل” وكتلة “سنة ديالى” التي تضم حزب سليم الجبوري “التجمع الوطني للإصلاح، وهو أقوى تحالف سني يقود هذه الانتخابات.
  • تحالف “المشروع الوطني للإنقاذ” ويمثل هذا التحالف التيارات السنية في محافظة الموصل ومنها الكتلة الموصلية برئاسة أسامة النجيفي.

وبالنظر إلى خريطة التحالفات الشيعية فإنها تتضمن الآتي:

  • تحالف “الفتح” وتضم هادي العمري قائد منظمة “بدر”، وقيس الخزعلي الأمين العام لحركة “عصائب أهل الحق” والتي تتكون من عدة كيانات شيعية منها حركتا “بدر” و “صادقون” – الواجهة السياسية لميليشيا عصائب أهل الحق- ويعد أقوى تكتل شيعي في التحالفات الانتخابية، ويرتبط ولائيا بمرجعية “قم” الإيرانية ويحظى بدعم سياسي ومادي غير محدود من قبل إيران. وقد حصل تحالف الفتح في انتخابات 2018 على 47 مقعدا.
  • تحالف “سائرون” ويمثلها تيار الصدر وقد حصد التحالف 54 مقعدا في انتخابات 2018.
  • تحالف “دولة القانون” بقيادة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وتضم حزب الدعوة الإسلامي وحركة “إرادة” وعدد من الأحزاب الشيعية الصغيرة.
  • تحالف “العقد الوطني” بقيادة رئيس هيئة “الحشد الشعبي” فالح الفياض والذي تحالف في الانتخابات السابقة مع كتلة الفتح.
  • تحالف “قوى الدولة الوطنية” ويضم تيار “الحكمة” برئاسة عمار الحكيم وكتلة “النصر” التي تمثل التيار المعتدل من حزب الدعوة بقيادة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي وحزب المؤتمر العراقي.
  • تحالف “نصحح” ويتزعمه المجلس الإسلامي الأعلى بالإضافة إلى منظمة العمل الإسلامي.

وبالنظر إلى خريطة “التحالفات الكردية” فإنها تشمل الآتي:

  • كتلة تحالف “كردستان” وتضم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة “التغيير”.
  • كتلة الحزب “الديمقراطي الكردستاني”، بينما أعلنت الحركة “الإسلامية الكردية” مقاطعتها الانتخابات لعدم وجود ضمانات حكومية لنزاهة وشفافية الانتخابات.

وبالإضافة إلى هذه التحالفات الطائفية هناك تحالفات أخرى منها:

  • تحالف القوى المدنية ويضم عدة أحزاب علمانية منها الحزب الشيوعي وحزب الأمة والتيار المدني.
  • ائتلاف الوطنية برئاسة إياد علاوى وهو سياسي شيعي ويسوق التيار نفسه على أنه تيار منفتح على الجميع دون تمييز طائفي.

في إطار ما سبق، أعلن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أنه لن يترشح للانتخابات وعزم على أن يكون دور الحكومة الحالية توفير الأجواء السياسية والأمنية للانتخابات، دون أن يكون طرفا بها، كما أن التيار المقرب منه تيار “المرحلة والازدهار” انسحب من الانتخابات.

وربما يرجع عدم مشاركة “الكاظمي” إلى عدم قدرته على المنافسة وأن يحظى بأكبر كتلة ومن ثم بمنصب رئيس الوزراء، وربما له نصيب أوفر في الحكومة القادمة بوزارة أو برئاسة الحكومة، في حال فشل الشخصية المكلفة برئاسة الوزراء لنيل الثقة.

أيضا ربما ما قام به الكاظمي خلال الفترة القصيرة من توليه منصب رئيس الوزراء ومحاولته لتحقيق الاستقرار نسبيا في العراق، والتصدي للسلاح المنفلت ومواجهة الهجمات الإرهابية المختلفة ومحاولة تحقيق التوزان في علاقات العراق الخارجية، يمثل رصيدا له في اختياره رئيسا للوزراء في العراق مرة أخرى، مقارنة بخيار مشاركته في الانتخابات.

ما بعد الانتخابات

وفقا للدستور العراقي بعد ظهور النتائج النهائية وإعلانها من قبل المفوضية العليا للانتخابات والمصادقة عليها، يدعو رئيس الجمهورية، مجلس النواب للانعقاد خلال 15 يوماً من تاريخ المصادقة على نتائج الانتخابات، وينتخب مجلس النواب في أول جلسة رئيساً، ثم نائباً أول، ونائباً ثانياً بالأغلبية المطلقة، وتكون مدة الدورة الانتخابية لمجلس النواب أربع سنوات.

أما فيما يتعلق بمنصب الرئاسة؛ تنتهي ولاية رئيس الجمهورية بانتهاء دورة مجلس النواب، ويستمر رئيس الجمهورية في ممارسة مهامه إلى ما بعد انتهاء انتخابات مجلس النواب الجديد واجتماعه، على أن يتم انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلال 30 يوما من تاريخ أول انعقاد للمجلس.

وفما يخص رئيس الحكومة؛ يكلف رئيس الجمهورية مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددا بتشكيل مجلس الوزراء خلال خمسة عشراً يوماً من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية، ويتولى رئيس مجلس الوزراء المكلف تسمية أعضاء وزارته خلال مدة أقصاها 30 يوما من تاريخ التكليف.

وفي حالة إخفاق رئيس مجلس الوزراء المكلف في تشكيل الوزارة خلال المدة المنصوص عليها يكلف رئيس الجمهورية مرشحاً جديدا لرئاسة مجلس الوزراء خلال 15 يوما، ويعرض رئيس مجلس الوزراء المكلف أسماء أعضاء وزارته والمنهاج الوزاري على مجلس النواب ويعد حائزا ثقتها عند الموافقة على الوزراء منفردين والمنهاج الوزاري بالأغلبية المطلقة.

وفي حال عدم نيل الثقة يتولى رئيس الجمهورية تكليف مرشح آخر بتشكيل الوزارة خلال خمسة عشر يوماً. ووفقا للحالة العراقية جرى العرف على أن رئيس البرلمان من العرب السنة وله نائب كردي وآخر شيعي، ورئيس الحكومة من الشيعة ورئيس الجمهورية من الأكراد.

ختاما؛

يمكن القول إن الانتخابات البرلمانية العراقية هي خطوة مكملة لما سبق اتخاذه من خطوات للإصلاح في العراق ومحاولة استعادة دوره ومكانته، ويبقى التعويل على الناخبين ومشاركتهم واختيارهم لشخصية تمثل العراق وتعمل على تحقيق الاستقرار والتنمية بها.

رحاب الزيادي

باحث ببرنامج العلاقات الدولية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى